أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2019
1962
التاريخ: 24-5-2017
19520
التاريخ: 2024-03-21
1080
التاريخ: 5-12-2017
10968
|
الشروط التي يتطلبها القانون في هذا المضمون في ضوء خصوصية التصرف موضوع البحث . ويمكن إجمال هذه الشروط بما يأتي :
1-امكان المحل .
2-تعيين المحل .
3-وجود المحل والسبب .
4-صحة السبب .
5-مشروعية المحل والسبب .
1-أمكان المحل .
في حالة تعاقد الشخص مع نفسه هناك محلين لابد من توافرهما معاً مستوفين شروطهما القانونية ، حتى ينعقد هذا التصرف صحيحاً منتجاً لآثاره هما :
1-محل التزام الأصيل أو الأصيلين الذين انابا النائب لإبرام التصرف القانوني نيابة عنهما ، ويتمثل في الأداء الذي يترتب في ذمتيهما (( سواء كان النائب احدهما او لم يكن )) من جراء التصرف القانوني الذي ابرمه النائب مع نفسه ، وان كان النائب هو الذي يقوم بالأداء في بعض الاحيان ان كانت نيابته شاملة لذلك ، وهذا المحل لا علاقة له بموضوع البحث ونترك الحديث عنه إلى محله في النظرية العامة للالتزام (1).
2-محل التزام النائب الذي تولى ابرام العقد مع نفسه ، ويتمثل في التزامه بإبرام تصرف قانوني مع نفسه ، سواء كان طرفاً فيه او لم يكن . فهو العملية القانونية التي يتولى النائب القيام بها بمفرده ويختلف هذا المحل بحسب طبيعة التصرف القانوني الذي انيب النائب لإبرامه ، وان كان في جميع الاحوال يدخل في عموم التصرفات القانونية . وهذا المحل متطلب من شخص واحد وهو النائب . وهذا المحل هو محل البحث على اننا سنتناوله بقدر تعلق الأمر بتعاقد الشخص مع نفسه والكيفية التي سيكون عليها والشروط التي يتطلبها القانون في محل هذا التصرف تجنباً للتكرار . وحيث ان محل التزام النائب هو القيام بعمل قانوني يتمثل في قيامه بابرام تصرف قانوني مع نفسه ، فيستلزم القانون في هذا المحل ان يكون ممكناً ، فاذا كان مستحيلاً كان باطلاً لانه لا التزام بمستحيل ، وكانت النيابة باطلة تبعاً لبطلان الالتزام (2). والاستحالة قد تكون مطلقة وقد تكون نسبية . والاستحالة المطلقة قد ترجع إلى طبيعة المحل وقد ترجع إلى القانون ، إلا ان الأثر المترتب عليها واحد هو بطلان الالتزام (3). وتكون الاستحالة مطلقة اذا لم يكن في مقدور الناس كافة القيام بالعمل القانوني الذي أنيب فيه النائب كبيع الوقف (4). فإذا اناب ناظر ( متولي ) الوقف شخصاً في بيع الوقف لنفسه كانت النيابة باطلة اذ هي توكيل بمستحيل (5). وقد يكون التصرف القانوني محل النيابة ممكناً ، ولكن طبيعته لا تقبل الانابة فيه اذ يكون عملاً يقتضي ان يقوم به صاحبه شخصياً مثل حلف اليمين ، فلا يجوز للشخص ان ينيب من يحلف عنه ، لرجوع اليمين إلى ذمة الحالف (6). على ان النائب في حالة تعاقد الشخص مع نفسه ، غالباً ما يناب في ابرام تصرف قانوني من صنف العقود مع نفسه لا ان يناب في اجراء قضائي كحلف اليمين (7). وحتى تؤدي الاستحالة إلى بطلان التصرف محل الإنابة ، يجب ان تكون سابقة او معاصرة لإبرامه ، اما الاستحالة اللاحقة لانعقاد التصرف ، كما اذا انيب النائب لإبرام تصرف قانوني مع نفسه وكان هذا التصرف ممكناً وقت ابرام النائب للتصرف مع نفسه ، الا انه اصبح مستحيلاً بعد ذلك . فهذه الاستحالة لا تمنع من انعقاد التصرف القانوني إلا انها تؤدي إلى انقضاء التزام النائب لاستحالة تنفيذه . وينفسخ التصرف بقوة القانون متى كانت الاستحالة راجعة إلى سبب اجنبي عن المدين ( النائب ) (8). وتكون الاستحالة نسبية اذا لم يكن في مستطاع النائب فقط القيام بما اُنيب به ، وتسمى هذه الحالة بالاستحالة الشخصية (9). ومثالها ان ينيب الأصيل نائباً لإبرام عقد مع فنان نيابة عنه لرسم لوحة فنية معينة ، فيبرم النائب العقد مع نفسه رغم انه ليس بفنان ، فهو في هذه الحالة يستحيل عليه الوفاء بالتزامه . إلا ان الوفاء بهذا الالتزام لا يستحيل على غيره من الفنانين . وهذا النوع من الاستحالة لا يمنع من انعقاد التصرف ولا الالتزام من النشوء على عاتق النائب . ولكن لما كان النائب لا يستطيع تنفيذ التزامه فان هذا الالتزام ينقضي . إلا انه يجب عليه ان يعوض الأصيل عن الضرر الذي اصابه نتيجة عدم التنفيذ كما ان للدائن ان ينفذ الالتزام على نفقة المدين اذا كان ذلك ممكناً (10). وحيث ان محل التزام النائب هو ابرام تصرف قانوني مع نفسه ، يتعين عليه ان يتولى ابرام هذا التصرف القانوني بنفسه ، ما لم تخوله إنابته إنابة غيره للقيام بهذا العمل . وقد قننت م / 132 من القانون المدني المصري الاحكام المتقدمة حيث نصت (( اذا كان محل الالتزام مستحيلاً ذاته كان العقد باطلاً ))(11).ونصت م / 127 من القانون المدني العراقي (( 1. اذا كان محل الالتزام مستحيلاً استحالة مطلقة كان العقد باطلاً . 2. اما اذا كان مستحيلاً على المدين دون ان تكون الاستحالة في ذاتها مطلقة صح العقد والزم المدين بالتعويض لعدم وفائه بتعهده )) .
2 . تعيين المحل .
بما ان محل التزام النائب في حالة تعاقد الشخص مع نفسه هو قيام النائب بابرام تصرف قانوني مع نفسه سواء كان لمصلحة النائب ام لمصلحة اصيل آخر ، يجب ان يكون هذا التصرف معيناً او ان يكون قابلاً للتعيين حتى يتسنى للنائب القيام به ، خصوصاً وان هذا التصرف له خصوصية وتحيطه ريبة وشك . وبالتالي يجب تعيينه تعييناً نافياً للجهالة الفاحشة ، كأن ينيب الأصيل النائب بإبرام عقد بيع مع نفسه او ان ينيبه بإبرام عقد إيجار .. الخ (12). هذا بالنسبة لمحل التزام النائب ، ان كانت نيابته إرادية . اما المحل الذي ينصب عليه العقد الذي يبرمه النائب مع نفسه ، وحيث ان مبرم هذا التصرف هو شخص واحد فنعتقد انه معلوم للطرفين ( لوحدة ) العاقد فلا يحتاج إلى تعيين .
3. وجود المحل والسبب .
ان اعتبار المحل والسبب عنصران في الإرادة ، لهما طبيعة نفسية خالصة يقتضي استبعاد (( وجود )) المحل والسبب كشرط مستقل فيهما ، ذلك ان وجود كل منهما يستفاد بالضرورة من وجود الإرادة فاذا سلمنا بوجود ارادة تتجه إلى احداث اثار قانونية ، فمن الضروري ان تكون هذه الإرادة منطوية على مضمون معين هو هدفها او غايتها التي تضم ما يمكن ان يسمى محلاً او سبباً للتصرف القانوني ، فليس من المتصور ان تكون هناك ارادة خاوية من المضمون ، ولا يمكن نفي مضمون الإرادة دون نفي وجودها ذاتها (13). فإرادة الأثر القانوني تقتضي بالضرورة ان تنصب على موضوع معين وان يقصد منه إلى هدف محدد ، ولذا لا يتصور ان يستلزم القانون وجود محل او غاية لها كشيء مستقل عن استلزام هذه الإرادة . بل حتى في حالة تعلق الإرادة بموضوع او ان تهدف إلى غاية مدفوعة بوهم قام في ذهن صاحبها ( نتيجة غلط ) فهذا لاينفي وجود الإرادة وجوداً فعلياً منطوية على مضمون قاصدة إلى هدف معين . فأن تبين ان صدورها انبنى على جهل بالوقائع او باحكام القانون فان هذه الإرادة تكون معيبة، ويكون الخلل في شروط الإرادة نفسها لا في شروط تتعلق بمضمونها دون ان تتصل بهذه الإرادة(14). وعلى ذلك فانعدام المحل والسبب لا يتصور الا مع القول بانعدام الإرادة نفسها (15). وهو ما يعني عندئذ انعدام التصرف القانوني انعداماً مادياً او منطقياً يغني عن البحث في توافر او تخلف اية شروط في هذا التصرف القانوني(16). اذ يصعب تصور ان شخصاً يلتزم بإرادته لغير سبب إلا اذا كان مجبراً على ذلك او واهماً(17). إلا ان المشرع المصري اعتبر وجود المحل والسبب من شروطهما(18). متبعاً بذلك رأي الفقه وهو ما انتقده الأستاذ السنهوري بالنسبة للسبب (19). وقد ذهب المشرع العراقي إلى اشتراط ان يكون للالتزام سبب ، وذلك في الفقرة الأولى من م / 132 التي نصت (( يكون العقد باطلاً اذا التزم المتعاقد دون سبب .... )) .
4. صحة السبب .
ان النظر إلى السبب على انه عنصر في الإرادة ، كما يذهب إلى ذلك الفقه الحديث يترتب عليه ان يعتبر الغلط في السبب مجرد عيب في الإرادة لأن السبب نفسه يصبح عنصراً من عناصر الإرادة . فالعيب الذي ينسبه الفقه للسبب في هذه الصورة ينشأ من وقوع الملتزم في غلط ، أي من توهم سبب غير حقيقي ، فهو ينشأ بعيب في الرضا ( أي في الإرادة ) ولكنه ينسب إلى ركن آخر من أركان الالتزام . وهو السبب ، إلا ان النظر إلى السبب باعتباره عنصراً مادياً خارجاً عن الإرادة ، فأن وهمية السبب معناها انعدام وجوده فعلاً ، لذا حدد اثر هذا العيب في نطاق السبب لا في نطاق الإرادة ، في حين يترتب على النظر إلى السبب على انه عنصر في الارادة ان لا يحول أي حائل دون ان يعتبر الغلط في السبب عيباً في الارادة . لذلك لا يلزم اعتبار صحة السبب بمعنى عدم الغلط فيه شرطاً من شروطه ، اكتفاء بشروط صحة الإرادة (20). ونص م / 136 من القانون المدني المصري مصوغة بحيث تستبعد صحة السبب كشرط له على اعتبار ان هذه الصحة تكفلها قواعد صحة الارادة ، أي قواعد عيوب الارادة (21). وهو عين ما ذهب اليه المشرع العراقي (22).
5. مشروعية المحل والسبب .
يجب ان يكون كل من المحل والسبب مشروعاً ليكون التصرف القانوني الذي ابرمه النائب مع نفسه صحيحاً ، ويكون كل من المحل والسبب غير مشروع اذا كان مخالفاً للنظام العام او الآداب او لقاعدة امرة من قواعد القانون ، كما لو اناب شخص شخصاً آخر في شراء مخدرات او اسلحة ممنوعة ، او في إيجار منزل للدعارة او للمقامرة ، وغيرها من التصرفات المخالفة للنظام العام او الآداب او القانون (23). ومضمون الإرادة يجب ان يكون موافقاً للقانون وإلا لم يسمح القانون ان يترتب عليها ما تقصد اليه من آثار سواء اعتبرنا هذا المضمون – أي محل الإرادة وغايتها – ركنين للإرادة ام عنصرين فيها . فالتصرف القانوي لا يمكن ان يخرج فيما يلزم فيه من شروط او فيما يهدف اليه من نتائج على القواعد القانونية الآمرة ، لأن هذه القواعد تحد من قدرة الإرادة على ترتيب الآثار القـانونية ، وتمنع ترتيب الآثار التي تهدف اليهـا الإرادة ، ان كانت مخالفة لهذه القواعد الامرة (24).
______________________________
- انظر د . السنهوري ، الوسيط ، ج1 ، المصدر السابق ، ص 408 وما بعدها . د . انور سـلطان ، المصدر السابق ، ص 122 ومابعدها . د . عبدالمنعم البدراوي ، المصدر السابق ، ص 325 وما بعدها . د . جمال زكي ، المصدر السابق ، ص 168- 192 . د . توفيق حسن فرج ، المصدر السابق ، ص 181 – 198 . د . عبدالودود يحيى ، المصدر السابق ، ص 107 – 118 . د . عبدالمجيد الحكيم ، مصادر الالتزام ، المصدر السابق ، ص 163 – 191 . د . منذر الفضل ، المصدر السابق ، ص 174 – 184 .
2- د . السنهوري ، الوسيط ، ج7 ، المصدر السابق ، ص 421 . د . عبدالودود يحيى ، المصدر السابق ، ص 108 . د . عبدالمنعم فرج الصدة، مصادر الالتزام ، المصدر السابق ، ص 319 .
3- د . عبدالمجيد الحكيم ، مصادر الالتزام ، المصدر السابق ، ص 166 ، د . محمد صبري السعدي ، المصدر السابق ، ص222.
4- باستثناء الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك . كما اذا كانت العين الموقوفة آيلة للانهدام ولم يكن هناك مال لتجديدها .
5- د . محمود سعد الدين الشريف ، المصدر السابق ، ص209 .
6- د . عبدالفتاح عبدالباقي ، المصدر السابق ، ص 193 . د . جلال علي العدوي ، المصدر السابق ، ص 211 . د . غني حسون طه ، المصدر الساق ، ص 129 . د . منذر الفضل ، المصدر السابق ، ص 126 . وانظر نص م / 112 من قانون الاثبات العراقي رقم 107 لسنة 1979 .
7- ويضرب الاستاذ الدكتور حسن علي الذنون مثالاً لحالة تعاقد الشخص مع نفسه فيقول فلا يجوز للمحامي ان يكون وكيلاً عن خصمين في قضية واحدة . انظر د . حسن علي الذنون ، المصدر السابق ، ص 59 . ونعتقد ان المثل الذي يضربه الدكتور لا ينطبق على حالة تعاقد الشخص مع نفسه ، ففي حالة الخصمين نكون امام دعوى قضائية فيها مدعٍ ومدعى عليه وليست تصرف قانوني تولى ابرامه شخص واحد فليس للمحامي ان يكون وكيلاً عن المدعي والمدعى عليه لئلا يجمع في شخصه صفة الخصمين وهذا غير جائز لما فيه من تناقض . وقد منعت م / 44 من قانون المحاماة ذلك .
8- د . اسماعيل غانم ، المصدر السابق ، ص 135 . د . عبدالمنعم البدراوي ، المصدر السابق ، ص 333 .
9- د . عبدالمنعم فرج الصدة ، مصادر الالتزام ، المصدر السابق ، ص 320 – 321 .
0- د . محمد صبري السعدي ، المصدر السابق ، ص 223. . د . سليمان الناصري ، المدخل لدراسة القانون ، ط1 ، دار وائل للطباعة والنشر ، عمان ، 1999 ، ص 152 . د . عبدالقادر الفار ، مصادر الالتزام ، المصدر السابق ، ص 91 .
1- تقابلها في القوانين العربية م / 191 موجبات وعقود لبناني . م / 93 مدني جزائري . م / 159 مدني اردني .
2- د . السنهوري ، الوسيط ، ج7 ، المصدر السابق ، ص 423 . د . سليمان الناصري ، المصدر السابق ، ص 153 .
3- د . جميل الشرقاوي ، البحث السابق ، ص 349 . د . عبدالحي حجازي ، المصدر السابق ، بند 144 . د . امجد محمد منصور ، النظرية العامة للالتزامات ، مصادر الالتزام ، ط1 ، دار الثقافة للطباعة والنشر ، عمان ، 2001 ، ص 93 .
4- د . توفيق حسن فرح ، نظرية العقد ، المصدر السابق ، ص 183 . د . جمال زكي ، المصدر السابق ، ص 169 . د . عبدالودود يحيى، المصدر السابق ، ص 107 . د . سليمان الناصري ، المصدر السابق ، ص 151 .
5- والارادة تكون منعدمة اذا كانت غير جدية ، أي غير منطوية على قصد الى الالتزام ، كالتعبير الصوري ، واذا كانت ارادة غير باتة ، كالارادة المقترنة بشرط المشيئة .
6- د. جميل الشرقاوي ، البحث السابق ، ص 350 .
7- د. السنهوري ، الوسيط ، ج1 ، المصدر السابق ، ص 526 .
8- انظر نص م / 131 ، م / 136 من القانون المدني المصري .
9- الوسيط ، ج 1 ، المصدر السابق ، ص 526 .
20- د . احمد حشمت ابو ستيت ، المصدر السابق ، بند 238 . د . انور سلطان ، المصدر السابق ، ص 167 . د . عبدالمنعم فرج الصدة ، مصادر الالتزام ، المصدر السابق ، بند 235 . د . جميل الشرقاوي ، البحث السابق ، ص 357 .
2- انظر نص م / 136 من القانون المدني المصري .
22- انظر نص م / 132 من القانون المدني العراقي .
23- د . السنهوري ، الوسيط ، ج7 ، المصدر السابق ، ص 424 .
24- د . انور سلطان ، المصدر السابق ، ص 162 . د . سليمان الناصري ، المصدر السابق ، ص 154 . د . محمد شريف احمد ، المصدر السابق ، ص 96 – 97 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|