أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-09-2014
6960
التاريخ: 4-12-2015
51764
التاريخ: 3-12-2015
4800
التاريخ: 22-12-2015
4517
|
تاب العبد الى الله ، يتوب ، توباً ، وتوبة ، ومتاباً ، فهو تائب ، وهي تائبة . رجع عن المعصية ، والتوبة والإقلاع والإنابة في اللغة بمعنى واحد . وضد التوبة : الإصرار .
وتاب الله عليه ، وفقه للتوبة ، أو رجع عليه بالمغفرة وقلبه بفضله ولطفه على عبده وبعبده ، فهو سبحانه التواب الرحيم .
وقد ورد هذا اللفظ بمشتقاته في القرآن الكريم : قال تعالى :
{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [المائدة: 39] .
{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 54].
{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] .
{وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} [الفرقان: 71] .
{غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} [غافر: 3] .
{ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118].
وشرط (1) قبول التوبة من العبد إن ارتكب حراماً حظره الله عليه ، أو ترك واجباً أمره الله به ، أن يستشعر في نفسه صادقاً الندم على ما فرط منه من معصية ، وأن يعقد العزم صادقاً أيضاً على أن لا يعود فيه ، وإن كان الواجب الذي تركه مما يقضى قضاه ، وإن كان يستلزم فعله أو تركه كفارة من الكفارات المعينة أو المرتبة أو المخيرة ، أو كفارة جمع من عتق رقبة ، أو إطعام مساكين أو صوم ، أداه كما هو مطلوب منه (2) .
هذا كله في حقوق الله سبحانه .
وأما إن كانت معصيته بظلم مؤمن ، فإضافة الى ندمه وعزمه على عدم مقارفة مثل هذا الظلم ، عليه أن يعتذر الى من ظلمه ويطلب منه العفو والغفران ، وكذا إن كان قد اغتابه أو تناوله بما ليس فيه مما يؤذيه . وإن كان ظلمه بأخذ مال فعليه أن يرده أو يرد مثله إليه . . . وهكذا .
ولكن ، هل يكفي ما ذكرناه في تحقق التوبة ؟
بالطبع : لا .
وإنما ينبغي للعاصي التائب ، لتتم توبته وتقبل من الله سبحانه ، أن يظهر منه أثر التوبة في سلوكه المستقبلي من استقامة وصلاح ، أي أن يأتي بعد التوبة بالصالحات من الأعمال ، ويظهر منه ذلك بين الناس ، ولذا قيدت التوبة في كثير من الآيات المتقدمة بقوله تعالى :
(وأصلح) .
(وعمل صالحا) .
فإذا صار الظالم بالمعصية على هذا النحو ، وتحققت في توبته كل هذه القيود ، تكون توبته نصوحاً ، وعندئذ يقبلها الله فيتوب عليه . قال تعالى مخاطباً المؤمنين العاصين :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [التحريم: 8] .أي اعقلوا عن المعاصي ، وارجعوا الى الله رجوعاً صادقاً فيه مبالغة في النصح لأنفسكم .
وقد ورد أيضاً ذكر للتوبة في السنة الشريفة ضمن روايات كثيرة ، منها :
ما ورد عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) : (إن الله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضاف راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها . . . ) (3) .
وعنه (عليه السلام) : (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) (4) .
ولابد من أن تحمل هذه الرواية على خصوص التوبة النصوح .
وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) : في قوله تعالى : (توبة نصوحاً) : (يتوب العبد من ذنب ثم لا يعود فيه) (5) .
وعنه (عليه السلام) : (إذا تاب العبد توبة نصوحاً ، أحبه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة) (6) .
وقد ورد أيضاً : (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) .
فأنت ترى مدى لطف الله بعباده ، وحبه لهم ، وسعة رحمته ، عندما فتح لهم باب الرجوع الى كنفه بالتوبة من المعاصي والذنوب ، فاستصلح بذلك فاسدهم ، كما ورد في بعض كلمات الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) (7) .
بل إن من رحمة الله بعباده وحبه لرجوعهم إليه ، أنه يلقن منهم من عزم صادقاً على الرجوع إليه واللجوء الى عفوه وكرمه . قال تعالى :
{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [البقرة: 37](8).
وأما الاستغفار ، من استغفر ، يستغفر . فهو طلب المغفرة .
والغفر : في اللغة هو الستر .
ويقصد به هنا : إلباس ما يصون عن العذاب .
والمستغفر : هو طالب المغفرة .
والله سبحانه ، هو الغافر . وهو الغفار والغفور ، وهما من صيغ المبالغة .
والاستغفار ، عبادة في ذاته ، أمر الله تعالى به عباده كباب من أبواب استنزال رحمته وعفوه ورضاه ، ليمحو الذنوب والخطايا ، ويحط الأوزار ، وجعله سبباً للقرب منه والرجوع إليه . حتى الرسل والأنبياء (صلى الله عليهم وسلم) – مع عصمتهم في اعتقادنا عن الذنوب والمعاصي – كانوا دائمي الاستغفار لربهم ، زيادة في التذلل بين يديه ، وطلب الزلفى لديه .
وقد ورد في روايات عن النبي (صلى الله عليه واله) أنه قال : (إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة) (9) .
وقد وردت في كتاب الله الكريم ، آيات كثيرة توجه العبادة الى الاستغفار ، وتأمرهم به ، وتصرح بأن الله سبحانه هو الغفور الرحيم ، والغفار الكريم الودود ، وأنه خير الغافرين .
قال تعالى عن نفسه :
{غَافِرِ الذَّنْبِ } [غافر: 3] .
{وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107] .
{وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] .
{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} [هود: 3] .
{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].
وقد حث الأنبياء والرسل أقوامهم على الاستغفار والتوبة ، مبينين لهم أن الاستغفار – إضافة الى أنه يستر ذنوبهم ويمحوها من قبل الله سبحانه – فإنه سبب عظيم من الأسباب الموجبة لزيادة نعم الله عليهم ، وزيادة أرزاقهم بجميع أنواعها .
فهذا هود (عليه السلام) يخاطب قومه :
{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ } [هود: 52].
وشعيب (عليه السلام) :
{ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } [هود: 90].
ونوح (عليه السلام) :
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10، 12] .
وموسى (عليه السلام) :
{أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ } [الأعراف: 155] .
ومحمد (صلى الله عليه واله) : {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: 3].
وقد أكدت السنة الشريفة ما ورد في القرآن من وجوب الاستغفار ، وكونه طريقاً الى نيل رحمة الله وتجاوزه عن ذنوب عباده المؤمنين .
ومن هذه الروايات :
ما ورد عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) :
(إن المؤمن ليذنب الذنب فيذكر بعد عشرين سنة فيستغفر منه فيغفر له ، وإنما يذكره ليغفر له) (10) .
وعنه (عليه السلام) : (لكل شيء دواء ودواء الذنوب الاستغفار) (11) .
وعنه (عليه السلام) : (من عمل سيئة أجل فيها سبع ساعات من النهار ، فإن قال : استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم – ثلاث مرات – لم تكتب عليه) (12) .
________________________
(1) راجع في التوبة وشروطها تفسير مجمع البيان للطبرسي ، 1/89 .
(2) تراجع أنواع الكفارات وتحديدها وكونها من أي نوع ، كتب الوسائل العملية للفقهاء .
(3) أصول الكافي ، م . س ، باب التوبة ، رقم 377 .
(4) المصدر السابق .
(5)المصدر السابق .
(6) المصدر السابق .
(7) راجع أدعية الصحيفة السجادية له (عليه السلام) .
(8) سورة البقرة ، الآية 37 . وراجع في ماهية الكلمات التي تلقاها آدم (عليه السلام) من ربه
فتاب عليه تفسير مجمع البيان للطبرسي ، 1/89 .
(9) أخرجه أبو داود في السنن رقم 5151 .
(10) أصول الكافي ، م . س ، 2/ الباب 378 ، الاستغفار من الذنب .
(11) المصدر السابق .
(12) المصدر السابق .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|