المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الخرشوف Artichoke (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24

قانون أفوجادرو Avogadros law
28-5-2017
Cyclic Voltammetry : Applications
18-2-2020
قانون حفظ كمية الحركــة
13-8-2017
امتداد الخصومة في دعوى التعهد بنقل الملكية
2024-06-27
حسن الألم وقبحه وبيان مواردهما مع الأحكام
10-08-2015
جمع الخلفاء للقرآن 
2023-11-30


المقارنة بين مركز الحائز ومركز الوارث .  
  
5174   06:36 مساءاً   التاريخ: 22-5-2016
المؤلف : عادل شمران حميد الشمري
الكتاب أو المصدر : المسؤولية العينية للحائز في الرهن التأميني
الجزء والصفحة : ص29-39.
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-13 575
التاريخ: 13-4-2016 2300
التاريخ: 14-3-2017 4219
التاريخ: 14-3-2017 2431

إن مسؤولية الحائز للعقار المرهون عن الدين المضمون بالرهن، هي مسؤولية عينية في حدود قيمة العقار المرهون الذي انتقلت ملكيته إليه . والسؤال الذي يطرح هنا. هل يكون الوارث في حالة انتقال التركة إليه من المورث مسؤولاً مسؤولية شخصية عن ديون مورثه . أم انه يخلف مورثه في الحقوق فقط ، اما الديون فأنها تتعلق بالتركة ؟ وللإجابة على هذا السؤال ومن اجل معرفة مدى التقارب بين مركز الحائز ومركز الوارث سوف نقارن بين المركزين في القانون المدني الفرنسي ، والشريعة الإسلامية  والفقه الإسلامي ، وكذلك في القانونين المصري والعراقي .

أولاً :- في القانون المدني الفرنسي:-

إن شخصية الوارث في القانون الفرنسي تعتبر امتداداً لشخصية المورث . أي إن الوارث يخلف مورثه في الجانب الايجابي (( Actif )) والسلبي (( Passif )) للتركة . إذ إن شخصية الوارث تحل محل شخصية المورث في كل العلاقات القانونية التي كان الأخير طرفاً فيها ، ويترتب على ذلك ، إن الحقوق تنتقل الى الوارث فضلاً عن  أنه  يلتزم بجميع الديون التي تعتبر العنصر السلبي للتركة حتى لو زادت هذه الديون عما ورثه من حقوق فهو يلتزم بهذه الديون حتى في ماله الخاص بشرط أن يكون قد قبل الميراث(1).

وقد عمل القانون المدني الفرنسي على تحديد مسؤولية الوارث عن ديون مورثه في حدود أموال  التركة إذا قبل الوارث التركة بشرط الجرد(2) (sous be'ne'fice d'inventaire ) ولكي يستفيد الوارث من شرط الجرد يجب عليه جرد أموال  التركة خلال  ثلاثة اشهر تبدأ من تاريخ فتح التركة لمعرفة حقوقها وديونها كذلك يكون له الحق في التروي مدة أربعين يوماً تبدأ من تاريخ إتمامه لجرد التركة وهذه المدة قابلة للزيادة بأمر من المحكمة . وبعد هذه المدة للوارث أن يقبل التركة بشرط الجرد أو يرفضها أما إذا انتهت هذه المدة ولم يظهر الوارث موقفه من التركة فيعد في هذه الحالة وارثاً بلا قيد أو شرط(3). فإذا قبل الوارث التركة بشرط الجرد ، فأنه  لا يكون مسؤولاً عن ديونها إلا في حدود الأموال التي انتقلت إليه من مورثه(4) . وهذا ما أشارت إليه المادة (774) من القانون المدني الفرنسي. كذلك فقد أعطى القانون المدني الفرنسي لدائني المورث الحق بان يطلبوا فصل ذمة المورث عن ذمة الوارث (( seperation des patrimoines )) حتى لا تدخل أموال المورث في الضمان العام لدائني الوارث ، ويشارك هؤلاء دائني المورث في اقتفاء حقوقهم من الأموال  المورثة(5). وهذا ما أشارت إليه المادة ( 878) من القانون المدني الفرنسي(6). وبذلك فان الوارث في القانون الفرنسي ، أما أن يقبل التركة قبولاً بسيطاً وهو ما يسمى بـ (( الوارث العادي )) إذا كانت حقوقها تزيد على ديونها، أو لم تكن هناك أية ديون على التركة. وفي هذه الحالة تنتقل إليه كل الحقوق كما يلتزم بجميع الديون . او أن يقبل الميراث بشرط الجرد ، وفي هذه الحالة لا يلتزم بديون التركة إلا بقدر ما انتقل إليه من أموال  التركة . او أن يرفض الوارث الميراث إذا كان مفقراً ، بان كانت الديون تزيد على الحقوق(7). ومن خلال ما تقدم يمكن القول ، إن الوارث العادي في القانون المدني الفرنسي تنتقل إليه التركة ويكون مسؤولاً عن ديونها مسؤولية شخصية في كل أمواله ، فإذا رتب المورث حق رهن على عقار مملوك له لضمان الوفاء بالدين الذي ترتب في ذمته. ثم انتقلت ملكية العقار المرهون الى الوارث ، فان الأخير يكون مسؤولاً عن الدين في كل أمواله ، وليس في حدود قيمة العقار المرهون ، إذ إن مركزه في هذه الحالة هو نفس مركز مورثه المدين الراهن ، ومسؤوليته على هذا النحو مسؤولية شخصية وليست عينية ، وبذلك يظهر الاختلاف بينه وبين الحائز للعقار المرهون، فالحائز لا يكون مسؤولاً مسؤولية شخصية عن الدين المضمون بالرهن ، وإنما مسؤولاً مسؤولية عينية في حدود قيمة العقار المرهون. ويترتب على ذلك ، إن الوارث العادي في القانون الفرنسي لا يمكن اعتباره حائزاً، لأنه  ملتزم شخصياً بديون مورثه ، إذ إن الحائز يشترط فيه ألا يكون مسؤولاً مسؤولية شخصية عن الدين. أما إذا تلقى الوارث التركة بشرط الجرد فأنه  لا يلتزم بديون التركة الا بقدر ما انتقل إليه من أموالها ، ولا يكون مسؤولاً عن ديون التركة مسؤولية شخصية في أمواله الخاصة.  وبذلك فان مركز الوارث تحت شرط الجرد في القانون المدني الفرنسي يكون قريباً من مركز الحائز للعقار المرهون ، إذ إن كلاهما غير مسؤول عن الدين مسؤولية شخصية، وإنما مسؤول مسؤولية عينية ، فالحائز يكون مسؤولاً في حدود قيمة العقار المرهون، والوارث يكون مسؤولاً عن ديون التركة بقدر ما انتقل إليه من أموال  التركة. ولعل من المناسب أن نعرض أخيراً الى الأساس القانوني لالتزام الورثة بديون المورث في القانون المدني الفرنسي ونقارنه بالأساس القانوني لالتزام الحائز بالدين المضمون بالرهن وخصوصاً في حالة إذا لم يأخذ الوارث بخيار الجرد ولم يطلب دائنو المورث الفصل بين الذمم. إن الوارث باعتباره خلفاً عاماً للمورث يعد في ظل القانون المدني الفرنسي في حكم المتعاقد بالنسبة لأثر العقد الذي يبرمه سلفه ، إذ يعقب المورث في ذمته المالية بما فيها من حقوق وديون، ويُفسر حكم المتعاقد الذي يطبق على الوارث باعتباره خلفاً عاماً ، من خلال اعتبار شخصية الخلف العام استمرار لشخصية المورث(8) . وهذا ما أكدته المادة ( 1122) مدني فرنسي ،التي أشارت الى إن الشخص عندما يتعاقد، فأنه  يتعاقد لنفسه ولورثته ولخلفه(9).فهذه المادة تعطي للخلف العام قابلية(vocation)) لتلقي الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد الذي يبرمه السلف، وبموجب هذا التعاقد يمكن تبرير انتقال الحقوق والالتزامات من السلف الى الخلف العام. ولكن يجب الإشارة الى إن الخلف العام . يستطيع أن يحد من هذه القابلية إذا قبل التركة بشرط الجرد ، وله كذلك أن يتخلى عن قابلية تلقي الحقوق والالتزامات من السلف في حالة رفضه للتركة(10). وبذلك يظهر الاختلاف بين مركز الحائز ومركز الوارث تحت شرط الجرد في القانون الفرنسي ووجه الاختلاف يتمثل بالأساس القانوني لمسؤوليتهما، فأساس مسؤولية الحائز يتمثل بانتقال ملكية العقار المرهون إليه ، أما بالنسبة الى أساس مسؤولية الوارث في القانون الفرنسي فيتمثل باعتبار الوارث في حكم المتعاقد بالنسبة لأثر العقد الذي يبرمه السلف ، الذي أشارت إليه المادة ( 1122) مدني فرنسي .

ثانياً : في الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي :-

بالنسبة الى موقف الشريعة الإسلامية  من مركز الوارث ، ومدى مسؤوليته عن ديون مورثه ، فنلاحظ إن الشريعة الإسلامية  عملت على ضمان حقوق الدائنين ، فتوجب أداؤها من التركة بعد نفقات تجهيز المتوفى ، فإذا بقى شيء من التركة بعد سداد الديون وتنفيذ الوصايا كان الباقي للورثة طبقا لقوله تعالى ((من بعد وصية يوصي بها او دين))(11) هذا من جهة . ومن جهة أخرى لم تكلف الشريعة الإسلامية الوارث بوفاء دين مورثه من ماله الخاص طبقاً لقوله تعالى ((ولا تزر وازرة وزر أخرى ))(12). فالشريعة الإسلامية  لم تجعل الوارث مسؤولاً مسؤولية شخصية عن ديون مورثه ، وإنما تتعلق ديون المورث بتركته وتوفى ديون الدائنين في حدود هذه التركة ، إذ إن خلافة الوارث للمورث في الشريعة الإسلامية  هي خلافة في المال لا خلافة للشخص كما هو الحال في القانون المدني الفرنسي(13). وهذا كله استناداً الى القاعدة الفقهية ((لا تركة إلا بعد سداد الدين)) المعروفة في الشريعة الإسلامية. وقد ذهبت جميع مذاهب الفقه الإسلامي الى ما ذهبت إليه الشريعة الإسلامية إذ أشارت الى إن الوارث لا يكون مسؤولاً عن ديون مورثه في ماله الخاص وإنما تتعلق ديون المورث بتركته وتوفْى منها . فقد جاء في كتب الفقه الحنفي (( من مات وعليه دين تعلق بتركته تعلقه بالمرهون ))(14) . وهذا يدل على إن الدين لا يتعلق بذمة الوارث وإنما يتعلق بتركة المتوفى. وجاء في كتب الفقه الشافعي (( يذكر إن من مات وعليه دين مستغرق أو غير مستغرق لله تعالى او لآدمي . تعلق الدين بتركته كما يتعلق بالشيء المرهون فيه، وان انتقلت التركة الى ملك الوارث مع وجود الدين ، لان ذلك اشد احتياطاً للميت واقرب لبراءة ذمته من الدين))(15). وجاء في كتب الفقه الجعفري ((المحكيّ عن الأكثر: أنّ التركة لا تنتقل الى ورثة الميت مع إشتغال ذمته بدين يحيط بها، بل عن السرائر: انه لا خلاف في إن التركة لا تدخل في ملك الورثة ولا الغرماء ، بل تبقى موقوفة على قضاء الدين))(16). كذلك فقد جاء في كتب الفقه الحنبلي ((إن الدين الذي على الميت ، سواء أكان لله كالزكاة او لآدمي ، لا يمنع من انتقال التركة الى ملك الورثة وذلك لان تعلق الدين بالتركة لا يزيل ملك مالكها وهو حي ، وكذلك لا يمنع من انتقال هذا الملك للوارث متى جاء سببه وهو وفاة مورثه ))(17). كذلك فقد أشار فقهاء المالكية الى إن الإنسان إذا مات انعدمت ذمته، وبانعدامها زال محل الدين وانعدم وانتقل الدين الى التركة إن وجدت وتعلق بها كما تتعلق الديون بالأعيان حفظاً لحق الدائنين(18).وبهذا الاتجاه سارت بعض المحاكم العربية على إن شخصية الوارث في الشريعة الإسلامية مستقلة عن شخصية المورث ، وان ضمان الدائنين ينحصر في أموال  التركة فقط ، ولا يكون لهم الحق في التنفيذ على أموال  الوارث الخاصة حتى ولو كانت أموال  التركة لا تكفي للوفاء بديونهم حيث  أشارت محكمة التمييز الأردنية الى إن ((عقد الكفالة هو ضم  ذمة الى ذمة ويلزم الكفيل بالتضامن والتكافل مع المدين الأصلي ونظراً لموت المدين الأصلي تلزم تركته بالدين الذي استحق بوفاته و لا يلزم الورثة بشيء من أموالهم الخاصة وينحصر حق الدائن في التنفيذ على أموال  التركة قبل توزيعها او على حصص الورثة التي آلت إليهم من التركة ويلزم الكفيل الشخصي برصيد المبلغ المتبقي بعد التنفيذ على أموال  التركة))(19). ومن خلال ما تقدم يمكن ،القول إن الشريعة الإسلامية  بمذاهبها المختلفة لم تجعل الوارث مسؤولاً مسؤولية شخصية عن ديون مورثه إذ إن خلافة الوارث للمورث هي خلافة في المال لا خلافة في الشخص . وبذلك إذا كان على المورث دين ، فان هذا الدين يتعلق بالتركة و لا يتعلق بذمة الوارث ، ومن ثم تكون التركة هي المسؤولة عن وفاء هذا الدين. وبذلك فان مركز الوارث في الشريعة الإسلامية  يكون قريباً من مركز الوارث بشرط الجرد في القانون المدني الفرنسي ، إذ إن شخصية الوارث في الشريعة الإسلامية  والقانون الفرنسي تبقى مستقلة عن شخصية المورث ، كذلك فان ديون المورث تتعلق بتركته لا بذمة ورثته ، فضلاً عن ذلك ، فان مركز الوارث في الشريعة الإسلامية  يقترب من مركز الحائز للعقار المرهون، لان كلاهما غير مسؤول شخصياً عن الدين وان الدين لا يتعلق بذمة أيٍّ منهم ، وإنما يتعلق بتركة المورث بالنسبة الى الوارث ، ويتعلق بالعقار المرهون بالنسبة الى الحائز. كذلك فان الوارث يحق له قضاء ديون الدائنين ويستخلص التركة لنفسه (20) ، كما هو الحال في الحائز للعقار المرهون الذي يستطيع وفاء دين للدائن لمرتهن ويبقى العقار مملوكاً له.

ثالثاً :- في القانون المدني المصري :-

بالنسبة الى القانون المدني المصري من طبيعة خلافة الوارث ، ومدى مسؤوليته عن ديون مورثه ، فنلاحظ إن هذا القانون قد أسند مسألة انتقال أموال  التركة الى أحكام الشريعة الإسلامية  ، وهذا ما أشارت إليه المادة ( 875 / 1) بقولها (( تعيين الورثة وتحديد أنصبتهم في الإرث وانتقال أموال  التركة إليهم تسري في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية  والقوانين الصادرة في شأنها )) ويلاحظ إن التركة لا تنتقل الى الورثة في الشريعة الإسلامية  إلا خالصة من الديون ، وان الوارث لا يحل محل المورث في التزاماته ، وهذا ما تقرره القاعدة الفقهية (( لا تركة إلا بعد سداد الدين ))(21). ويلاحظ إن هناك معنيين لقاعدة ((  لا تركة إلا بعد سداد الدين )) في القانون المصري ، فإذا أُخذت هذه القاعدة بمعنى إن الوارث لا يتلقى حقوق التركة إلا بعد سداد الديون ، ففي هذه الحالة لا يكون مركز الوارث قريباً من مركز الحائز للعقار المرهون ، فالوارث وان كان غير مسؤول شخصياً عن دين مورثه فلا يمكن إطلاق وصف الحائز عليه ، وذلك بسب قاعدة (( لا تركة إلا بعد سداد الدين )) فهذه القاعدة تمنع انتقال أموال  التركة الى الورثة متى كان حق الغير متعلقاً بها ، أما بالنسبة الى الحائز ، فان العقار المرهون ينتقل إليه على الرغم من تعلق حق الغير به(22). أما إذا أُخذت هذه القاعدة بمعنى إن الوارث يخلف المورث في أموال  التركة وديونها بمجرد الوفاة ، أي إن التركة تنتقل الى الورثة بمجرد موت المورث وقبل سداد الديون ، على ألا يكون الوارث مسؤولاً عن ديون المورث إلا في حدود أموال  التركة ، ففي هذه الحالة تكون مسؤولية الوارث عن ديون التركة مسؤولية عينية محددة (23). و يبدو إن القضاء المصري من خلال الأحكام التي سنعرضها قد تبنى المعنى الثاني للقاعدة الفقهية ((لا تركة إلا بعد سداد الدين)) حيث تنتقل التركة الى الورثة بمجرد الوفاة وقبل سداد الديون على ألا يكون الوارث مسؤولاً عن ديون المورث إلا في حدود أموال التركة.

فمن أحكام محكمة النقض المصرية ، التي أشارت فيه الى انتقال التركة الى الورثة بمجرد الوفاة  وقبل سداد الديون على أن يكون لدائني المتوفي الحق في تتبعها واستيفاء ديونهم منها ، حكمها الذي قضت فيه بان (( مؤدى قاعدة لا تركة إلا بعد سداد الديون . إن تركة المدين تنشغل بمجرد الوفاة بحق عيني لدائني المتوفي يخول لهم تتبعها ، واستيفاء ديونهم منها تحت يد أي وارث او من يكون الوارث قد تصرف إليهم......))(24). كذلك فقد أشارت محكمة النقض المصرية في الكثير من أحكامها الى استقلال شخصية الوارث عن شخصية المورث ، وان ديون المورث تتعلق بتركته لا بذمة ورثته ولا يكون الوارث مسؤولاً عن ديون التركة إلا في حدود ما انتقل إليه من أموال التركة. وبهذا الخصوص قضت محكمة النقض المصرية بأنه  (( لما كانت شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، وكانت التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة ، فان ديون المورث تتعلق بتركته و لا تنشغل بها ذمة ورثته ومن ثم لا تنتقل التزامات المورث الى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة))(25).

وأشارت في حكم آخر الى إن((استقلال شخصية الوارث عن شخصية المورث. انفصال التركة عن أشخاص الورثة وأموالهم . تعلق التزامات المورث بتركته دون أن تنتقل الى ذمة الوارث إلا في حدود ما آل إليه ))(26). ومن خلال ما تقدم يمكن القول بان القضاء المصري يفصل بين شخصية الوارث وشخصية المورث ولا يجعل الوارث مسؤولاً مسؤولية شخصية عن ديون مورثه ، إذ إن ديون المورث تتعلق بتركته لا بذمة ورثته، وان الوارث يتلقى أموال   التركة وديونها بمجرد الوفاة ، ولكنه لا يسأل عن ديونها إلا في حدود حقوقها . وفي هذه الحالة تكون مسؤولية الوارث عن ديون مورثه مسؤولية عينية محددة .وهذا مما يؤدي الى أن يكون مركز الوارث في القانون المدني المصري قريباً من مركز الحائز للعقار المرهون، وقريباً كذلك من مركز الوارث تحت شرط الجرد في القانون المدني الفرنسي ، إذ إن جميع أصحاب هذه المراكز لا يكونون مسؤولين عن الدين مسؤولية شخصية ، وإنما يكونون مسؤولين مسؤولية عينية محددة .

رابعاً : - في القانون المدني العراقي :

بالنسبة الى موقف القانون العراقي من طبيعة خلافة الوارث ومدى مسؤوليته عن ديون مورثه ، وما إذا كان يلتزم شخصياً بديون مورثه ، أم أنها تتعلق بالتركة ؟ . نلاحظ إن الفقه العراقي الذي  تطرق الى هذا الموضوع ، أشار الى إن قاعدة لا تركة إلا بعد سداد الدين تمنع انتقال الديون المترتبة في ذمة المورث الى الوارث ، وإنما تصبح التركة هي المسؤولة عن سداد هذه الديون. فقاعدة لا تركة إلا بعد سداد الدين لا  تجعل الوارث ملتزماً بديون مورثه إلا بقدر ما انتقل إليه من أموال التركة. واستناداً الى ذلك، إذا ابرم المورث عقداً من شأنه أن يلزمه بالتزام معين ، كما لو اشترى المورث شيء معين ومات قبل تنفيذ الالتزام الذي ترتب عليه وهو دفعه للثمن ففي هذه الحالة يبقى الثمن ديناً في التركة ولا ينتقل الى ذمة الوارث(27). ويمكن القول ، ان الفقه العراقي لم يجعل من الوارث امتداداً لشخصية المورث ولم يلزمه بديون مورثه ، إذ توفى هذه الديون من أموال  التركة فقط . أما بالنسبة الى القانون المدني العراقي فقد اسند مسألة انتقال التركة الى الورثة الى أحكام الشريعة  الإسلامية ، إذ نصت  المادة  (1106 / 2)  مدني  عراقي على ((2- وتعين الورثة وتحديد انصبائهم في الإرث وانتقال أموال  التركة ، تسري عليها أحكام الشريعة الإسلامية  والقوانين الخاصة بها)) . كذلك فقد نصت في المادة (142 / 1) على ((1- ينصرف أثر العقد الى المتعاقدين والخلف العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث .......)) . وبذلك فلا بد من الرجوع الى أحكام الشريعة الإسلامية  والقواعد المتعلقة بالميراث لمعرفة حكم القانون العراقي من مسألة الديون المترتبة في ذمة المورث، وهل يلتزم الوارث بها أم أنها تتعلق بالتركة ؟؟ .وقد لا حظنا(28). إن الشريعة الإسلامية  لا تجعل شخصية الوارث امتداداً لشخصية المورث ، فالقاعدة بالنسبة للوارث باعتباره خلفاً عاماً ان تنتقل إليه حقوق مورثه دون ان يلتزم بديونه والتزاماته ، ولكنه لا يتلقى هذه الحقوق الا بعد سداد الديون التي كانت على مورثه . وقد أكد  القضاء العراقي على إن الوارث لا يكون مسؤولاً عن وفاء ديون مورثه من ماله الخاص ولا يجوز الحجز على أموال  الوارث للوفاء بديون المورث إذ قضت محكمة التمييز بأنه  ((لا يجوز حجز أموال  الوارث عن ديون المورث))(29).  كذلك فقد قضت ((إن الخلف العام يرث حقوق وواجبات مورثه في حدود تركة هذا المورث))(30). وبذلك يتضح إن الوارث في القانون العراقي لا يكون مسؤولاً مسؤولية شخصية عن دين مورثه ، حيث يقتصر ضمان ديون المورث بأموال  التركة فقط ولا يتعدى الى أموال  الوارث الخاصة ، فمسؤولية الوارث عن ديون مورثه ، هي مسؤولية عينية تتعلق بأموال  التركة ، وبذلك فان مركز الوارث في القانون العراقي مشابه لمركز الوارث تحت شرط الجرد في القانون المدني الفرنسي ، إذ أنهما لا يسألان عن الدين إلا في حدود أموال  التركة ومشابه كذلك لمركز الحائز للعقار المرهون الذي لا يكون مسؤولاً عن الدين مسؤولية شخصية وإنما مسؤول مسؤولية عينية في حدود العقار المرهون .

________________________

1-انظر ،Gabriel Marty , driot ,Tome III , les  surete's , la pablicite fonciere , Paris , 1971, P.223 ; Planiol et Ripert , op . cit . P.466, Gabriel Marty , ET Raynaud , Tome II , ler obligations , Paris , 1962, P.216.  ، انظر كذلك،  مصطفى مجيد ،  أحكام انتقال حق التصرف ، مطبعة سلمان الاعظمي ، بغداد ، 1971 ، ص 12. عبد القادر محمد اقصاصي ،  ضمان التعرض والاستحقاق في عقد البيع ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون – جامعة بابل ، 1999، ص 45.

2- يقصد بشرط الجرد ، إن الوارث لا يكون مسؤولاً عن ديون مورثه إلا في حدود أموال  التركة .

3- انظر،  علي زكي العرابي ،  مركز الوارث في الشريعة الإسلامية ، 1913، ص 71. مصطفى عرجاوي،  مسؤولية الوارث عن ديون مورثه في الشريعة الإسلامية والقانون المصري، رسالة مقدمة الى كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر ، 1978، ص 29. أشار إليها حسن نعمة الياسري ،  الحقوق المتعلقة بالتركة بين الفقه الإسلامي والقانون المقارن ، رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون – جامعة بغداد ، 2004، ص200.

4- نقلاً عن د. امجد محمد منصور ،  النظرية العامة للالتزامات ، مصادر الالتزام ، مكتبة دار الثقافة ، عمان، 2001، ص 185 . انظر كذلك،  أستاذنا ،  منصور حاتم محسن ،  نظرية الذمة المالية ، مكتبة دار الثقافة ، عمان ، 1999، ص 25 .

5-انظر ،Andrie' Lucas , code civil , pirre catala , litec , Parise , 1995, P.470.

6- نصت المادة ( 878) مدني فرنسي على (( lis pourent domander , dane tous les cns, et contre tout cre'nncler, in se'paration du patrimoine du de' funt d'avoc le pntrimoine da I'hde'ritior  ))

7- نقلاً عن د. عبد المنعم فرج الصدة ،  حق الملكية ، الطبعة الثالثة ، 1967 ، ص 730 .

8-انظر ،  Gabriel Marty , et Raynaud , Tome II , op,cit , P.216.

9- نصت المادة ( 1122) مدني فرنسي على (( onest censeavoir stipule pour soiet pour ses heritier et ayants cause a moins que le contraire ne soil exprime ou ne resulte de la nature de la conven tion ))

10- انظر ص 31 من الرسالة .

11- سورة النساء ، الآية (( 12)) .

12- سورة الإسراء ، الآية (( 15)) .

13- ولمزيد من التفصيل انظر، محمد طه البشير ،  الدين وأحكامه في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي ، دراسة مقارنة ، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية والسياسية ، كلية القانون – جامعة بغداد – مايس 1984، ص84.

14- انظر،  إبراهيم بن سلمان الرملي ،  الفتاوى الخيرية لنفع البرية على مذهب الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان، الجزء الثاني ، الطبعة الثانية، المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق ، مصر ، 1300 هـ ، ص 64 . انظر كذلك ، السرخسي ، المبسوط ، الجزء 29 ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت ، 1406هـ ، ص 137.

15- سليمان البجيرمي ،  حاشية البجيرمي  على منهج الطلاب، الجزء الثاني ، ص 361- 363.د.شمس الدين محمد بن أبي العباس الرملي ، نهاية المحتاج الى شرح المنهاج للرملي ، الطبعة الأخيرة ، ج 4، مطبعة البابي الحلبي ، القاهرة ، 1357 هـ ، ص 304.

16-انظر،الشيخ الأعظم، أستاذ الفقهاء والمجتهدين مرتضى الأنصاري ،الوصايا والمواريث ، الطبعة الأولى ، مطبعة باقري ، ربيع الأول، 1415هـ،ص197. المحقق الثاني ، الشيخ علي بن الحسين الكركي ،الجزء الخامس، ط2، تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، رمضان،1414هـ ، ص71. انظر كذلك منهاج الصالحين، فتاوى آية الله العظمى السيد علي السيستاني، الطبعة الخامسة، 1417هـ، ص312.

17-انظر، منصور يوسف البهوي ،  شرح منتهى الإرادات ، الجزء الثاني ، 1319 هـ ، ص150.

18-الخرشي ، شرح الخرشي على مختصر خليل، ج5، دار إحياء التراث العربي، ط1، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، 1406هـ ، ص267. ومن الفقهاء المحدثين انظر، الشيخ عبد الوهاب خلاف ، علم أصول الفقه، دار العلم للطباعة والنشر، ط8، بلا سنة طبع، ص137. ولمزيد من التفصيل انظر،  عادل عبد الرزاق القرة غولي ،  أحكام الميراث في الفقه الإسلامي وقانون الأحوال الشخصية ، 96-1997، ص11-12 .

19-انظر تمييز حقوق رقم 2847 ، تاريخ القرار 5/1/ 2003 ، مجلة نقابة المحامين الأردنية، العددان العاشر والحادي عشر، 2003، ص 2559.انظر كذلك ، تمييز حقوق 1366/ 96 صفحة 3492 سنة 1997 في 12/9/ 1996 . أشار إليه ، د.علي هادي العبيدي ، مصدر سابق ، ص123. 

20-انظر،  بدران أبو العينين بدران ،  أحكام التركات والمواريث في الشريعة الإسلامية والقانون ، مؤسسة شباب الجامعة ، الإسكندرية  ، بلا سنة طبع ، ص 43.

21- انظر، د.عبد الرزاق السنهوري ،  الوسيط في شرح القانون المدني ، الجزء التاسع ، أسباب كسب الملكية ، تنقيح المستشار احمد المراغي ، منشأة المعارف بالإسكندرية  ، 2004، ص 89-90 . د.حسن كيره ،  الموجز في أحكام القانون المدني ، الحقوق العينية الأصلية أحكامها ومصادرها ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2004، ص360.

22- انظر ، د. سمير عبد السيد تناغو ،  مصدر سابق ، ص 253. عبد الفتاح عبد الباقي ،  مصدر سابق ، ص397. وانظر ما جاء في مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ، إذ نصت  (( إن المبدأ القاضي بألا تركة إلا بعد سداد الديون من شأنه  ألا يجعل ملكية العقار المرهون تنتقل إليه من المورث إلا بعد سداد الدين المضمون بالرهن ، فلا محل إذن لان يكون حائزاً لعقار مرهون )) . مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ، الجزء السابع ، ص94 .

23- انظر، د.عبد الرزاق السنهوري ،  مصادر الحق في الفقه الإسلامي ، دراسة مقارنة بالفقه الغربي ، الجزء الخامس ، 1968، ص 88 . سعيد سعد عبد السلام ،  مصادر الالتزام المدني ، الطبعة الأولى ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2003، ص8 .

24-انظر،  نقض مدني مصري في 7 حزيران 1962 ، مجموعة أحكام النقض  13-774-116 . أشار إليه د.محمد وحيد الدين سوار ،  الحقوق العينية الأصلية ، الطبعة الأولى ، مكتبة دار الثقافة، عمان، 1999، ص35.

25-انظر، ( جلسة 19 / 6 / 1978 . الطعن رقم 950 لسنة 45 ق س 29 ، ص 1495) .انظر كذلك، جلسة  23/2/1977 . الطعن رقم 518 لسنة 43 س 28 ، ص 548  مشار إليه في مؤلف د.عبد الرزاق السنهوري، الوجيز في النظرية العامة للالتزام ، تنقيح المستشار احمد مدحت المراغي،  منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2004، ص 208 . 

26-انظر، الطعن رقم 858 لسنة 51 ق ، أشار إليه د.فتحيه محمود قره ، مجموعة المبادىء القانونية التي قررتها محكمة النقض ، الدائرة المدنية ، من 1979- 1984 ، بلا سنة طبع ، ص167 .

27- انظر، د.حسن علي الذنون ، مصدر سابق ، ص 122. د. عبد المجيد الحكيم ،عبد الباقي البكري ، محمد طه البشير،  مصادر الالتزام ، مصدر سابق ، ص130 . د. منذر الفضل النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني، الجزء الأول ، مصادر الالتزام ، الطبعة الأولى ، 1991، ص 221. محمد عباس السامرائي ،  انتقال الالتزام بين الأحياء في الفقه الإسلامي المقارن والقانون ، رسالة دكتوراه ، جامعة الأزهر ، كلية الشريعة والقانون ، مصر ، 1976 ، ص 81. ولمزيد من التفصيل بخصوص آراء الفقه العراقي حول هذا الموضوع . انظر ،  د. صبري حمد خاطر ،  الغير عن العقد ، مكتبة دار الثقافة ، عمان ، 2001 ، ص44.

28-انظر، ص33 من الرسالة .

29-انظر، رقم الاضبارة 696 / مدنية أولى / 1972 ، تاريخ القرار 10/12/ 1972 ، أشار إليه ، عبد الرحمن العلام ،  شرح قانون المرافعات المدنية ، الجزء الرابع ، مطبعة الزهراء ، بغداد ، 1990 ، ص.303

30-انظر، قرار رقم 780 ح – 1953 تاريخ القرار 14-7-1953 ، أشار إليه ،عبد الرحمن العلام، المبادىء القضائية ، القسم المدني، 1957 ، ص180 .

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .