أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2014
3377
التاريخ: 5-11-2015
3005
التاريخ: 5-11-2015
3795
التاريخ: 5-11-2015
3631
|
بعد ما أقام الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) خليفة على امّته في غدير خمّ ونصّبه إماما من بعده قفل راجعا إلى يثرب وقد بدت صحّته تنهار يوما بعد يوم فقد ألمّ به المرض وأصابته حمى مبرحة حتى كأن به لهبا منها وقد لازمته ولم تنقطع عنه وكانت عليه قطيفة فإذا وضع أزواجه وعوّاده أيديهم عليها شعروا بحرّها , وقد وضعوا إلى جواره إناء فيه ماء بارد فكان يضع يده فيه ويمسح بها وجهه الشريف لتخفّ حرارة الحمى منه ؛ وتذهب بعض المصادر إلى أنّ وفاته تستند إلى طعام مسموم قدّمته إحدى اليهوديات له فكان يقول : ما أزال أجد ألم الطّعام الّذي أكلته بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السّمّ , ولمّا اشيع مرضه هرع المسلمون لعيادته وهم ما بين باك وواجم قد طافت بهم موجات من الألم والذهول واستقبلهم الرسول بأسى بالغ فنعى إليهم نفسه الشريفة وأوصاهم بما يضمن لهم الاستقامة والتوازن في حياتهم قائلا : أيّها النّاس يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي وقدّمت إليكم القول معذرة إليكم ألا إنّي مخلّف فيكم كتاب الله عزّ وجلّ وعترتي أهل بيتي ...
وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى جانبه فأخذ بيده وقال لعوّاده : هذا عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض ؛ وقد وضع النبيّ (صلى الله عليه واله) أهمّ المخطّطات التي تضمن لامّته النجاح وتقيها من الأزمات وهي :
أوّلا : التمسّك بكتاب الله والعمل بما فيه فإنّه يهدي للتي هي أقوم .
ثانيا : التمسّك بالعترة الطاهرة وعلى رأسها سيّدها الإمام أمير المؤمنين فإنّها لا تألوا جهدا في إسعادها وبلوغ أهدافها.
ولمّا علم النبيّ (صلى الله عليه واله) إنّ لقاءه بربّه قريب دعا الفضل بن عباس فأمره أن يأخذ بيده ويجلسه على المنبر كما أمره أن ينادي بالناس الصلاة جامعة فنادى الفضل بذلك فاجتمع الناس فخطب فيهم الرسول (صلى الله عليه واله) قائلا : أيّها النّاس إنّه قد دنا منّي خلوف من بين أظهركم ولن تروني في هذا المقام فيكم وقد كنت أرى أنّ غيره غير مغن عنّي حتّى أقوّمه فيكم ألا فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد ومن كنت أخذت منه مالا فهذا مالي فليأخذ منه ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد , ولا يقولنّ قائل : أخاف الشّحناء من قبل رسول الله ألا وإنّ الشّحناء ليست من شأني ولا من خلقي وإنّ أحبّكم إليّ من أخذ حقّا كان له عليّ أو حلّلني فلقيت الله عزّ وجلّ وليس لأحد عندي مظلمة .
يا لروعة العدل!! يا لروعة الخلق النبوي!! لقد أسّس النبيّ (صلى الله عليه واله) جميع صنوف العدل التي لم يؤسّسها أي مصلح اجتماعي , لقد أعطى رسول الإنسانية القصاص من نفسه وهو في الساعات الأخيرة من حياته ليخرج من هذه الدنيا وليس لأي أحد أي تبعة عليه وقد انبرى رجل من القوم فقال للرسول : يا رسول الله لي عندك ثلاثة دراهم .
فقابله الرسول بلطف قائلا : أمّا أنا فلا اكذّب قائلا ولا مستحلفه على يمين فبم كانت لك عندي؟. فسارع الرجل قائلا : أما تذكر أنّه مرّ بك سائل فأمرتني أن اعطيه فأعطيته ثلاثة دراهم .
وأمر النبيّ (صلى الله عليه واله) الفضل بإعطائه الدراهم ثمّ عاد النبيّ إلى خطابه فقال : من عنده من الغلول شيء فليردّه .
فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله فقال له النبيّ : لم غللتها؟ .
كنت محتاجا إليها ؛ فأمر النبيّ (صلى الله عليه واله) الفضل أن يأخذها منه فأخذها وعاد النبيّ في خطابه فقال : أيّها النّاس من أحسّ في نفسه شيئا فليقم أدع الله له
فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله إنّي لمنافق وإنّي لكذوب وإنّي لشؤوم , فزجره عمر وصاح به وقال له : لقد سترك الله لو سترت على نفسك.
والتفت النبيّ (صلى الله عليه واله) إلى عمر فقال له : صه يا ابن الخطّاب! فضوح الدّنيا أهون من فضوح الآخرة .
ودعا النبيّ (صلى الله عليه واله) للرجل فقال : اللهمّ ارزقه صدقا وإيمانا وأذهب عنه الشّؤم وانبرى رجل من أقصى القوم يسمّى سوادة بن قيس فقال : يا رسول الله إنّك ضربتني بالسوط على بطني وأنا اريد القصاص منك , فاستجاب الرسول (صلى الله عليه واله) لطلبه وأمر بلالا بإحضار السوط ليقتصّ منه سوادة وذهل الحاضرون وساد عليهم صمت رهيب من هذا العدل وانطلق بلال رافعا عقيرته قائلا : أيّها الناس اعطوا القصاص من أنفسكم في دار الدنيا فهذا رسول الله قد أعطى القصاص من نفسه ؛ ومضى بلال إلى بيت النبيّ (صلى الله عليه واله) فجاء بالسوط وناوله إلى سوادة فأخذه وأقبل رافعا له صوب النبيّ الذي ألمّت به الأمراض وهو في الساعات الأخيرة من حياته واتّجه المسلمون بقلوبهم وأبصارهم نحو سوادة فقال للنبيّ : يا رسول الله اكشف عن بطنك .
فكشف الرسول عن بطنه فقال سوادة وهو غارق في البكاء : يا رسول الله أتأذن لي أن أضع فمّي على بطنك؟
قال : نعم ؛ ووضع سوادة وجهه على بطن الرسول ودموعه تتبلور على خدّيه وهو يقول بصوت حزين النبرات : أعوذ بموضع القصاص من رسول الله من النار يوم القيامة.
والتفت إليه النبيّ قائلا : أتعفو يا سوادة أم تقتصّ؟.
فرفع النبيّ يديه بالدعاء قائلا : اللهمّ اعف عن سوادة كما عفا عن نبيّك .
إنّ هذا الخلق النبوي أحقّ بالبقاء وأجدر بالخلود من هذا الكوكب الذي نعيش فيه فقد تجسّدت فيه جميع القيم والمبادئ الكريمة التي سما بها النبيّ على سائر الأنبياء .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|