المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



[صورة عبادة السجاد وقيمته]  
  
3426   04:21 مساءاً   التاريخ: 30-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏1،ص188-189.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام) /

أقام الإمام (عليه السلام) في يثرب لم يخرج عنها إلا لحج بيت الله الحرام و يقول الرواة: انه سافر إلى العراق لزيارة قبر جده الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ‏ و من المؤكد انه زار قبر أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) ؛ كما أجمع المسلمون على أن الإمام زين العابدين (عليه السلام) كان من أعبد الناس و أكثرهم طاعة للّه تعالى و لم ير الناس مثله في عظيم انابته و عبادته و قد بهر بها المتقون و الصالحون و حسبه أنه وحده في تأريخ الإسلام قد لقب بزين العابدين و سيد الساجدين.

أما عبادته (عليه السلام) فلم تكن تقليدية و إنما كانت ناشئة عن إيمانه العميق باللّه تعالى و كمال معرفته به فقد عبده لا طمعا في جنته و لا خوفا من ناره و إنما وجده أهلا للعبادة فعبده شأنه في ذلك شأن جده الإمام أمير المؤمنين و سيد العارفين و إمام المتقين الذي عبد الله عبادة الأحرار و قد اقتدى به حفيده العظيم زين العابدين (عليه السلام)  و قد اعرب (عليه السلام)  عن عظيم اخلاصه في عبادته فقال: إني أكره أن أعبد الله و لا غرض لي إلا ثوابه فأكون كالعبد الطامع إن طمع عمل و إلا لم يعمل و اكره أن اعبده لخوف عذابه فأكون كالعبد السوء إن لم يخف لم يعمل .

فانبرى إليه بعض الجالسين فقال له: فبم تعبده؟ .

فأجابه عن خالص إيمانه : اعبده لما هو أهله بأياديه و أنعامه .

لقد كانت عبادته عن معرفة لا يشوبها شك أو وهم كما لم تك وليدة طمع أو خوف و إنما كانت وليدة إيمان عميق و قد تحدث (عليه السلام) عن أنواع العبادة بقوله: إن قوما عبدوا اللّه عز و جل رهبة فتلك عبادة العبيد و آخرين عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار و قوما عبدوا اللّه شكرا فتلك عبادة الأحرار .

هذه أنواع العبادة و الطاعة و اثقلها في الميزان و أحبها للّه هي عبادة الأحرار التي لا تكون إلا شكرا للمنعم العظيم لا طمعا في ثوابه و لا خوفا من عقابه و قد أكد الإمام (عليه السلام) ذلك في حديث آخر له قال: عبادة الأحرار لا تكون إلا شكرا للّه لا خوفا و لا رغبة .

لقد امتزج حب اللّه في قلب الإمام و عواطفه فكان من ذاتياته و عناصره و يقول الرواة: أنه كان مشغولا بعبادة اللّه و طاعته في جميع اوقاته و قد سئلت جارية له عن عبادته فقالت: أطنب أو أختصر .

- بل اختصري .

- ما أتيته بطعام نهارا قط و ما فرشت له فراشا بليل قط .

لقد قضى الإمام (عليه السلام)  معظم حياته صائما نهاره قائما ليله مشغولا تارة في الصلاة و أخرى في صدقة السر ؛ و من المؤكد انه ليس في تأريخ زهاد المسلمين و عبادهم مثل الإمام علي بن الحسين في عظيم اخلاصه و طاعته للّه .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.