أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-04-2015
9466
التاريخ: 30-3-2016
4756
التاريخ: 11-4-2016
3457
التاريخ: 15-04-2015
8469
|
ليس هناك حادث في التاريخ يضارع في كوارثه و آلامه مثل ما جرى على الإمام الحسين في يوم عاشوراء فلم تبق محنة من محن الدنيا و لا كارثة من كوارث الدهر إلا جرت على ريحانة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد تحدث الإمام زين العابدين (عليه السلام) عن ذلك اليوم العصيب الخالد في دنيا الأحزان قال : ما من يوم أشد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) من يوم أحد قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله و أسد رسوله و بعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب ثم قال : و لا يوم كيوم الحسين إذ دلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة كل يتقرب إلى الله عز و جل بدمه و هو بالله يذكرهم فلا يتعظون حتى قتلوه بغيا و ظلما و عدوانا .
ليس في دنيا الإسلام على امتداد التاريخ يوم أشد و أقسى من يوم الحسين (عليه السلام) فقد ثار هذا الإمام العظيم ليقيم في هذا الشرق معالم الحياة الكريمة و يوفر الحرية و الرخاء و الأمن و الاستقرار لجميع شعوب العالم و قد وقفت في وجهه أولئك الصعاليك من حثالة البشرية فأراقت دمه الزاكي في وحشية قاسية لم يشاهد التأريخ لها مثيلا في فظاعتها و مرارتها و قد اقترفت هذه الجرائم لتعيش هي تحت كابوس من العبودية و الظلم و الجور .
قبل أن تندلع نار الحرب رأى الإمام العظيم أن يقيم الحجة على أولئك الممسوخين و يسد أمامهم كل عذر و يجعلهم على بصيرة و بينة من أمرهم فقد دعا (عليه السلام) براحلته فركبها و اتجه نحوهم و هو بتلك الهيبة التي تحكي هيبة جده رسول الله (صلى الله عليه و آله) فخطب فيهم خطابه التأريخي الذي هو من أبلغ و أروع خطاب ورد في الكلام العربي و قد نادى بصوت عال يسمعه جلهم قال: أيها الناس اسمعوا قولي و لا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم علي و حتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم فإن قبلتم عذري و صدقتم قولي و أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد و لم يكن لكم علي سبيل و إن لم تقبلوا مني العذر و لم تعطوا النصف من أنفسكم فاجمعوا أمركم و شركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي و لا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب و هو يتولى الصالحين .
و نقل الأثير كلماته إلى السيدات من عقائل النبوة و حرائر الوحي فتصارخن بالبكاء و ارتفعت أصواتهن فبعث إليهن أخاه العباس و ابنه عليا و قال لهما: سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن و لما سكتن استرسل في خطابه فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي (صلى الله عليه و آله) و قال في ذلك ما لا يحصى ذكره و لم يسمع لا قبله و لا بعده أبلغ منه في منطقه و قال: أيها الناس إن الله تعالى خلق الدنيا فجعلها دار فناء و زوال متصرفة بأهلها حالا بعد حال فالمغرور من غرته و الشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا فإنها تقطع رجاء من ركن إليها و تخيب طمع من طمع فيها و أراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم و أعرض بوجهه الكريم عنكم و أحل بكم نقمته فنعم الرب ربنا و بئس العبيد أنتم أقررتم بالطاعة و آمنتم بالرسول محمد (صلى الله عليه و آله) ثم إنكم زحفتم إلى ذريته و عترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم فتبا لكم و لما تريدون إنا لله و إنا إليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين .
لقد وعظهم بهذه الكلمات فحذرهم من فتنة الدنيا و غرورها و دلل على عواقبها الخاسرة و أهاب بهم من الإقدام على قتل عترة نبيهم فإنهم بذلك يخرجون من الإسلام إلى الكفر و يستوجبون عذاب الله و نقمته ثم استرسل الإمام العظيم في خطابه قائلا: أيها الناس انسبوني من أنا؟ ثم ارجعوا إلى أنفسكم و عاتبوها و انظروا هل يحل لكم قتلي و انتهاك حرمتي؟ أ لست ابن بنت نبيكم و ابن وصيه و ابن عمه؟ و أول المؤمنين بالله و المصدق لرسوله بما جاء من عند ربه أ و ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟ أ و ليس جعفر الطيار عمي؟ أولم يبلغكم قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لي و لأخي! هذان سيدا شباب أهل الجنة فإن صدقتموني بما أقول: و هو الحق و الله ما تعمدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله و يضر به من اختلقه و إن كذبتموني فإن فيكم من إذا سألتموه أخبركم سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري و أبا سعيد الخدري و سهل بن سعد الساعدي و زيد بن أرقم و أنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله (صلى الله عليه و آله) لي و لأخي أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟ .
و كان خليقا بهذا الخطاب أن يرجع إلى قطعات ذلك الجيش عوازب أحلامه و يحدث انقلابا عسكريا في صفوفهم لقد دعاهم ليرجعوا إلى نفوسهم و عقولهم لو كانوا يملكونها فيمعنوا النظر في شأنه فهو حفيد نبيهم و ابن وصيه و ألصق الناس و أمسهم رحما بالنبي (صلى الله عليه و آله) و هو سيد شباب أهل الجنة و في ذلك حصانة له من سفك دمه و انتهاك حرمته إلا أن ذلك الجيش لم يع هذا المنطق الفياض فقد خلد إلى الجريمة و غرق في الضلال ؛ و انبرى إليه الرجس الخبيث شمر بن ذي الجوشن فقال له: هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول .
و تصدى لجوابه حبيب بن مظاهر و هو من ذخائر الإيمان و الإسلام فقال له: و الله إني أراك تعبد الله على سبعين حرفا و أنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله على قلبك .
و استمر الإمام العظيم في خطابه فقال: فإن كنتم في شك من هذا القول أ فتشكون أني ابن بنت نبيكم فو الله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم و لا في غيركم و يحكم أ تطلبونني بقتيل منكم قتلته أو مال استهلكته أو بقصاص جراحة .
و زلزلت الأرض تحت أقدامهم و غدوا حيارى لا يملكون جوابا لرده ثم نادى الإمام (عليه السلام) قادة الجيش من الذين كاتبوه بالقدوم لمصرهم فقال: يا شبث بن ربعي و يا حجار بن ابحر و يا قيس بن الأشعث و يا زيد بن الحرث أ لم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار و اخضر الجناب و إنما تقدم على جند لك مجندة .
و لم تخجل تلك الذوات القذرة من خيانة العهد و نقض الميثاق فأجابوه مجمعين على الكذب: لم نفعل ؛ و استغرب الإمام منهم ذلك فقال: سبحان الله بلى و الله لقد فعلتم .
و أشاح الإمام بوجهه عنهم و وجه خطابه إلى قطعات الجيش فقال لهم: أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض .
و انبرى إليه قيس بن الأشعث و هو من ركائز الإثم و الباطل في الكوفة و من أسرة لم تنجب شريفا قط فقال له: أولا تنزل على حكم بني عمك؟ فإنهم لن يروك إلا ما تحب و لن يصل إليك منهم مكروه .
فأجابه الإمام: أنت أخو أخيك؟ أ تريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا و الله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل و لا أفر فرار العبيد عباد الله إني عذت بربي و ربكم أن ترجمون أعوذ بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب .
و من المؤسف أن هذا الخطاب النير لم ينفذ إلى قلوبهم فقد ختم الجهل على قلوبهم فكانوا كالأنعام بل هم أضل سبيلا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|