المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



خطاب الامام الحسين يوم عاشوراء  
  
3372   04:28 مساءاً   التاريخ: 30-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏1،ص158-161.
القسم :

ليس هناك حادث في التاريخ يضارع في كوارثه و آلامه مثل ما جرى‏ على الإمام الحسين في يوم عاشوراء فلم تبق محنة من محن الدنيا و لا كارثة من كوارث الدهر إلا جرت على ريحانة رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قد تحدث الإمام زين العابدين (عليه السلام) عن ذلك اليوم العصيب الخالد في دنيا الأحزان قال : ما من يوم أشد على رسول الله (صلى الله عليه و آله) من يوم أحد قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله و أسد رسوله و بعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب ثم قال : و لا يوم كيوم الحسين إذ دلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة كل يتقرب إلى الله عز و جل بدمه و هو بالله يذكرهم فلا يتعظون حتى قتلوه بغيا و ظلما و عدوانا .

ليس في دنيا الإسلام على امتداد التاريخ يوم أشد و أقسى من يوم الحسين (عليه السلام) فقد ثار هذا الإمام العظيم ليقيم في هذا الشرق معالم الحياة الكريمة و يوفر الحرية و الرخاء و الأمن و الاستقرار لجميع شعوب العالم و قد وقفت في وجهه أولئك الصعاليك من حثالة البشرية فأراقت دمه الزاكي في وحشية قاسية لم يشاهد التأريخ لها مثيلا في فظاعتها و مرارتها و قد اقترفت هذه الجرائم لتعيش هي تحت كابوس من العبودية و الظلم و الجور .

قبل أن تندلع نار الحرب رأى الإمام العظيم أن يقيم الحجة على أولئك الممسوخين و يسد أمامهم كل عذر و يجعلهم على بصيرة و بينة من أمرهم فقد دعا (عليه السلام) براحلته فركبها و اتجه نحوهم و هو بتلك الهيبة التي تحكي هيبة جده رسول الله (صلى الله عليه و آله) فخطب فيهم خطابه التأريخي الذي هو من أبلغ و أروع خطاب ورد في الكلام العربي و قد نادى بصوت عال يسمعه جلهم قال: أيها الناس اسمعوا قولي و لا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم علي و حتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم فإن قبلتم عذري و صدقتم قولي و أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد و لم يكن لكم علي سبيل و إن لم تقبلوا مني العذر و لم تعطوا النصف من أنفسكم فاجمعوا أمركم و شركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي و لا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب و هو يتولى الصالحين .

و نقل الأثير كلماته إلى السيدات من عقائل النبوة و حرائر الوحي فتصارخن بالبكاء و ارتفعت أصواتهن فبعث إليهن أخاه العباس و ابنه عليا و قال لهما: سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن و لما سكتن استرسل في خطابه فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي (صلى الله عليه و آله) و قال في ذلك ما لا يحصى ذكره و لم يسمع لا قبله و لا بعده أبلغ منه في منطقه‏ و قال: أيها الناس إن الله تعالى خلق الدنيا فجعلها دار فناء و زوال متصرفة بأهلها حالا بعد حال فالمغرور من غرته و الشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا فإنها تقطع رجاء من ركن إليها و تخيب طمع من طمع فيها و أراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم و أعرض بوجهه الكريم عنكم و أحل بكم نقمته فنعم الرب ربنا و بئس العبيد أنتم أقررتم بالطاعة و آمنتم بالرسول محمد (صلى الله عليه و آله) ثم إنكم زحفتم إلى ذريته و عترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم فتبا لكم و لما تريدون إنا لله و إنا إليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين .

لقد وعظهم بهذه الكلمات فحذرهم من فتنة الدنيا و غرورها و دلل على عواقبها الخاسرة و أهاب بهم من الإقدام على قتل عترة نبيهم فإنهم بذلك يخرجون من الإسلام إلى الكفر و يستوجبون عذاب الله و نقمته ثم استرسل الإمام العظيم في خطابه قائلا: أيها الناس انسبوني من أنا؟ ثم ارجعوا إلى أنفسكم و عاتبوها و انظروا هل يحل لكم قتلي و انتهاك حرمتي؟ أ لست ابن بنت نبيكم و ابن وصيه و ابن عمه؟ و أول المؤمنين بالله و المصدق لرسوله بما جاء من عند ربه أ و ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟ أ و ليس جعفر الطيار عمي؟ أولم يبلغكم قول رسول الله (صلى الله عليه و آله) لي و لأخي! هذان سيدا شباب أهل الجنة فإن صدقتموني بما أقول: و هو الحق و الله ما تعمدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله و يضر به من اختلقه و إن كذبتموني فإن فيكم من إذا سألتموه أخبركم سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري و أبا سعيد الخدري و سهل بن سعد الساعدي و زيد بن أرقم و أنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله (صلى الله عليه و آله) لي و لأخي أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟ .

و كان خليقا بهذا الخطاب أن يرجع إلى قطعات ذلك الجيش عوازب أحلامه و يحدث انقلابا عسكريا في صفوفهم لقد دعاهم ليرجعوا إلى نفوسهم و عقولهم لو كانوا يملكونها فيمعنوا النظر في شأنه فهو حفيد نبيهم و ابن وصيه و ألصق الناس و أمسهم رحما بالنبي (صلى الله عليه و آله) و هو سيد شباب أهل الجنة و في ذلك حصانة له من سفك دمه و انتهاك حرمته إلا أن ذلك الجيش لم يع هذا المنطق الفياض فقد خلد إلى الجريمة و غرق في الضلال ؛ و انبرى إليه الرجس الخبيث شمر بن ذي الجوشن فقال له: هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول .

و تصدى لجوابه حبيب بن مظاهر و هو من ذخائر الإيمان و الإسلام فقال له: و الله إني أراك تعبد الله على سبعين حرفا و أنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله على قلبك .

و استمر الإمام العظيم في خطابه فقال: فإن كنتم في شك من هذا القول أ فتشكون أني ابن بنت نبيكم فو الله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم و لا في غيركم و يحكم أ تطلبونني بقتيل منكم قتلته أو مال استهلكته أو بقصاص جراحة .

و زلزلت الأرض تحت أقدامهم و غدوا حيارى لا يملكون جوابا لرده ثم نادى الإمام (عليه السلام) قادة الجيش من الذين كاتبوه بالقدوم لمصرهم فقال: يا شبث بن ربعي و يا حجار بن ابحر و يا قيس بن الأشعث و يا زيد بن الحرث أ لم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار و اخضر الجناب و إنما تقدم على جند لك مجندة .

و لم تخجل تلك الذوات القذرة من خيانة العهد و نقض الميثاق فأجابوه مجمعين على الكذب: لم نفعل ؛ و استغرب الإمام منهم ذلك فقال: سبحان الله بلى و الله لقد فعلتم .

و أشاح الإمام بوجهه عنهم و وجه خطابه إلى قطعات الجيش فقال لهم: أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض .

و انبرى إليه قيس بن الأشعث و هو من ركائز الإثم و الباطل في الكوفة و من أسرة لم تنجب شريفا قط فقال له: أولا تنزل على حكم بني عمك؟ فإنهم لن يروك إلا ما تحب و لن يصل إليك منهم مكروه .

فأجابه الإمام: أنت أخو أخيك؟ أ تريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا و الله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل و لا أفر فرار العبيد عباد الله إني عذت بربي و ربكم أن ترجمون أعوذ بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب .

و من المؤسف أن هذا الخطاب النير لم ينفذ إلى قلوبهم فقد ختم الجهل على قلوبهم فكانوا كالأنعام بل هم أضل سبيلا.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.