المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

السيد محمد ابن السيد مير قاسم الطباطبائي
5-2-2018
الرياح الشمسية
5-2-2020
هل هناك نبي اسمه جرجيس؟ وما هي قصته ؟
5-1-2021
أفضلية الجماعة في المسجد الحرام.
17-1-2016
الفيروسات (الرواشح) : Viruses
10-5-2016
Pion Creation and Neutron Decay
13-7-2016


[خطبة الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء]  
  
6970   04:54 مساءاً   التاريخ: 28-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج3, ص184-188.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /

دعا الامام براحلته فركبها واتجه نحو معسكر ابن سعد وهو بتلك الهيبة التي تحكى هيبة جده الرسول فخطب فيهم خطابه التاريخي الذي هو من ابلغ واروع ما أثر في الكلام العربي وقد نادى بصوت عال يسمعه جلهم : أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى اعظكم بما هو حق لكم علي وحتى اعتذر إليكم من مقدمي عليكم فان قبلتم عذري وصدقتم قولي واعطيتموني النصف من انفسكم كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم علي سبيل وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من انفسكم فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون ان ولي اللّه الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين .

ونقل الأثير كلماته إلى السيدات من عقائل النبوة وحرائر الوحي فتصارخن بالبكاء وارتفعت اصواتهن فبعث إليهن أخاه العباس وابنه عليا وقال لهما : سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن .

ولما سكتن استرسل في خطابه فحمد اللّه واثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه واله) وعلى الملائكة والأنبياء وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره ولم يسمع لا قبله ولا بعده ابلغ منه في منطقه  وقال : أيها الناس إن اللّه تعالى خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفة بأهلها حالا بعد حال فالمغرور من غرته والشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا فانها تقطع رجاء من ركن إليها وتخيب طمع من طمع فيها وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد اسخطتم اللّه فيه عليكم واعرض بوجهه الكريم عنكم واحل بكم نقمته فنعم الرب ربنا وبئس العبيد أنتم أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد (صلى الله عليه واله) ثم انكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر اللّه العظيم فتبا لكم ولما تريدون إنا للّه وإنا إليه راجعون هؤلاء قوم كفروا بعد ايمانهم فبعدا للقوم الظالمين.

لقد وعظهم بهذه الكلمات التي تمثل هدي النبوة ومحنة الأنبياء في اممهم فحذرهم من فتنة الدنيا وغرورها ودلل على عواقبها الخاسرة واهاب بهم من الاقدام على قتل عترة نبيهم فانهم بذلك يخرجون من الاسلام إلى الكفر ويستوجبون عذاب اللّه الخالد وسخطه الدائم ثم استرسل (عليه السلام) في خطابه فقال : أيها الناس انسبوني من أنا؟ ثم ارجعوا الى انفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟! الست ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه؟ وأول المؤمنين باللّه والمصدق لرسوله بما جاء من عند ربه؟ أو ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟ أو ليس جعفر الطيار عمي أو لم يبلغكم قول رسول اللّه (صلى الله عليه واله) لي ولأخي : هذان سيدا شباب أهل الجنة فان صدقتموني بما اقول وهو الحق واللّه ما تعمدت الكذب منذ علمت ان اللّه يمقت عليه أهله ويضر به من اختلقه وان كذبتموني فان فيكم من اذا سألتموه اخبركم سلوا جابر بن عبد اللّه الأنصاري وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي وزيد بن ارقم وأنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول اللّه (صلى الله عليه واله) لي ولأخي أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟.

لا اعرف خطابا أرق ولا ابلغ من هذا الخطاب فأي خطيب مهما كان يتمتع برائع البيان فانه ليعجز عن الكلام في مثل هذا الموقف الرهيب الذي تخرس فيه الأسود وتحجم فيه الابطال , وكان خليقا بهذا الخطاب أن يرجع إليهم حوازب احلامهم ويحدث انقلابا فكريا وعمليا في صفوفهم لقد دعاهم لأن يرجعوا إلى نفوسهم وعقولهم لو كانوا يملكونها ليمعنوا النظر في شأنه فهو حفيد نبيهم وابن وصيه والصق الناس وأمسهم رحما به وهو سيد شباب أهل الجنة وفي ذلك حصانة له من سفك دمه وانتهاك حرمته الا ان ذلك الجيش لم يع هذا المنطق الفياض فقد خلد إلى الجريمة واستولى على قلوبهم زيغ قائم من الضلال فإنساهم ذكر اللّه , وانبرى إليه الرجس الخبيث شمر بن ذي الجوشن وهو ممن غرق في الأثم فقال له : هو يعبد اللّه على حرف ان كان يدري ما تقول؟

وما كان مثل ذلك الضمير المتحجر الذي ران عليه الباطل أن يعي منطق الامام أو يفهم مقالته وتصدى لجوابه حبيب بن مظاهر فقال له :واللّه اني أراك تعبد اللّه على سبعين حرفا وأنا أشهد انك صادق ما تدري ما يقول : قد طبع اللّه على قلبك ؛ واستمر الامام في خطابه فقال : فان كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أني ابن بنت نبيكم فو اللّه ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم ويحكم اتطلبونني بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته أو بقصاص جراحة .

وزلزلت الأرض تحت أقدامهم وغدوا حيارى لا يملكون جوابا لرده فهم لا يشكون أنه ابن بنت رسول اللّه (صلى الله عليه واله) وريحانته وانهم لا يطلبونه بقتيل قتله ولا بمال استهلكه منهم , ثم نادى الامام قادة الجيش الذين دعوه برسائلهم للقدوم الى الكوفة فقال : يا شبث بن ربعي ويا حجار بن ابجر ويا قيس بن الأشعث ويا زيد بن الحرث ألم تكتبوا إلي أن قد اينعت الثمار واخضر الجناب وانما تقدم على جند لك مجندة.

ولم تخجل تلك النفوس من خيانة العهد وحنث الايمان فأجابوه مجمعين على الكذب : لم نفعل .

واستغرب الامام منهم ذلك فقال لهم : سبحان اللّه!! بلى واللّه لقد فعلتم.

واعرض الامام عنهم ووجه خطابه الى جميع قطعات الجيش فقال لهم : أيها الناس اذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض.

فانبرى إليه قيس بن الأشعث وهو ممن عرف بالغدر والنفاق وقد خلع كل شرف وحياء وحسبه أنه من أسرة لم تنجب شريفا قط فقال له : أولا تنزل على حكم بني عمك؟ فانهم لن يروك إلا ما تحب ولن يصل إليك منهم مكروه.

فأجابه الامام : أنت أخو اخيك؟ أتريد أن يطلبك بنو هاشم باكثر من دم مسلم ابن عقيل؟ لا واللّه لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد  عباد اللّه إني عذت بربي وربكم أن ترجمون أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب .

نزول الممالك وتدول الدول وهذه الكلمات احق بالبقاء واجدر بالخلود من كل شيء فقد مثلت عزة الحق ومنعة الاحرار وشرف الأباة.

ومن المؤسف أنه لم تنفذ هذه الكلمات النيرة إلى قلوبهم فقد اقفل الجهل جميع ابواب الفهم في نفوسهم {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا } [الفرقان: 44] لقد اعرضوا اعراضا تاما عن دعوة الامام فلم يحفلوا بها وصدق اللّه تعالى إذ يقول : {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} [النمل: 80].




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.