المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



[كلام الحسين النير في الأمر بالمعروف]  
  
3685   09:40 صباحاً   التاريخ: 18-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج1, ص152-154.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / التراث الحسينيّ الشريف /

وجّه الإمام (عليه السّلام) هذه الكلمة النيّرة إلى الأنصار والمهاجرين ونعى عليهم تسامحهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الّلذَين بني عليهما المجتمع الإسلامي كما عرض إلى المظالم الاجتماعية التي مُنيت بها الاُمّة والتي كانت ناجمة عن تقصيرها في إقامة هذا الواجب الخطير وهذا نصّها : اعتبروا أيّها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول : {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ} [المائدة: 63] وقال : {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78، 79] وإنّما عاب الله ذلك عليهم ؛ لأنهم كانوا يرون من الظَّلَمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك ؛ رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة مما يحذرون والله يقول : {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ } [المائدة: 44] , وقال : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71] ؛ فبدأ الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه ؛ لعلمه بأنّها إذا اُدّيت واُقيمت استقامت الفرائض كلّها هيّنها وصعبها ؛ وذلك أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام مع ردّ المظالم ومخالفة الظالم وقسمة الفيء والغنائم وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقّها ؛ ثم أنتم أيّتها العصابة عصابة بالعلم مشهورة وبالخير مذكورة وبالنصيحة معروفة وبالله في أنفس الناس مهابة ؛ يهابكم الشريف ويكرمكم الضعيف ويؤثركم مَن لا فضل لكم عليه ولا يد لكم عنده تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلاّبها وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر أليس كل ذلك إنّما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحقّ الله وإن كنتم عن أكثر حقّه تقصّرون فاستخففتم بحقّ الأئمة ؛فأمّا حقّ الضعفاء فضيّعتم ؛ وأمّا حقّكم بزعمكم فطلبتم فلا مالاً بذلتموه ولا نفساً خاطرتم بها للذي خلقها ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله ؛ أنتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأماناً من عذابه لقد خشيت عليكم أيها المتمنّون على الله أن تحلّ بكم نقمة من نقماته ؛ لأنكم بلغتم من كرامة الله منزلة فُضّلتم بها ومَن يعرف بالله لا تكرمون وأنتم بالله في عباده تُكرمون! وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تفزعون وأنتم لبعض ذمم آبائكم تفزعون! وذمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) محقورة والعمى والبكم والزمن في المدائن مهملة لا ترحمون! ولا في منزلتكم تعملون ولا من عمل فيها تعينون! وبالإدهان والمصانعة عند الظلمة تأمنون كل ذلك ممّا أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون! وأنتم أعظم الناس مصيبة لِما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسعون ذلك ؛ بأن مجاري الاُمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الاُمناء على حلاله وحرامه فأنتم المسلوبون تلك المنزلة وما سلبتم ذلك إلاّ بتفرّقكم عن الحقّ واختلافكم في السنّة بعد البيّنة الواضحة ؛ ولو صبرتم على الأذى وتحمّلتم المؤونة في ذات الله كانت اُمور الله عليكم ترد وعنكم تصدر وإليكم ترجع ولكنكم مكّنتم الظلمة من منزلتكم واستسلمتم اُمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات ويسيرون في الشهوات سلّطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم ؛ فأسلمتم الضعفاء في أيديهم فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب يتقلّبون في الملك بآرائهم ويستشعرون الخزي بأهوائهم ؛ اقتداءً بالأشرار وجرأةً على الجبار في كلِّ بلد منهم على منبره خطيب يصقع فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس فمن بين جبار عنيد وذي سطوة على الضَعَفة شديد مطاع لا يعرف المبدئ المعيد ؛ فيا عجباً! وما لي لا أعجب والأرض من غاش غشوم ومتصدّق ظلوم وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا القاضي بحكمه فيما شجر بيننا .

وحفلت هذه الوثيقة السياسية بذكر الأسباب التي أدّت إلى تردّي الأخلاق وشيوع المنكر في البلاد الناجمة من عدم قيام المهاجرين والأنصار بمسؤولياتهم وواجباتهم الدينية والاجتماعية فقد كانت لهم المكانة المرموقة في المجتمع الإسلامي ؛ لأنهم صحابة النبي (صلّى الله عليه وآله) وحضنة الإسلام ويمكنهم أن يقولوا كلمة الحق ويناهضوا الباطل إلاّ أنهم تقاعسوا عن واجباتهم مما أدّى إلى أن تتحكّم في رقاب المسلمين الطغمة الحاكمة من بني اُميّة الذين اتخذوا عباد الله خولاً ومال الله دولاً.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.