أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-01-2015
3740
التاريخ: 29-01-2015
3379
التاريخ: 1-5-2016
3369
التاريخ: 2-5-2016
3439
|
دهمت جيوش عائشة أهل البصرة فملئت قلوبهم ذعراً وفزعاً وخوفاً ؛ فقد أحاطت ببلدهم القوات العسكرية التي تنذر باحتلال بلدهم وجعلها منطقة حرب وعصيان على الخليفة الشرعي وانبرى حاكم البصرة عثمان بن حنيف وهو مِنْ ذوي الإدارة والحزم والحريجة في الدين فبعث أبا الأسود الدؤلي إلى عائشة يسألها عن سبب قدومها إلى مصرهم ولمّا مثل عندها قال لها : ما أقدمك يا أُمّ المؤمنين؟
ـ أطلب بدم عثمان.
ـ ليس في البصرة مِنْ قتلة عثمان أحد.
ـ صدقت ولكنّهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة وجئت أستنهض أهل البصرة لقتاله أنغضب لكم مِنْ سوط عثمان ولا نغضب لعثمان مِنْ سيوفكم؟!
وردّ عليها أبو الأسود قائلاً : ما أنتِ مِن السوط والسيف! إنّما أنتِ حبيسة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أمرك أنْ تقرّي في بيتك وتتلي كتاب ربّك وليس على النساء قتال ولا لهنّ الطلب بالدماء وأنّ علياً لأولى منكِ وأمسّ رحماً ؛ فإنّهما ابنا عبد مناف! ولمْ تذعن لقوله وراحت مصرّة على رأيها قائلة : لست بمنصرفة حتّى أمضي لما قدمت إليه أفتظن أبا الأسود أنّ أحداً يقدم على قتالي؟ وحسبت أنّها تتمتّع بحصانة لعلاقتها الزوجية مِنْ النّبي (صلّى الله عليه وآله) فلا يقدم أحد على قتالها ولمْ تعلم أنّها أهدرت هذه الحرمة ولمْ ترعَ لها جانباً فأجابها أبو الأسود بالواقع قائلاً : أما والله لتقاتلنّ قتالاً أهونه الشديد ؛ ثمّ انعطف أبو الأسود صوب الزبير فذكّره بماضِ ولائه للإمام (عليه السّلام) وقربه منه قائلاً : يا أبا عبد الله عهد الناس بك وأنت يوم بويع أبو بكر آخذاً بقائم سيفك تقول : لا أحد أولى بهذا الأمر مِن ابن أبي طالب وأين هذا المقام مِنْ ذاك؟! فأجابه الزبير بما لمْ يؤمن به قائلاً : نطلب بدم عثمّان.
فقال له : أنت وصاحبك ولّيتماه فيما بعد.
ولان الزبير واستجاب لنصيحة أبي الأسود إلاّ أنّه طلب منه مواجهة طلحة وعرض الأمر عليه فأسرع أبو الأسود تجاه طلحة وعرض عليه النصيحة فأبى من الاستجابة وأصرّ على الغيّ والعدوان ورجع أبو الأسود مِنْ وفادته التي أخفق فيها فأحاط ابن حنيف علماً بالأمر فجمع أصحابه وخطب فيهم وقال : أيّها الناس إنّما بايعتم الله ؛ {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 10] , والله لو علم عليٌّ أحداً أحق بهذا الأمر منه ما قبله ولو بايع الناس غيره لبايع وأطاع وما به إلى أحد مِنْ صحابة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حاجة وما بأحد عنه غنى. ولقد شاركهم في محاسنهم وما شاركوه في محاسنه ولقد بايع هذان الرجلان وما يريدان الله ؛ فاستحلا الفطام قبل الرضاع والرضاع قبل الولادة والولادة قبل الحمل وطلبا ثواب الله مِن العباد وقد زعما أنّهما بايعا مستكرهين ؛ فإنْ كانا استُكرها قبل بيعتهما وكانا رجلين مِنْ عرض قريش لهما أنْ يقولا ولا يأمرا ؛ ألا وأنّ الهدى ما كانت عليه العامّة والعامّة على بيعة علي فما ترون أيها الناس؟ فقام إليه الفذ النّبيل حكيم بن جبلة فخاطبه بمنطق الإيمان والحقّ والإصرار على الحرب , وجرت مناظرات بين الفريقين إلاّ أنّها لمْ تنته إلى خير وخطب طلحة والزبير وكان خطابهما الطلب بدم عثمان فردّ عليهما أهل البصرة ممّن كانت تأتيهم رسل طلحة بالتحريض على قتل عثمان وحمّلوه المسؤولية في إراقة دمه , وخطبت عائشة خطابها الذي كانت تكرره في كلّ وقت وهو التحريض على المطالبة بدم عثمان ؛ لأنّه قد خلص مِن ذنوبه وأعلن توبته ولكنّها لمْ تنهِ خطابها حتّى ارتفعت الأصوات ؛ فقوم يصدّقونها وقوم يكذّبونها وتسابّوا فيما بينهم وتضاربوا بالنعال واقتتل الفريقان أشدّ القتال وأعنفه وأسفرت الحرب عن عقد هدنة بينهما حتّى يقدم الإمام علي (عليه السّلام) ؛ وكتبوا بينهم كتاباً وقّعه عثمان بن حنيف وطلحة والزبير وقد جاء فيه بإقرار عثمان بن حنيف على الإمرة وترك المسلحة وبيت المال له وأنْ يباح للزبير وطلحة وعائشة ومَنْ انضمّ إليهم أنْ ينزلوا حيث شاؤوا مِن البصرة , ومضى ابن حنيف يقيم بالناس الصلاة ويقسّم المال بينهم ويعمل على نشر الأمن وإعادة الاستقرار في المصر إلاّ أنّ القوم قد خاسوا بعهدهم ومواثيقهم فأجمعوا على الفتك بابن حنيف.
ويقول المؤرّخون : إنّ حزب عائشة انتهزوا ليلة مظلمة شديدة الريح فعدوا على ابن حنيف وهو يصلّي بالناس صلاة العشاء فأخذوه ثمّ عدوا إلى بيت المال فقتلوا مِنْ حرسه أربعين رجلاً واستولوا عليه وزجّوا بابن حنيف في السجن وأسرفوا في تعذيبه بعد أنْ نتفوا لحيته وشاربيه , وغضب قوم مِنْ أهل البصرة ونقموا على ما اقترفه القوم مِنْ نقض الهدنة والنكاية بحاكمهم واحتلال بيت المال فخرجوا يريدون الحرب وكانت هذه الفئة مِنْ ربيعة يرأسها البطل العظيم حكيم بن جبلة فقد خرج في ثلاثمئة رجل مِنْ بني عبد القيس وخرج أصحاب عائشة وحملوها معهم على جمل وسُمّي ذلك اليوم الجمل الأصغر والتحم الفريقان في معركة رهيبة وقد أبلى ابن جبلة بلاءً حسناً.
ويقول المؤرّخون : إنّ رجلاً مِنْ أصحاب طلحة ضربه ضربة قطعت رجله فجثا حكيم وأخذ رجله المقطوعة فضرب بها الذي قطعها فقتله ولمْ يزل يقاتل حتّى قُتِلَ .
لقد أضاف القوم إلى نقض بيعتهم للإمام (عليه السّلام) نكثهم للهدنة التي وقّعوا عليها مع ابن حنيف وإراقتهم للدماء بغير حقّ ونهبهم ما في بيت المال وتنكيلهم بابن حنيف.
ويقول المؤرّخون : إنّهم قد همّوا بقتله لولا أنّه هدّدهم بأخيه سهل بن حنيف الذي يحكم المدينة مِنْ قبل علي (عليه السّلام) وأنّه سيضع السيف في بني أبيهم إنْ أصابوه بمكروه فخافوا مِنْ ذلك وأطلقوا سراحه فانطلق حتّى التحق بالإمام (عليه السّلام) في بعض طريقه إلى البصرة فلمّا دخل عليه قال للإمام (عليه السّلام) مداعباً : أرسلتني إلى البصرة شيخاً فجئتك أمرداً.
وأوغرت هذه الأحداث الصدور وزادت الفرقة بين أهل البصرة ؛ فقد انقسموا على أنفسهم ؛ فطائفة منهم تسللوا حتّى التحقوا بالإمام (عليه السّلام) وقوم انضمّوا إلى جيش عائشة وطائفة ثالثة اعتزلت الفتنة ولمْ يطب لها الانضمام إلى أحد الفريقين.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|