المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05



عبد الحميد الكاتب  
  
3964   08:27 صباحاً   التاريخ: 15-8-2021
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الأدب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة : ص:474-476
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2016 6300
التاريخ: 25-12-2015 3127
التاريخ: 19-06-2015 2207
التاريخ: 26-06-2015 3398

عبد الحميد (1) الكاتب

اسم أبيه يحيي بن سعيد، من موالي بني عامر بن لؤي، وهو فارسي الأصل. ويقول أكثر من ترجموا له إنه من أهل الأنبار بالعراق (2) وسكن الرقة. وكان في أول أمره يتنقل في القري معلما في كتاتيبها، وعرف في نفسه فصاحة ومهارة بيانية، فالتحق بديوان هشام بن عبد الملك، وأعجب به سالم فأصهر إليه، وما زال به حتي خرجه كاتبا لا يباري. وعرفه مروان ابن محمد، وكان عاملا لهشام، كما مر بنا، على أرمينية، فاتخذه كاتبا له. ولعلنا لا نخطئ في الحكم إذا قلنا إن ما أثبته الطبري من رسائل لمروان في ولايته الى هشام ومن تلاه من الخلفاء وإلي أبناء عمومته إنما كان بقلم عبد الحميد. ويتولي مروان الخلافة (127 - 132 هـ‍) فيصبح عبد الحميد رئيس ديوانه، وتتوالي رسائله الرائعة، وعبتا حاول أن يلم الشعث حين انقضت جيوش أبي مسلم من خراسان، حتي إذا هزم مروان في موقعة الزاب ولي وجهه معه الى مصر حيث قتلا معا في معركة بوصير.

وهكذا كان وفيا لمروان حتي الأنفاس الأخيرة من حياته. وزعم بعض الرواة أنه فر بعد موقعة الزاب على وجهه، واختفي مدة، ثم وقف عليه السفاح فأحضره وعذبه، حتي مات. وزعم آخرون أنه اختقي عند ابن المقفع قبل عثور السفاح عليه. وهي مزاعم لا تؤيدها الروايات الوثيقة، ولعل مما يدل

 

 

علي أنه قتل في مصر أننا نجد بها أبناءه وأحفاده، وقد استخدمهم بعض الولاة في دواوينهم (3)

وعبد الحميد بدون ريب أبلغ كتاب هذا العصر وأبرعهم، وقد سماه الجاحظ في بيانه عبد الحميد الأكبر، ونصح الكتاب أن يتخذوا كتابته نموذجا لهم (4)، وظلت شهرته مدوية على القرون حتي قيل: «فتحت الرسائل بعبد الحميد وختمت بابن العميد» وفيه يقول ابن النديم: «عنه أخذ المترسلون ولطريقته لزموا، وهو الذي سهل سبيل البلاغة في الترسل». وقد أجمع كثيرون على أنه أول من استخدم التحميدات في فصول الكتب، وكأنه تأثر في ذلك بتحميدات واصل وغيره من الوعاظ، وقد احتفظ كتاب المنظوم والمنثور لابن طيفور بطائفة منها لا تقل كما ولا كيفا عن تحميد واصل الذي مر بنا في أول خطبته المنزوعة الراء. ولا تلفتنا عند عبد الحميد براعته الأدبية في صنع رسائله فحسب، وإنما يلفتنا أيضا أنه تحول بطائفة منها الى رسائل أدبية بالمعني الدقيق لهذه الكلمة، محاكيا في ذلك ما كان يعرفه من رسائل الفرس الأدبية التي أثرت عن الساسانيين والتي يقال إنه كان أحد نقلتها الى العربية (5). وليس معني ذلك أنه وقف عند النقل والترجمة، فقد مضي يحاكي هذه الرسائل لا محاكاة طبق الأصل وإنما هذه المحاكاة التي تنتهي الى التمثل وصنع الأعمال الأدبية المبتكرة، من ذلك رسالته الى الكتاب (6) وهي رسالة عامة ليست موجهة الى شخص معين أو كاتب بعينه، إنما هي موجهة الى هذه الطائفة التي أصبح لها كيان واضح في حياة الدولة، وقد وصف فيها عبد الحميد صناعة الكتابة وأهمية الكتاب في تدبير الحكم وما ينبغي أن يتحلوا به من آداب ثقافية وأخري خلقية وسياسية تتصل بالخلفاء والولاة والرعية. ونحن لا نقرنها الى ما استهل به الجهشياري كتابه «الوزراء والكتاب» من وصايا كان يوصي بها ملوك الفرس ووزراؤهم الكتاب حتي نحس أن عبد الحميد تأثر هذه الوصايا في رسالته التي تعد دستورا دقيقا لوظيفة الكاتب وما عليه من حقوق للخلفاء والولاة وحقوق للرعية في سياستها

 

 

وضبط شئونها في الخراج وغير الخراج، ونراه يرسم فيها ما ينبغي أن يحسنه الكتاب من ضروب العلم والثقافة، يقول:

«فنافسوا، معشر الكتاب، في صنوف العلم والأدب، وتفقهوا في الدين، وابدءوا بعلم كتاب الله عز وجل، والفرائض، ثم العربية، فإنها ثقاف ألسنتكم، وأجيدوا الخط فإنه حلية كتبكم، وارووا الأشعار واعرفوا غريبها ومعانيها، وأيام العرب والعجم، وأحاديثها وسيرها، فإن ذلك معين لكم على ما تسمون إليه بهممكم. ولا يضعفن نظركم في الحساب، فإنه قوام كتاب الخراج منكم».

فهو يطلب إليهم أن يتجملوا بحلي العلم والأدب، ويصرح بأن عليهم أن يوسعوا ثقافتهم في الدين والفرائض حتي يقفوا على أحكام الشريعة فيما يتصل بمعاملة أهل الذمة ومعاملة المسلمين أنفسهم في شئون الخراج. وقد طلب أن يضيفوا الى ذلك إتقانا لعلم الحساب، وعين لهم الينابيع التي تعينهم على إحسان التعبير عما في أنفسهم وعلي رأسها القرآن الكريم ثم الأشعار ليعرفوا غريبها ومعانيها. ومضي فطلب إليهم أن يتثقفوا بتاريخ العرب، وتاريخ العجم وأحاديث ملوكها وسيرها، لينتفعوا بذلك في كتاباتهم السياسية. ونراه في تضاعيف رسالته يطلب الى الكتاب أن يؤلفوا بينهم ما يشبه النقابة في عصرنا، فقد حضهم على الأخذ بيد من ينبو به الزمان منهم ومساعدته، حتي يعود الى ما كان عليه من الرفه في العيش.

ولعبد الحميد بجانب هذه الرسالة رسالة في وصف الإخاء رواها ابن طيفور (7) وهي في رأينا تكملها، فقد عرض في رسالة الكتاب لأخوتهم وما ينبغي أن يجمعهم من إلف الوداد والصداقة، ومضي في هذه الرسالة يفصل الحديث في معني الإخاء وحاجة الأفراد إليه مبينا دعائمه التي تكفل له البقاء وتجعل حياة الناس صفاء مستحبا وعشرة عذبة، بما يبر به الأخ أخاه حين تنزل به عوارض الأقدار وحوادث الزمان. وبذلك تدخل الرسالة في هذا الضرب من الأدب الأخلاقي الذي شاع في بلاط الساسانيين، وصدر عنه ابن المقفع في كتابيه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ​

(1) انظر في عبد الحميد الوزراء والكتاب للجهشياري ص 72 وما بعدها ووفيات الأعيان لابن خلكان؟ ؟ ؟ الميمنية) 1/ 307 والفهرست ص؟ ؟ ؟ والمسالك والممالك للإصطخري؟ ؟ ؟ ص 145 والبيان والتبيين 1/ 8؟ ؟ ؟ ، 251، 3/ 29 وعيون الأخبار 1/ 26 والصناعتين للمسكري (طبعة الحلبي) ص 69 وصبح الأعشي 1/ 85، 10/ 195 واليتيمة للثعالبي (طبعة الصاوي) 3/ 137 والجزء الثاني من جمهرة رسائل العرب لأحمد زكي صفوت ومن حديث الشعر والنثر لطه حسين ص 40 وما بعدها.

(2) انظر الفهرست ص 170 حيث يقول إنه من أهل الشام.

(3) الجهشياري ص 82.

(4) رسائل الجاحظ نشر فنكل ص 42.

(5) الصناعتين ص 69 والبيان والتبيين 3/ 29.

(6) الجهشياري ص 73 وصبح الأعشي 1/ 85.

(7) انظر جمهرة رسائل العرب 2/ 434.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.