أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-27
192
التاريخ: 16-10-2014
1751
التاريخ: 29-04-2015
4668
التاريخ: 27-11-2014
1417
|
كان الخطّ العربي آنذاك مجرَّداً عن التشكيل ( علائم حركة الكلمة وإعرابها ) ، وبطبيعة الحال كان المصحف الشريف خلواً عن كلِّ علامة تشير إلى حركة الكلمة أو إعرابها .
بيْد أنَّ القرآن في الصدر الأوّل كان محفوظاً في صدور الرجال ومأموناً عليه من الخطأ واللحن ؛ بسبب أنَّ العرب كانت تقرأه صحيحاً حسب سليقتها الفطرية التي كانت محفوظة لحدّ ذاك الوقت ، أضف إلى ذلك : شدَّة عنايتهم بالأخذ والتلقّي عن مشايخ كانوا قريبي العهد بعصر النبوَّة ، فقد توفَّرت الدواعي على حفْظه وضبطه صحيحاً حينذاك .
أمّا وبعد منتصف القرن الأوَّل ـ حيث كثر الدُخَلاء وهم أجانب عن اللغة ـ فإنَّ السليقة كانت تعوزهم ، فكانوا بأمسّ حاجة إلى وضع علائم ودلالات تؤمِّن عليهم الخطأ واللحْن .
مثلاً : لفظة ( كتبَ ) كانت العرب تعرف بسليقتها الذاتيَّة ، أنَّها في قوله تعالى : {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] تُقرأ مبنيّاً للفاعل ، وفي قوله تعالى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } مبنيّاً للمفعول ، أمّا الرجُل الأعجميُّ فكان يشتبه عليه قراءتها معلومة أو مجهولة .
كما أنَّ أبا الأسود سمع قارئاً يقرأ : {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } [التوبة: 3] ـ بكسر اللام [في رسوله] ـ فقال : ما ظننت أنَّ أمر الناس آلَ إلى هذا ، فرجع إلى زياد بن أبيه ـ وكان والياً على الكوفة (50 ـ 53هـ) ، وكان قد طلب إليه أن يصنع شيئاً يكون للناس إماماً ، ويُعرَف به كتاب الله ، فاستعفاه أبو الأسود ، حتّى سمع بنفسه هذا اللحن في كلام الله ، فعند ذلك عزم على إنجاز ما طلبه زياد (1) ـ فقال : أفعل ما أمر به الأمير فليبغِ لي كاتباً مجيداً يفعل ما أقول ، فأتوه بكاتب من عبد قيس فلم يرْضَه ، فأتَوه بآخر وكان واعياً فاستحسنه .
قال أبو الأسود للكاتب : إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فأنقط نقطة فوقه من أعلاه ، وإن ضممت فمي فأنقط نقطة بين يدي الحرف ، وإن كسرت فاجعل النقطة من تحت الحرف (2) . وفي لفظ ابن عياض زيادة قوله : فإذا أتبعت ذلك غُنَّة فاجعل النقطة نقطتين ، ففَعل (3) .
وظلّ الناس بعد ذلك يستعملون هذه النقَط علائم للحركات ، غير أنَّهم ـ في الأغلب ـ كانوا يكتبونها بلون غير لون خطِّ المصحف ، والأكثر يكتبونها بلونٍ أحمر .
والظاهر أنَّ تبديل النقط السود إلى نُقَط ملوَّنة ، حدث بعد وضع الإعجام على يد نصر بن عاصم الآنف ، للفرْق بين النقطة التي هي علامة الحركة والتي هي علامة الإعجام .
قال جرجي زيدان : وقد شاهدنا في دار الكتب المصرية مصحفاً كوفياً منقَّطاً على هذه الكيفية ، وجَدوه في جامع عمرو بن العاص بجوار القاهرة ، وهو من أقدم مصاحف العالم ومكتوب على رقوق كبيرة بمِدادٍ أسود وفيه نُقَط حمراء اللون ، فالنقطة من فوق الحرف فتحة وتحتها كسرة وبين يديها ضمَّة ، كما وصفها أبو الأسود (4) .
وقد جرى بالأندلس استعمال أربعة ألوان للمصاحف هي : اللون الأسود للحروف ، واللون الأحمر للشَكل بطريقة النقَط ، واللون الأصفر للهمزات ، واللون الأخضر لألِفات الوصل (5) .
______________________
(1) يقال : إنّ زياداً هو الذي دبَّر هذه الطريقة ليجبر بها أبا الأسود على قبول ما طلبه منه ، فأوعز إلى رجُل من أتباعه أن يقعد في طريق أبي الأسود ويتعمَّد اللحْن في القراءة . ( الخطّ العربي الإسلامي لتركي عطية : ص26 ، الخطّ الكوفي ليوسف أحمد : ص23 ) .
(2) الفهرست لابن النديم : ص46 الفَن الأوّل من المقالة الثانية .
(3) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام للسيد حسن الصدر : ص52 .
(4) تاريخ التمدّن الإسلامي : ج3 ، ص61 .
(5) الخطّ العربي الإسلامي لتركي عطية : ص27 نقلاً عن عثمان بن سعيد الداني في كتابة ( المقنع ) ، تاريخ القرآن لأبي عبد الله الزنجاني : ص68 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|