مشاركة التواليات القصيرة في التطور

 اضافة الى قابلية التواليات القصيرة في اعطاء بعض المرونة للأحياء للتطبع والتكيف مع البيئة التي تعيش فيها، فهي يمكن ان تساهم في عمليات تطور الاحياء.

والحقيقة ان عمليات تطور الاحياء والانواع البكتيرية منها لا تمثل عملية مستمرة  وانما تتخللها احداث تؤدي الى عدم استمرارية وهذه الاحداث تقود الى تسلسل غير متدرج من حيث التطبع لبيئة ما. فمثلا وجود الجزر الامراضية دلالة على عدم الثباتية الوراثية وعدم الاستمرارية، فهذه الجزر تكون موجودة في بعض الانواع وقد تكون مفقودة في أنواع اخرى، اضافة الى الانتقال الافقي للجينات والتحول الطبيعي ووجود القافزات Transposons. كما ان عدم الاستمرارية يمكن ان تأتي من التغاير الحاصل في التعبير عن الجينات والتي تتحور، اضافة الى امكانية التعبير عن الجينات الصامتة نتيجة لعمليات اعادة الترتيب الوراثي.

كل هذه الاحداث تصب بمجملها في تطور الميكروبات السريع والتي تعتمد بشكل جزئي على التأثيرات البيئية وذلك لان مناطق التواليات القصيرة تكون ذات تغاير عالي وهذا التغاير يؤدي الى تغيير في جزيئات DNA نفسها وبالتالي الى تغيير Genetic repertoire (الذخيرة الجينية) للكائن المجهري ومن ثم تطور النوع. والانواع البكتيرية تستفاد من هذه التغييرات للحصول على فوائد انتقالية في حياتها مثل المقاومة للمضادات الحيوية في الانواع الممرضة.

علاقة التواليات القصيرة بالامراضية :

تعد عملية استعمار البكتريا لأنسجة المضيف الخطوة الأولى التي تقود الى حدوث الاصابة والمرض، وتبدأ العملية بتداخلات فيزيوكيمياوية، اما في المراحل المتأخرة فان ثباتية التداخل بين البكتريا وخلايا المضيف تحدد بمدى التداخل بين اللاصقات الخاصة والمستلمات. وقد طورت البكتريا العديد من الوسائل لضمان الالتصاق بقوة الى الخلايا الطلائية.

فتعد الشعيرات الجنسية Pili من التراكيب المهمة لأداء هذه الوظيفة. وبعد الاستعمار الاولي للبكتريا على خلايا المضيف تبدأ الغزو والذي يتم بسلسلة من الاحداث تنتهي بحدوث المرض ومنها حدوث الالتهابات وتدمير الانسجة وحدوث الاستجابة المناعية وكل هذه تؤثر في النهاية على المضيف والبكتريا، ووجود التواليات القصيرة وتغايراها تؤثر على الضراوة، واحتواء الجينات المسئولة عن الضراوة على التواليات القصيرة يؤدي الى ظهور معدل عالي من الطفرات مما يساعد البكتريا على التفاعل بسرعة مع الظروف البيئية المؤذية لها. والتغاير يبدو أنه غير معتمد على recA ولكن بآلية اخرى قد تكون مشابهة للتبادل الكروماتيدي الشقيقي في الخلايا حقيقية النواة والأكثر احتمالا هي من SSM.

دراسة التواليات القصيرة في بعض البكتريا المهمة

درست هذه التواليات في بعض البكتريا المرضية وذلك لعلاقتها بالمقاومة للأدوية كما يمكن استعمالها في الدراسات الوبائية ومن هذه البكتريا :

Mycobacterium tuberculosis : وهذه البكتريا معروفة بان جينومها يحوي على عدد من التواليات المكررة المنتشرة واكــــــــــــــثر هـــــــــــــــــذه المكررات هـــــــــــي تواليات الاقحام (IS) Insertion sequence وتكو غنية بـ CG وكل مكرر يحوي على 36 زوج قاعدة، اضافة الى وجود تواليات متغايرة هي (Polymorphic GC - rich repetitive sequence) PGRS اضافة الى وجود التواليات القصيرة SSR البسيطة مثل احتواء Mb. Leprae على 21 من متواليات CTA.

Mycoplasmas : توجد منطقتين رئيسية للتواليات القصيرة قرب جينات المسئولة عن اللاصقات وهذا يشير الى ان التواليات القصيرة توجد قرب او في الجينات المسئولة عن الضراوة في هذه الاحياء.

وتوجد فيها بعض التواليات التي تؤدي الى تغير المستضدات، كما ان جينات هذه المستضدات يمكن ان تفتح او تغلق بواسطة تغير هذه التواليات في الجين الممهد للمستضدات. اضافة الى وجود تواليات في جينات اخرى. فالأنواع My. genitalium تحوي على 11 من التواليات المكونة CTA.

Staphylococcus aureus : تحوي على تواليات في الجينات المسئولة عن تخليق البروتينات المرتبطة بالأغشية، وتكون متجاورة يطلق عليها MSCRAMMs (Microbial surface component recognizing adhesive matrix molecules) هذه لها القابلية للارتباط بعدد من الجزيئات الكبيرة على سطوح خلايا المضيف مثل الكولاجين، الايلاستين و Thrombospodin و Vitronectin و Laminin و Fibronectin وغيرها. فمثلا بروتين انزيم التخثر الذي هو من الصفات المظهرية الواضحة للبكتريا Staph. aureus المرضية يحوي العديد من التواليات القصيرة.

Streptococci : تحوي على البروتين M  وهو احد عوامل الضراوة ويساعد الخلايا في مقاومة الابتلاع  من قبل خلايا الجهاز المناعي، ويشفر له بالجين emm الذي وجد انه يحوي عددا من التواليات القصيرة. ولذلك فالبكتريا قادرة على تغيير البروتينات خاصة بروتينات الضراوة بواسطة تغيير مكونات التواليات القصيرة وبذا تكون هذه وسيلة لتجنب الجهاز المناعي.

وفي St. pneumonia توجد منطقة التواليات المعروفة بـ BOX التي توجد قرب بعض الجينات المسئولة عن عوامل الضراوة ولها تأثير فاعل في السيطرة عليها. اضافة الى اشتراك BOX في ظاهرة التأهل Competence التي تظهر على البكتريا لقبط DNA الخارجي ضمن طريقة التبادل للمعلومات الوراثية المعروفة بالتحول Transformation. وتستعمل تواليات BOX في عمليات التنميط الجزئي لسلالات هذه البكتريا.

Haemophilus influenza : ويوجد فيها تواليات قصيرة مكونة من 4 نيوكليوتيدات تشترك في اظهار ضراوة البكتريا ولذلك فان جينات الضراوة يمكن ان تشخص مباشرة من وجود هذه التواليات. وتشمل الجينات المسئولة عن تكوين LPS واللاصقات وانزيم Glycosyltransferase والجين المسئول عن البروتين الرابط للحديد.

Neisseriae : تحوي على حوالي 26 نوع من التواليات وبنسخ متعددة سميت Ngrep في N. gonorrhoeae و N. meningitides. وهذه التواليات تؤدي الى تغاير الطور اذ تؤثر على LPS في N. gonorrhoeae ليساعدها في الهروب من الجهاز المناعي ويمكنها من الانتقال عبر العديد من الحواجز. كما ان بعض هذه التواليات ترتبط بجينات لبروتينات السطح مثل الشعيرات Pili وبروتينات العتمة Opacity proteins، ومن هذه التواليات التي حددت هي وجود 9 من مكررات CTA. وتكون السيطرة على التراكيب الخلوية المذكورة بحصول حرف في هذه التواليات أي أنها تعمل في مجال التنظيم ويقع بعضها في المنطقة بين 10 – و 35 – من مكونات الممهد.

Enterococcus faecalis  : تعاني البكتريا من تغير الطور Phase variation اي تغير مظهر المستعمرات ويحدث ذلك نتيجة للتغيرات الحاصلة في التواليات القصيرة، وقد تنقل هذه التواليات من البلازميدات.

المصادر

الخفاجي , زهرة محمود (2008) . التقنية الحيوية الميكروبية (توجهات جزيئية ) . معهد الهندسة الوراثية والتقنية الحيوية . جامعة بغداد .