أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2020
1940
التاريخ: 18-10-2021
3016
التاريخ: 19-11-2021
2153
التاريخ: 2-1-2017
2548
|
الموصلية الفائقة
شهد مطلع القرن العشرين قدراً كبيراً من التكهنات حول سلوك المواد ، بما في ذلك ما يتعلق بمقاوميتها عند درجات حرارة تقترب من الصفر المطلق. ولنبدأ باسترجاع بعض ما عرفناه ــ بإيجاد ـت عن المقاومية او المقاومة النوعية. أن المقاومية تنشأ من التصادمات بين الإلكترونات التي تكون التيار الكهربي وذرات المادة الموصلة. وعندما تتحرك الإلكترونات خلال الموصل ، فإن ما يحصلون عليه من طاقة بواسطة القوة الدافعة الكهربية في الدائرة ، تتحول إلى طاقة حرارية بفعل هذه التصادمات. أن مقاومية معظم المواد الموصلة تتناقص بانخفاض درجة الحرارة. وهنا نتساءل ، "هل تهبط المقاومية إلى الصفر لو ان الموصل يمكن تبريده حتى الصفر المطلق 0 K".
وكانت ادنى درجة حرارة متاحة في المعمل حتى عام 1908 هي ما يوفرها الهيدروجين السائل ، الذي يكون سائلاً تحت الضغط الجوي من نحو 20 K إلى ما يقرب من 14 K حيث يأخذ الهيدروجين في التجمد. وقد أشارت الدلائل عند درجات حرارة ادنى من 25 K إلى ان مقاومية كثير من الفلزات تستمر في الانخفاض بانخفاض درجة الحرارة ، وإن كان معدل الانخفاض يكون أبطأ مما يحدث عند درجات الحرارة الأعلى. ثم حدث فتح كبير للوصول إلى درجات حراة أدنى ، خلال عام 1908 عندما نجح الفيزيائي الهولندي كامرلنج أونس في إسالة الهليوم عند درجة حرارة 4.2 K.
وفي عام 1911 أنجر أونس اكتشافه المبهر بأنه بدلاً من مواصلة الانخفاض المنتظم عند درجات حرارة الهليوم السائل ، فإن مقاومية الزئبق هبطت فجأة (بمعامل يزيد على106 في مدى من انخفاض درجة الحرارةΔT = 0.01K ) إلى الصفر عند درجة حرارة تبلغ 4.15 K وقد وصف أونيس هذا الانتقال بأنه حالة جديدة للزئبق ــ وهي حالة التوصيل الفائق. وقد بات واضحاً في ما تلي ذلك من سنوات ان معظم الفلزات وعدداً كبيراً من السبائك تظهر هذا النوع من الانتقال المفاجئ إلى المقاومية الصفرية عند درجات حرارة مختلفة ( تسمى درجات الحرارة الحرجة ،Tc).
ثم مضى أونيس في عمله فابتكر اختباراً حساساً للغاية يمكنه من تحديد ما إذا كانت مقاومية الموصل الفائق صفراً فعلاً أم أنها صغيرة المقدار جداً. وقد أنشأ تياراً داخل حلقة من الرصاص باستخدام الحث المغناطيسي. فلو أن مقاومية الرصاص لم تكن في الحقيقة صفراً ، لتوقعنا ان يضمحل التيار ليصل في النهاية إلى الصفر نظراً لأن طاقة حركة الإلكترونات ستتحول بالتدريج إلى طاقة حرارية للرصاص. على أن أونيس كان غير قادر على اكتشاف أي انخفاض في تيار الحلقة طوال فترة امتدت عدة ساعات وقد أعيدت هذه التجربة عدة مرات بواسطة باحثين مختلفين منذ ذلك الوقت ، وقد لوحظ أن التيارات المارة في الحلقات فائقة التوصيل ظلت موجودة على امتداد سنوات كثيرة دون انخفاض ملحوظ. ولهذا نستنتج ان الانخفاض المفاجئ في المقاومية والذي يحدث عندTc إنما يصل بها إلى الصفر حقيقة.
ولم يظهر تفسير نظري متكامل للموصلية الفائقة ، مبنى على ديناميكا الإلكترونات إلا عام 1957 على أيدي ج. باردين ، ل. كوبر ، ج. شريفر الذين كانوا معاً في جامعة ألينوى ، وقد تقاسموا جائرة نوبل عام 1972 في الفيزياء لقاء نظريتهم التي أصبحت تعرف باسم نظرية BCS (وهو الحروف الأولى من أسمائهم). وكما هو الحال بالنسبة لمعظم الحلول الناجحة للمشكلات الفيزيائية في القرن العشرين ، فإن نظرية BCS تقوم على مبادئ نظرية الكم.
عندما يتحرك إلكترون ما خلال موصل فإنه يتفاعل مع الذرات القريبة منه متغيراً من مواضعها بدرجة طفيفة ، ومتسبباً في اهتزازات موضعية في شبيكة الموصل (وهي من جانب الذرة أثناء هذا التفاعل تشتت اتجاه حركة الإلكترون ؛ لاغية بذلك إسهام الإلكترون ــ مؤقتاً ــ في التيار المار داخل الموصل. وعندما يكون الفلز في درجات الحرارة "المعتادة" فإن الاهتزازات الموضعية تنقسم بسرعة وتتشتت خلال الفلز ، مما ينشأ عنه ارتفاع في الطاقة الحرارية للفلز وهو ما أشرنا إليه من قبل على إنه تسخين جول.
وطبقاً لنظرية BCS ، فعندما تكون درجة حرارة الفلز أدنى منTc فإن طاقة اهتزازات الشبيكة التي سببها إلكترون واحد ترتد سريعاً ( في غضون10-12s عادة) إلى إلكترون آخر بدلاً من اقتسامها وتشتتها خلال الموصل. ويعني هذا أن تظل الطاقة الكلية للإلكترونات الحاملة للتيار ثابتة ، ولا يحدث احتجاج للطاقة من جانب ذرات الموصل ، ولا يكون هناك بالتالي تسخين جول. كما يعني أن التيار الذي تحمله الإلكترونات بشكل جماعي لن يضمحل ومن ثم تكون مقاومية الموصل صفراً.
على أن عملية تبادل الطاقة في منظومة الإلكترون ــ الشبيكة ــ الإلكترون لا يمكن شرحها في إطار النظرية الكلاسيكية.. وتكون نتيجة تبادل الطاقة هي خلق تفاعل تجاذبي بين الإلكترونين المشتركين في العملية. وتبلغ المسافة بين الإلكترونين المتفاعلين ــ وبشار إليهما كزوج مترابط ـت نحو 1μm (وهي مسافة كبيرة جداً إذا قورنت بمتوسط التباعد بين الإلكترونات في الفلز) كما تكون كميتها تحرك الإلكترونين الخطيتين متضادتين وكذلك تكون كميتا تحرك الإلكترونين الدورانيتين الزاويتين ( المغزليتين) متضادتين. وحيث ان التفاعل بين أي إلكترونين حرين يكون تنافرياً من خلال قوة كولوم فإن الزوج المترابط تكون طاقته أقل من طاقة إلكترونين غبر مترابطين. ومع اقتراب درجة حرارة الموصل من الصفر المطلق ، فإن الاهتزازات الحرارية للشبيكة تصبح من الضعف بحيث لا تقوى على كسر الارتباط بين الإلكترونات وتصبح كل إلكترونات التوصيل خلال الموصل بأكمله عبارة عن أزواج مترابطة وفي هذه الحالة ، لن يكون هناك تبادل للطاقة بين ذرات الشبيكة والإلكترونات ولهذا تصبح مقاومة الموصل صفراً في الحقيقة.
هناك عدد كبير جداً من التطبيقات العلمية لظاهرة التوصيل الفائق ؛ وسيكون فهمها أفضل بعد دراسة المغناطيسية. وعلينا في نفس الوقت أن نلاحظ أن درجات الحرارة الحرجة بالغة الانخفاض والمرتبطة بالتوصيل الفائق ، تتطلب الهليوم السائل كمبرد ، كما أن الوصول إليها والمحافظة عليها باهظ التكاليف. ومنذ ان اكتشف أونيس لأول مرة ظاهرة التوصيل الفائق ، فغن البحث قائم باستمرار سعياً وراء مواد ذات درجات حركة أكبر وأكبر حتى تصبح التطبيقات المهمة متاحة بشكل اكبر. وقد كان من الأهداف الواضحة إيجاد مواد ذاتTc فوق درجة غليان النيتروجين ، لأن النيتروجين السائل ، الذي يمكن الحصول عليها من الجو بتكلفة معقولة ، يمكن استخدامه عندئذ كمبرد. والنيتروجين السائل يغلى عند 77 K تقريباً عند ضغط مقداره ضغط جوي واحد ، وهي درجة حرارة أكبر بكثير من أي درجة حرجةTc عرفت قبل منتصف الثمانينيات من القرن العشرين.
وبدءاً من الاكتشاف الذي تم عام 1986 على أيدي ك. أ. موللر. ج. ج. بدنورز ، فإن أنواعاً جديدة من الأكاسيد الخزفية ذات الدرجات الحرجة فوق 77 K، قد صارت هدفاً للبحوث المستفيضة. وتمتلك بعض هذه المواد موصلية فائقة عند درجات حرارة تصل إلى 120 K أو أكبر منها بقليل. ويشعر كثير من الباحثين أن قيماً أعلى من هذه للدرجات الحركة يمكن الوصول إليها وأن الكثير من تطبيقات التوصيل الفائق سيصبح عملياً في المستقبل القريب. على أن آخرين يشعرون أن هناك كثيراً من العوائق لا زال قائماً ، مشيرين بذلك إلى أن الأكاسيد الخزفية هشة ولا يمكن سحبها لصناعة الأسلاك أو تشكيلها بسهولة لصنع أدوات مفيدة. وعلى أية حالة فالبحث عن موصلات فائقة ذوات درجات مرتفعة سيبقى غالباً دؤوباً وبشدة خلال القرن القادم.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|