المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



نابغة بني شيبان  
  
5557   09:52 مساءاً   التاريخ: 30-12-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص685-688
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-2-2018 2671
التاريخ: 28-06-2015 6243
التاريخ: 26-06-2015 2701
التاريخ: 24-7-2016 4059

هو عبد اللّه بن المخارق بن سليم بن خضيرة من بني ربيعة بن ذهل ابن شيبان بن ثعلبة من بني بكر بن وائل من بني أسد بن ربيعة بن نزار. و هو شاعر أمويّ مدح عبد الملك بن مروان (65-86 ه‍) و الوليد بن عبد الملك ثم أدرك الوليد بن يزيد (125-126 ه‍) و مدحه أيضا.

قال أبو الفرج الاصفهاني (غ 7:106) : «و كان، فيما أرى، نصرانيا لأنّي وجدته في شعره يحلف بالإنجيل و الرّهبان و بالأيمان التي يحلف بها النصارى» . و اعتمد الأب لويس شيخو هذه الجملة-و جملة للصّفديّ في «الوافي بالوفيات» هي «قيل: إنه كان نصرانيا» ، ثم على غضبة لعبد العزيز بن مروان على نابغة بني شيبان أشار اليه فيها بأنه «ابن النصرانية» - فجعله من شعراء النصرانية بعد الاسلام (ص 137-162) .

على أن الذي يبدو من الديوان أن نابغة بني شيبان كان مسلما. و أما الجملتان الواردتان في الأغاني و في الوافي بالوفيات للصّفدي ثم الجملة المروّية عن عبد العزيز بن مروان فيمكن أن تدلّ على أن نابغة بني شيبان نشأ نصرانيا ثم انتقل إلى الاسلام. ففي ديوانه مثلا (ص 17) :

و تعجبني اللّذّات، ثم يعوجني... و يسترني عنها من اللّه ساتر (1)

و يزجوني الاسلام و الشيب و التقى... و في الشيب و الاسلام للمرء زاجر

و مثل هذه الاشارات الاسلامية كثيرة في ديوان نابغة بني شيبان، كقوله مثلا: «خير الجبال حراء (2)» .

و لمّا مدح نابغة بني شيبان الخليفة الوليد بن عبد الملك أشار إلى فتح طرندة، و هي بلدة في أواسط آسية الصّغرى، على يد مسلمة بن عبد الملك فأشار إلى الروم عامة و خاصة فقال (ديوان 52-53) :

يا أيها الأجدع الباكي لمهلكهم... هل بأس ربّك عمّن رام مصروف (3)

تدعو النصارى لنا بالنصر ضاحية... و اللّه يعلم ما تخفي الشراسيف (4)

قلعت بيعتهم عن جوف مسجدنا... فصخرها عن جديد الارض منسوف (5)

كانت إذا قام أهل الدين فابتهلوا... باتت تجاوبنا فيها الأساقيف (6)

أصوات عجم إذا قاموا بقربتهم... كما تصوّت في الصبح الخطاطيف (7)

فاليوم فيها صلاة الحقّ ظاهرة... و صادق من كتاب اللّه معروف

نابغة بني شيبان شاعر بدويّ طويل النفس، في ديوانه عشرون قصيدة اثنتا عشرة منها تزيد على خمسين بيتا منها اثنتان تعدّان مائة و أحد عشر بيتا و مائة و أربعة عشر بيتا. و شعره كثير الغريب مع سهولة في التركيب عموما و مع شيء من اللين أحيانا. و أغراضه الفخر و المديح. و يكثر في ديوانه الغزل و وصف الخمر و الأدب (الحكمة) و له شيء من الهجاء. و بعض قصائده وجدانية لا تختصّ بمدح أو هجاء، بل يكثر فيها الوصف و الحكمة و الزهد. و الاثر الديني في شعر نابغة بني شيبان بارز جدا. و له معان دينية و اقتباس من القرآن الكريم (راجع الأمالي 2:272) .

المختار من شعره:

- قال نابغة بني شيبان يمدح الوليد بن يزيد (125-126 ه‍) . و نجد في هذه القصيدة أبياتا كثيرة الغريب إلى جانب أبيات لا غريب فيها، كما نجد فيها المعاني البدوية الجافية إلى جانب المعاني الحضرية العادية السائرة. و العنصر الديني في هذه القصيدة بارز جدا، و المديح فيها يسير عاديّ:

آذن اليوم جيرتي بارتحال... و ببين مودّع و احتمال

و انتضوا أينق النّجائب صعرا... أخذوها بالسير في الإرقال (8)

و علوا كلّ عيهم دوسريّ... أرحبيّ يبذّ وسع الجمال (9)

كلّ عيش و لذّة و نعيم... و حياة تودي كفيء الظلال (10)

كفّني الحلم و المشيب و عقلي... و نهى اللّه عن سبيل الضلال

و أرى الفقر و الغنى بيد اللّه... و حتف النفوس في الآجال

و بعد أن يطيل الشاعر في الكلام على أحوال الحياة، و بعد أن يتبسّط في وصف الفلاة و الناقة يقول عن ناقته:

تنتوي من يزيد فضل يديه... أريحيّا فرعا سمين الفعال (11)

حكميّا بين الاعاصي و حرب... أبطحيّ الأعمام و الأخوال (12)

أمّه ملكة نمتها ملوك... و هي أهل الإكرام و الإجلال (13)

أعطي الحلم و العفاف مع الجو... د و رأيا يفوق رأي الرجال

يقطع الليل آهة و انتحابا... و ابتهالا للّه أيّ ابتهال (14)

______________________

1) يعوجني: يردني.

2) ديوان 51. حراء: جبل قرب مكة كان يتعبد فبه محمد عليه الصلاة و السلام قبل البعثة.

3) الاجدع: المقطوع الأنف.

4) ضاحية: ظاهرة، متظاهرة. الشراسيف: غضاريف تصل الاضلاع بالكتف، يقصد: الصدر.

5) البيعة (بكسر الباء) : معبد النصارى، الكنيسة.

6) أهل الدين: المسلمون. ابتهلوا: دعوا اللّه. الأساقيف جمع أسقف: رئيس النصارى. تجاوبنا (هنا) : تقطع صلاتنا.

7) العجم جمع أعجم: لا يفصح، غير العربي. هذا يدل على أن نابغة بني شيبان لم يكن مسيحيا قط، و الا لفهم كلام الاساقفة الذي كان بالسريانية، و كانت السريانية لغة الكنائس و لغة الكثيرين من النصارى في حياتهم اليومية. و لا يزال أهل معلولا، في الشام، يتكلمون اللغة السريانية. القربة: العمل الذي يتقرب به الانسان من اللّه، الصلاة. الخطاف: طائر أسود صغير.

8) انتضى: جرد (و هنا معناها: أخرج الدابة و أسرجها استعدادا للسفر) . أينق جمع ناقة. النجيبة: الأصيلة. الصعراء: الناقة في عنقها أو جنبها ميل (شديدة البناء قوية فتية) . الارقال: السير صعدا بسرعة.

9) علوا: ركبوا. العيهم: (الجمل) الشديد السريع. الدوسري: الضخم.

10) أودى يودي: هلك، زال. كفيء الظلال: كرجوع الظل (أي بمقدار انتقال الظل من الغرب إلى الشرق، نصف النهار) .

11) انتوى: قصد. الاريحي الكريم الذي يسر بصنع المعروف. الفعال (بالفتح) الكرم، العمل النبيل.

12) حكميا بين الأعاصي: من نسل عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص. و حرب: منتسب أيضا إلى أبي سفيان بن حرب (يقصد: جمع النسب الأموي من جانبيه العظيمين) . أبطحي الاعمام و الأخوال: نسله من قبل أبيه و أمه من البطحاء (مكة) .

13) نمتها: رفعتها (في النسب) -هي تنتسب إلى ملوك.

14) آهة: توجعا (من الذنوب) ، انتحابا: بكاء (حزنا على ما أذنب في الحياة) . ابتهالا: دعاء (للّه) كي يعفو اللّه عنه.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.