أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-12-2015
1548
التاريخ: 16-12-2015
1141
التاريخ: 14-12-2015
976
التاريخ: 17-12-2015
1069
|
قال تعالى : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا اولَئِكَ اصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ}.(البقرة/ 39)
تطالعنا الآية بكلمة «الخلود» المعروفة، فتقول : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا اولَئِكَ اصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ}.
هذا في وقت صَرّحت فيه بعض الآيات القرآنية الاخرى بكلمة «الأبدية» بعد كلمة الخلود وهو ما يُعَدُّ تأكيداً لها، ومن جملة ذلك قوله تعالى : {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَانَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ابَداً}. (الجن/ 23)
وجاء نفس هذا المعنى أيضاً في الآية (45) من سورة الأحزاب، حيث اقترنت كلمة الأبدية بكلمة الخلود.
وقد وردت كلمة الخلود في نار جهنّم في آيات كثيرة من القرآن الكريم، فمنها ما ورد وصفاً مثل «خالدون» و «خالدين»، ومنها ما ورد على صيغة الفعل كما في سورة الفرقان التي أشارت إلى مضاعفة العذاب على المشركين والقتلة والزُناة وقالت : {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} الفرقان/ 69) .
وورد هذا العنوان أحياناً كقيد للعذاب، كما جاء في قوله تعالى : {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الخُلْدِ} (يونس/ 52).
وجاءت كلمة «الخلود» بصيَغها المختلفة (فعلًا، ووصفاً، ومصدراً) بخصوص عذاب النّار أكثر من ثلاثين مَرّة في القرآن الكريم، وتأكيده على هذه الكلمة له مفهوم خاص سيتّضح سببه في البحوث القادمة بمشيئة الباري عزّ وجلّ.
وقد وردت هذه الكلمة أيضاً بخصوص نعم الجنّة في آيات كثيرة من القرآن الكريم والتي سبقت الإشارة إليها في بحث نِعَم الجنّة.
لنرى الآن ما معنى «الخلود» في اللغة، وما معناه عند المفسّرين :
فسَّر لسان العرب كلمة الخلود بمعنى دوام البقاء في دار لا يخرج منها واطلق للآخرة (دار الخلد) لبقاء أهلها فيها.
وفي مقاييس اللغة ذكر معنىً واحداً لأصل الكلمة وهو الثبات والبقاء والتلازم.
وورد نفس هذا المعنى أيضاً في «صحاح اللغة» وكتب اخرى.
لكن الراغب قال في «المفردات» : إنّ معناها الأصلي هو تبرّي الشيء من عروض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها، وكل ما يتباطأ عنه التغيير والفساد تصفه العرب بالخلود، ويقال للذي يبقى مدة طويلة، وفيه قيل : رجل مخلّد لمن أبطأ عنه الشيب.
وعلى كل الأحوال نستخلص من مجموع كلمات أصحاب اللغة رأيين مختلفين.
الأول : هو المعنى الدال على الدوام والبقاء والأبدية، وإن اطلق على طول العمر فهو من باب التشبيه ليس إلّا.
والثاني : طول العمر، وإذا اطلق على الدوام والأبدّية فهو من باب البيان المطلق.
وللمفسرين أيضاً آراء مختلفة في هذا الصدد.
فقد صَرّح بعضهم : إنّ «الخلود» هنا يعني الاستمرار والدوام الذي لا انتهاء له مطلقاً «1».
وقال آخرون إنّ معناه الحقيقي هو الاستمرار والتواصل والدوام ومعناه المجازي المدّة الطويلة، أمّا الاستخدام القرآني للكلمة فهو بالمعنى الأول «2».
وذكر بعضهم نفس هذا المعنى بتعبير آخر وهو أنّ الخلود في اللغة يعني المكث الطويل كما هو الحال في قولنا للسجن المؤبد والفترات الطويلة الأمد، فنقول مثلًا خُلِّد فلان في السجن، أمّا في لسان الشرع فيعني الأبدية «3».
وجاء في تفسير المنار أنّ فتح باب تأويل الخلود أدى إلى جرئة أصحاب استقلال الفكر في هذا الزمان على الدخول فيه والقول إنّ معنى خلود الكافرين في العذاب طول مكثهم فيه، لأنّ اللَّه الرحمن الرحيم، الذي سبقت رحمته غضبه ما كان ليعذب بعض خلقه عذاباً باق لا نهاية له «4».
ويقول البعض أيضاً : رغم أنّ الكفرة والمعاندين الطغاة المتمّردين الذين استشرت الذنوب في صميم كيانهم يبقون في النّار، إلّاأنّ جهنّم لا تبقى دوماً على حال واحدة فلابدّ أن تبلغ اليوم الذي تخمد نارها ويرتاح أهلها.
وقد احتمل أيضاً أنّ أهل النّار سيعتادون بمرور الزمن على شدّة حرارة النّار وكثرة العذاب ويتلاءمون بالتدريج مع وضع جهنّم فلا يبقى لديهم أي شعور بالألم!
إلّا أنّ أمثال هذه الاحتمالات مرفوضة من قبل علماء الإسلام ومفسري القرآن لأنّها تتعارض وصريح الآيات القرآنية، إضافة إلى أنّ الآيات التي قرأناها لم تقتصر عباراتها على ذكر كلمة الخلود فحسب حتّى تتحمل مثل هذه التأويلات بل توجد إضافة إليها تعابير اخرى وردت وهي لا تحتمل مثل هذه التأويلات، (فتأمل).
وخلاصة القول هي أنّ العجز عن حل مشكلة الخلود في العذاب، قد دفع البعض فيما يبدو إلى الميل لمثل هذه التأويلات غير الصائبة، وإلّا فدلالة الآيات القرآنية والروايات الإسلامية بالنسبة لخلود العذاب لمجموعة من المجرمين مسألة لا تقبل النقاش.
______________________
(1). الطبرسي في مجمع البيان.
(2). تفسير القرطبي، ج 1، ص 207.
(3). تفسير المراغي، ج 1، ص 69.
(4) تفسير المنار، ج 1، ص 364.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|