أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-10-2014
2589
التاريخ: 15-10-2014
4577
التاريخ: 15-10-2014
3476
التاريخ: 14-10-2014
4240
|
لهذا التفسير ، ثلاثة أسماء :
أ- تفسير الطبري ، من باب تسمية الأثر باسم المؤثر .
ب- جامع البيان في تفسير القرآن ، وهذا الاسم مكتوب على بعض طبعاته .
ج- جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، وهذا الاسم ذكر في كتاب تاريخ الأمم والملوك تأليف الطبري ، وفي الحقيقة أن المؤلف سمى تفسيره بهذا الاسم فقط (1).
كما نجده على بعض طبعاته ايضاً .
قيل : إن الطبري استعمل كلمة " التأويل " في اسم كتابة ؛ لأنه يريد بالتأويل درجة بعد التفسير ، خلافاً لقول بعض العلماء إن التفسير والتأويل مترادفان ، بينما يرى أكثر المتأخرين ، أن التفسير بيان المعاني التي تستفاد من وضع العبارة ، أو انه يرجع الى معرفة المعنى بالنقل والرواية ، وأن التأويل بيان المعاني التي تستفاد بطريق الإشارة ، أو : أنه معرفة المعنى بالاجتهاد والاستنباط والرأي ، وترجيح محتملات اللفظ ، والاستدلال على ذلك بالأدلة المختلفة العقلية والنقلية والتاريخية واللغوية ، واستنباط الأحكام وتحديد العقيدة ، وبيان المراد من النص ، وهذا ما أراده الطبري رحمه الله ، فالتفسير عنده مقدمة للتأويل (2).
ولكن لإثبات صحة هذا المقال ، لابد ان ننظر الى نفس جامع البيان ، فنرى فيه أنه يفسر التأويل بالتفسير ، فيقول : ومعنى التأويل في كلام العرب : التفسير ، وايضاً يفسر جملة { وما يعلم تأويله إلا الله } ، ويقول : وما يعلم وقت قيام الساعة ، وكل ما هو كائن إلا الله (3) .
فحينما نلاحظ ما ذكرناه آنفاً ، ونلاحظ أنه يقسم التفسير الى ثلاثة أقسام ، ويجعل قسماً منها : ما اختص الله وحده بعلمه فلم يطلع عليه أحداً من خلقه ، كوقت قيام الساعة (4) ، يمكن القول بأن التفسير والتأويل عنده بمنزلة سواء .
ولكن بما أن منهجه روائي ومختلط بالقليل من الاجتهاد ، وفي ذلك الوقت لم تكن المناهج الأخرى مقبولة لدى الكثيرين ، وأراد أن يذكر في تفسيره ، آراء أخرى غير ما سلكه من كان قبله من المفسرين بهذا المنهج ، واستفاد من العقل والسياق ، ومن الأشعار والمفردات العربية ، فرأى أن التأويل أنسب لقبول الآخرين ، وأقوى لسكوت المخالفين ، فلا يخالفونه بعد ما سمى تفسيره بالتأويل ، الاسم الذي لا ينسب المعنى الى الله في ظاهر العبارة ، ويجعل المفسر في وسع وفراغ مما جرى بين الخواص والعوام ، كما أن ابن عربي يذكر علة استعمال لفظة التأويل من قبل الإشاريين بنفس الأسلوب .
ومؤلف : هذا التفسير هو ابو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري ، ولد في مدينة آمل ، من المدن الإيرانية الواقعة في شمالها قرب بحر قزوين ، سنة 224هـ ، ورحل الى بلدان ، وزار مصر والشام والعراق ، وأخيراً استقر ببغداد ، وبقي بها الى أن مات سنة عشر وثلاثمائة ، ودفن في داره ليلاً ، قال ياقوت الحموي :
ودفن ليلاً خوفاً من العامة ، لأنه كان يتهم بالتشيع (5).
وبمناسبة الذكرى السنوية لوفاته سنة 1410 من ذي الحجة ( بعد مضي الف ومائة سنة من وفاته ) أقيمت حفلة علمية عظيمة في ايران بأمر من رئيس الجمهورية الإسلامية آنذاك " الشيخ الرفسنجاني " ( مؤلف تفسير " راهنما " في عشرين جزءاً) ، وحضرها كثير من العلماء أكثرهم من الشيعة ، وتكلموا على حياته وآثاره من دون أي تعصب وعناد ، وجهالة وشقاق ، فبينوا فضائله العلمية وثمراته الكبيرة ، مع نقد في جنبها ، بما يناسب المحافل العلمية .
وكانت نتيجة هذا المؤتمر العظيم : عدة كتب ومقالات تفيد من أراد الاطلاع على الطبري وآرائه ومناهجه في التفسير والتاريخ وغيرها من العلوم الأخرى .
وأما مذهب الطبري ، فقد كان ابتداء على مذهب الشافعية : لأنه درسه ودرسه وأفتى به ، ولكنه صار مجتهداً ، بل كان من كبار أئمة الاجتهاد (6) ، وعلى الرغم من ادعاء الشافعية أنه من جزبهم ، الا أن الصواب أنه مجتهد مطلق ، وله مذهب مستقل ، ولكن لم يأتِ بمذهب جديد ، وإن سموا بالجريريين ، ولكن هذا النسبة ، نشأت بواسطة علاقة تعليمية وتربوية ومنهجية جديدة ، فلا تكون علامة لمذهب جديد .
في ميزان الاعتدال : محمد بن جرير بن يزيد الطبري الإمام الجليل المفسر أبو جعفر صاحب التصانيف الباهرة ... ثقة صادق ، فيه تشيع يسير ، وموالاة لا تضر ... من كبار أئمة الإسلام (7).
وفي الإتقان : أجل التفاسير وأعظمها .... فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض والإعراب والاستنباط ، فهو يفوق بذلك تفاسير الأقدمين (8).
ويقول السيوطي ايضاً : فإن قلت : فأي التفاسير ترشد اليه ، وتأمر الناظر أن يعول عليه ؟ قلت : تفسير الإمام أبي جعفر بن جرير الطبري ، الذي أجمع المعتبرون على أنه لم يؤلف في التفسير مثله ، قال النووي في تهذيبه : كتاب ابن جرير في التفسير لم يصنف أحد مثله (9).
وفي طبقات المفسرين للداودي : قال الخطيب أبو بكر : ( ابن جرير ) أحد ائمة العلماء يحكم بقوله ويرجع الى رأيه لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، وكان حافظاً لكتاب الله عارفاً بالقراءات بصيراً بالمعاني ، فقيهاً في احكام القرآن ، عالماً بالسنن وطرقها ، وصحيحها وسقيمها ، وناسخها ومنسوخها ، عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام ، ومسائل الحلال والحرام ، وعارفاً بأيام الناس وأخبارهم ، وله الكتاب المشهور في " تاريخ الأمم والملوك " وكتاب التفسير الذي لم يصنف أحد مثله ، وكتاب " تهذيب الآثار " لم أر سواه في معناه ، إلا أنه لم يتمه ، وكتاب حسن في القراءات سماه " الجامع " وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة واختيار من أقوال الفقهاء وتفرد بمسائل حفظت عنه .
وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الأسفرايني قال : لو سافر رجل الى الصين ، حتى يحصل له كتاب تفسير محمد بن جرير ، لم يكن ذلك كثيراً .
وسمعت على بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي ، يحكى أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة ، يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة (10).
ويعتبر تفسير الطبري مرجعاً لجميع التفاسير التي كتبت بعده ، خصوصاً للذين عنوا التفسير النقلي ، ويقع في ثلاثين جزء من الحجم الكبير ، وقد كان هذا الكتاب من عهد قريب يكاد يعتبر مفقوداً لا وجود له ، ولكن الله قدره موجوداً متناولاً للناس ، فكانت مفاجأة سارة للأوساط العملية في الشرق والغرب أن وجدت في حيازة أمير ( حائل ) الأمير حمود ابن الأمير عبد الرشيد من أمراء نجد نسخة مخطوطة كاملة من الكتاب (11) ، ويشتمل على 29684 حديثاً (12).
ويقول الذهبي أيضاً : ويظهر مما بأيدينا من المراجع : أن هذا التفسير كان أوسع مما هو عليه اليوم ، ثم اختصره مؤلفه الى هذا القدر الذي هو عليه الآن ، كما أن كتابه في التاريخ ظفر بمثل هذا البسط والاختصار ، فابن السبكي في طبقاته الكبرى أن أبا جعفر قال لأصحابه : أتنشطون لتفسير القرآن ؟ قالوا : كم يكون قدره ؟ فقال ثلاثون ألف ورقة ، فقالوا : هذا ربما تفنى الأعمار قبل تمامه ، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة (13).
أقول : النسخة الموجودة لدينا الآن ، تصل الى 15 مجلداً ، فإذا كان هذا عشر ما كتبه الطبري أولاً ، فهذا يعني : أن ما كتبه ابتداء يصل الى 150 جلداً ، وهذا بعيد جداً ، فربما يستفاد من كلامه : أن ذلك السؤال كان قبل أن يبدأ بالتفسير ، وكأنه أراد أن يذكر عظمة القرآن وسعة تفسيره أولاً ، وأنه يقدر تأليف تفسير كبير بذلك المقدار إن أمكنته الأيام ، ولكنه جمع ما عنده في مختصر أو كان عنده عدة من الطلاب الأفاضل ، وهؤلاء كانوا يساعدونه في جمع كل ما يتعلق بالدين ويمكن إدراجه في تفسير القرآن المجيد ، وكان هو مشرفاً عليهم ، وعلى كل حال فالله هو العالم بحقيقة الحال .
منهجه : تقدم أموراً لكي نفهم منهجه في التفسير :
أ – أهمية هذا التفسير
يعد تفسير الطبري أم التفاسير لأهل السنة ؛ لأنه نهضة اجتهادية في علم التفسير لديهم ، وأدخله في مرحلة جديدة واسعة ، صارت لمن يأتي بعده نموذجاً وأسوة ، فإن أكثر المفسرين الذين عاشوا قبله ، جمعوا الروايات التفسيرية فقط دون زيادة ونقد وشرح وبيان ، ولكن الطبري ، ذكر الروايات لتفسير الآيات لتفسير الآيات ، وجاء بأمرين كانا جديدين في ما يتعلق بتفسير القرآن ، فهو أولاً ذكر الترجيح بين الروايات ، وثانياً : أدخل في تفسير كلام الله غير الروايات ، فهو يعد أول استفاد من مصادر أخرى مثل ، القرآن ، العقل ، اللغة ، الأدب ، الأشعار وغيرها .
ب – أسلوب بيانه
إنه يذكر الآية أولاً ، ثم يعقبها بتفسير غريب اللغة فيها ، او إعراب مشكلها إذا دعت الحاجة الى ذلك ، وكثيراً ما يستشهد بأشعار العرب ، وبعد ذلك يبدأ بتأويل الآية ، أي : تفسيرها على الوجه الراجح ، فيأتي بحديث أو قول مأثور ، إن كان هناك رأي واحد ، أما اذا ازدحمت الأقوال وتكترث الآراء ، فعند ذلك يذكر كل تأويل على حده ، وربما رجح عند تضارب الآراء أحدها ، ويأتي بمرجحاته ، إن لغة أو اعتباراً ، وربما فصل الكلام في اللغة والاعراب واستشهد بالشعر والأدب .
ج – اهتمامه بالقراءات
كثيراً ما يعرض اختلاف القراء في القراءات القرآنية ، وقد يذكر رأيه ، وأحياناً يجمع بين الأقوال في موارد الإختلاف ، كما يؤيد رأي الجمهور في مقابل القراءات الشاذة بكثرة ، وإذا رأى القراءتين مشهورتين ، يجعل الخيار فيها ، كما يقول : واختلف القراء في قراءة قوله { وَالْوَتْرِ} [الفجر : 3] فقراءة عامة قراء المدينة ومكة والبصرة وبعض قراء الكوفة بكسر الواو ، والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان مستفيضتان معروفتان في قراءة الأمصار ، ولغتان مشهورتان في العرب ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب (14).
د – مصادر الطبري في التفسير
مما يساعدنا على معرفة المنهج التفسيري للطبري ، هو معرفة مصادره التفسيرية ، فنقول : أصح الطرق وأوضحها لتفسير القرآن عنده هو التفسير الروائي ، كما أشرنا اليه في مقدمة تفسيره حينما تكلم على أقرب المفسرين الى إصابة الحق في التفسير .
لكن بما أن تفسيره من التفاسير الروائية المشتملة على دقائق وعلوم إضافة الى ذكر الروايات الكثيرة ، فنرى أنه استفاد في التفسير من المصادر الأخرى مثل :
1- القرآن وتفسير الآيات بالآيات الأخرى ، مثل تفسير {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة : 7] (15) بواسطة الآية 23 من الجاثية .
وكذلك تفسير الآية {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة : 187] بواسطة الآية {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا} [الفرقان : 47]
2- العلوم العربية ، فهو يقول : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك (مواقع النجوم ) فقال بعضهم : معناه : فلا أقسم بمنازل القرآن ، وقالوا : أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نجوماً متفرقة ، وقال آخرون : بل معنى ذلك : بمنازل النجوم ، وقال آخرون : بل معنى ذلك : فلا أقسم بمساقط النجوم ، وقال آخرون : بل معنى ذلك : بانتشار النجوم عند قيام الساعة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : فلا أقسم بمساقط النجوم ومغايبها في السماء ، وذلك أن المواقع جمع موقع ، والموقع المفعل ، من وقع يقع موقعاً ، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك (16).
3- سياق الكلام ، حين تفسير {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم : 10] يقول : معناه فأوحى جبريل الى عبده محمد صلى الله عليه واله وسلم ما أوحى اليه ربه ، لأن افتتاح الكلام جرى في أول السورة بالخير عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعن جبريل عليه السلام وقوله : فأوحى الى عبده ما أوحى ، في سياق ذلك ، ولم يأتِ ما يدل على انصراف الخبر عنهما (17).
وايضاً عند تفسير الآية : {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ} [البقرة : 110] يقول : وفي قوله : " تجدوه " كلمة مقدرة ، أي : تجدوا ثواب الخير عند الله ، وقد حذفت كلمة (ثواب) من الجملة ؛ لاستغناء السامع عنها ، بدلالة ظاهر السياق عليها (18).
4- ظهور الكلام العرفي ، فالطبري في تفسير قوله : {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة : 15] يقول : اختلف أهل الرواية في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معناه : بل الإنسان على نفسه شهود من نفسه ، ولو اعتذر بالقول مما قد أتى من المآتم وركب من المعاصي وجادل بالباطل ، وقال آخرون : بل معنى ذلك : بل للإنسان على نفسه من نفسه بصيرة ولو تجرد ، وقال آخرون : بل معنى ذلك ك , ولو أرخى السور وأغلق الباب ، وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولو اعتذر ؛ لأن ذلك أشبه بظاهر التنزيل (19) .
5- الشعر العربي ، قد أكثر الطبري من الاستشهاد بالأشعار العربية لتفسير آيات القرآن والمفردات غير الواضحة ، حتى قيل : إن تفسيره يعد ديواناً شعرياً ومرجعاً للباحثين في الفاظ القرآن ، واليك نماذج قليلة مما ذكره :
(أ) تفسير قاسط بالظالم بواسطة الشعر ، ذيل الآية 15 من سورة الجن .
(ب) تفسير قمطريراً بالتشديد بواسطة الشعر ، ذيل الآية 10 من سورة الإنسان .
(ت) تفسير كلمة أزفت ، بـ ( دنت واقتربت) ، ذيل الآية 57 من سورة النجم .
(ث) تفسير كلمة قضينا بـ ( أعلمنا ) بواسطة الشعر ، ذيل الآية 117 من سورة البقرة .
6- الاجتهاد العقلي ، تارة نجد الطبري يفسر آية من دون ان يستفيد من المصادر السابقة ، بل هو ينتفع باجتهاداته الشخصية ، على سبيل المثال حين تفسيره لآية {مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ } [البقرة : 112] فهو يعتقد بأنه : خص الوجه بالذكر دون سائر الجوارح ؛ لأن الوجه هو أكرم أعضاء ابن آدم وجوارحه ، وهو أعظمها على ابن آدم حرمة وحقاً ، فإن خضع وجهه لشيء ، كان خضوع الجوارح من باب أولى ، فالمراد بالوجه هنا ، نفس الإنسان وبدنه كله (20).
7- الإجماع ، عندما يفسر آية : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} [البقرة : 11] ،
ويذكر الاحتمالين أو التأويلين في المراد من المفسدين في الارض ، وهما : الذين لم يأتوا بعد ، والمنافقون الذين جاؤا وكانوا موجودين زمن النبي صلى الله عليه واله وسلم ، يقول الطبري : وأولى التأويلين بالآية تأويل من قال .... نزلت في المنافقين .. وإنما قلنا : أولى التأويلين بالآية ما ذكرنا ؛ لإجماع الحجة من أهل التأويل (21).
هـ - تفسير الطبري كبقية التفاسير الروائية ، لم يخل من الإسرائيليات والمجاهيل والضعاف ، وهذا التفسير مشتمل على 29684 حديثاً ، فمن يقول الذهبي : ثم إننا نجد ابن جرير يأتي في تفسيره بأخبار مأخوذة من القصص الإسرائيلي ، يرويها بإسناده الى كعب الأحبار ، ووهب بن منبه ، وابن حريج والسدي وغيرهم ... وهكذا يكثر ابن جرير من رواية الإسرائيليات ، ولعل هذا راجع الى ما تأثر به من الروايات التاريخية التي عالجها في بحوثه التاريخية الواسعة ، واذا كان ابن جرير يتعقب كثيراً من هذا الروايات بالنقد ، فتفسيره لا يزال يحتاج الى النقد الفاحص الشامل ، احتاج كثير من كتب التفسير التي اشتملت على الموضوع والقصص الاسرائيلي ، على أن ابن جرير- كما قدمنا – قد ذكر لنا السند بتمامه في كل رواية يرويها ، وبذلك يكون قد خرج من العهدة ، وعلينا نحن أن ننظر في السند ونتفقد الروايات (22).
ز – الإنسان حتى لو بلغ مرحلة من كماله العلمي ، لا يكون معصوماً من الخطأ في الفكر ، وبالتبع لا يكون محفوظاً من النقد والإشكال .
فنقول : تفسير الطبري حقاً من التفاسير المهمة ، ويعد نهضة علمية عميقة لأهل السنة في مسيرة التفسير ، ولكن هناك ملاحظات ترد عليه نقتصر على اثنتين :
1- مع أن الطبري ذكر أكثر من 29684 حديثاً في تفسيره ، ولكن مع الأسف نجد تفسيره ، أحياناً خالياً من روايات في فضائل أهل البيت ، ولم يذكر الروايات المذكورة في التفاسير الأخرى ، مثلاً حينما يذكر تفسير آية المودة {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى : 23] لا يذكر الروايات الموجودة في التفاسير الأخرى ، ففي الكشاف " روي أنها لما نزلت قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وابناهما " (23).
وحينما ذكر آية الإكمال (24) لم يتعرض لحديث الغدير ، رغم ما قيل من أنه صنف حول الغدير وفضائل علي عليه السلام كتاباً مستقلاً .
2- حينما نجد الإسرائيليات والروايات الضعيفة في التفاسير الروائية المحضة ، يمكن الإغضاء عن نقد مؤلفها ، ولكن المتوقع من الطبري الذي يعد أباً للتفسير كما يعد أباً للتاريخ الإسلامي ان لا يذكر روايات مخالفة للأصول الدينية الصحيحة وفروعها ، وإن ذكر شطراً منها ، كان يجب عليه تمحيصها ونقدها ، وهو أهل لهذا التمحيص ، كما فعله أحياناً في كتابه .
_________________________
1- أنظر الى : يادنامه طبري : 71 .
2- الإمام الطبري ، للدكتور محمد الزحيلي : 101 .
3- تفسير الطبري 2 : 214 ، ذيل الآية 7 من سورة آل عمران .
4- تفسير الطبري 1 : 40 ، مقدمته لتفسيره .
5- معجم الأدباء 18 : 40 .
6- راجع : سير أعلام النبلاء ، للذهبي 14 : 269 .
7- ميزان الاعتدال ، للذهبي 3 : 491 ، حرف الميم .
8- الإتقان في علوم القرآن ، للسيوطي 4 : 2427 ، النوع الثمانون .
9- المصدر السابق : 244.
10- طبقات المفسرين ، للداودي 2 : 112 – 113 .
11- التفسير والمفسرون ، للذهبي 1 : 207 – 208 .
12- انظر الى الصفحة الاخيرة من تفسيره بتحقيق صدقي جميل العطار ، طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، وفي هذه الطبعة جعل لكل حديث رقماً ، ولكن هناك كثير من الآثار والأحاديث لم يذكر له رقماً مثل الحديث الموجود في الصفحة الأخيرة من هذه الطبعة عن ا بن عباس ، فإنه لا رقم له .
13- التفسير والمفسرون ، للذهبي 1 : 209.
14- تفسير الطبري 15 : 216 ، ذيل الآية 3 من سورة الفجر .
15- المصدر السابق 1 : 101 ، ذيل الآية 7 من سورة البقرة .
16- تفسير الطبري 7 : 213 ، ذيل الآية 80 من سورة الواقعة .
17- تفسير الطبري 7 : 145 ، ذيل الآية 10 من سورة النجم .
18- تفسير الطبري 1 : 401 ، ذيل الآية 110 من سورة البقرة .
19- تفسير الطبري 7 : 412 ، ذيل الآية 15 من سورة القيامة .
20- راجع : تفسير الطبري : 404 ، ذيل الآية 112 من سورة البقرة .
21- تفسير الطبري 1 : 182- 183 ، ذيل الآية 11 من سورة البقرة .
22- التفسير والمفسرون ، للذهبي 1 : 214- 215 .
23- تفسير الكاشف : 23.
24- المائدة : 3 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|