أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2015
![]()
التاريخ: 15-12-2015
![]()
التاريخ: 17-12-2015
![]()
التاريخ: 17-12-2015
![]() |
ممّا لا شك فيه أنّ النعم المادية في الجنّة لا تنحصر ، فطبيعة هذا العالم المحدود تحول دون أن يكون لدينا تصور متكامل عن النعم المادية والروحانية في العالم الآخر.
ومن جهة اخرى، أنّ حب التنوع عند الإنسان يدفعه لطلب المزيد من المواهب والنعم المختلفة، ولذا عني القرآن الكريم بهذه المسألة عناية خاصة وأعلن صراحة : {وَفِيهَا ماتَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} (الزخرف/ 71).
وهذا التعبير هو أكثر التعابير شمولية وجمعاً فيما يتعلق بالمواهب والنعم الإلهيّة في الجنّة.
يقول المرحوم (الطبرسي) في مجمع البيان : «لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يصفوا ما في الجنّة من أنواع النعيم لم يزيدوا على ما انتظمته هاتان الصفتان» «1».
والملفت هو ذكر هذه الجملة بعد بيان العديد من نعم الجنّة حتى يُعْرف أنّ نعم الجنّة لا تنحصر بها.
وهنا يطرح هذا السؤال : لماذا ذكر تعالى لذة الأعين بعد لذة الأنفس؟ هناك عدّة احتمالات :
الأول : أنّ جملة «تشتهيه الأنفس» تشمل جميع اللذات، أمّا لذّة «الأعين» ولِما لها من أهميّة استثنائية فقد وردت على شكل (ذكر الخاص بعد العام).
الثاني : أنّ الجملة الاولى إشارة إلى لذات جميع الحواس (حاسة السمع، واللمس، والذوق، والشم)، أمّا جملة «تلذ الاعين» فهي إشارة إلى لذة حاسة البصر وهذه اللذة تعادل جميع اللذات أو أكثر.
الثالث : أنّ الجملة الاولى أشارت إلى جميع اللذات الجسمانية (المادية)، أمّا الجملة الثانية فقد أشارت إلى اللذات الروحانية (المعنوية). أي النظر بعين البصيرة إلى جمال الخالق المطلق، ومشاهدة صفات الجمال والجلال التي تعادل كل لحظة منها جميع النعم المادية في الجنّة.
ومن الواضح أنّ محيط الجنّة محيط منزه ومقدس، لذا فإنّ طلبات الإنسان من أنواع النعم (المشروبة والمأكولة والملبوسة والمشمومة وغيرها) لا تتعدى الأشياء الظاهرة التي تليق بالإنسان الطاهر، وعلى هذا فلا استثناء في عمومية الآية، ولا تحتاج إلى تساؤلات هذا وذاك من قبيل هل تشمل الطلبات السيئة للنفس؟
لقد ورد نفس هذا المعنى في قوله تعالى : {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشتَهِى انفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا ماتَدَّعُونَ} «2» (فصلت/ 31).
قال بعض المفسرين : إنّ الجملة الاولى إشارة إلى جميع النعم المادية في الجنّة، أمّا الجملة الثانية فهي إشارة إلى المواهب المعنوية بقرينة قوله تعالى : {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ انِ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (يونس/ 10).
إنّ هذا التفسير يعتبر تفسيراً مناسباً، حيث إنّ شهوة النفس تكون أكثر فيما يتعلق ب (المسائل المادية)، أمّا الدعاء فيستعمل عادة في المسائل المعنوية.
ونقرأ تعبيراً آخر في قوله تعالى : {وَهُمْ فِى مَا اشْتَهَتْ انفُسُهُمْ خَالِدُونَ}. (الأنبياء/ 102)
وإضافة إلى ما ذكرنا هناك آيات اخرى في هذا المجال :
فنجد في تعبير جديد : {لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ} (نحل/ 31).
وكذلك ورد نفس هذا التعبير في سورة الفرقان الآية 16.
ويلاحظ هذا التعبير أيضاً (وبشيء من الاختلاف) في ثلاث سور اخرى من القرآن (الزمر/ 34، والشورى/ 22، و ق/ 35).
ويتّضح من مجموع ما ذكر في هذا الفصل، أنّ العطاء الإلهي في الجنّة لا تحدّه أي حدود، لا من حيث المقدار، ولا الكيفية والنوع، ولا الزمان والمكان، وبناءً على ذلك فإنّ ما ذكر في الفصول الماضية إنّما هو عبارة عن نماذج واضحة لما يمكن أن يدركه أهل هذا العالم إجمالًا، أمّا النعم التي هي فوق تصورنا وإدراكنا فقد أشارت إليها الآيات القرآنية المذكورة بعبارات أكثر شمولية وعمومية.
وفي الحقيقة أنّ الجنّة والعطاء الإلهي فيها ما هو إلّا مظهر كامل من مظاهر القدرة واللطف الإلهي، وبما أنّه لا نهاية لقدرته ولطفه تعالى.. فكذلك لا نهاية ولاحد لعطاياه ومواهبه في الجنّة.
_________________________
(1). تفسير مجمع البيان، ج 5، ص 56.
(2). «يدَّعُون» من مادة «ادّعاء» (افتعال من دعاء) بمعنى طلب الشيء.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تقدم دعوة إلى كلية مزايا الجامعة للمشاركة في حفل التخرج المركزي الخامس
|
|
|