أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-3-2017
![]()
التاريخ: 2024-08-11
![]()
التاريخ: 3-8-2017
![]()
التاريخ: 2-6-2016
![]() |
تستوجب نظرية الظروف الطارئة أن تكون هناك عقود يتراخي فيهـا تنفيذ العقد، ويحصل عند حلول أجل التنفيذ أن تكون الظروف قد تغيرت بسبب حادث أو ظرف غير متوقع حدوثه فيصبح تنفيذ الالتزام صعبا على المدين إلى الحد الذي يجعله مهدداً بخسارة فادحة دون أن يبلغ درجة القوة القاهرة التي تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا. كأن يتعهد شخص بتوريد سلعة بسعر محدد مع امتداد هذا الالتزام لفترة معينة ثم يحدث عند حلول أجل ميعاد التوريد أن يرتفع ثمن هذه السلعة إلى أضعاف ثمنهـا وقـت إبرام العقـد وذلك بسبب حدوث ظرف طارئ كقيام حرب فجأة أدت إلى تعذر استيرادها من الخارج فيصبح هذا الشخص مهدداً بخسارة فادحة تجاوز الحد المألوف.
إن قوام تنفيذ العقود يكون بحسن النية طبقاً لما اشتملت عليه بنوده ويقصد بحسن نية في تنفيذ العقد هو الإبتعاد عن كل وسائل التدليس، أو الإستغلال، أو الغش التي قد يتبعها أحد المتعاقدين تجاه المتعاقد الأخر، وقد يقتضي واجب تنفيذ العقد بحسن نية التعاون بين المتعاقدين، لذلك فإن تنفيذ العقد بسوء نية يرتب على المتعاقد سيئ النية مسؤولية و يلزمه بالتعويض عن الضرر الذي لحق المتعاقد الآخر . في حالة حدوث ظرف طارئ تزامن مع تنفيذ الالتزام، وأصبح هذا الأخير مرهقاً ويهدد صاحبه بخسارة فادحة، فإن الدائن الذي لا يراعى هذه المسألة أو الواقعة ويطالب المدين بالرغم من هذا بالتزامه بالتنفيذ حتى ولو تسبب له بخسارة، فيعد هذا الدائن سيء النية(1).
لكن هناك من يعارض هذه الفكرة والتي تتمثل في إعتبار الدائن سيء النية عند مطالبته للمدين بتنفيذ الالتزام المرهق، وهذا على أساس أن الدائن لا يطالب إلا بحقه وهو تنفيذ مضمون العقد، لأن هذا الإرهاق لا يعود سببه إلى الغش والتدليس الذي قام به الدائن، وإنما هي ظروف استثنائية خارجة عن إرادة كلاهما . لكن الرأي الذي رجح إعمال هذا المبدأ كأساس لنظرية الظروف الطارئة كان على أساس أن النية المفترضة عنـد المتعاقدين تقوم على الإستمرار التعادل الشخصي والذي كان موجودا وقت إبرام العقد، وبهذا فإن ما على المدين إلا تنفيذ الالتزام العقدي والذي لا يهدده بخسارة غير مألوفة وهذا راجع إلى أن سلطة المحكمة التقديرية هي التي تحدد وسيلة تنفيذ العقد الذي ينتفي معه صفة الإرهاق.
تعتبر نظرية الظروف الطارئة من أهم القيود المقررة على مبدأ سلطان الإرادة فالأخذ بأحكام نظرية الظروف الطارئة يعني تعديل إجباري للالتزامات العقدية خارج الإطار العقدي المتفق عليه، فإذا اصطدمت العلاقات التعاقدية بعد إبرامها بظروف مغايرة أثرت على تنفيذها واستمرارها حسب ما تم الاتفاق عليه ووفق ما اتجهت إليـه إرادة المتعاقدين حينها أجاز القانون للقاضي بالتدخل في هذه العلاقة التعاقدية بتعديل العقد وإعادة توازنه المختل وعليه فالظروف الطارئة تشكل إحدى الاستثناءات البارزة لمبدأ سلطان الإرادة في العقود (2).
من أجل مواجهة هذا التغير الحاصل في الظروف، ومن اجل المحافظة على التوازن بين التزامات الأطراف المتعاقدة ، وجدت نظرية الظروف الطارئة (3) .
وهذه هي الصورة الأخرى من صور الإخلال المشروع في التنفيذ وهو ما حددتـه المادة (2/146) من القانون المدني العراقي والتي تنص على أنه : " على أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها إن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وان لم يصبح مستحيلا (4)، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن تنقص الالتزام المرهق الى الحد المعقول ان اقتضت العدالة ذلك، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك. وذات التوجه ما أخذ به المشرع المصري في القانون المدني بنص المادة (147/2) بنص مشابه لما جاء في نص المادة (2/146) من القانون المدني العراقي . وهو ما يُعرف بنظرية الظروف الطارئة . ويشترط لتطبيق نظرية الظروف الطارئة ما يلي:
1. أن يكون العقد من العقود المستمرة التنفيذ أو العقود فورية التنفيذ ولكن تنفيذه مؤجلاً.
2. أن تجد في أثناء تنفيذ العقد ظروف أو حوادث استثنائية عامة.
3. أن لا يكون في الوسع توقع هذه الظروف أو الحوادث الاستثنائية.
4. أن تجعل هذه الظروف أو الحوادث الاستثنائية تنفيذ الالتزام مرهقاً لا مستحيلاً.
ومعيار الإرهاق هو معيار موضوعي، يُنظر فيه إلى الصفقة ذاتها لا الى شخص المدين ومقدار ثروته. فلا يمنع من تطبيق هذه النظرية أن يكون المدين مقتدراً مالياً ولكن يكفي أن يكون تنفيذ التزامه التعاقدي بالذات قد أصبح مرهقاً لتحقق شروط نظرية الظروف الطارئة (5) . ولكن لا يجوز إعمال أحكام نظرية الظروف الطارئة إذا كان تراخي تنفيذ الالتزام إلى ما بعد وقوع الظرف الطارئ راجعاً إلى خطأ المدين. أما إذا كان العقد فوري التنفيذ فلا يمكن الاستناد إلى نظرية الظروف الطارئة بدعوى اختلال التوازن الاقتصادي بل يمكن الاستناد إلى نظرية الاستغلال إذا توافرت شروط الغبن مع التغرير (6) هذه هي صور أقرها التشريع لإمكانية الإخلال بالتنفيذ لأوضاع عامة يمكن الركوز إليها بعيداً عن حالات فسخ العقد أو التنفيذ العيني .
____________
1- د. محمد عبد الله الدليمي، النظرية العامة للإلتزام ، القسم الأول ، مصادر الإلتزام ، الجامعة المفتوحة ، مصر 1998 ، ص 151
2- د. مدحت أحمد ، نظرية الظروف الإستثنائية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1987 ، ص 191
3- مع تبدل الأوضاع الاقتصادية إثر الحربين العالميتين، اضطر المشرع الفرنسي إلى إصدار قوانين لحالات خاصة، أوجد فيها حلولا صريحة تقوم على تطبيق أحكام نظرية الظروف الطارئة، فمثلا أصدر المشرع الفرنسي قانون " فايو " بتاريخ 1918/1/21 حيث سمح للقاضي بفسخ عقود التوريد وجميع العقود التجارية المعقودة قبل 01/08/191، إذ أدى تنفيذها إلى إرهاق أحد المتعاقدين أو تحميله خسارة فادحة. وكذلك أصدر المشرع الفرنسي قوانين كثيرة تتعلق بالإيجار منها ما نص فيه على تمديد مدة العقد، ومنها ما نص فيه على تعديل بدل الإيجار ... إلخ .
Tanagho Samir, de l'obligation judiciaire, op. cit, p 180.
4- انظر في قرار صادر عن محكمة التمييز الاتحادية ، الهيئة المدنية ، رقم الحكم 818 ، تاريخ الحكم : 2007/3/7
( لدى التدقيق والمداولة وجد إن الطعن التمييزي مقدم ضمن الفترة القانونية قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد أنه غير صحيح ومخالف للقانون لأنه من الثابت في الدعوى بأنه سبق وان أحيل بعهدة المميز (المدعي ( الموقع المكون من القطع ( 17773/1757) تلول سديره لإنشاء مكاتب فيها وعددها (62) لبيع المواد الإنشائية وموقف للسيارات لمدة خمس سنوات أي من 2000/11/1 ولغاية 31 / 10 / 2005 وببدل إيجار سنوي قدره واحد وعشرون مليون وستمائة وأربعة آلاف وخمسمائة دينار . على أن تأول كافة المنشأة لدائرة المدعى عليه بعد انتهاء مدة الإيجار وباستلام المدعي للموقع باشر بالعمل إلى أن تعرض البلد للحرب وتوقف المدعى عليه عن العمل حسب ادعائه بعد تاريخ 2003/3/20 لوضع القوات الأجنبية يدها على المأجور ولمدة ستة أشهر ومن ثم حصول التجاوز عليه من قبل المواطنين لذلك طلب إلزام المدعى عليه أضافه لضيفته بتنقيص الأجرة وتعويضه عن فوات المنفعة . وحيث انه بدخول القوات الأجنبية إلى العراق عمت الفوضى في عموم البلاد وتعطلت دوائر الدولة عن العمل وغياب لغة القانون مما أدى ذلك إلى تعرض الأموال العامة والخاصة إلى النهب والسلب والتخريب بما فيها المكاتب والمحلات التجارية وغيرها وقد تكون المكاتب العائدة للمدعي حالها بقية تلك المؤسسات . لذلك فان طلب المدعي بتعويضه عن فوات المنفعة لا سند لها من القانون وغير منضوية تحت أحكام المادة 754 من قانون المدني لكون الحرب كانت كحالة عامة ولم تكن تقتصر على شخص أو أكثر بحيث ألقت بظلالها وأثارها السلبية على عموم البلاد حيث لم يكن بوسع المدعى عليه منع التعرض على المأجور أو الحفاظ عليها لذلك فأنه غير مسؤول عن الأضرار التي أصابت المدعي أو ما فاته من المنفعة من جراء هذه الحرب . أما بالنسبة لتنقيص الأجرة فأنه يحق للمدعي المطالبة به استناداً إلى أحكام الفقرة (2) من المادة 146 من القانون المدني التي تنص على انه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدعي بحيث يحدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن تنقص الالتزام المرهق إلى حد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك ، لذلك كان من المتعين على المحكمة بعد التحقق من كون القوات الأجنبية قد وضعت يدها على الموقع المذكور لمدة ست أشهر ثم تجاوز المواطنين عليه بحيث تعذر عليه الاستمرار من الاستمرار بالعمل وبعد التثبيت عن مدة توقف المدعي عن العمل بسبب تلك الظروف عندئذ يقتضى الاستعانة بخبراء مختصين لغرض بيان خبرتهم تنقيص الأجرة إلى حد معقول على أن تكون المدة المحسوبة هي ضمن مدة سريان العقد وباعتبار الإيجار السنوي للمأجور واحد وعشرون مليون وستمائة وأربعة آلاف وخمسمائة دينار. وحيث أن محكمة الاستئناف أغفلت ما تقدم مما اخل بصحة المميز فقرر نقضه وإعادة اضبارة الدعوى إلى محكمتها للسير فيها على المنوال المتقدم على أن يبقى رسم التمييز تابعا للنتيجة وصدر القرار بالاتفاق في 18 / جمادى الآخرة / 1428 هـ الموافق 3 / 7 / 2007 م ) .
5- د. عبد المجيد الحكيم ، عبد الباقي البكري ، محمد طه البشير ، الوجيز في نظرية الالتزام، المكتبة القانونية ، 2018 ، ص 219 .
6- د. غازي عبد الرحمن ناجي التوازن الاقتصادي في العقد أثناء تنفيذه، منشورات مركز البحوث القانونية، 1986 ، ص 82 .
|
|
مقاومة الأنسولين.. أعراض خفية ومضاعفات خطيرة
|
|
|
|
|
أمل جديد في علاج ألزهايمر.. اكتشاف إنزيم جديد يساهم في التدهور المعرفي ؟
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تنظّم دورةً حول آليّات الذكاء الاصطناعي لملاكاتها
|
|
|