أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2015
2653
التاريخ: 9-12-2015
5577
التاريخ: 9-12-2015
5371
التاريخ: 2024-05-07
550
|
مصبا- سريت الليل وسريت به سريا ، والاسم السراية ، إذا قطعته بالسير ، وأسريت : لغة حجازيّة ، ويستعملان متعدّيين بالباء الى مفعول ، فيقال سريت بزيد وأسريت به. والسرية بضمّ السين وفتحها أخصّ ، يقال : سرينا سرية من الليل وسرية ، والجمع السرى. قال أبو زيد : ويكون السرى أوّل الليل وأوسطه وآخره ، وقد استعملت العرب سرى في المعاني تشبيها لها بالأجسام مجازا واتّساعا ، - {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر : 4] - أي إذا يمضي ، وقال البغوي : إذا سار وذهب. وسرى عليه الهمّ : أتاه ليلا ، وسرى همّه : ذهب. وقول الفقهاء : سرى الجرح في النفس معناه دام ألمه حتّى حدث منه الموت. وسرى التحريم وسرى العتق : بمعنى التعدية. والسريّة : قطعة من الجيش ، فعيلة بمعنى فاعلة ، لأنّها تسري في خفية ، والجمع سرايا وسريّات.
والسريّ : الجدول وهو النهر الصغير والجمع سريان. والسريّ الرئيس ، والجمع سراة وهو جمع عزيز لا يكاد يوجد له نظير. وسراة الطريق : وسطه ومعظمه. والسارية : السحابة تأتي ليلا. والسارية : الاسطوانة ، والجمع سوار.
مقا- سرو : باب معتلّ ومتفاوت جدّا لا تكاد كلمتان منه تجتمعان في قياس واحد. فالسرو : سخاء في مروءة ، يقال سري وقد سرو. والسرو : كشف الشيء عن الشيء ، سروت عنّي الثوب أي كشفته. والسرى : سير الليل ، يقال سريت وأسريت. وسراة الشيء : ظهره. وسراة النهار : ارتفاعه. والسراء : شجر. والسارية الاسطوانة. وهذا الّذي ذكرناه بعيد بعضه من بعض فلذلك لم نحمله على القياس ، وإذا همز كان أبعد ، يقال سرأت الجرادة : ألقت بيضها.
التهذيب 13/ 52- قال أبو إسحاق : . {أَسْرَى بِعَبْدِهِ } [الإسراء : 1] - معناه سيّر عبده ، يقال أسريت وسريت : إذا سرت ليلا. وفي-. {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر : 4] - معنى يسري : يمضي ، وحذفت الياء لأنّها راس آية. وقال الليث : السرى سير الليل. والسارية من السحاب الّذي يجيء ليلا ، وجمعها السواري. والسارية اسطوانة من حجارة أو آجرّ ، وعرق الشجر يسري في الأرض. وعن ابن الأعرابيّ : السرى : السراة من الناس.
وقال ابن السكّيت وغيره : سرو الرجل يسرو ، وسرا يسرو ، وسري يسرى ، إذا شرف وسراة الفرس : أعلى متنه ، وتجمع سروات. والسرو : الشرف. والسرو من الجبل : ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل. وسراة النهار : وقت ارتفاع الشمس في السماء. وسرو الرجل يسرو أي ارتفع يرتفع. وسراة الطريق : متنه ومعظمه ، ويقال استريته ، إذا اخترته وأخذت سراته ، أي خياره.
والتحقيق
أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة : هو سير بلا تظاهر وإعلان وجهر بل بالسرّ والخفاء ، مادّيّا أو معنويّا.
فالمادّيّ كما في-. {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [هود : 81] *.
والمعنويّ : {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} .
وفي هذا المفهوم لا يلاحظ قيد الإقبال ولا الإدبار كما يلاحظ في الذهاب والمجيء والإتيان.
ولا قيد زمان معيّن كما في- المضيّ والتقدّم.
ولا قيد ابتداء ولا انتهاء ولا نقطة ملحوظة فيه كما في- التجاوز والدرّ والصبّ والتعدّي.
ولا قيد تقدّم أو تأخّر كما في- التقدّم والسبق والمسارعة.
ولا قيد الإطلاق كما في الحركة والجري.
ولا قيد القدم كما في المشي.
وأمّا الفرق بين هذه المادّة وموادّ- السلوك ، والسيلان ، والسير ، والجري ، والمرور.
فالسلوك : هو سير على خطّ معيّن مادّيّا أو معنويّا.
والسيلان : جريان في مايع من حيث هو ومن دون قيد.
والسير : ذهاب مطلق من دون قيد ، مادّيّا.
والجري : حركة منظّمة دقيقة في طول مكان.
والمرور : اجتياز بشيء وعنه.
فالسرى : يلاحظ فيه مفهوم السير والسرّ.
ولا يخفى انّ مفهوم السير المطلق أو السرّ : مأخوذان فيما فيه حرفا الراء والسين ، كما في- السرب ، السرح ، السرو ، السرق ، السرف ، السرع ، السرط ، السفر ، الستر ، - راجع- الحركة ، الجري ، المجيء ، الذهاب وغيرها.
فظهر أنّ تفسير المادّة بالسير ليلا أو بعرق شجر يسري أو بسحابة ليلا أو بقطعة جيش تسير خفاء وبالليل وأمثالها : بلحاظ هذا الأصل ، فلا بد من لحاظ هذا الأصل وقيده في موارد استعمالها.
وأمّا التفسير بالذهاب والمجيء والمضيّ والسير والإتيان والدوام والتعدّي ، بطور مطلق : فمن باب التسامح.
وأمّا مفاهيم الارتفاع والشرف والعلوّ والرياسة والاسطوانة والمعظّم والظهور وأمثالها : فمن مادّة السرو واويّا ، أو من السرء مهموزا ، فانّ السرو والسرء بمعنى الارتفاع والشرف ، وقد اشتبهت واختلطت هذه المعاني بين الموادّ المزبورة.
{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [هود : 81].
{وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} [طه : 77].
{فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} [الدخان : 23].
فالإسراء في هذه الموارد لازم أن يكون سرّا وبالإخفاء دون الجهر والإعلان ، اتّقاء من كيد العدوّ وتحفّظا من مقابلته.
وذكر الليل يدلّ على انّ هذا القيد غير مأخوذ في مفهوم المادّة ، وإنّما يذكر تأكيدا لمفهوم الإخفاء والإسراء.
{وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر : 1 - 4].
فانّ الليل فيه جهة الظلّية ، والظلّ فيه جهة الظلمة ، وهو يسير سرّا وفي ظلمة ومن دون إجهار.
ثمّ إنّ السري في الليل ، بلحاظ كونه منتهيا الى الفجر والنور مطلوب جدّا ، سواء كان نورا ظاهريّا بالإصباح ، أو نورا باطنّيا بروحانيّة في القرب من الفجر.
ولا يبعد شموله على المنازل الظلمانيّة المنتهية الى رفع الحجب للسالك حتى يرد في مراحل النور واليقين ، فهو متعلّم في سبيل الهدى.
{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم : 24].
السريّ هذا من السرو ، وأصله سريو ، وهو بمعنى الشريف المرتفع الرفيع ، وهذا إشارة إلى أنّ الطفل الصغير الّذي لا يستطيع على جلب نفع وخير ولا على دفع ضرر وشرّ وهو تحت اختيار أمّه وتصرّفه وتربيته ، قد جعله اللّه تعالى رفيعا عاليا فوق العالم المحسوس الظاهر.
أو من الباب يائيّا ، فيكون بمعنى- الّذي يسير سيرا معنويّا وهو في طريق الجري والحركة الى الكمال.
وامّا تفسير السريّ بجدول الماء والنهر : فبعيد جدّا ،
فأوّلا- إنّه معنى مجازيّ.
وثانيا- إنّه لا يناسب ما قبله-. { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا } [مريم : 23] - فهذا الكلام في مقام إظهار التألّم والاضطراب بالنسبة الى وقوع المخاض ، لا من جهة الشرب والأكل والغذاء ، فمرجع النداء والجواب الى أنّ هذا المخاض والوضع ينتهي الى وجود طفل رفيع شريف فوق أفراد الناس ، فيعلو ذكرها ويرفع مقامها ويخضع الناس في مقابل عظمة ولدها.
وثالثا- إنّ الماء في تلك الأراضي كثير وفير ولا حاجة الى إخراجه بطريق غير عاديّ.
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا } [الإسراء : 1].
التسبيح : هو جعل شيء على الحقّ وفي مسيره منزّها عن نقطة ضعف.
السجود : هو كمال الخضوع بحيث لا يبقى أثر من الأنانيّة.
الإسراء : جعل شيء في المسير سرّا ومن دون إعلان.
البركة : هو الفيض والخير والزيادة والفضل.
الحرام : ما يكون ممنوعا من الأصل.
والمسجد الحرام : ذكر في القرآن المجيد في خمسة عشر موردا ، مرادا به المسجد بمكّة فيه بيت اللّه. وأمّا المسجد الأقصى : فلم يذكر إلّا في مورد واحد وهو في هذه الآية الكريمة.
فالبحث في هذا الإسراء وحقيقته إنّما يقع في امور :
1- يبتدأ هذا الموضوع بالتسبيح : بمناسبة الإسراء ، فانّ حقيقته في هذا المورد السير الروحاني من محدودة هذا العالم الجسمانيّ الدنيويّ الى العالم العلويّ الروحانيّ اللاهوتي ، كما أنّ التسبيح هو الاعتراف والإذعان واليقين بانّ اللّه هو الحقّ وعلى الحقّ منزّها عن كلّ نقص وضعف. فهو تعالى يليق ويقدر بأن يسري عبده الى المقام الأعلى الأقصى ، وهذا من شأنه.
2- يعبّر النبيّ الأكرم بالعبد : إشارة الى أنّ هذا السير إنّما يتحقّق في مقام العبوديّة الحقّة ، والعبوديّة منتهى مقام السالك ، وفيه تنتفي الأنانيّة والنفسانيّة المتظاهرة-. {عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل : 75] ، . {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم : 10] ، . {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الحديد : 9].
3- وقد وقع الإسراء بالليل : إشعار بأنّ الصفاء والنور الروحانيّ إنّما يتحصّل في الفراغ عن العلائق الماديّة وبانتفاء التظاهرات والتجلّيات الدنيويّة ، وكلّما قلّ التظاهر المادّيّ تجلّت الأنوار الروحانيّة.
وأيضا إنّ الإسراء الروحانيّ لا بدّ وأن يكون في محيط خال عن الأغيار وفي انقطاع عن المشاغل والشواغل ، حتّى يتحصّل التجرّد والخلوص ، فلازم أن يتحقّق في حال الخلوة وفي أوقات فارغة عن الانس وإشراف الناس.
4- حقيقة مفهوم المسجد : مقام يتحقّق فيه الخضوع التامّ والانكسار الكامل بحيث تنتفي الأنانيّة ، وهذا المفهوم يصدق في الخارج بصورة السجدة المعمولة في الصلوات وغيرها ، فمحلّ هذه السجدة يطلق عليه المسجد ، والمسجد الحرام أفضل المساجد الدنيويّة وأكرمها ، وفيه امتياز مخصوص في الشرف والمنزلة والانتساب الى اللّه المتعال.
ومصداقه في العالم الروحانيّ كلّ مقام للسالك يتحقّق فيه هذا المفهوم ويصدق فيه هذه الحقيقة ، وأعلى هذه المساجد مقاما وفضلا هو المسجد الأقصى الّذي يتجلّى فيه منتهى حقيقة السجود ، ويبارك ما حوله ، ويرى فيه آياته الباهرة المتجلّية.
فالمسجد الأقصى : مقام تحقّق حقّ الخضوع بكماله وحقيقة السجود بتمامها ونهاية مرتبة الفناء ومنتهى درجة سقوط الأنانيّة ، بحيث تنتفي فيه الحجب قاطبة من ظلمانيّة ونورانيّة.
5- من المسجد الحرام : هذا المقام مبدأ الإسراء وابتداء المسير ، وهو في عين كونه أشرف وأفضل المساجد والمقامات الظاهريّة : متّصف بكونه حراما ، أي ممنوعا في نفسه ومحدودا في ذاته ومقيّدا بقيود معلومة من جهة السكنى والورود والخروج والآداب والأعمال والطاعات ، فالإسراء من هذه المحدودة يواجه أمورا معضلة ، ولا سيّما إذا كان منتهى السير المقصد الأسنى والمسجد الأقصى ، وهذا المعنى من مظاهر القدرة ومن الآيات البيّنة الإلهيّة-. {نَرْفَعُ دَرَجٰاتٍ مَنْ نَشٰاءُ }*.
وظاهر الآية الكريمة وقوع الإسراء من المسجد الحرام ، لا من بلدة مكّة ومن بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا نحتاج الى تأويل.
ولا يبعد أن يكون الإسراء بمرّات عديدة ، يشير الى كلّ منها والى خصوصيّاته آية أو رواية خاصّة واردة ، ولا حاجة لنا الى حصره بمرّة واحدة ثمّ تأويل جميع الآيات والروايات اليها.
6- باركنا حوله : إشارة الى أنّ ما حول هذا المقام والنزول فيه بفضل منه تعالى ورحمة زائدة وفيض وتوجه خاصّ ، ولا يمكن لسالك أن يصل الى هذا المقام ويستغرق في هذا البحر العميق الزخّار إلّا بإسرائه وتأييده ، وتحت تربيته ولطفه وفضله.
فهذا مقام خارج عن السير الطبيعيّ والإمكانيّ للبشر-. {يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشٰاءُ }*.
7- لنريه من آياتنا : يشعر بانّ شهود الآيات الخاصّة له تعالى إنّما يتحصّل بعد الوصول الى هذا المقام ، فانّ من لم ينقطع عن نفسه وعن أنانيّته وعمّا يتعلّق به حقّ الانقطاع : كيف يمكن له شهود آيات الحقّ ومعاينة تجلّيات الجلال والجمال كما هو-. {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم : 16 - 18].
8- الإسراء : قلنا إنّه سير سرّا ، وهذا الإسراء كذلك ، وهو جريان خاصّ وفضل مخصوص ولطف ممتاز ورحمة رحيميّة ، لا ينال به إلّا من اختاره اللّه في الأوّل وفي مقام التربية ثانيا.
و يناسب هذه الحقيقة ذكر السبّوحيّة المقتضية للافاضة المناسبة ، وذكر العبوديّة المشعرة بتحقّق الاقتضاء في المورد ووجود الاستعداد الخاصّ ، وذكر المسجد مشيرا الى تحقّق حالة الخضوع التامّ وانتفاء الأنانيّة.
9- وأمّا تفسير المسجد الأقصى بمسجد القدس في بيت المقدّس : فلا يلائم المورد.
فأوّلا- فانّ الأقصى بمعنى الأبعد الأعلى ، ومسجد القدس ليس بأبعد مسجد من مكّة المكرّمة.
وثانيا- إنّ الاسراء الى مسجد القدس أمر ماديّ ظاهريّ ولا فائدة فيه أزيد ممّا في تشرّف ورحلة اليه ، ولا سيّما أن ذلك المسجد وتلك الأراضي كانت تحت سلطة من ايران والروم ، بين نفوذ مسيحيّة وزردشتيّة ، وذلك في زمان سابور ذي الأكتاف.
وثالثا- إنّ الآية مصرّحة بأنّ الإسراء كان من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ، فيكون منتهى السير هو المسجد الأقصى ، وأمّا ما فوقه من عوالم اخر فلا يدلّ عليه هذا الكلام الشريف.
ورابعا- إنّ السير الى ما فوق المسجد الأقصى إمّا في جهة مادّيّة أو روحانيّة :
فالأوّل لا يفيد عروجا معنويّا ومعرفة إلهيّة أزيد ممّا في السير في الأرض. والثاني لا يلائم السير في الجهة الاولى.
وخامسا- إنّ الإسراء المادّيّ لا يلائم كلمات- سبحان ، أسرى ، عبد ، المسجد ، اللّيل ، المباركة- إراءة الآيات.
10- إنّ هذا الإسراء كان روحانيّا في جسمانيّة : بمعنى انّ مشاهدة تلك العوالم والآيات كانت في اليقظة ، لا في حال النوم ولا في عالم التجرّد والانقطاع الكامل الخارجيّ عن البدن ، بل بالشهود في حال التعلّق خارجا بالبدن ، أي شهود القلب مع كونه متعلّقا بالبدن ومتوجّها اليه ، وإن شئت فعبّر بحال الجمع في الجمع ، وهذا المعنى إنّما يتحقّق للخواصّ من الأولياء وهو المرتبة القصوى والحدّ الأعلى من الشهود.
و لعلّ هذا المعنى هو المراد من كون المعراج جسمانيّا.
11- إنّ مشاهدة ما شوهد في المعراج : ليس للبدن فيه أدنى تأثير ، ولا حاجة في هذا المعنى الى إسراء البدن ، بل وهو رفيق سوء في هذا المسير ، بل ولا حاجة الى السير المكانيّ الظاهريّ ، فانّ السماوات والأرض قاطبة ماديّة محدودة جسمانيّة ظلمانيّة ، وليس في إسرائها مزيد فائدة.
وهذا خلاصة ما يعبّر بهذه الكلمات القاصرة ممّا يشاهده بعض أهل المعرفة واليقين في خصوص هذه الآية الكريمة- فتدبّر فيها.
وامّا الروايات الواردة الصحيحة : فتنزيلات وتأويلات على لسان القوم كما في سائر الحقائق والمعارف المربوطة بعوالم ما وراء المادّة ، فلا بدّ من تنزيلها الى صور تلائم المادّة وأهلها- كلّموا الناس على قدر عقولهم.
ومع هذا فالاحتياط في الدين يقتضي أن يرجع كلما لا يعرف علما يقينيّا ، الى عالم الغيب والشهادة ، وهو العليم الخبير.
_________________________
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ مجلدات ، طبع مصر ١٣٩ هـ .
- التهذيب = تهذيب اللغة للأزهري ، 15 مجلّداً ، طبع مصر ، 1966م .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|