المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

Stressed vowel system KIT, GOOSE
2024-04-17
الاستـــــــــقراء
5-9-2016
العوامل التي تخص المرسل أو المتعلقة به
20-4-2016
القرآن وسياسة الحرب
14-11-2014
الأدلّة القرآنية على حتمية المعاد ووجوبه
9-08-2015
تلوث البيئة
2023-07-01


معنى كلمة سرى‌  
  
11358   02:02 صباحاً   التاريخ: 24-11-2015
المؤلف : الشيخ حسن المصطفوي
الكتاب أو المصدر : تحقيق في كلمات القران الكريم
الجزء والصفحة : ج5 ، ص 138- 147.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / تأملات قرآنية / مصطلحات قرآنية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2015 2653
التاريخ: 9-12-2015 5577
التاريخ: 9-12-2015 5371
التاريخ: 2024-05-07 550

مصبا- سريت الليل وسريت به سريا ، والاسم السراية ، إذا قطعته بالسير ، وأسريت : لغة حجازيّة ، ويستعملان متعدّيين بالباء الى مفعول ، فيقال سريت بزيد وأسريت به. والسرية بضمّ السين وفتحها أخصّ ، يقال : سرينا سرية من الليل وسرية ، والجمع السرى. قال أبو زيد : ويكون السرى أوّل الليل وأوسطه وآخره ، وقد استعملت العرب سرى في المعاني تشبيها لها بالأجسام مجازا واتّساعا ، - {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر : 4] - أي إذا يمضي ، وقال البغوي : إذا سار وذهب. وسرى عليه الهمّ : أتاه ليلا ، وسرى همّه : ذهب. وقول الفقهاء : سرى الجرح في النفس معناه دام ألمه حتّى حدث منه الموت. وسرى التحريم وسرى العتق : بمعنى التعدية. والسريّة : قطعة من الجيش ، فعيلة بمعنى فاعلة ، لأنّها تسري في خفية ، والجمع سرايا وسريّات.

والسريّ : الجدول وهو النهر الصغير والجمع سريان. والسريّ الرئيس ، والجمع سراة وهو جمع عزيز لا يكاد يوجد له نظير. وسراة الطريق : وسطه ومعظمه. والسارية : السحابة تأتي ليلا. والسارية : الاسطوانة ، والجمع سوار.

مقا- سرو : باب معتلّ ومتفاوت جدّا لا تكاد كلمتان منه تجتمعان في قياس واحد. فالسرو : سخاء في مروءة ، يقال سري وقد سرو. والسرو : كشف الشي‌ء عن الشي‌ء ، سروت عنّي الثوب أي كشفته. والسرى : سير الليل ، يقال سريت وأسريت. وسراة الشي‌ء : ظهره. وسراة النهار : ارتفاعه. والسراء : شجر. والسارية الاسطوانة. وهذا الّذي ذكرناه بعيد بعضه من بعض فلذلك لم نحمله على القياس ، وإذا همز كان أبعد ، يقال سرأت الجرادة : ألقت بيضها.

التهذيب 13/ 52- قال أبو إسحاق : . {أَسْرَى بِعَبْدِهِ } [الإسراء : 1] - معناه سيّر عبده ، يقال أسريت وسريت : إذا سرت ليلا. وفي-. {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر : 4] - معنى يسري : يمضي ، وحذفت الياء لأنّها راس آية. وقال الليث : السرى سير الليل. والسارية من السحاب الّذي يجي‌ء ليلا ، وجمعها السواري. والسارية اسطوانة من حجارة أو آجرّ ، وعرق الشجر يسري في الأرض. وعن ابن الأعرابيّ : السرى : السراة من الناس.

وقال ابن السكّيت وغيره : سرو الرجل يسرو ، وسرا يسرو ، وسري يسرى ، إذا شرف وسراة الفرس : أعلى متنه ، وتجمع سروات. والسرو : الشرف. والسرو من الجبل : ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل. وسراة النهار : وقت ارتفاع الشمس في السماء. وسرو الرجل يسرو أي ارتفع يرتفع. وسراة الطريق : متنه ومعظمه ، ويقال استريته ، إذا اخترته وأخذت سراته ، أي خياره.

والتحقيق

أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة : هو سير بلا تظاهر وإعلان وجهر بل بالسرّ والخفاء ، مادّيّا أو معنويّا.

فالمادّيّ كما في-. {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [هود : 81] *.

والمعنويّ : {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} .

وفي هذا المفهوم لا يلاحظ قيد الإقبال ولا الإدبار كما يلاحظ في الذهاب والمجي‌ء والإتيان.

ولا قيد زمان معيّن كما في- المضيّ والتقدّم.

ولا قيد ابتداء ولا انتهاء ولا نقطة ملحوظة فيه كما في- التجاوز والدرّ والصبّ والتعدّي.

ولا قيد تقدّم أو تأخّر كما في- التقدّم والسبق والمسارعة.

ولا قيد الإطلاق كما في الحركة والجري.

ولا قيد القدم كما في المشي.

وأمّا الفرق بين هذه المادّة وموادّ- السلوك ، والسيلان ، والسير ، والجري ، والمرور.

فالسلوك : هو سير على خطّ معيّن مادّيّا أو معنويّا.

والسيلان : جريان في مايع من حيث هو ومن دون قيد.

والسير : ذهاب مطلق من دون قيد ، مادّيّا.

والجري : حركة منظّمة دقيقة في طول مكان.

والمرور : اجتياز بشي‌ء وعنه.

فالسرى : يلاحظ فيه مفهوم السير والسرّ.

ولا يخفى انّ مفهوم السير المطلق أو السرّ : مأخوذان فيما فيه حرفا الراء والسين ، كما في- السرب ، السرح ، السرو ، السرق ، السرف ، السرع ، السرط ، السفر ، الستر ، - راجع- الحركة ، الجري ، المجي‌ء ، الذهاب وغيرها.

فظهر أنّ تفسير المادّة بالسير ليلا أو بعرق شجر يسري أو بسحابة ليلا أو بقطعة جيش تسير خفاء وبالليل وأمثالها : بلحاظ هذا الأصل ، فلا بد من لحاظ هذا الأصل وقيده في موارد استعمالها.

وأمّا التفسير بالذهاب والمجي‌ء والمضيّ والسير والإتيان والدوام والتعدّي ، بطور مطلق : فمن باب التسامح.

وأمّا مفاهيم الارتفاع والشرف والعلوّ والرياسة والاسطوانة والمعظّم والظهور وأمثالها : فمن مادّة السرو واويّا ، أو من السرء مهموزا ، فانّ السرو والسرء بمعنى الارتفاع والشرف ، وقد اشتبهت واختلطت هذه المعاني بين الموادّ المزبورة.

{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [هود : 81].

{وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} [طه : 77].

{فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} [الدخان : 23].

فالإسراء في هذه الموارد لازم أن يكون سرّا وبالإخفاء دون الجهر والإعلان ، اتّقاء من كيد العدوّ وتحفّظا من مقابلته.

وذكر الليل يدلّ على انّ هذا القيد غير مأخوذ في مفهوم المادّة ، وإنّما يذكر‌ تأكيدا لمفهوم الإخفاء والإسراء.

{وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر : 1 - 4].

فانّ الليل فيه جهة الظلّية ، والظلّ فيه جهة الظلمة ، وهو يسير سرّا وفي ظلمة ومن دون إجهار.

ثمّ إنّ السري في الليل ، بلحاظ كونه منتهيا الى الفجر والنور مطلوب جدّا ، سواء كان نورا ظاهريّا بالإصباح ، أو نورا باطنّيا بروحانيّة في القرب من الفجر.

ولا يبعد شموله على المنازل الظلمانيّة المنتهية الى رفع الحجب للسالك حتى يرد في مراحل النور واليقين ، فهو متعلّم في سبيل الهدى.

{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم : 24].

السريّ هذا من السرو ، وأصله سريو ، وهو بمعنى الشريف المرتفع الرفيع ، وهذا إشارة إلى أنّ الطفل الصغير الّذي لا يستطيع على جلب نفع وخير ولا على دفع ضرر وشرّ وهو تحت اختيار أمّه وتصرّفه وتربيته ، قد جعله اللّه تعالى رفيعا عاليا فوق العالم المحسوس الظاهر.

أو من الباب يائيّا ، فيكون بمعنى- الّذي يسير سيرا معنويّا وهو في طريق الجري والحركة الى الكمال.

وامّا تفسير السريّ بجدول الماء والنهر : فبعيد جدّا ،

فأوّلا- إنّه معنى مجازيّ.

وثانيا- إنّه لا يناسب ما قبله-. { فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا } [مريم : 23] - فهذا الكلام في مقام إظهار التألّم والاضطراب بالنسبة الى وقوع المخاض ، لا من جهة الشرب والأكل والغذاء ، فمرجع النداء والجواب الى أنّ هذا المخاض والوضع ينتهي الى وجود طفل رفيع شريف فوق أفراد الناس ، فيعلو ذكرها ويرفع مقامها ويخضع الناس في مقابل عظمة ولدها.

وثالثا- إنّ الماء في تلك الأراضي كثير وفير ولا حاجة الى إخراجه بطريق غير عاديّ.

{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا } [الإسراء : 1].

التسبيح : هو جعل شي‌ء على الحقّ وفي مسيره منزّها عن نقطة ضعف.

السجود : هو كمال الخضوع بحيث لا يبقى أثر من الأنانيّة.

الإسراء : جعل شي‌ء في المسير سرّا ومن دون إعلان.

البركة : هو الفيض والخير والزيادة والفضل.

الحرام : ما يكون ممنوعا من الأصل.

والمسجد الحرام : ذكر في القرآن المجيد في خمسة عشر موردا ، مرادا به المسجد بمكّة فيه بيت اللّه. وأمّا المسجد الأقصى : فلم يذكر إلّا في مورد واحد وهو في هذه الآية الكريمة.

فالبحث في هذا الإسراء وحقيقته إنّما يقع في امور :

1- يبتدأ هذا الموضوع بالتسبيح : بمناسبة الإسراء ، فانّ حقيقته في هذا المورد السير الروحاني من محدودة هذا العالم الجسمانيّ الدنيويّ الى العالم العلويّ الروحانيّ اللاهوتي ، كما أنّ التسبيح هو الاعتراف والإذعان واليقين بانّ اللّه هو الحقّ وعلى الحقّ منزّها عن كلّ نقص وضعف. فهو تعالى يليق ويقدر بأن يسري عبده الى المقام الأعلى الأقصى ، وهذا من شأنه.

2- يعبّر النبيّ الأكرم بالعبد : إشارة الى أنّ هذا السير إنّما يتحقّق في مقام العبوديّة الحقّة ، والعبوديّة منتهى مقام السالك ، وفيه تنتفي الأنانيّة والنفسانيّة المتظاهرة-. {عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل : 75] ، . {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم : 10] ، . {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الحديد : 9].

3- وقد وقع الإسراء بالليل : إشعار بأنّ الصفاء والنور الروحانيّ إنّما يتحصّل في الفراغ عن العلائق الماديّة وبانتفاء التظاهرات والتجلّيات الدنيويّة ، وكلّما قلّ التظاهر المادّيّ تجلّت الأنوار الروحانيّة.

وأيضا إنّ الإسراء الروحانيّ لا بدّ وأن يكون في محيط خال عن الأغيار وفي انقطاع عن المشاغل والشواغل ، حتّى يتحصّل التجرّد والخلوص ، فلازم أن يتحقّق في حال الخلوة وفي أوقات فارغة عن الانس وإشراف الناس.

4- حقيقة مفهوم المسجد : مقام يتحقّق فيه الخضوع التامّ والانكسار الكامل بحيث تنتفي الأنانيّة ، وهذا المفهوم يصدق في الخارج بصورة السجدة المعمولة في‌ الصلوات وغيرها ، فمحلّ هذه السجدة يطلق عليه المسجد ، والمسجد الحرام أفضل المساجد الدنيويّة وأكرمها ، وفيه امتياز مخصوص في الشرف والمنزلة والانتساب الى اللّه المتعال.

ومصداقه في العالم الروحانيّ كلّ مقام للسالك يتحقّق فيه هذا المفهوم ويصدق فيه هذه الحقيقة ، وأعلى هذه المساجد مقاما وفضلا هو المسجد الأقصى الّذي يتجلّى فيه منتهى حقيقة السجود ، ويبارك ما حوله ، ويرى فيه آياته الباهرة المتجلّية.

فالمسجد الأقصى : مقام تحقّق حقّ الخضوع بكماله وحقيقة السجود بتمامها ونهاية مرتبة الفناء ومنتهى درجة سقوط الأنانيّة ، بحيث تنتفي فيه الحجب قاطبة من ظلمانيّة ونورانيّة.

5- من المسجد الحرام : هذا المقام مبدأ الإسراء وابتداء المسير ، وهو في عين كونه أشرف وأفضل المساجد والمقامات الظاهريّة : متّصف بكونه حراما ، أي ممنوعا في نفسه ومحدودا في ذاته ومقيّدا بقيود معلومة من جهة السكنى والورود والخروج والآداب والأعمال والطاعات ، فالإسراء من هذه المحدودة يواجه أمورا معضلة ، ولا سيّما إذا كان منتهى السير المقصد الأسنى والمسجد الأقصى ، وهذا المعنى من مظاهر القدرة ومن الآيات البيّنة الإلهيّة-. {نَرْفَعُ دَرَجٰاتٍ مَنْ نَشٰاءُ }*.

وظاهر الآية الكريمة وقوع الإسراء من المسجد الحرام ، لا من بلدة مكّة ومن بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا نحتاج الى تأويل.

ولا يبعد أن يكون الإسراء بمرّات عديدة ، يشير الى كلّ منها والى خصوصيّاته آية أو رواية خاصّة واردة ، ولا حاجة لنا الى حصره بمرّة واحدة ثمّ تأويل جميع الآيات والروايات اليها.

6- باركنا حوله : إشارة الى أنّ ما حول هذا المقام والنزول فيه بفضل منه تعالى ورحمة زائدة وفيض وتوجه خاصّ ، ولا يمكن لسالك أن يصل الى هذا المقام ويستغرق في هذا البحر العميق الزخّار إلّا بإسرائه وتأييده ، وتحت تربيته ولطفه وفضله.

فهذا مقام خارج عن السير الطبيعيّ والإمكانيّ للبشر-. {يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشٰاءُ }*.

7- لنريه من آياتنا : يشعر بانّ شهود الآيات الخاصّة له تعالى إنّما يتحصّل بعد الوصول الى هذا المقام ، فانّ من لم ينقطع عن نفسه وعن أنانيّته وعمّا يتعلّق به حقّ الانقطاع : كيف يمكن له شهود آيات الحقّ ومعاينة تجلّيات الجلال والجمال كما هو-. {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم : 16 - 18].

8- الإسراء : قلنا إنّه سير سرّا ، وهذا الإسراء كذلك ، وهو جريان خاصّ وفضل مخصوص ولطف ممتاز ورحمة رحيميّة ، لا ينال به إلّا من اختاره اللّه في الأوّل وفي مقام التربية ثانيا.

و يناسب هذه الحقيقة ذكر السبّوحيّة المقتضية للافاضة المناسبة ، وذكر العبوديّة المشعرة بتحقّق الاقتضاء في المورد ووجود الاستعداد الخاصّ ، وذكر المسجد مشيرا الى تحقّق حالة الخضوع التامّ وانتفاء الأنانيّة.

9- وأمّا تفسير المسجد الأقصى بمسجد القدس في بيت المقدّس : فلا يلائم المورد.

فأوّلا- فانّ الأقصى بمعنى الأبعد الأعلى ، ومسجد القدس ليس بأبعد مسجد من مكّة المكرّمة.

وثانيا- إنّ الاسراء الى مسجد القدس أمر ماديّ ظاهريّ ولا فائدة فيه أزيد ممّا في تشرّف ورحلة اليه ، ولا سيّما أن ذلك المسجد وتلك الأراضي كانت تحت سلطة من ايران والروم ، بين نفوذ مسيحيّة وزردشتيّة ، وذلك في زمان سابور ذي الأكتاف.

وثالثا- إنّ الآية مصرّحة بأنّ الإسراء كان من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ، فيكون منتهى السير هو المسجد الأقصى ، وأمّا ما فوقه من عوالم اخر فلا يدلّ عليه هذا الكلام الشريف.

ورابعا- إنّ السير الى ما فوق المسجد الأقصى إمّا في جهة مادّيّة أو روحانيّة :

فالأوّل لا يفيد عروجا معنويّا ومعرفة إلهيّة أزيد ممّا في السير في الأرض. والثاني لا يلائم السير في الجهة الاولى.

وخامسا- إنّ الإسراء المادّيّ لا يلائم كلمات- سبحان ، أسرى ، عبد ، المسجد ، اللّيل ، المباركة- إراءة الآيات.

10- إنّ هذا الإسراء كان روحانيّا في جسمانيّة : بمعنى انّ مشاهدة تلك‌ العوالم والآيات كانت في اليقظة ، لا في حال النوم ولا في عالم التجرّد والانقطاع الكامل الخارجيّ عن البدن ، بل بالشهود في حال التعلّق خارجا بالبدن ، أي شهود القلب مع كونه متعلّقا بالبدن ومتوجّها اليه ، وإن شئت فعبّر بحال الجمع في الجمع ، وهذا المعنى إنّما يتحقّق للخواصّ من الأولياء وهو المرتبة القصوى والحدّ الأعلى من الشهود.

و لعلّ هذا المعنى هو المراد من كون المعراج جسمانيّا.

11- إنّ مشاهدة ما شوهد في المعراج : ليس للبدن فيه أدنى تأثير ، ولا حاجة في هذا المعنى الى إسراء البدن ، بل وهو رفيق سوء في هذا المسير ، بل ولا حاجة الى السير المكانيّ الظاهريّ ، فانّ السماوات والأرض قاطبة ماديّة محدودة جسمانيّة ظلمانيّة ، وليس في إسرائها مزيد فائدة.

وهذا خلاصة ما يعبّر بهذه الكلمات القاصرة ممّا يشاهده بعض أهل المعرفة واليقين في خصوص هذه الآية الكريمة- فتدبّر فيها.

وامّا الروايات الواردة الصحيحة : فتنزيلات وتأويلات على لسان القوم كما في سائر الحقائق والمعارف المربوطة بعوالم ما وراء المادّة ، فلا بدّ من تنزيلها الى صور تلائم المادّة وأهلها- كلّموا الناس على قدر عقولهم.

ومع هذا فالاحتياط في الدين يقتضي أن يرجع كلما لا يعرف علما يقينيّا ، الى عالم الغيب والشهادة ، وهو العليم الخبير.
_________________________
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
‏- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ ‏مجلدات ، طبع مصر ١٣٩ ‏هـ .
- التهذيب = تهذيب اللغة للأزهري ، 15 مجلّداً ، طبع مصر ، 1966م .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .