أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-9-2016
1457
التاريخ: 19-2-2021
2449
التاريخ: 30-9-2016
1933
التاريخ: 27-4-2020
2666
|
ومضافاً إلى الآيات والروايات الشريفة فإنّ (التكبّر والاستكبار) يُعتبر مذموماً في منطق العقل بشدّة ، لأنّ العقل يرى أنّ جميع أفراد البشر هُم عباد الله تعالى وكلّ إنسان يجد في نفسه نقاط إيجابية وقابليات وملكات في طريق الكمال ، وكلّهم من أب واحد وامّ واحدة ، فهم سواسية في ميزان الخلق ، فلا دليل على أن يرى أي إنسان نفسه أعلى من الآخرين ويفتخر على غيره ويسعى لتحقيره ، وحتّى لو رأى في نفسه موهبة من الله تعالى لم تكن لدى الآخرين ، فمثل هذه الموهبة يجب أن تكون سبباً ليتحرك في خط الشكر لله تعالى والتواضع لا في خط الكبر والغرور.
إنّ قباحة هذه الصفة الذميمة يعد من البديهيات الّتي يشعر بها كلّ إنسان في وجدانه ويعترف بها ، ولهذا فإنّ الأشخاص الّذين لا يعتنقون أي دين ومذهب يذمون حالة التكبّر والأنانية أيضاً ويرون أنّها من أقبح الصفات والسلوكيات في دائرة السلوك الإنساني.
وفي الواقع فإنّ قسماً مهماً من مسألة (حقوق الإنسان) الّتي تم تدوينها من قِبل مجموعة من المفكّرين غير المؤمنين ناظرة إلى مسألة التصدي لحالة الاستكبار الدولي ، ومع أننا قد نرى من الناحية العملية نتائج معكوسة على هذا القرار الدولي بحيث أصبح أداة طيّعة بيد المستكبرين للتحرك من موقع إدانة الآخرين لا العمل على تطبيق هذه المقررات الأخلاقية بإنصاف على جميع الدول والمجتمعات البشرية المعاصرة.
وأساساً كيف يرتدي الإنسان رداء التكبّر في حين إنه وكما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) كان في البداية نطفة حقيرة ، ثمّ جيفة نتنة ، ثمّ هو فيما بينهما يحمل العذرة؟
الإنسان ضعيف وعاجز إلى درجة أنّ البعوضة تؤذيه وحتّى أقل من البعوضة ، أي المكروب والفيروس الّذي لا يُرى بالعين المجرّدة قد يوقعه في حبال المرض الشديد ويؤدي به إلى أن يرقد على سرير المرضى لمدّة طويلة ، والإنسان الّذي يتألم من حرارة الهواء أو برودته ولو انقطع المطر مدّة عنه لشعر بالهلاك والتلف ولو أنّ المطر زاد قليلاً عن المألوف لوقع في مصيبة أدهى ، ولو أنّه قد ارتفع ضغطه قليلاً لوقع في خطر الموت وكذلك لو انخفض ضغطه أيضاً ، وهو لا يعلم مصيره ومستقبله حتّى لمدى ساعة من المستقبل القريب ولا يعلم متى يحين أجله وقد يكون أقرب الناس إليه هو الّذي يقتله ويذهب بحياته ، وقد يكون الماء الّذي يروي حياته موجباً لموته أيضاً ، وكذلك الهواء الّذي يتنسّمه ويستنشقه قد يتحول إلى إعصار مدمر في حركة سريعة فيتحول بيته ومأواه إلى خرائب وبذلك يفقد كلّ شيء لأتفه الأسباب.
ومن الامور الّتي تمثل علامة من علامات عجز الإنسان هي الأمراض الّتي تأخذ بحياة الإنسان وسعادته وسلامته والّتي غالباً ما تكون بسبب المكروبات والفيروسات الصغيرة جداً بحيث لا ترى إلّا بأقوى المجاهر والمكرسكوبات وبإمكانها أن تصرع أقوى الناس واغناهم وأشدّهم قوّة وقدرة.
إنّ مرض السرطان الموحش الّذي يُعدّ مرض العصر في هذا الزمان ويحصد أكثر الضحايا على الرغم من سعي آلاف الأطباء والعلماء في كلّ يوم وصرف مليارات من الأموال لعلاجه وايقافه عند حدّه هذا المرض كيف يحدث؟ أنّه يحدث بسبب طغيان واستكبار وتضخم خلية واحدة من خلايا البدن الّتي لا تُرى إلّا بالمجهر العظيم حيث تشرع هذه الخلية بالتكثّر من دون وازع أو نظم معين ، وهكذا تتضخّم هذه الخلايا وتصبح على شكل غدّة سرطانية في زمن قليل.
إنّ الكثير من القادة العسكريين ورؤساء العالم الّذين يقودون الجيوش العظيمة قد صُرعوا بهذا الداء الوبيل ، أي أنّ جيوشهم العظيمة لم تقدر على التصدي لخليّة صغيرة جداً من خلايا الجسد.
أجل فمثل هذا الضعف والعجز الذاتي للإنسان كيف يسوغ له إدّعاء العظمة والكبرياء بحيث يرتدي لباس العزة والعظمة على المخلوقين في حين أنّ العظمة والكبرياء مختصّتان بالله تعالى وليس لسواه من المخلوقات سوى العجز والفاقة والفقر.
ونختم هذا البحث بحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يبين فيه خلاصة لهذا البحث المنطقي ببيان جميل حيث يقول : «مِسْكِينُ بْنُ آدَمَ مَكْتُومُ الْاجَلِ ، مَكْنُونُ الْعِلَلِ ، مَحْفُوظُ الْعَمَلِ ، تُؤْلِمُهُ الْبَقَّةُ وَتَقْتُلُهُ الشَّرْقَةُ ، وتُنْتِنُهُ الْعَرْقَةُ» ([1]).
فهل مع هذا الحال يليق بالإنسان أن يرى لنفسه تفوقاً وتكبّراً على الآخرين ويفتخر عليهم من موقع رؤية العظمة للذات والأنا.
[1] نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، 419.
|
|
أكبر مسؤول طبي بريطاني: لهذا السبب يعيش الأطفال حياة أقصر
|
|
|
|
|
طريقة مبتكرة لمكافحة الفيروسات المهددة للبشرية
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|