المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الحماقة على درجات  
  
591   08:35 صباحاً   التاريخ: 2024-10-15
المؤلف : د. رضا باك نجاد
الكتاب أو المصدر : الواجبات الزوجيّة للرجل في الإسلام
الجزء والصفحة : ص138 ــ 148
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الزوج و الزوجة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-11-2018 1814
التاريخ: 31-7-2020 1334
التاريخ: 13-1-2016 2245
التاريخ: 2024-09-15 139

مثلما توجد آلة لقياس درجة حرارة الجسد وجهاز لقياس درجة الألم، هناك ضابط لقياس درجة الحمق والتهوّر ومدى قوتهما وضعفهما لكن هذا الضابط متنوعة مصاديقه بعضها في (كيف تتعاملين مع الزوج) وبعضها في (كيف تتعامل مع الزوجة)، وإليك - عزيزي القارئ - ضابط من نوع آخر يحدد حماقة الرجل دون المرأة.. أي أن الزوجة إذا الرجل المهموم بالضحك فإن ذلك لا يكشف عن مدى حماقتها لأن الزوجة تلجأ عادة للانتقام؛ إنها تنتقم من الزوج لتكاسله وضعفه، تنتقم من الزوج لتقصيره في توفير الرفاهية المعيشية، تنتقم منه لتهاونه في الاهتمام بوضع الأطفال و..

وضحك الزوج أمام زوجته في ظرف غير مناسب ضابط لتحديد مدى حمق الرجل...

ضحك الرجل في مثل هذه المواقف لا يمثل أي صورة من صور الانتقام، فانتقامه ينفذه بأساليب أخرى، يترجم انتقامه في الضرب أو السيطرة على الطرف المقابل أو حتى في المباشرة. إذا أراد أن ينتقم لكون الحساء كان مالحاً أو لأن الخبز كان يابساً أو لأنها لم تغسل يدي ووجه الأطفال فإنه لا يقهقه في هذه الحال ولا يظهر شيئاً يعبر عن حماقته وإنما يلجأ لأحط الأساليب الحيوانية ألا وهو الضرب ابتداء ومن إتباع أسلوب التقتير على العائلة أو اصدار الأمر بمنع الخروج من البيت أو ملاقاة الأقرباء ليعكس بذلك صورة تجعله في صدارة قائمة المجحفين والقساة، على أن حيوانيته أو اجحافه يكون على مراتب ودرجات.

ونحن نتجول في عالم الزوج والزوجة، فستقفون عن كثب على الأضرار الناجمة من جراء افتقار حياتهما الزوجية للمودة والرحمة بسبب ابتعادهما عن الدين، أما بيت الزوجية الذي تكون المودة والرحمة ثمرة الزواج فتزهو فيه السجايا الخلقية وتتجسد فيه درجة الآدمية وتعلو فيه كلمة الانصاف. قد يسأل سائل: ماذا أفعل حتى أمنع نفوذ عوامل التلوث والاضطراب إلى حياتنا؟ عليك أن تجعل مبدأ البراءة هو السائد لمنهجك في الحياة، لا مبدأ الاتهام.

ولعلك تهدأ ويرتاح بالك حينما تجد أن الإمام علياً الهادي (عليه السلام) يحدد المعيار في الأخذ بحسن الظن أو الأخذ بسوء الظن فيقول (عليه السلام): (إن كان زمان العدل فيه أغلب من الجور فحرام أن يظن بأحد سوءا حتى يعلم ذلك منه، وإذا كان زمان الجور أغلب فيه من العدل فليس لأحد أن يظن بأحد خيراً ما لم يعلم ذلك منه)(1)، لك أن تحقق ولو بصورة اجمالية بشأن الوسط الذي تعيش فيه فإن رأيت الصلاح هو السمة الغالبة فعليك أن تحمل قولهم وفعلهم على الصحة وإن رأيت العكس فعليك أن تتبين حقائق الأمور. بيد أن التحقيق والتثبت لا يصدق على عائلتك فالمرأة زوجتك والأطفال أولادك وغالب طباعهم وسجاياهم موروث منك، إن كنت طيباً فمبدأ البراءة هو السائد وإن كنت سيئاً فليرحمك الله تعالى. عليك أن تعمل لسيادة مبدأ البراءة على أجواء العائلة فمصير الأولاد متعلق بك وبمنهجك سواء كنت طيباً أم سيئا. إن خمساً وسبعين بالمائة من شخصية الأولاد يتم بناؤها في البيت، في إطار العائلة، وإذا لم تكن تؤمن بسيادة مبدأ البراءة وضرورته فأنت من المفسدين لأنك قلبت معايير تربية الأولاد رأساً على عقب: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 205].

نعم؛ أنت بهذا الشكل كالقبطان الذي يتسبب في تحطم وغرق السفينة وهلاك ركابها، بفعلك هذا حطمت شخصية العائلة بأعضائها، أنت مفسد والمفسد بعيد من الله تعالى بعيد عن الرحمة الإلهية قريب من النار. لا بد أن يسود مبدأ البراءة وعليك أن تتأسى بالإمام الباقر (عليه السلام) حيث كان يعفو عن زوجة له تؤذيه، أنت أيضاً عليك أن تعفو وتسامح وإلا آل الأمر إلى العنف ومهدت لأولادك أن يركبوا جادة الانحراف أو عملت على ضياعهم، ولك أن تطالع تفاصيل ذلك في المجلدات الخاصة بالتربية.

لا يصح للرجل أن يعيّر ويوبخ زوجته بأنها لا تجيد الطبخ أو لا تعرف كيف تغسل الأواني والصحون فهي تستطيع المطالبة بأجر إزاء كل عمل تؤديه لك في البيت وعليك حينها أن تعطيها الأجر كما تعطي أجيرك أجره مع الفارق، فأجيرك تستطيع استبداله إن لم يحسن عمله بينما أنت مجبور على تحمل الزوجة مهما كانت ضعيفة التدبير لأن ضياع الأولاد موضوع يهددك في كل خطوة تقدم عليها ضد الأم، بل إن كل خطوة وكلمة مهما كانت صغيرة فإنها ستترك أثرها في شخصية الطفل. يفترض بك أن تنبهها إلى نقاط الضعف وما إلى ذلك بصورة مؤدبة تشعرها بالخجل من نفسها، إذا لم تخط زرارة قميصك رغم تذكيرك لها مرات عديدة فقم أنت بإخاطته واعلم أنها إذا عرفت أنك قمت بإخاطة الزرار بنفسك فسترتعش خوفاً من تدخل امرأة أخرى في حياتها ولو بمقدار تركيب الزرار، إن سألتك: من الذي خاط الزرار؟ فأجبها بأنك أنت الذي فعلت ذلك، رغم أنها لن تصدق كلامك بسرعة وهنا عليك أن تقنعها بطريقة ما بأنك لا تكذب عليها كأن تتحدث لها عن بحثك عن الابرة والخيط وأين وجدتهما فهذه الأمور تهدأ من روعها.

حينما تطرقنا لموضوع الضحك في غير موقعه، نسيت أن أتحدث عن البكاء الذي في محله. أن المرأة تمتاز بعاطفة خاصة دون غيرها. إذا حضر في مجلس عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) عشرة رجال وعشر نساء كلهم يذرفون الدموع مع ذكر مصاب أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) فإن وجد بين الرجال شخص يبكي مصابه هو في هذه الأثناء فمن المحتمل أن يكون بين النساء ثلاث يبكين همهن ومشاكلهن، ولذا فبكاء الرجل لا يتناسب مع رجولته، غير أن هناك أمران لا ينبغي تجاهلهما:

الأول: إن البكاء يفصح عن وجه آخر للرجل وقد يخبئ وراءه الدواهي، وتنص مذكّرات كبار الساسة على أنهم ذرفوا الدموع في مواقف خاصة وقد أقر رئيس الوزراء البريطاني في زمان الحرب العالمية الثانية (تشرشل) بذلك في مذكراته، لكنه يجدر بك أن تلزم الحذر إذا ما شاهدت أحد المستكبرين أو المترفين وهو يذرف الدموع فربما تحولت هذه الدموع إلى صفعة يرن صوتها في آذان المستضعفين من الناس.

الثاني: هناك بكاء اختص به الأنبياء (عليهم السلام) وأولياء الله تعالى والمؤمنون حيث يقضون ليلهم في ذرف الدموع خوفاً وخشوعاً في مقابل الذات الإلهية المقدسة، على عكس الخلفاء وكثير من ولاتهم الذين قضوا لياليهم بل وأيامهم أيضاً في الرقص والفساد واللهو والشراب، والعياذ بالله تعالى. البكاء من هذا النوع يحظى بأهمية بالغة بحيث يعتبره الإمام علي (عليه السلام) وسيلة يقدمها المرء لله (جل وعلا) ليحميه من الشيطان الرجيم والذنوب والنار (...ارحم من رأس ماله الرجاء وسلاحه البكاء)(2).

ولذا إذا شوهدت دموعك تنهال على وجنتيك، سوى ما كان منها من مخافة الله تعالى أو على أوليائه، فاعلم أن مطرقة حديدية قد هوت حينها على رؤوس الأولاد. وتيقن أن لدموع الخوف من رب العزة وقعاً مؤثرا جدا في نفوس الأولاد قد يفوق أثر كل عبادة يشاهدونها وأنت تؤدّيها.

إن زوجتك وطفلك ووالديك لم يتصور أي منهم أنك بحاجة إلى ذرف الدموع وما أكثر ما تثير مثل هذه الدموع دهشة الحاضرين! ماذا حصل؟! ما معنى ذلك؟! ويعج المكان بالاستفهامات.

ولذا كان من الضرورة بمكان أن يكون بكاء الرجل تلبية لما يعزز الجانب المعنوي للعائلة، لا لشيء آخر.

إذا طلبت الزوجة منك تغيير عملك أو مهنتك فاعمل أولا على تقويم كل ما له صلة بشغلك وأعطه درجة عليه ثم قارنه مع الشغل المحتمل وما به من مزايا فإن توصلت إلى النتيجة فتمسك بالشغل الذي يوفر لك ولعائلتك من وسائل الترفيه والراحة ما تمكنك من العيش بصورة أفضل دون الابتعاد عن المنطقية والموضوعية، فالعيش الأفضل يكون أحلى وأهنأ إذا صاحبه العقل لا في بيت مساحته آلاف الأمتار، ولقد ثبت أن الأرصدة المالية الوافرة تقف حجر عثرة في كثير من سبل نمو العقل. لا تكن كأبي لهب الذي يوبخه الرب الرحيم بصورة بحيث وكأنه تعالى يعطف على زوجته السيئة الصيت ولا تكن كزوج زليخا الذي أطلق لها العنان في أن تنفق ما تنفق من أجل أن توقع الغلام في شراكها.

تبت يدا أبي لهب الذي ما شبعت نفسه من الأموال المكدّسة وهو منهمك فقط بزيادتها، ولتأخذه ألسنة النيران هو وزوجته الحمالة للحطب. كان أبو لهب الملعون يحمّلها الحطب بواسطة حبل من جريد النخل لأنه أرخص قيمة من الحبل القطني ثم يحاسبها على قيمة الحبل والفوائد المترتبة عليها خلال مدة استعماله. تبت يدا أبي لهب لوقوفه أولا أمام تنامي عقله بانشغاله فقط بالربا وزيادة رؤوس أمواله بهذه الطريقة، وتبت يدا أبي لهب لإجبار زوجته على نقل الحطب رغم ما يملكه من ثروة ورغم قدرته على استئجار الآخرين، كان يجبرها على حمل الحطب بواسطة أسوأ أنواع الحبال أي خلافاً لما يريده الله (جل وعلا) في توفير وسائل الراحة والرفاه للعائلة حيث ورد عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: (أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله)(3).

وعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: (ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلّا يتمنوا موته)(4).

وعودة أخرى للإمام السجاد (عليه السلام) وهو يقول: (لئن أدخل السوق ومعي دراهم ابتاع بها لحماً لعيالي وقد قرموا أحب إلي من أن أعتق نسمة)(5).

على أي حال؛ في الوقت الذي يقف الفقير على حافة الكفر، يقف الكنّاز على حافة الحماقة.. الأول يشكو القلة والثاني متخوم بالكثرة، وكلاهما بعيدان عن حد التوسط والاعتدال، والهلاك نصيب كل من خرج عن الحد.

يتحرك مؤشر البطالة بين مستوى الاعتدال إلى شدة الفقر، ولأن العاطل رسول الفقر فهو مؤشر على نوع من الكفر. لقد كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أول ما يسأل من الشاب حينما يراه يسأله عن عمله، فإن جاء الجواب (عاطل عن العمل) أدار الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) عنه وجهه وقال (سقط من عيني)، بمعنى أنك لن تكون ذا قيمة في نظر المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) إذا كنت عاطلاً عن العمل، بل أنت حينها رسول الكفر.

رغم علاقتي الكبيرة بالقضايا الاقتصادية ومطالعاتي في هذا الصدد إلا أنني لم أر كتاباً يقنعني بأنه أدى حق الإسلام الحنيف والقرآن الكريم أو أشار إلى دقائق أمور الفقه الإسلامي حول الاقتصاد في الوقت الذي يبين القرآن الكريم أهمية الاقتصاد ووزارته في الدولة عبر الحوار الذي تم بين فرعون مصر والنبي يوسف (عليه السلام): {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 54، 55]، أن يكون مسؤولاً على وزارة الاقتصاد حسب اصطلاحنا المعاصر، في حين أن الوزارة الرئيسة والبناءة التي إذا سيطر عليها الاستعمار يكون قد سيطر على البلد كله وإن كانت بيد أهلها مات الجميع وهم أحرار هي وزارة التعليم والتربية.

صحيح أن الأنبياء (عليهم السلام) يرسلون كوزراء للتربية والتعليم: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 151]، وصحيح أن النبي يوسف (عليه السلام) قبل بهذه الوزارة لما عرفه من جدب وقحط سيحل بهذه المنطقة إلآ أن ذلك يعكس في نفس الوقت مدى أهمية الاقتصاد ويصنف أهمية اشباع البطن في المرتبة الثانية بعد تغذية العقل بل القلب، وفي كل الأحوال إن الله (جل وعلا) وأنبياءه (عليهم السلام) يريدان الاثنين دون البطالة التي هي مدعاة لسقوط الشخص من عين الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) .

الملفت للنظر إن الرجل يمكن أن يكون عاطلاً والداعي في نفس الوقت، إلى مركز الكفر بينما المرأة لا يمكنها ذلك وهذا اختلاف آخر بين الرجل والمرأة يسجل فضلاً للثانية على الأول لأن على المرأة حينما تبلغ بطالتها وكسلها الذروة أن لا تنسى إن صوت تقاطر الماء من صنابير المطبخ يطرق أسماعها أو أن رائحة احتراق طهيها ما زالت تعم أجواء البيت، وهي بالفعل لا تنسى ذلك وتحاول معالجة الموقف بشكل أو بآخر.. لكن المحيط الخارجي للبيت ساحة لبرهنة القيم الرجولية، فربما عاد الرجل إلى البيت صفر اليدين لأنه لم يبحث عن عمل له ولم يكد في طلب الحلال.. عند دخول الدار أراد أن يسلم عملاً بالاستحباب ويقول (السلام عليك يا رسول الله..)، فتذكر مباشرة أن الرسول (صلى الله عليه وآله)، سيسأله بعد الردّ على السلام عن عمله. أجاب: أنا عاطل.. سقط من عيني.

أما النمط الآخر فيقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، بعد أن يرد (عليه السلام): ما هو عملك؟ يا رسول الله انظر إلى ما في يدي تكسبت واشتريت لزوجتي وأولادي ما يسد رمقهم. حينها يضع الرسول الأكرم يده على ظهر الرجل ويقول مرحباً بك ثم يمنحه رتبة أعلى حيث يبشره بالقول (الكاسب حبيب الله).

وشتان ما بين هذا الكاسب المحبوب وبين ذلك العاطل المنبوذ (سقط من عيني).

الكاسب مجاهد في سبيل الله تعالى على حدّ الحديث الشريف: (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله)(6).

الكاسب يكد من أجل رفاه وراحة عياله وإن بادر بعد عودته للدار بمساعدة زوجته في أعمال البيت فهو من المتأسّين بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي كان يبادر في البيت إلى مساعدة زوجته الطاهرة البتول (عليها السلام). في هذا الإطار نقرأ الرواية التالية حيث يخاطب الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) الإمام علياً (عليه السلام) فيقول: (اسمع مني يا أبا الحسن. وما أقول إلا من أمر ربي: ما من رجل يعين امرأته في بيتها، إلا كان له بكل شعرة على بدنه عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها.. يا علي، من لم يأنف من خدمة العيال دخل الجنة بغير حساب. يا علي، خدمة العيال كفارة للكبائر، وتطفئ غضب الرب، ومهور حور العين، وتزيد في الحسنات والدرجات. يا علي، لا يخدم العيال إلا صدّيق أو شهيد، أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة)(7) (الجنة تحت أقدام الأمهات)(8).

تسمّى البنت أماً منذ تكوّن الجنين في رحمها (الجنة تحت ظلال السيوف)(9).

هو محل السيف والجهاد في سبيل الله تعالى.

يتضمن الحديثان قواسم مشتركة كثيرة.. على الرجل أن يضرب بالسيف لوجه الله تعالى حتى يدخل الجنة وعلى الأم أن تقبل أن تكون أماً لكي تكون معه من الداخلين.. الأم تضع قدمها على أرض الجنة والجنة تحنو أمام سيوف المجاهدين.. الأم تربي المحبين والأصدقاء والأب يقتل الأعداء وكلاهما يبني الجنة لبنة لبنة والدولة التي لا يحمل رجالها السيف لن يكون لها أجيال غيارى ورغم أن هذا الموضوع مرتبط بالأساس بأسلوب التربية إلا أنه بمثابة تنبيه للزوج لأن العقل الذي عرفه الإمام الصادق (عليه السلام) بالقول: (ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان)(10) يقضي بأن تبقى قوة السيف بيد الرجل ويبقى ثقل الذرية عند اقدام الأمهات، فأحيانا يجب الضرب بالسيف وأخرى يستلزم الأمر أن يكون للزوجين ولد فلا بد أن ينجبا.

إن مسؤولية الأب أثقل وأكبر، فالأم التي الجنة تحت قدميها يحمل الزوج مسؤولية مضاعفة لا سيما فيما يتعلق بشؤون الأولاد في حين أن مسؤولية الأم في مقابل (ظلال السيوف) تكون محدودة وفي أوقات معينة، ثم ما أطرف تعبير (ظلال السيوف) وكذلك (تحت أقدام) لا (ظلال الأقدام) ذلك أن قتل العدو لا يتحول إلى عضو من أعضاء الإنسان بل يكون مدعاة للفخر والمحبة في العائلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ ميزان الحكمة: ج5، باب الظن. 

2ـ دعاء كميل لأمير المؤمنين (عليه السلام).

3ـ وسائل الشيعة: ج21، باب استحباب التوسعة على العيال.

4ـ من لا يحضره الفقيه: ج2، ص39، ح168.

5ـ الكافي: ج4، ص12، ح10.

6ـ ميزان الحكمة: ج4، باب الرزق، طلب الحلال.

7ـ جامع السعادات: ج2، الانفاق على الأهل والعيال.

8ـ كنز العمال: ح45438.

9ـ المصدر السابق: ح10482.

10ـ ميزان الحكمة: ج6، باب العقل. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.