المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24



سورة الأنفال سورة بدر  
  
227   11:18 صباحاً   التاريخ: 2024-09-24
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج2، ص5-19
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-5-2017 3379
التاريخ: 1-6-2017 2987
التاريخ: 30-3-2022 1721
التاريخ: 23-12-2015 3468

الأنفال فضحت كثيراً من الصحابة البدريين !

اتفق الرواة على أن سورة الأنفال نزلت بعد معركة بدر ، وهى خمس وسبعون آية . وأكثر آياتها في شأن بدر ، وموقف الإسلام من قريش ، وتوجيه المسلمين في جوانب من الحرب والسلم ، وتشريع الخمس لآل النبي ( صلى الله عليه وآله ) .

قال سعيد بن جبير : « قلت لابن عباس : سورة التوبة ؟ قال : التوبة ، بل هي الفاضحة ! ما زالت تنزل ومنهم ومنهم . حتى ظنوا أن لا يبقى منا أحد إلا ذكر فيها ! قلت : سورة الأنفال ؟ قال : تلك سورة بدر . قلت : فالحشر ؟ قال : نزلت في بنى النضير » . مسلم : 8 / 245 .

وقد تقدمت بعض آيات السورة ، وهذا نصها مع شرح مختصر لمضمون الآيات :

اختلافهم على الغنائم

1 . يسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَينِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . 1 .

بدأت السورة حديثها عن أكبر معركة في تاريخ الإسلام ، باختلاف المسلمين على الغنائم ! لتقول لهم أيها المسلمون إن مشكلتكم الطمع بالماديات فانتبهوا !

المؤمنون حقاً لا يختلفون على غنائم !

2 . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيتْ عَلَيهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يتَوَكَّلُونَ . أَلَّذِينَ يقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ينْفِقُونَ . أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ . 2 - 4 .

عرَّضت هذه الآيات بقسم من الصحابة البدريين ، فمدحت المؤمنين حقاً الذين لا يختلفون على غنائم ، لأنهم أصحاب إيمان عميق ، ووصفتهم بأنهم ينفقون مما رزقهم الله ، لأنهم ينتظرون مغفرته ورزقه في الآخرة !

صحابة يجادلون نبيهم وكأنهم يساقون إلى الموت !

3 . كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ . يجَادِلُونَكَ فِى الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَينَ كَأَنَّمَا يسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ ينْظُرُونَ . وَإِذْ يعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَينِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيرِيدُ اللهُ أَنْ يحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ . لِيحِقَّ الْحَقَّ وَيبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ . 5 - 8 .

ثم وبَّخهم عز وجل بتذكيرهم كيف أخرج نبيه ( صلى الله عليه وآله ) من بيته بالحق ، وقسم منهم خائفون يجادلون النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالباطل ، لأنه طرح عليهم احتمال الحرب وهم يريدون القافلة دون الحرب ! فكانوا كمن يساقون إلى الموت سوقاً رغماً عنهم !

الإمداد الإلهى للمسلمين في بدر

4 . إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ . وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . إِذْ يغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَينَزِّلُ عَلَيكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَيطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيطَانِ وَلِيرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ . إِذْ يوحِى رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّى مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبوُا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يشَاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ . ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ . 9 - 14 .

ذكرت الآيات خوف المسلمين واستغاثتهم بربهم عندما واجهوا جيش قريش ، وكيف استجاب الله تعالى لهم وأمدهم بأنواع من المدد الغيبي ، المعنوي والمادي المنظور وغير المنظور . وجعلت استغاثة النبي ( صلى الله عليه وآله ) استغاثتهم ، والاستجابة لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) استجابة لاستغاثة المسلمين .

الفرار إلى الصفوف الخلفية كالفرار من المعركة

5 . يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ . وَمَنْ يوَلِّهِمْ يوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَاْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ . 15 - 16 .

وهذا أمرٌ مشددٌ بأن لايفروا في المعركة ، وتهديدٌ لهم وتعريض بهم ! ولم ينقل فرار أحد منهم في بدر إلى خارج المعركة ، فلا بد أنها تقصد فرارهم من الصفوف الأمامية إلى الخلفية ، كما حدث عمر عن نفسه لما رأى العاص بن سعيد .

وتقدم قوله « ابن هشام : 2 / 464 » . « رأيته يبحث للقتال كما يبحث الثور بقرنه فإذا شدقاه قد أزبدا كالوزغ فهبته وزغت عنه ! فقال : إلى أين يا ابن الخطاب ! وصمد له على فتناوله ، فما رمت من مكاني حتى قتله » !

وهذا اعتراف بالفرار من الزحف !

قاتلَ النبي « صلى الله عليه وآله » ورمى المشركين بكف حصى

6 . فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيتَ إِذْ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى وَلِيبْلى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيدِ الْكَافِرِينَ .

إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَخَيرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِى عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ . 17 - 19 .

أخبر الله عز وجل بأنه هو طرف المعركة ، وهو الذي قتل المشركين ، وهو الذي رمى بيد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو الذي أجرى المعركة على يد المؤمنين ليمتحنهم ويجزيهم جزاء حسناً . وخاطب الكفار ودعاهم إلى التوبة ، وتوعدهم إن عادوا بالهزيمة .

أمر الله المسلمين بطاعة الرسول « صلى الله عليه وآله » وذكرهم بنعمه عليهم

7 . يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ . وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يسْمَعُونَ . إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يعْقِلُونَ . وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيرًا لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ . يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يحْييكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يحُولُ بَينَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيهِ تُحْشَرُونَ . وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ . وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِى الأرض تَخَافُونَ أَنْ يتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . 20 - 26 .

ثم أكد عز وجل على حقيقة إيمانية عملية هي طاعة المؤمنين لنبيهم ( صلى الله عليه وآله ) طاعة كاملة ، وفيه تعريض بالذين جادلوه بعد وضوح الأمر ، خوفاً من المعركة ، ثم لم يطيعوه واختلفوا في الغنيمة ! وحذرهم من أن مخالفة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ظلمٌ ينتج عنه فتنة لا تختص بفاعلها ، فعليهم نهيه عن المنكر . ثم ذكَّرهم عز وجل بنعمته عليهم وأنه هيأ لهم المدينة موطناً ومأمناً وقاعدة ، وأنعم عليهم بنصره ورزقه .

وحذرهم من خيانة الله ورسوله « صلى الله عليه وآله » وخيانة أنفسهم

8 . يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ . وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ . يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيئَاتِكُمْ وَيغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ . 27 - 29 .

ثم حذرهم الله عز وجل من نوعين من الخيانة ، خيانة الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) بمخالفة أوامره . وخيانة أماناتهم بالتعدي على ما اؤتمن عليه أحدهم من حقوق الآخرين وأموالهم . وقد حدث ذلك في بدر ففي الطريق خان بعضهم الله ورسوله بجدلهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) متعمدين ! وفى بدر اتهموه ( صلى الله عليه وآله ) بأنه غلَّ وأخفى قطيفة من الغنائم فبرأه الله ! وبعضهم خان الأمانة وغلَّ ! وتحدثت الآية الثانية عن نعمة الفرقان بين الخير والشر والخطأ والصواب ، كما كانت بدر فرقاناً ميزت بين المسلمين والمشركين .

وذكَّر قريشاً بتآمرهم على الرسول « صلى الله عليه وآله » وعملهم لقتله

9 . وَإِذْ يمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيثْبِتُوكَ أَوْ يقْتُلُوكَ أَوْ يخْرِجُوكَ وَيمْكُرُونَ وَيمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيرُ الْمَاكِرِينَ . وَإِذَا تُتْلَى عَلَيهِمْ آياتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَلِينَ . وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَينَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . وَمَا كَانَ اللهُ لِيعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يسْتَغْفِرُونَ . وَمَا لَهُمْ أَلا يعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يعْلَمُونَ . وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ . 30 - 35 .

وهذه الفقرة في تكذيب قريش للنبي ( صلى الله عليه وآله ) وتآمرهم عليه لقتله أو نفيه من مكة ! وهى تؤكد أنهم فقدوا المنطق السَّلِيم بسبب تكبرهم ، فطلبوا من الله أن يقتلهم بحجارة من السماء إن كان محمد ( صلى الله عليه وآله ) صادقاً ! وهى حالة من العناد وعبادة الذات تجعل صاحبها عدوانياً وتعميه عن الإيمان ! وتعميهم حتى عن الإيمان بالكعبة التي يعيشون ببركتها ، ولذلك استحقوا العذاب الإلهي !

وذكَّر قريشاً بتآمرهم ضد الإسلام وهددهم

10 . إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ينْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَينْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يحْشَرُونَ . لِيمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيبِ وَيجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ . قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ ينْتَهُوا يغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَلِينَ . وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِمَا يعْمَلُونَ بَصِير . وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ . 36 - 40 .

خصص الله هذه الفقرة لنشاط القرشيين ومن وراءهم ، وإنفاقهم الأموال لعداء النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأخبر أنهم سيغلبون في هذا الصراع لأنه إرادة ربانية لفرز الأخيار من الأشرار . وأنذرهم بالهزيمة إن واصلوا معاركهم مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأطمعهم بالعفو عما أسلفوا إن انتهوا ، وأمر المسلمين بمواصلة قتالهم حتى يخمدوا فتنتهم ويزيحوهم من طريق انتشار الإسلام .

وشرَّع الله فريضة الخمس لبنى هاشم لأنهم أسسوا الأمة والدولة

11 . وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَئْ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يوْمَ الْفُرْقَانِ يوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَئٍْ قَدِيرٌ . إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِى الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيقْضِى اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً لِيهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَينَةٍ وَيحْيى مَنْ حَى عَنْ بَينَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ . إِذْ يرِيكَهُمُ اللهُ فِى مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِى الأمر وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِز . وَإِذْ يرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيتُمْ فِى أَعْينِكُمْ قَلِيلاً وَيقَلِّلُكُمْ فِى أَعْينِهِمْ لِيقْضِى اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأمور . 41 - 44 .

يقول الله بذلك للمسلمين : أيها المختلفون على الغنائم ، المتهمون لنبيهم ( صلى الله عليه وآله ) بأنه سرق منها ! إنكم مدينون بانتصاركم لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) وقرابته « عليهم السلام » ، فاعلموا أن لهم خمس ما غنمتم إن كنتم مؤمنين بالله تعالى وما عاينتم من فعله ! ألا ترون أن الله خطط ووقت وأدار المعركة ، ونصركم عليهم وحسم المعركة بالملائكة وبنى هاشم ، فلولاهم لما كنتم أمة ولا دولة ؟ فأدوا إليهم المالية التي خصهم الله بها !

وأمر المسلمين بالثبات في الحرب وأن لا يبطروا كالمشركين

12 . يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ . وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِمَا يعْمَلُونَ مُحِيطٌ . وَإِذْ زَينَ لَهُمُ الشَّيطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيهِ وَقَالَ إِنِّى بَرِى مِنْكُمْ إِنِّى أَرَى مَا لاتَرَوْنَ إِنِّى أَخَافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ . 45 - 48 .

أكدت الفقرة على خمسة أحكام وقواعد في الحرب : وجوب الثبات وحرمة الفرار ، وذكر الله كثيراً في الحرب ، وطاعة الرسول ، والمحافظة على وحدة الجبهة الداخلية وحرمة التنازع والاختلاف ، وعدم الاعتداد بالنفس والبطر كحالة قريش في بدر ، التي غشها الشيطان فأساءت تقدير المعركة وانهزمت !

وحذرهم من المنافقين ومرضى القلوب في داخلهم

13 . إِذْ يقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . « 49 » . وهذه الآية ذكرت المسلمين بموقف المنافقين ، ومرضى القلوب وهم أخطر المنافقين ! فهؤلاء كانوا يتوقعون هزيمة المسلمين أمام قريش لأنها برأيهم أكثر وأقوي ، ويصفون المؤمنين بأنهم مغرورون بدينهم ووعد نبيهم ! ومعنى الآية : واذكروا إذ يقول هذان النوعان منكم إنكم مغرورون ، فهم لضعف إيمانهم يرون التوكل على الله والإيمان بوعده غروراً ، مع أنه إيمان ويقين !

وحذرهم من عاقبة أعداء الرسل « عليهم السلام »

14 . وَلَوْ تَرَى إِذْ يتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ . ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ . كَدَاْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِى شَدِيدُ الْعِقَابِ . ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يكُ مُغَيرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يغَيرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . كَدَأبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ . 50 - 54 .

صوَّرت هذه الفقرة حالة الكفار عند الموت وفى الآخرة ، وذكرتهم بأنهم تجرى عليهم سنة الله في عقوبة المكذبين للرسل ، كآل فرعون ومن قبلهم ، الذين انطبقت عليهم قاعدة تغيير النعم وسلبها ، بسبب كفرانها وتغير أنفس أصحابها !

ونبه المسلمين إلى شر الدواب الخائنين

15 . إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لايؤْمِنُونَ . الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ ينْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِى كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لايتَّقُونَ . فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِى الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يذَّكَّرُونَ . وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لا يحِبُّ الْخَائِنِينَ . 55 - 58 .

أنذرت هذه الفقرة الفئات اليهودية والقبائل التي عقد معها النبي ( صلى الله عليه وآله ) معاهدات تعايش وعدم اعتداء ، ثم نقض بعضهم عهده واعتدى على المسلمين . وأمرت النبي ( صلى الله عليه وآله ) بمعالجة وضعهم والمبادرة إلى حربهم إن رأى بوادر الخيانة .

وعَلَّم المسلمين قواعد التعامل مع أعدائهم

16 . وَلا يحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لايعْجِزُونَ . وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَاللهِ وَعَدُوَكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَئْ فِى سَبِيلِ اللهِ يوَفَّ إِلَيكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ . وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَالسَّمِيعُ الْعَلِيمُ . وَإِنْ يرِيدُوا أَنْ يخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِى أَيدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ . وَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِى الأرض جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَينَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَينَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . يا أَيهَا النَّبِى حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . يا أَيهَا النَّبِى حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يغْلِبُوا مِائَتَينِ وَإِنْ يكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يفْقَهُونَ . الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يغْلِبُوا مِائَتَينِ وَإِنْ يكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يغْلِبُوا أَلْفَينِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ . 59 - 66 .

وهنا أنذر الله تعالى الكافرين ، وأمر المسلمين بأن يعدوا العدة لحربهم ، وأن يسالموهم إن أرادوا السلم ، ولا يخافوا من مناوراتهم السياسية .

وبين للمسلمين أن وحدتهم والتفافهم حول نبيهم ( صلى الله عليه وآله ) نعمةٌ غير عادية ، وهى من فعل الله تعالى ولطفه بهم فعليهم أن يعرفوا قيمتها ويؤدوا حقها .

وأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأن يقاتل الكفار بمن أطاعه من المؤمنين حتى لو كانوا قلة .

ثم كشف سبحانه تراجع في مستوى المسلمين في بدر ! فقد أراد أن يكون المسلم الواحد منهم مقابل عشرة ، لكنه بسبب ضعفهم في بدر ، جعل الواحد منهم مقابل اثنين فقط ! وقد ظهر هذا الضعف بجدلهم للنبي ( صلى الله عليه وآله ) واختلافهم في الغنائم ، وخيانة بعضهم ، وجبن آخرين .

وبَّخ الذين سارعوا إلى أسر القرشيين قبل أن يثخنوا فيهم

17 . مَاكَانَ لِنَبِى أَنْ يكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يثْخِنَ فِى الأرض تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِى مَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيبًا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .

يا أَيهَا النَّبِى قُلْ لِمَنْ فِى أَيدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يعْلَمِ اللهُ فِى قُلُوبِكُمْ خَيرًا يؤْتِكُمْ خَيرًا مِمَّا اُخِذَ مِنْكُمْ وَيغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَإِنْ يريدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . 67 - 71 .

وفى هذه الآية تفاسير تنشأ من معنى الإثخان ، ومعنى عرض الدنيا الذي أراده الصحابة ، وتكليف النبي ( صلى الله عليه وآله ) وموقفه بشأن الأسري .

والتفسير الصحيح : أن معنى الإثخان في الأرض الإثخان في قتال المشركين ، حيث نهاهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعد هزيمة المشركين أن يأخذوا منهم أسرى قبل أن يثخنوهم قتلاً ويدمروا قوتهم القتالية ، لكنهم أخذوا أسرى طمعاً في فدائهم ! وقد اختاره أبو الفتح الكراجكي « رحمه الله » في : التعجب من أغلاط العامة / 88 ، قال : « وهم الذين كفوا عن الإثخان في القتل يوم بدر وطمعوا في الغنائم حتى نزل فيهم : مَاكَانَ لِنَبِى أَنْ يكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يثْخِنَ فِى الأرض تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا . . » .

فالآية تنهى عن الأسر قبل الإثخان ، وقد أثخن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الأرض وقطع مسافة طويلة ، لكن المسلمين لم يثخنوا في قتالهم ومطاردتهم ، واكتفى الواحد منهم بأسير ليأخذ فديته ! وهذا المعنى يتسق مع السياق : تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا ، وقوله : وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ . وقد اختاره السيد شرف الدين « رحمه الله »

في النص والاجتهاد / 323

واختاره السيد الخوئي « رحمه الله » في البيان / 365 ، قال : « المعروف بين الشيعة الإمامية أن الكافر المقاتل يجب قتله ما لم يسلم ، ولا يسقط قتله بالأسر قبل أن يثخن المسلمون الكافرين ويعجز الكافرون عن القتال لكثرة القتل فيهم » .

واختار شبيهه صاحب الصحيح من السيرة : 5 / 111 ، قال : « كانت ثمة أوامر خاصة بالنسبة لأسرى بدر بينها النبي ( صلى الله عليه وآله ) لأصحابه ، ولكنهم قد أصروا على مخالفتها فاستحقوا العذاب العظيم ، ثم عفا الله عنهم رحمة بهم وتألفاً لهم » .

وتوجد تفاسير أخرى تنفى اللوم عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) . كقول السيد الميلاني إن النهى فيها يدل على الترفع ولا يدل على التحريم .

لكن عمر زعم أنه أصاب وأخطأ النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأن الله وافقه ونهى نبيه عن الأسر وأخذ الفداء ، فخالف النبي ( صلى الله عليه وآله ) فنزلت الآية توبخه وتوبخ الأنصار لأنهم أخذوا الأسرى طمعاً بفدائهم ! راجع رواياتهم في تفسير الطبري : 10 / 55 .

ويرده أن الآية الأخيرة تدل على صحة أسرهم ، وقد تقدم من الكافي : 8 / 2020 : « نزلت في العباس وعقيل ونوفل وقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نهى يوم بدر أن يقتل أحد من بني هاشم ، وأبو البختري ، فأسروا ، فأرسل علياً فقال : أنظر من هاهنا من بني هاشم . . فجيئ بالعباس فقيل له : إفد نفسك وافد ابن أخيك ، فقال : يا محمد تتركني أسأل قريشاً في كفي ؟ فقال : أعط مما خلفت عند أم الفضل وقلت لها : إن أصابني في وجهي هذا شئ فأنفقيه على ولدك ونفسك ، فقال له : يا ابن أخي من أخبرك بهذا ؟ فقال : أتاني به جبرئيل ( عليه السلام ) من عند الله عز وجل فقال ومحلوفه : ما علم بهذا أحد إلا أنا وهي ! أشهد أنك رسول الله ، قال : فرجع الأسرى كلهم مشركين إلا العباس وعقيل ونوفل . وفيهم نزلت هذه الآية » .

وأعلن الله وحدة الأمة من المهاجرين والأنصار

18 . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا اُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايتِهِمْ مِنْ شَئْ حَتَّى يهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِى الدِّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَينَكُمْ وَبَينَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأرض وَفَسَادٌ كَبِيرٌ . وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِى سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ . وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَاُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَئٍْ عَلِيمٌ . 72 - 75 .

أخبر الله أن بدر يوم الفرقان بين الحق والباطل وتمييز الأمة المسلمة عن غيرها .

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « هو اليوم الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل ، وإنما كانا قبل ذلك اليوم هذا كذا ووضع كفيه أحدهما على الآخر » . الأصول الستة عشر / 2568 .

وجاءت هذه الفقرة ختاماً للسورة ، فبينت أن الأمة المسلمة أمة واحدة ، مهاجروها وأنصارها ، وأوجبت الهجرة إلى دولة الإسلام على كل مسلم ، إلا من أجاز لهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، أو أمرهم بالبقاء في بلادهم ، وقد استمرت هذه الفريضة حتى فتح مكة .

ثم أمر الله المسلمين أن يعتبروا الكفار أمة واحدة مهما كانت اختلافاتهم ، وحذرهم من وقوع فساد كبير في الأرض ، إن خالفوا ولم يوحدوا سياستهم تجاههم !

كثرة مكذوبات السلطة عن بدر !

تبين لك أن البدريين فيهم المميزون بإيمانهم وشجاعتهم ، وفيهم المتوسطون ، وفيهم المنافقون ، ومرضى القلوب . لكن رواة السلطة أكثروا المكذوبات فيهم ، ومنها ما يقصد به تنقيص مقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ومنها ما يقصد به إثبات مناقب كاذبة لصحابة يحبونهم ، ومنها للتغطية على مثالب آخرين يحبونهم !

فمن ذلك : قولهم إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) نام يوم بدر : « فدنا القوم منهم ، فجعل الصديق يوقظه ويقول : يا رسول الله دنوا منا ، فاستيقظ » ! الدر المنثور : 3 / 167 وابن كثير : 2 / 405 .

ومنها : قولهم إن أول قتيل كان مهجع غلام لعمر ! ومستندهم في ذلك « يقال » ! ولم يبينوا متى قتل ومن قتله ! راجع الصحيح : 5 / 65 .

ومنها : قول عمر إنه قتل خاله هشام بن العاص ، وقد قتله على ( عليه السلام ) . « الواقدي : 1 / 149 » . على أن خالد بن الوليد كان لا يقبل أنه خاله وأن أم عمر من بنى مخزوم .

ومن مكذوباتهم قولهم إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أعطى سهماً من غنائم بدر لعثمان ، لأنه تخلف لتمريض زوجته بنت النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! وأنه أعطى لطلحة بن عبيد الله ولسعيد ابن عم عمر صاحب حديث العشرة المبشرة ، لأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعثهما في استطلاع قافلة قريش ، والصحيح أنهما كانا في تجارة بالشام ! راجع الصحيح : 5 / 98 .

إلى كثير من المكذوبات في مناقب أبى بكر وعمر وعثمان وسعد بن أبي وقاص ، ومن على شاكلتهم ، للتعويض عن دورهم في المعركة !

الصحابة الأبرار الذين استشهدوا في بدر

في الصحيح من السيرة : 5 / 57 : « واستشهد من المسلمين ، قيل تسعة ، وقيل أحد عشر ، وقيل أربعة عشر ، ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار » .

والمشهور أربعة عشر ، ستة من المهاجرين ، وثمانية من الأنصار . البحار : 19 / 206 ، شرح النهج : 14 / 207 ، الطبري : 2 / 171 ، الطبقات : 2 / 17 ، النهاية : 3 / 366 والإمتاع : 1 / 119 .

وعدهم ابن هشام : 2 / 524 : عبيدة بن الحارث بن المطلب ، وعمير بن أبي وقاص ، وذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة ، وعاقل بن البكير ، ومهجع مولى عمر ، وصفوان بن بيضاء ، وسعد بن خيثمة ، ومبشر بن عبد المنذر بن زنبر ، ويزيد بن الحارث « ابن فسحم » وعمير بن الحمام ، ورافع بن المعلي ، وحارثة بن سراقة بن الحارث ، وعوف ومعوذ ، ابنا الحارث بن رفاعة بن سواد ، ابنا عفراء .

سورة الروم بشرت بالنصر في معركة بدر

كانت الدولتان الكبيرتان في عصر النبى ( صلى الله عليه وآله ) فارس والروم . وقد مد الروم نفوذهم إلى مصر وبلاد الشام ، وكان النصارى في الجزيرة على ارتباط بهم ، خاصة نجران ، وكانت الحبشة قاعدتهم في أفريقيا .

ومد الفرس نفوذهم إلى العراق والبحرين واليمن ، وكانت بلاد الشام ومصر محل صراع بينهم وبين الروم ، وقد حكمها الفرس لمدة قرنين قبل المسيحية ، حتى غلبهم عليها الروم سنة 231 قبل الميلاد . وحاول الفرس في عهد كسرى أن يستعيدوا السيطرة عليها ، فكانت معارك بينهم وبين الروم ، ومنها معركة أذرعات وهى درعا الواقعة على الحدود السورية الأردنية ، فانتصر فيها الفرس وفرح مشركوا قريش الذين كانوا يتعاطفون مع الفرس لأنهم وثنيون مثلهم ، بينما تعاطف المسلمون مع الروم لأنهم أهل كتاب ، فنزلت سورة الروم تبشرهم بأن الروم سيغلبون الفرس وأن المؤمنين سيفرحون بنصر الله أي نصرهم في بدر .

قال الله تعالى : بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . اَلَمِ . غُلِبَتِ الرُّومُ . فِى أَدْنَى الأرض وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيغْلِبُونَ . فِى بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأمر مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيوْمَئِذٍ يفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللهِ ينْصُرُ مَنْ يشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ . وَعْدَ اللهِ لا يخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لايعْلَمُونَ . يعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ . الروم : 1 - 7 .

قال في مجمع البيان : 8 / 43 والطبري : 21 / 22 : « هذه من الآيات الدالة على أن القرآن من عند الله عز وجل ، لأن فيها أنباء ما سيكون ، وما يعلم ذلك إلا الله عز وجل . قال عطية : سألت أبا سعيد الخدري عن ذلك ، فقال : التقينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومشركوا العرب ، والتقت الروم وفارس ، فنصرنا الله على مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على المجوس ، ففرحنا بنصرالله إيانا على مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على المجوس ، فذلك قوله : وَيوْمَئِذٍ يفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ » .

وفسر أهل البيت « عليهم السلام » فرح المؤمنين بفرحهم بانتصارهم على الفرس وفتحهم لبلادهم . « الكافي 8 / 269 » وفرحهم « بنصرالله عند قيام القائم ( عليه السلام ) » « تأويل الآيات : 1 / 434 » وفرحهم في القيامة : « يعنى نصر فاطمة لمحبيها » . « معاني الأخبار / 397 » . وعليه يكون معنى قوله تعالي : وَيوْمَئِذٍ يفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ ، فرحهم بأول النصر في بدر ، ثم بمراحل انتصار المؤمنين في الدنيا والآخرة .

بدأ تدهور الأمبراطورية الفارسية من أيام بدر !

قال اليعقوبي : 2 / 46 : « أعز الله نبيه وقتل من قريش من قتل ، فأوفدت العرب وفودها إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وحاربت ربيعة كسرى وكانت وقعتهم بذى قار « الناصرية » فقالوا : عليكم بشعار التهامي فنادوا : يا محمد يا محمد ! فهزموا جيوش كسرى وقتلوهم ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اليوم أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبى نصروا . وكان يوم ذي قار بعد وقعة بدر بأشهر أربعة ، أو خمسة » .

وقال اليعقوبي : 1 / 225 : « وأما يوم ذي قار ، فإنه لما قتل كسرى أبرويز النعمان بن المنذر بعث إلى هانئ بن مسعود الشيباني أن ابعث إلى ما كان عبدي النعمان استودعك من أهله وماله وسلاحه . وكان النعمان أودعه ابنته وأربعة آلاف درع ، فأبى هانئ وقومه أن يفعلوا ، فوجه كسرى بالجيوش من العرب والعجم ، فالتقوا بذي قار فأتاهم حنظلة بن ثعلبة العجلي فقلدوه أمرهم ، فقالوا لهانئ : ذمتك ذمتنا ولا نخفر ذمتنا ! فحاربوا الفرس فهزموهم ومن معهم من العرب ، وكان مع الفرس إياس بن قبيصة الطائي وغيره من إخوة معد وقحطان ، فأتى عمرو بن عدي بن زيد كسرى وأخبره الخبر فخلع كتفه فمات ! فكان أول يوم انتصرت فيه العرب من العجم » . راجع : المعارف لابن قتيبة / 603 والطبري : 1 / 600 .

وقال ابن خلدون : 2 ق : 1 / 302 : « وأما بنو عجل بن لجيم بن صعب ، وهم الذين هزموا الفرس بمؤتة يوم ذي قار ، فمنازلهم من اليمامة إلى البصرة ، وقد دثروا وخلفهم اليوم في تلك البلاد بنو عامر المنتفق بن عقيل بن عامر ، وكان منهم بنو أبى دلف العجلي ، كانت لهم دولة بعراق العجم » .

وفى الإصابة : 2 / 117 ، أن رئيس ربيعة حنظلة بن سيار ، بلغه انتصار النبي ( صلى الله عليه وآله ) في بدر ونزول سورة الأنفال ، فأرسل خمس غنائمه من الفرس إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقال :

ونحن بعثنا الوفد بالخيل ترتمي * بهم قُلُصٌ نحو النبي محمدِ

بما لقى الهرموز والقوم إذ غزوا * وما لقى النعمان عند التورد »




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.