أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2014
2435
التاريخ: 16-11-2014
2495
التاريخ: 2024-10-05
293
التاريخ: 5-5-2017
2751
|
تطبيقات منهج التفسير العقليّ
أ- قرائن عقليّة قطعيّة:
مثال: قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] ، فإنّ المعنى المتبادر من لفظ يد هو اليد الجسمانيّة، ولكنّ هذا المعنى يستحيل أن يُنسَب إلى الله تعالى، لأنّه يؤدّي إلى لزوم التجسيم بحقّه تعالى، وهو باطل بضرورة العقل. فينبغي أن نصرف المعنى الظاهر لليد والذي هو حقيقة لغويّة فيها، إلى معنى آخر يتوافق مع حكم العقل القطعيّ ببطلان التجسيم، بحيث يكون له وجه استعماليّ في لغة العرب، كمعنى القدرة الذي يكون حقيقة قرآنيّة في ما لو استخدمت اليد بحقّ الله تعالى.
ب- براهين عقليّة:
إنّ القرآن يكشف للعقل عن مقدّمات عقلية يقينيّة، لو التفت إليها العقل لأنتج معرفة برهانيّة، فتكون الآيات واردة في مقام التأييد والإرشاد لحكم العقل، وليست في مقام التأسيس والإنتاج. ومن نماذج ذلك:
- قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22].
تنطوي هذه الآية على دليل عقليّ يتألّف من مقدّمات ترشد بمجموعها العقل إلى الحكم باستحالة وجود شريك مع الله -تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً-، وقد صاغت الآية هذا الدليل وفق التالي:
- قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ﴾، أي افتراض وجود أكثر من إله مع الله - تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً -.
- لو فُرِضَ للعالم آلهة فوق الواحد، لكانوا مختلفين ذاتاً متباينين حقيقة.
- قوله تعالى: ﴿لَفَسَدَتَا﴾، لأنّ تباين حقائقهم يقضي بتباين تدبيرهم، فتتفاسد التدبيرات وتفسد السماء والأرض.
- لكنّ النظام الجاري نظام واحد متلائم الأجزاء في غاياتها.
- النتيجة: فليس للعالم آلهة فوق الواحد، وهو المطلوب(1).
- قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: 91].
تشتمل هذه الآية على دليلين عقليين مستقلّين يتضمّنان مقدّمات يذعن لها العقل بحكم استحالة وجود أكثر من إله في الوجود. وهذان الدليلان هما:
- الدليل الأوّل: قوله تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ﴾، وبيانه التالي:
- ﴿وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ﴾، افتراض وجود أكثر من إله للوجود.
- لا يُتصوّر فرض تعدّد الآلهة إلا ببينونتها بوجه من الوجوه، بحيث لا تتّحد في معنى ألوهيّتها وربوبيّتها.
- معنى ربوبيّة الإله في شطر من الكون ونوع من أنواعه تفويض التدبير فيه إليه، بحيث يستقلّ في أمره، من غير أن يحتاج فيه إلى شيء غير نفسه، حتى إلى مَنْ فوّض إليه الأمر.
- إنّ المتباينين لا يترشّح منهما إلّا أمران متباينان.
- قوله تعالى: ﴿إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ﴾. لازم التباين أن يستقلّ كلّ من الآلهة بما يرجع إليه من نوع التدبير وتنقطع رابطة الاتّحاد والاتّصال بين أنواع التدابير الجارية في العالم، كالنظام الجاري في العالم الانسانيّ عن الأنظمة الجارية في أنواع الحيوان والنبات والبر والبحر والسهل والجبل والأرض والسماء وغيرها، وكلّ منها عن كلّ منها، وفيه فساد السماوات والأرض وما فيهنّ.
- لكنّ النظام الكونيّ ملتئم الأجزاء، متّصل التدبير.
- النتيجة: ليس للعالم آلهة فوق الواحد، وهو المطلوب.
- الدليل الثاني: قوله: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا ... وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾. وبيانه الآتي:
- ﴿وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ﴾، افتراض وجود أكثر من إله للوجود.
- إنّ التدابير الجارية في الكون مختلفة، منها: التدابير العرضية، كالتدبيرين الجاريين في البرّ والبحر، والتدبيرين الجاريين في الماء والنار، ومنها: التدابير الطولية التي تنقسم إلى تدبير عامّ كلّي حاكم، وتدبير خاصّ جزئيّ محكوم، كتدبير العالم الأرضيّ وتدبير النبات الذي فيه، وكتدبير العالم السماويّ، وتدبير كوكب من الكواكب التي في السماء، وكتدبير العالم المادّي برمّته، وتدبير نوع من الأنواع المادّيّة.
- بعض التدبير، وهو التدبير العام الكلّي يعلو بعضاً، بمعنى أنّه بحيث لو انقطع عنه ما دونه بطل ما دونه، لتقوِّمه بما فوقه، كما أنّه لو لم يكن هناك عالم أرضيّ أو التدبير الذي يجري فيه بالعموم لم يكن عالم إنسانيّ ولا التدبير الذي يجري فيه بالخصوص.
- قوله تعالى: ﴿وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾. لازم ذلك أن يكون الإله الذي يرجع إليه نوع عالٍ من التدبير عالياً بالنسبة إلى الإله الذي فوِّض إليه من التدبير ما هو دونه وأخصّ منه وأخسّ.
- استعلاء الإله على الإله محال، لأنّ الاستعلاء المذكور يستلزم عدم استقلال المستعلى عليه في تدبيره وتأثيره، إذ لا يجامع توقّف التدبير على الغير والحاجة إليه الاستقلال، فيكون السافل منها مستمدّاً في تأثيره محتاجاً فيه إلى العالي، فيكون سبباً من الأسباب التي يتوسّل بها إلى تدبير ما دونه لا إلهاً مستقلاً بالتأثير دونه.
- النتيجة: ما فُرِضَ إلهاً هو غير إله، بل سبب يدبّر به الأمر، وهذا خلف(2).
___________
1.انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج14، ص266-267.
2.انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج15، ص62-63.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|