أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-6-2018
2179
التاريخ: 2024-03-24
949
التاريخ: 2024-10-24
70
التاريخ: 29-8-2022
8375
|
بعد ان تتحدد المسائل الجوهرية يصبح تحديد المسائل الثانوية امر ممكن, فكل ما لا يدخل في المسائل الجوهرية يمكن اعتباره من مسائله الثانوية .
حيث ان المسائل الجوهرية تمثل المقومات التي يتوجب وجودها لقيام العقد لأنها تحدد طبيعة العقد وما هيته وارادة اطرفه (1) .
فهي تلك المسائل التي يترتب على الاتفاق عليها انعقاد العقد ويؤدي عدم الاتفاق عليها الى استمرار فترة ما قبل الانعقاد حتى يتم الاتفاق عليها (2)
ويمكن القول ان المسائل التي طرحها المشرع في القواعد العامة مثل مكان التسليم وزمانه ونفقاته تعتبر من المسائل الثانوية .
لذلك ان الاتفاق على المسائل الجوهرية ضرورة يفرضها العقد ذاته ومبدأ الرضائية الذي يقوم عليه, فهي تلك المسائل التي تحدد ماهية العقد؛ وكل ارادة راغبة بالتعاقد لا تتضمن تحديدا لتلك المسائل لاتعد ايجاب وانما تعبر دعوة الى التفاوض(3).
وقد طرح الفقه القانوني معيارين للتمييز بين المسائل الثانوية والجوهرية في العقد والتي سنتطرق اليهما في الفقرتين التاليتين :
اولاً: المعيار الموضوعي
وهو الذي يعتمد على طبيعة العقد وماهيته واركانه لتحديد ما هو جوهري من المسائل ليعتبر ما عداها مسائل ثانوية(4).
اما مضمون هذا المعيار فقد وجد أكثر من راي في تفسيره وبيانه, حيث ذهب الراي الأول بان المقصود بالمسائل الجوهرية هو الاتفاق على اركان العقد اللازمة قانونا لانعقاده, وهي كل من الرضا والمحل والسبب, فضلا عن الاركان الخاصة بكل عقد (5), وكل ما لا يدخل في هذه الاركان يعتبر من المسائل الثانوية .
اما الرأي الثاني فقد ذهب الى الاعتماد على الهدف من ابرام العقد فقط لتحديد المسائل الجوهرية وبرر ذلك بان لكل عقد غرضا اقتصاديا يهدف الى تحقيقه فتكون المسائل المحققة لهذا الغرض هي المسائل الجوهرية لذلك العقد (6) .
بعباره اخرى هي تلك العناصر التي تتوقف على العملية القانونية التي يهدف العقد الى تحقيقها فعندما يتعلق الأمر كما هو الحال بتبادل اموال وخدمات فان غايات هذا التبادل التي تكون العناصر الأساسية للعقد وما لا يدخل في تلك الغايات يكون من العناصر الثانوية له (7) . بينما وجدنا راي ثالث في الفقه اتخذ المعيارين السابقين مادة لمضمون رايه حيث يرى بان المعيارين السابقين يصبان في نقطة واحدة وهي ضرورة اتفاق طرفي العقد على المسائل الجوهرية اللازمة لإبرام عقد معين لكي يحقق الغرض من ابرامه(8).
لان تحليل المسائل الجوهرية لعقد ما التي لابد من الاتفاق عليها من قبل طرفي العقد لكي يوجد عقد يذهب بنا الى القول بانها تلك المسائل التي تحقق غاية الطرفين من ابرامه(9) . ففي عقد البيع مثلا تتركز مسائل العقد الجوهرية في المبيع والثمن, فأركان العقد وفقا لما تبناه الراي الأول تشمل التراضي والمحل والسبب, فالتراضي لا يمكن النظر اليه بوصفه مجرد عنصر جوهري بالمعنى المقصود في هذا المقام فالمقصود بالعناصر الجوهرية انها تلك العنصر التي ينصب عليها الرضا أو يحتويها (10) .
وينعكس هذا القصد على المبيع فيما يخص المشتري والثمن فيما يخص البائع, اما المحل فيتمثل بالمسألتين ذاتهما (المبيع والثمن ) ونرى ان السبب ايضا لا يخرج عن تلك المسألتين اذا ما تناولناه من زاوية السبب القصدي الذي يشمل قصد البائع من ابرام عقد البيع وهو الحصول على الثمن وقصد المشتري من ذلك العقد وهو الحصول على المبيع .
وان اعتماد الغرض الاقتصادي من العقد لتحديد مسائله الجوهرية وهوما ذهب اليه الراي الثاني, ينطبق عليه ما ذكرنا بشان الراي الأول كون الغرض الاقتصادي لعقد البيع يتمثل باستبدال كل طرف من اطرافه لما هو ملك للطرف الاخر اذ يحصل البائع بالنتيجة على الثمن ويحصل المشتري على المبيع (11) .
والنتيجة هي ان المبيع والثمن هما المسألتان الجوهريتان لعقد البيع اما ما عداهما فيعد من المسائل الثانوية لذلك العقد (12)
ثانيا : المعيار الشخصي
وهو ذلك المعيار الذي يستند الى ارادة طرفي العقد لتحديد مسائل العقد الجوهرية من خلال الاعتماد على ارادة كل طرف من الاطراف على حده لاعتبار مسالة ما جوهرية ولو كنت معتبرة كمسالة ثانوية وفق المعيار الموضوعي (13) وبذلك فان اهميتها تقاس من خلال نظرة المتعاقد لها فاذا كانت تمثل أهمية خاصة بالنسبة له بحيث يمتنع عن الالتزام بالعقد دون الاتفاق عليها عدت مسالة جوهرية وفقا للمعيار الشخصي واذا كانت لا تمنع من قيام العقد بان يحتفظ طرفا العقد بحق الاتفاق عليها في وقت لاحق كانت تلك مسألة ثانوية (14) .
فيمكن القول بان اي مسالة ثانوية قليلة الاهمية في العقد المراد ابرامه يمكن تحويلها الى مسالة جوهرية وفقا لإرادة الطرفين (15) .
فعلى سبيل المثال زمان ومكان الوفاء بالثمن في عقد البيع وعقد الايجار والمدة في عقد المقاولة تعتبر مسائل ثانوية ويمكن تحويلها الى مسائل جوهرية اذا كانت تمثل اهمية خاصة عند المتعاقدين وعبروا عن ذلك في العقد .
وبالوقوف على الموقف التشريعي من المعيارين السابقين ودور تلك المسائل في انعقاد العقد ؛ فقد نصت المادة (86) من القانون المدني العراقي على انه (1- يطابق القبول الايجاب اذا اتفق الطرفان على كل المسائل الجوهرية التي تفاوضا فيها اما الاتفاق على بعض هذه المسائل فلا يكفي لالتزام الطرفين حتى لو ثبت هذا الاتفاق بالكتابة -2- واذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا ان العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل فيعتبر العقد قد تم ...) .
كما نصت المادة (95) من القانون المدني المصري على انه (اذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا ان العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها اعتبر العقد قد تم...) .
لذلك فالاتفاق على المسائل الجوهرية كافي لانعقاد العقد وفق القانونين العراقي والمصري ما لم يصرح المتعاقدان بغير ذلك فاذا صدرت منهما ارادة مخالفه اعتبر ذلك اعراض عن العقد لحين الاتفاق على جميع المسائل الجوهرية والثانوية .
لذلك فان المشرعين قد تبنيا كلا المعيارين لانعقاد العقد, فالمسائل الثانوية لا تكون لازمة لانعقاد العقد مالم يتم التمسك بها من قبل احد الطرفين اي بمعنى انها تحولت الى مسالة جوهرية وفق المعيار الشخصي (16) .
ونرى ايضا ان المشرع الفرنسي اعمل المعيارين الموضوعي والشخصي في ابرام العقد وهذا المعنى مستنتج من نص المادة (1114) منه والتي نصت على انه (يشمل الايجاب الموجه الى شخص محدد او غير محدد العناصر الجوهرية للعقد المراد ابرامه ويعبر عن ارادة صاحبه بالارتباط في حالة قبوله عند تخلف ذلك فلا يعد ذلك سوى دعوة للدخول في المفاوضات) .
فكل ما يتضمنه الايجاب من مسائل هي مسائل جوهرية بالإضافة الى المسائل التي تحدد طبيعة العقد أصلا .
وقد جاء في احد قرارات محكمة النقض الفرنسية (17), بان محكمة الاستئناف بموجب سلطتها في التقدير قررت ان بعض العناصر التابعة عادة كتاريخ دفع الثمن او تاريخ تسليم المبيع كانت في تلك الدعوى محل اعتبار من قبل البائعة كعناصر مكونة لرضاها, وانه في هذه الحالة لا وجود لعقد البيع لعدم تحقق تلك العناصر .
_____________
1- د. مصطفى محمد الجمال, القانون المدني في ثوبه الجديد مصادر الالتزام - الطبعة الأول, دار الفتح للطباعة والنشر, الاسكندرية, من دون سنة, ص 82 وانظر ايضا د. ياسين الجبوري, المبسوط في شرح القانون المدني ( انعقاد العقد ), الجزء الأول, الطبعة الأولى. وائل للنشر والتوزيع, عمان 2002, ص 199
2- اسراء جاسم محمد اثر التمييز بين المسائل الجوهرية والثانوية في العقد, اطروحة دكتوراه كلية الحقوق جامعة النهرين 2006 , ص 9
3- د. مصطفى الجمال, مصادر الالتزام, دار المطبوعات الجامعية, الاسكندرية, 1999, ص 61
4- د. مصطفى محمد الجمال, السعي الى التعاقد الطبعة الأولى, منشورات الحلبي الحقوقية بيروت, 202, ص 91
5- د. حسام الدين الأهواني, النظرية العامة للالتزام الجزء الاول, الطبعة الثالثة من دون دار نشر, القاهرة 2000م ص 138, وانظر ايضا د. محمد عبد الظاهر حسين, الجوانب القانونية للمرحلة السابقة على التعاقد دار النهضة العربية, القاهرة 2002, ص 24
6- د. محمد ابراهيم الدسوقي, الجوانب القانونية في ادارة المفاوضات وابرام العقود مطبوعات الادارة العامة للبحوث الرياض, 1995, ص 34
7- جاك غستان, المطول في القانون المدني, تكوين العقد, الطبعة الأولى, المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, بيروت, 2008, ص 319
8- د. مصطفى محمد الجمال, السعي الى التعاقد الطبعة الأولى, منشورات الحلبي الحقوقية بيروت, 2020 ، ص 130
9- وسن قاسم غني الخفاجي, ايقاف التنفيذ المؤقت في العقود, اطروحة دكتوراه كلية القانون جامعة بغداد 2006, ص 119
10- د. محمد ابراهيم الدسوقي, المصدر السابق, ص 130
11- وسن قاسم غني الخفاجي, ايقاف التنفيذ المؤقت في العقود, اطروحة دكتوراه كلية القانون جامعة بغداد 2006 ، ص 120
12- نصت المادة (1583) من القانون المدني الفرنسي على (يكون البيع تاما بين الفرقاء والملكية مكتسبة حتما للشاري تجاه البائع منذ ان تم الاتفاق على الشيء المبيع والثمن رغم عدم تسليم الشيء او اداء ثمنه بعد).
13- د. رجب كريم عبد اللاه التفاوض على العقد, اطروحة دكتوراه, كلية القانون, جامعة القاهرة, 2000, ص 532
14- اسراء جاسم محمد المصدر السابق ص 48
15- د. حسام الدين الأهواني, المصدر السابق، ص 140
16- اسراء جاسم محمد, المصدر السابق، ص 53
17- بتاريخ 2 ايار 1978 اورده جاك غستان المطول في القانون المدني, تكوين العقد, المصدر السابق ص324
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|