المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الفطرة
2024-11-05
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05



الإصلاح في عاشوراء  
  
281   11:26 صباحاً   التاريخ: 2024-08-09
المؤلف : معهد سيد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسيني
الكتاب أو المصدر : دروس عاشوراء
الجزء والصفحة : ص53-66
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

وجوب النهوض لإصلاح المجتمع الإسلاميّ

السؤال الذي يبقى هنا[1] هو: لو أنّ يداً أو حادثةً ما, أدّت إلى حرف ذلك القطار الّذي سيّره النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عن مساره، فما هو التكليف؟ لو انحرف المجتمع الإسلاميّ وبلغ الانحراف درجةً خيف معها على أصل الإسلام والمعارف الإسلاميّة من انحرافها جميعاً, فما العمل؟

لدينا نوعان من الانحراف: تارة تفسد النّاس, لكن تبقى أحكام الإسلام سليمة, ومثل هذا الإنحراف يحصل في كثير من الأوقات. وتارة أخرى ينحرف النّاس ويفسد أيضاً الحكّام والعلماء ومبلّغو الدّين! وأساساً لا يصدر الدّين الصحيح عن الفاسدين، فهم يحرّفون القرآن والحقائق، ويبدّلون الحسنات سيّئات والسيّئات حسنات. ويصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وينقلب الخطّ الذي رسمه الإسلام - في هذا الاتجاه مثلاً - 180 درجة! فلو ابتلي النظام والمجتمع الإسلاميّ بمثل هذا الأمر، فما هو التكليف حينئذٍ؟

وقد ظهر الانحراف في زمن الإمام الحسين عليه السلام وكانت الفرصة مناسبة للقيام، لذا كان على الحسين عليه السلام أن يثور, فالانحراف قد ظهر, لأنّ الشخص الّذي توّلى السلطة بعد معاوية لم يراع الإسلام حتّى في الظاهر، فكان منغمساً في الخمر والمجون والفحشاء وينتهك الحرمات علناً[2], ويطعن في القرآن وينشد الشعر المخالف له المنكرة علناً[3]، ويجاهر بمخالفة الإسلام! غاية الأمر لكونه كان يسمّى رئيس المسلمين، فهو لم يُرد أن يقضي على اسم الإسلام. لكنّه لم يكن عاملاً بالإسلام, ولا محبّاً له ولا مهتمّاً به, بل كان بعمله هذا كنبع الماء الآسن (العفن), الذي يرشح منه الماء باستمرار ويسيل خارجاً ويفسد ما حوله, فوجوده بمثابة الماء الآسن الذي سيعمّ المجتمع الإسلاميّ! هكذا يكون الحاكم الفاسد، فلأنّ الحاكم يتربّع على رأس القمّة، فما يصدر عنه لا يبقى في مكانه - خلافاً للناس العاديّين - بل يسيل ليملأ ما حوله ويغمر الهرم بأسره!

كلّ واحد من النّاس العاديّين لديه موقعه الخاصّ به. وكلّما ارتفع الإنسان أكثر كلّما ارتفعت منزلته في المجتمع، وكان فساده وضرره أكثر. وأمّا فساد النّاس العاديّين فمن الممكن أن يقتصر على أنفسهم، أو على البعض ممّن حولهم, لكن لو فسد من هو قائم على رأس السلطة فإنّ فساده ينتشر ويعمّ كلّ الأرض، كذلك لو صلُح، فإنّ صلاحه ينتشر ويعمّ الدنيا.

فشخصٌ بهذا الفساد أصبح, بعد معاوية, خليفة للمسلمين! خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهل هناك انحراف أكبر من هذا؟!.

وجوب الثورة عند ظهور فساد جذريّ

قال الإمام الحسين عليه السلام في خطبته الأولى بعد وصوله إلى كربلاء: "قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون", ثمّ قال: "ألا ترون إلى الحقّ لا يُعمل به وإلى الباطل لا يُتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء ربّه محقّاً.."[4] إلى آخر الخطبة.

الخلاصة: أنّ الإمام الحسين قد نهض للقيام بواجب. وهذا الواجب متعلّق بآحاد المسلمين فرداً فرداً على طول التاريخ. وهذا الواجب هو بمعنى أنّه كلّما واجه نظام المجتمع الإسلاميّ فسادٌ بنيويٌّ وخيف على أحكام الإسلام من أن تتبدّل كلّيّاً فعلى كلّ مسلم النهوض.

انحراف المجتمع الإسلاميّ, أرضيّة موجبة للثورة

السؤال الذي يبقى هنا[5] هو: لو أنّ يداً أو حادثةً ما, أدّت إلى حرف ذلك القطار الّذي سيّره النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عن مساره، فما هو التكليف؟ لو انحرف المجتمع الإسلاميّ وبلغ الانحراف درجةً خيف معها على أصل الإسلام والمعارف الإسلاميّة من انحرافها جميعاً, فما العمل؟

لدينا نوعان من الانحراف: تارة تفسد النّاس, لكن تبقى أحكام الإسلام سليمة, ومثل هذا الانحراف يحصل في كثير من الأوقات. وتارة أخرى ينحرف النّاس ويفسد أيضاً الحكّام والعلماء ومبلّغو الدّين! وأساساً لا يصدر الدّين الصحيح عن الفاسدين، فهم يحرّفون القرآن والحقائق، ويبدّلون الحسنات سيّئات والسيّئات حسنات. ويصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وينقلب الخطّ الذي رسمه الإسلام - في هذا الاتجاه مثلاً - 180 درجة! فلو ابتلي النظام والمجتمع الإسلاميّ بمثل هذا الأمر، فما هو التكليف حينئذٍ؟

 

وقد ظهر الانحراف في زمن الإمام الحسين عليه السلام وكانت الفرصة مناسبة للقيام، لذا كان على الحسين عليه السلام أن يثور, فالانحراف قد ظهر, لأنّ الشخص الّذي توّلى السلطة بعد معاوية لم يراع الإسلام حتّى في الظاهر، فكان منغمساً في الخمر والمجون والفحشاء وينتهك الحرمات علناً[6], وكان ينشد الشعر المخالف للقرآن والدّين علناً ويجاهر بمخالفة للإسلام! غاية الأمر لكونه كان يسمّى رئيس المسلمين، فهو لم يُرد أن يقضي على اسم الإسلام. لكنّه لم يكن عاملاً بالإسلام, ولا محبّاً له ولا مهتمّاً به, بل كان بعمله هذا كنبع الماء الآسن (العفن), الذي يرشح منه الماء باستمرار ويسيل خارجاً ويفسد ما حوله, فوجوده بمثابة الماء الآسن الذي سيعمّ المجتمع الإسلاميّ! هكذا يكون الحاكم الفاسد، فلأنّ الحاكم يتربّع على رأس القمّة، فما يصدر عنه لا يبقى في مكانه - خلافاً للناس العاديّين - بل يسيل ليملأ ما حوله ويغمر الهرم بأسره!

كلّ واحد من النّاس العاديّين لديه موقعه الخاصّ به. وكلّما ارتفع الإنسان أكثر، كلّما ارتفعت منزلته في المجتمع، وكان فساده وضرره أكثر. وأمّا فساد النّاس العاديّين فمن الممكن أن يقتصر على أنفسهم، أو على البعض ممّن حولهم, لكن لو فسد من هو قائم على رأس السلطة فإنّ فساده ينتشر ويعمّ كلّ الأرض، كذلك لو صلُح، فإنّ صلاحه ينتشر ويعمّ الدنيا.

فشخصٌ بهذا الفساد أصبح, بعد معاوية, خليفة للمسلمين! خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهل هناك انحراف أكبر من هذا؟!.

وظيفة المجتمع في مقابل الانحراف عن النظام الإسلاميّ

عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام في وصيّته لأخيه محمّد بن الحنفيّة: "وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً, ولا مفسداً ولا ظالماً, وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي صلى الله عليه وآله وسلم, أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي"[7], وعنه عليه السلام أيضاً أنّه قال: "من كان باذلاً فينا مهجته وموطّناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإنّني راحل مصبحاً إن شاء الله"[8].

يبيّن عليه السلام في الجملتين الأُوليَيْن أهداف التحرّك, وهو الإصلاح في أمّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم, أي إصلاح وتصحيح الحركة المنحرفة التي أصابت المجتمع الإسلاميّ بالاعوجاج، كحال القطار الذي سيّره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على سِكَّته في اتجاه, ولكنّ بعضهم بخيانتهم وجهلهم وأغراضهم قد غيّروا مساره كلّيّاً، في البداية غيّروا مساره بضع درجات ثمّ زادوا ذلك أكثر فأكثر حتّى استطاعوا أن يبدّلوا مساره كلّيّاً.

أراد الإمام الحسين عليه السلام بحركته العظيمة وبخروجه من المدينة أن يقول: "إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي". لقد طرح قضيّة إصلاح وتصحيح اتجاه الحركة وتثبيت النظام الإسلاميّ واستحكامه, أي وضع تلك القيم الإسلاميّة نفسها في موضعها تحت راية الحكومة الإلهيّة, والتي هي بذاتها إحدى القيم الإسلاميّة.

لم يكن هدف الإمام الحسين عليه السلام هو تشكيل الحكومة حتماً, بحيث إذا علم أنّ ذلك لا يمكن أن يتحقّق صرف نظره عن التحرّك, ولم يكن هدفه أيضاً هو الشهادة حتماً, بحيث لو فُرض أنّه حدث خلال مسيره أمور تحول دون شهادته, لم يقبل، بل قال: ينبغي أن استشهد. لا! لم يكن أيّ من هذين الأمرين هدفاً للإمام الحسين عليه السلام, وإنّما كان الهدف شيئاً آخر.

كان الهدف أن يبيّن للعالم في عصره, للمسلمين الذين تناسوا الحقائق الإسلاميّة, وللأجيال القادمة, أنّه كلّما وُجدت ظروفٌ كهذه, فهذه هي الوظيفة. فكلّما كان النظام والتشكيلات الاجتماعيّة ونمط الحياة على هذه الشاكلة - التي شاهدتموها والتي بيَّنها الإمام عليه السلام في سائر كلماته - فوظيفتكم هي هذا العمل الذي قمت أنا به, الخروج, والثورة, وعدم الاستكانة, وعدم السعي وراء المزيد من الأصحاب كمقدّمة لازمة للقيام بالعمل, بل عليكم أن تضعوا أرواحكم على أكفّكم والمضيّ قدماً. والنتيجة في مثل هذه الثورة, بحسب الظاهر هي إمّا نيل الحكومة، أو أنّها ستُهزم- ظاهريّاً- أو أنّها ستُفضي إلى الشهادة، والتي هي نصرٌ أيضاً.

الأصل والأساس هو إيصال هذه الرسالة. وبيان التكليف بصورة (عمليّة) تجسيديّة. إذاً, نهضة الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام نهضة ملهمة ملقّنة للدروس, وحركة مجسّدة للتكليف والوظيفة الإسلاميّة. هذه الثورة كانت لبيان هذه المقاصد.

الإصلاح في المجتمع الإسلاميّ, الواجب الكبير

الهدف عبارة عن: إعادة المجتمع الإسلاميّ إلى الخطّ الصحيح. متى يكون هذا؟ يكون عندما يتبدّل الطريق ويعمّ الجهل والظلم والاستبداد, وعندما تؤدّي خيانة أشخاص إلى انحراف المسلمين, وتوفّر الأرضيّة والظروف لذلك.

إذاً يمكن الاستنتاج والقول: إنّ الإمام الحسين عليه السلام نهض ليقوم بذلك الواجب الكبير الذي هو عبارة عن تجديد بناء النظام والمجتمع الإسلاميّ, أو النهوض في مواجهة الانحرافات الكبيرة في المجتمع الإسلاميّ.

بيان الأرضيّة المناسبة للثورة الإصلاحيّة

لم ينحرف المجتمع الإسلاميّ في زمن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وزمن أمير المؤمنين عليه السلام بذلك الشكل, وفي زمان الإمام الحسن عليه السلام عندما كان معاوية على رأس السلطة، وبالرغم من أنّ علامات الانحراف قد ظهرت, لكنّه آنذاك لم يصل إلى الحدّ الذي يُخاف منه على التبديل الكلّيّ للإسلام. لكنَّ هذا الانحراف قد ظهر في زمان الإمام الحسين عليه السلام وكانت الفرصة متاحة أمام الإمام عليه السلام، فكان على الإمام الحسين عليه السلام أن يقوم: إذ قد وُجد الانحراف.

وكانت الأرضيّة ممهّدة أيضاً. ما معنى أنّ الأرضيّة ممهّدة؟ هل معناه عدم وجود الخطر؟ كلّا، فالخطر موجود. فهل من الممكن أن يبقى من هو على رأس السلطة ساكتاً أمام معارضيه ولا يخلق لهم المخاطر؟ إذاً هي الحرب. تريد أن تنزله عن عرش السلطة وهو يجلس متفرّجاً عليك! من الطبيعيّ أنّه سيسدّد لك الضربات أيضا. إذاً الخطر موجود.

فعندما نقول: الوقت مناسب، فمعناه أنّ الظروف في المجتمع الإسلاميّ مواتية لأن يُبلّغ الإمام الحسين عليه السلام نداءه إلى النّاس في ذلك العصر وعلى مرّ التاريخ.

فلو أراد الإمام الحسين عليه السلام الثورة في عصر معاوية لطُمس نداؤه, وذلك لأنّ الحكم والسياسات كانت بشكل لا يمكن للناس فيها سماع حقّانيّة قول الحقّ, لذلك لم يُقدم الإمام الحسين عليه السلام على شيء ولم يثُر أيّام خلافة معاوية، وكان إماماً لمدّة 10 سنوات[9], لأنّ الظروف لم تكن آنذاك مؤاتية. وقبله عليه السلام, كان الإمام الحسن عليه السلام موجوداً, ولم يثُر أيضاً, لنفس السبب, أي عدم مؤاتاة الظروف. ليس لأنّ الإمامين الحسنين عليهما السلام لم يكونا - آنذاك - أهلاً لهذا العمل.

فلا فرق بين الإمام الحسن عليه السلام وبين الإمام الحسين عليه السلام, ولا بين الإمام الحسين عليه السلام وبين الإمام السجّاد عليه السلام، ولا بين الإمام الحسين عليه السلام وبين الإمام عليّ الهادي عليه السلام أو الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام. بالطبع, إنّ الإمام الحسين عليه السلام حيث أنّه قام بهذا الجهاد فله من هذه الناحية مقام أرفع ممّن لم يقم به، وأمّا من ناحية الإمامة فالكلّ متساوون، ولو وقع هذا الأمر في عصر أيّ واحد منهم لثار وأدّى تلك الوظيفة ونال تلك المنزلة.

فالإمام الحسين عليه السلام أصبح في مواجهة هكذا انحراف، والظروف كانت مواتية له عليه السلام، فلا محيص من تأدية هذا التكليف, ولا عذر.

لهذا فعندما قال له عبد الله بن جعفر ومحمّد بن الحنفيّة وعبد الله بن عبّاس- الّذين كانوا من العالمين بالدّين والعارفين بأحكامه, ولم يكونوا من عامّة النّاس -: إنّ تحرّكك فيه خطر فلا تذهب[10]، أرادوا أن يقولوا: إنّ التكليف قد سقط عنك لوجود الخطر في طريق أدائه. فهؤلاء لم يدركوا أنّ هذا التكليف ليس بالتكليف الّذي يسقط بوجود الخطر, لأنّ الخطر موجود في مثل هذا التكليف دوماً، فهل يمكن لإنسان أن يثور ضدّ هكذا سلطة مقتدرة في الظاهر ولا يواجه خطراً؟! فهذا التكليف دائماً يستبطن الخطر. وهو التكليف ذاته الذي قام به الإمام الخمينيّ قدس سره. كانوا يقولون له (رضوان الله عليه) إنّ الخطر هو في مواجهتكم للشاه، أَفلم يكن الإمام لا يعلم بالخطر؟ ألم يكن الإمام يعلم أنّ جهاز الأمن البهلويّ كان يعتقل الإنسان ويعذّبه ويقتل أصدقاءه وينفيهم؟ ألم يكن الإمام يعلم كلّ ذلك؟!.

الإصلاح في كلام الإمام الحسين عليه السلام

في مجال الإصلاح، رُوى عن الإمام الحسين عليه السلام عبارتان:

"خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي"[11].

"لنُرِيَ المعالم من دينك ونُظهر الإصلاح في بلادك"[12].

أي أريد الإصلاح في الأمّة الإسلاميّة والبلاد الإسلاميّة. كان هذا شعار الإمام الحسين عليه السلام[13].

الإصلاح, صعب لكنّه ممكن

هل ينبغي أن يحلّ اليأس عندما ينحرف القطار عن سكّته؟ هل بالإمكان إعادته إلى خطّه؟ الجواب: نعم! وإن كان أمراً صعباً حيث إنّه يحتاج إلى حركة كحركته ومسيره في المرّة الأولى, وقد كانت حركة الإمام الحسين عليه السلام كهذه الحركة, حيث أعاد الإمام عليه السلام من خلال ثورته ونهضته قطار دين الإسلام والمجتمع الإسلاميّ- الذي انحرف عن مساره وكان يتّجه نحو الماديّة والفساد التامّ - إلى حالته الأولى.

نتيجة النهوض والثورة الإصلاحيّة

أحياناً تتوفّر الظروف (للقيام والثورة), وأحياناً لا تكون كذلك. لكنّها في زمن الإمام الحسين عليه السلام كانت مهيّأة, وفي زماننا كانت أيضاً مهيّأة, حيث قام الإمام الخمينيّ بهذا العمل نفسه. كان الهدف واحداً. بالنتيجة, عندما يسعى الإنسان وراء هذا الهدف ويريد القيام والثورة ضدّ الحكومة الباطلة ومركز الفساد, إنّما ذلك لكي يعيد الإسلام والمجتمع والنظام الإسلاميّ إلى مركزه الصحيح, ففي زمن قد يتمّ النهوض والثورة وينتهي الأمر بالحكومة, وهذا أحد أشكاله, فقد حصل بحمد الله في زماننا على هذا النحو, وفي وقت آخر قد لا تنتهي الثورة بالحكومة, بل بالشهادة, ففي هذه الصورة الثانية ألا تكون الثورة واجبة؟ أو لا يكون فيها فائدة إن كانت نتيجتها الشهادة؟ كلّا، إنّ الثورة واجبة وإن انتهت بالشهادة، فلهذه الحركة ولهذه النهضة فائدة في كلا الصورتين - سواء انتهت بالشهادة أم بالحكومة- غاية الأمر أنّ لكلّ منهما نوعَ فائدة مختلفة.

يجب القيام والتحرّك. هذا هو العمل الذي قام به الإمام الحسين عليه السلام, لكن في النتيجة كان الإمام عليه السلام أوّل من قام بهذه الحركة. وهي لم تحدث قبله, إذ في زمن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وزمن أمير المؤمنين عليه السلام لم يحدث مثل ذلك الانحراف, ولو أنّه كان قد وقع انحراف في بعض الموارد, إلّا أنّه لم تكن الأرضيّة المناسبة متوفّرة ولم يكن المقتضي موجوداً. وقد توفّرا في زمن الإمام الحسين عليه السلام. هذا هو أصل القضيّة فيما يتعلّق بأصل النهضة الحسينيّة.

 

[1] مع الإشارة هنا إلى أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله قد أقام النظام الإسلاميّ وكان هدفه إيصال الناس إلى الكمال ومقام عبوديّة الله تعالى, وهنا يطرح سؤال, وهذا القسم من البحث هو في صدد بيان السؤال والإجابة عليه.

[2] أنساب الأشراف, ج5, ص286-288, مروج الذهب, ج3, ص67-68.

[3] روضة الواعظين, ص191, تذكرة الخواص, ص260-261.

[4] اللهوف, ص48, بحار الأنوار, ج44, ص192, الطبريّ مع اختلاف بسيط-, ج4, ص305.

[5] مع الإشارة هنا إلى أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قد أقام النظام الإسلاميّ وكان هدفه إيصال الناس إلى الكمال ومقام عبوديّة الله تعالى, وهنا يطرح سؤال, وهذا القسم من البحث هو في صدد بيان السؤال والإجابة عليه.

[6] أنساب الأشراف, ج5, ص286-288, مروج الذهب, ج3, ص67-68.

[7] بحار الأنوار, ج44, ص329.

[8] اللهوف ص38, نزهة الناظر, ص86.

[9] دلائل الإمامة, ص177.

[10] رسالة عبد الله بن جعفر إلى أبي عبد الله عليه السلام, الفتوح, ج5, ص67, الإرشاد, ج2, ص68-69. بحار الأنوار, ج44, 366 و ص326-327. حديث محمّد بن الحنفيّة مع أبي عبد الله عليه السلام, الكامل في التاريخ, ج4, ص16-17. اللهوف, ص39-40. حديث عبد الله بن عبّاس مع أبي عبد الله عليه السلام, الطبقات الكبرى, الخامسة, 1, ص450, دلائل الإمامة, ص181-182, بحار الأنوار, ج44, ص364-365.

[11] بحار الأنوار, ج44, ص329.

[12] تحف العقول, ص329, بحار الأنوار, ج97, ص81.

[13] خطبة الجمعة 26/1/1379ش- 15/4/2001 م.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.