مبررات ترجع لمبدأ احترام الدولة للمبادئ والأهداف العالمية في مادة الجنسية |
388
04:45 مساءً
التاريخ: 2024-08-04
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-17
888
التاريخ: 16/11/2022
1483
التاريخ: 2023-03-21
1229
التاريخ: 4-4-2016
3264
|
تصدر حق الدم في بداية ظهور الجنسية أسس فرض الجنسية وذلك بسبب الطابع الذكوري الذي كان يسود المجتمعات القديمة آنذاك حيث إنّ مشاعر الولاء للوطن والإخلاص له لا يتحقق للفرد حامل الجنسية إلا عن طريق الدم المنحدر من جهة الاب ، فالسلطة الأبوية وحدها قادرة على ذلك (1) ، وهذا ما يسمى بالعنصرية والتي تعتبر مبررا كافيا لاعتماد المجتمع القبلي حق الدم في منح الجنسية ولا يخفـــى مــا يسببه الأساس العائلي في ذلك الوقت من حالات إنعدام الجنسية وذلك عندما يكون الأب مجهول أو عديم الجنسية أو مجهولها .
وإن حق الفرد في الجنسية والذي يعتبر من المبادئ المثالية في مادة الجنسية يقابله مسألة التصدي لظاهرة انعدامها ، ومن الجدير بالذكر أنّ لفظ المبادئ في القانون الدولي الخاص يعني الحلول العالمية ويمكن بلورة هذا باعتماد الأساس الأمثل في الصياغة التشريعية لقوانين الجنسية لضمان تجنب ظاهرة انعدامها ، وبالتالي تمتع كل شخص في حق الجنسية ، وتعرف مبادئ القانون الدولي الخاص أو كما يصطلح عليها جانب من الفقه بفكرة (القانون الدولي المرن )بأنها "مجموعة المبادئ والقواعد الدولية القانونية التي تتضمن حقوق والتزامات طوعية اخلاقية وسياسية واقتصادية وتجارية أو بيئية توجبها مبادئ حسن النية والظروف الخاصة والتعاون والإنصاف وعدم التعسف أو اساءة إستخدام الحقوق والسلطات والتي من شأنها التخفيف من شدة القانون العادي الصلب أو التيسير على المخاطبين بها بإيجاد صيغ وبدائل وإعفاءات وتسهيلات متعددة يتم اعمال الإرادة والإختبار حيالها دون الإلزام بالتنفيذ" (2) ، وأن هذه المبادئ تمثل الاطار العام لمبادئ لقانون الدولي الخاص والتي تعتبر المبادئ المثالية في مادة الجنسية صورة خاصة منها وأهم هذه المبادئ هو حق الفرد في الجنسية الذي نصت عليه المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948.
ولأجل ضمان مصالح الأفراد في الحصول على الجنسية لابد من دعوة الدول لمحاربة ظاهرة انعدام الجنسية بما يتلاءم مع المعايير العالمية التي تتطلبها مصالحهم وهذا ما دعت إليه اتفاقية لاهاي لعام 1930 (3).
ويقصد بظاهرة انعدام الجنسية عدم منح الدول جنسيتها لفرد ما ، فيعتبر الفرد أجنبيا بالنسبة لجميع الدول، ويترتب على ذلك العديد من الآثار السلبية والتي تتمثل في حرمانه من أدنى حقوق الإنسان كالحق في الجنسية وحق الإقامة على إقليم أية دولة وحق التعليم والصحة ناهيك عن محاولة الدول في أبعاد الشخص عديم الجنسية عن اراضيها وعدم رغبتها في بقائه فيها (4).
ومن المعلوم أن حالات إنعدام الجنسية تأتي من ثلاثة أسباب أما بسبب اختلاف الدول في أسس فرض الجنسية أو يرجع لسبب منح الجنسية المكتسبة بين الدول وكذلك قيام بعض البلدان بأسقاط الجنسية عن بعض وطنيها (5) ، ويمكننا اضافة حالة رابعة نستنتجها من نصوص قانون الجنسية العراقي الملغي رقم 42 لسنة 1924 الملغي إلا وهي حصر وظيفة الدم بالأب وحده ودون منح الأم حقا في نقل جنسيتها لأبنها في بعض الحالات التي يتعطل فيها حق الدم من جهة الأب ليس فقط لجهالته أو انعدام جنسيته بل لانتمائه إلى دولة لا يبني قانونها الجنسية على حق الدم أو يبني الجنسية على حق الدم إلا أنّه يضع شروطا لحق نقل جنسية الأب لا تتوفر في مولوده (6)، وما يعنينا في دراستنا هذه هي الحالة الأولى حيث إنّها تتصدر أسباب إنعدام الجنسية لكثرة المشاكل التي يمكن أن تحدث فيما لو أخذت غالبية الدول بحق الإقليم في الوقت الذي تأخذ الأخرى بحق الدم ، على سبيل المثال ولادة فردا تابع لدولة يأخذ قانونها بحق الإقليم على اقليم دولة يأخذ قانونها بحق الدم مما يؤدي الى وقوعه في اللاجنسية.
ولتسارع عجلة التطور في الحياة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية ومشاركة المرأة في كل المجالات لبناء المجتمع اسوة بالرجل أدى إلى ظهور مناشدات ومطالبات عديدة من قبل منظمات حقوق الإنسان إلى نشوب حملة للتصدي لظاهرتين يعتبران الأكثر نشوزا في مادة الجنسية في الحياة الدولية الخاصة إلا وهما ظاهرة انعدام الجنسية وظاهرة عدم المساواة بين الأبوين في تقريرها لاتحاد العلة في ذلك وهذا ما دفع المجتمع على الصعيد الدولي إلى عقد الاتفاقيات الدولية واصدار الإعلانات العالمية ذات الشأن بموضوع الجنسية (7).
فالسبب الذي أدى الى تحريم بعض الدول اسقاط الجنسية الأصلية عن وطنيها كما فعل ذلك القانون العراقي (8) ، هو ذات السبب الذي أدى الى احترام مبدأ المساواة في الأساس العائلي سواء أكانت نسبية أو مطلقة وتظمينه في التشريعات الوطنية ألا وهو استجابة الدول للمبادئ والأسس الدولية الداعية لمحاربة ظاهرة انعدام الجنسية ، فهذه الظاهرة شكلت صدى واسع على الصعيد الدولي حتى أصبح محاربتها من الأهداف العالمية في مادة الجنسية (9).
فجميع الإتفاقات الدولية والإعلانات العالمية تؤكد على إن الجنسية حق من حقوق الانسان وهذا دليل كافي يعكس اهتمام القانون الدولي بموضوع الجنسية ومحاربة ظاهرة انعدامها حيث كان لهذه الإتفاقيات والإعلانات دوراً بارزا في حث المشرعين في شتى الدول المشاركة فيها أو المنظمة إليها إلى مراعاتها عند اعتمادها المعايير الأساسية في بناء جنسيتها ولا يخفى ما للعرف الدولي من دور في ذلك (10) ، فتكون الدول حينها ملزمة بما جاء بها دوليا (11) ناهيك عن احترام كافة الدول لما ورد في الإعلانات العالمية من مبادئ اساسية في مادة الجنسية وعندئذ يكون التزامها اخلاقيا اساسه التعاون الدولي لتجنب ظاهرة انعدام الجنسية (12) ، فيعتبر التقيد بفكرة الأساس العائلي من التدابير الاحترازية للوقاية من الوقوع في اللاجنسية ، وما ذلك الا نتيجة تترتب على مبدأ حق الفرد في التمتع بالجنسية ، وسواء أكانت الدول ملزمة التزاما دوليا أم اخلاقيا فإنه يصب في مصلحة واحدة وهي اعتماد الدول في فرض جنسيتها الاساس الذي يمكنه مواجهة ظاهرة انعدام الجنسية أكثر من غيره من الأسس (13).
والسؤال الذي يثار كيف للدول تظمين مبدأ المساواة في موضوع الجنسية دون الأخذ بجنسية الدم من باب أولى؟
فنرى أن حقيقة الأمر تحصيل حاصل وأنّ المتمعن في ذلك يجد أن هذه الاتفاقات الدولية والإعلانات العالمية قد وسعت من مساحة الأساس العائلي بمطالبة مشرعي الدول بصورة غير مباشرة إلى ضرورة تبنيه بشكل أساسي حتى أصبح لزاما عليها التقيد بفكرة الأساس العائلي كأحد الأسس التي تستند عليها في فرض الجنسية أو اختيارها وذلك لأن تبني حق الإقليم وأن كان يلعب دورا كبيرا في تلافي حالات انعدام الجنسية إلّا أنّه في ذات الوقت محدود النطاق فقد تحدث كثيرا وقوع الولادة في اقليم دولة لا تأخذ بحق الاقليم خاصة إذا كان المولود شرعي حتى وأن تم ابرام معاهدات دولية ثنائية أو جماعية ينصب موضوعها إلى ضرورة تبني حق الإقليم لمساهمة الدول في محاربة اللاجنسية ، فأيضا تكون حملة التصدي لهذه الظاهرة محدودة ضمن نطاق الدول الأعضاء فحسب .
على سبيل المثال اتفاقية تقليل حالات انعدام الجنسية عام 1960 في 30 اب ثم 1961 قرار ج ع ) التي دخلت حيز التنفيذ في 13 ديسمبر 1975 فنصت على (1- يتعين على الدول المتعاقدة في أن تمنح جنسيتها لأي شخص ولد على ارضيها ، فهو يصبح من عديمي الجنسية ان لم يمنح الجنسية)(14) فإذا حدثت واقعة الولادة خارج حدود هذه الدول على اقليم دولة لا يأخذ قانونها بحق الإقليم وكان المولود شرعيا من أب لا يأخذ قانونه بحق الدم فهذا يؤدي إلى وقوعه في حالة انعدام الجنسية ، أما إذا أريد محاربة ظاهرة انعدام الجنسية على نطاق لا يتوقف عند حد معين فلابد من اعتماد فكرة الأساس العائلي وتظمينه مبدأ المساواة بين الابوين في حق نقل الجنسية إلى الأبناء سواء أكانت المساواة مطلقة أو نسبية لطالما تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي التصدي لهذه الظاهرة ليس ضمن اطار الدول المتعاقدة بهذا الشأن فحسب وانما تتعداه لتشمل جميع البلدان العربية والأجنبية مع اعطاء مساحة محدودة لحق الاقليم لمساهمته في ذلك بالنسبة للمولودين من ابوين مجهولين أو عديمي الجنسية .
__________
1- د. عبد المنعم زمزم الجنسية ومركز الاجانب في القانون الدولي والقانون المصري، كلية الحقوق جامعة القاهرة ، طبعة مخصصة للطلاب ، 2016 ، ص 46.
2- د. وسام توفيق عبد الله، مبادئ القانون الدولي الخاص ، جامعة الموصل مجلة الرافدين، المجلد 16 ، العدد 57 السنة 18 ص 37
3- جاء في ديباجة اتفاقية لاهاي لعام 1930 ان من المصلحة العامة للجماعة الدولية ان تعمل على ان يقر سائر اعضائها وجوب ان تثبت لكل فرد جنسية وان لا تكون الا واحدة".
4- سعدي علي حسين التميمي، دور المعايير الدولية في الصياغة التشريعية لقوانين الجنسية ( دراسة مقارنة ) رسالة تقدمت الى قسم القانون في معهد العلمين للدراسات العليا 2020 ، ص12.
5- من البلدان التي تقوم بأسقاط الجنسية عن وطنيها على سبيل المثال دولة الامارات في المرسوم الذي اصدره الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رقم 1381/17. بتاريخ 1996/12/19 فبمقتضى هذا القانون يمنع على المواطنة الاماراتية الزواج من أجنبي والا تسقط عنها الجنسية الاماراتية .
6- نصت المادة الثانية من قانون الجنسية القطرية رقم (2) لعام 1961 على انه " يكون قطريا كل من ولد في قطر أو في الخارج لأب قطري" ، وتقابها المادة الأولى فقرة رابعا من قانون الجنسية القطري رقم 38 لعام 2005 .
7- كالاتفاقية الأوربية الموقعة في استراسبور في 6 نوفمبر 1997 ، واتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بحد ادنى من الحقوق لعديمي الجنسية الموقعة في 28 سبتمبر عام 1954 ، والاتفاقية الموقعة في نيويورك ايضا في 30 اغسطس 1961 بشأن الحد من حالات انعدام الجنسية وكذلك اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 المبرمة في كوبنهاجن في 1980/7/30 " بشأن تحقيق مبدأ المساواة بين الأبوين في حق نقل الجنسية الى الابناء انظر، سعدي علي حسن التميمي دور المعايير الدولية في الصياغة التشريعية لقوانين الجنسية (دراسة مقارنة) مصدر سابق ،ص38 وما بعدها.
8- نصت المادة 18 من دستور العراق النافذ لعام 2005 ثالثا : 1- يحظر اسقاط الجنسية عن العراقي بالولادة لأي سبب من الأسباب ، ويحق لمن اسقطت عنه طلب استعادتها ، وينظم ذلك بقانون".
9- نصت المادة 15 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمواطن الذي اعتمد ونشر على الملأ بقرار الجمعية العامة رقم 217 الف د. 3 في الأول من ديسمبر 11948 لكل فرد حق التمتع بجنسية ما ، وكذلك الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية الموقع في نيويورك في 1966/12/16 رقم 2200 في المادة 24 حيث ذكر "لكل طفل حق في ان تكون له جنسية " ، أشار اليه د. عبد الرسول عبد الرضا الاسدي ، القانون الدولي الخاص، مكتبة السنهوري، بيروت ،2018، ص 38 ، وكذلك نص المبدأ الثالث من اعلان حقوق الطفل لعام 1959 على " للطفل منذ مولده حق في ان تكون له اسم وجنسية".
10- نصت المادة الأولى من اتفاقية لاهاي الموقعة في 12 ابريل 1930 ان حرية الدولة في تنظيم جنسيتها تتقيد بالاتفاقيات الدولية والعرف الدولي والمبادئ القانونية المتعرف بها في مواد الجنسية".
11- نجد على سبيل المثال نص المادة 26 من قانون الجنسية المصري رقم 26 لسنة 1975 "يعمل بأحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية الخاصة بالجنسية التي أبرمت بين مصر والدول الاجنبية ولو خالفت هذا القانون " ولم نجد نظير لهذا النص في قانون الجنسية العراقي .
12- د. وسام توفيق عبد الله ، مبادئ القانون الدولي الخاص ، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق ، المجلد (16)، العدد (57)، السنة (18) ، ص 40.
13- سردار ياسين حمدامين ، رسالة الاختصاص القضائي في منازعات الجنسية "دراسة تحليلية انتقادية مقارنة"، جامعة صلاح الدين ،2008 ص 105 وما بعدها .
14- نخبة من الباحثين العراقيين حق المواطنة في ضوء قانون الجنسية العربية والاسلامية ، بلا دار نشر ، لندن 2003 ص80
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|