المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الحرب والفساد الأخلاقي  
  
328   12:04 صباحاً   التاريخ: 2024-07-24
المؤلف : محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب
الجزء والصفحة : ص 261 ــ 263
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

الحرب نتيجة من نتائج الثورة الصناعية، وتؤثر تأثيراً عميقاً في أخلاق الناس، والحرب كانت موجودة في جميع مراحل حياة الإنسان، وكانت لها نتائج مدمرة. ولكن الثورة الصناعية وظهور الآلات القوية، وقاذفات القنابل السريعة، والأسلحة المدمرة، غيرت من وضع الحرب بحيث لا يمكن مقارنتها بالحروب السابقة، وبما أن صناعة الآلات تتطور يوماً بعد يوم فإن الأسلحة الحربية أيضاً تصبح، كل سنة، أحدث وأكثر فتكاً ويزداد خطرها. ولهذا السبب فإن خسائر الحرب العالمية الثانية، التي ابتلي بها الناس على وجه الأرض، هي أكثر بكثير من خسائر الحرب العالمية الاولى، فإذا ما وقعت حرب عالمية ثالثة فإن خسائرها ستكون فادحة جداً بحيث لا يمكن تصورها وربما أدت إلى محو جميع آثار الحضارة وهلاك أكثر البشر.

(نتيجة التقدم الصناعي، في العصر الحاضر، صنعت أسلحة مدمرة فتاكة تكفي لتدمير جميع المجتمعات المتحضرة. وقد زاد اختراع القنابل الذرية، والهيدروجينية، والكوبالت، والديوتريوم، القدرة التدميرية للحرب إلى درجة لا يمكن تصورها.

فمنذ القرن الخامس عشر ولحد الآن، ومع ازدياد القدرة التخريبية للأسلحة فقد ازدادت بالتالي وتبعاً لها خسائر الحرب أيضاً، وإحصائيات خسائر الحرب العالمية الثانية عظيمة، ومن المسلم به أنه لو قامت حرب أخرى ستكون الخسائر أعظم من خسائر الحرب العالمية الثانية، لأن وسائل الحرب الحالية، كالصواريخ والأقمار الصناعية والطائرات السريعة، والقنابل الذرية، لها قدرة تخريبية مرعبة ولو سقطت قنبلة هيدروجينية عادية (وليست متطورة) في مدينة كبيرة مزدحمة مثل نيويورك فإن الدمار في لحظة الانفجار يشمل (250) ميلاً مربعاً ويقتل 7,5 مليون إنسان، ثم تبدأ امواج الإشعاع والغبار المميت بتعذيب وقتل الأحياء، وبعض ذرات الغبار تنفذ حتى إلى باطن العظام لدى الحيوانات وتبقى فيها لسنوات وتفسد الجسد) (1).

إن الحرب هي منشأ الكثير من الآلام والمتاعب للعائلات والمجتمعات، قتل، نهب، دمار، خوف واضطراب، عدم أمن واستقرار، قلق، أمراض، نقص في الأعضاء فقر وجوع، وعشرات المصائب الأخرى هي نتائج الحرب. وإلى جانب هذه الويلات فإن معنويات الناس تتغير أيضاً، وينتشر فساد الأخلاق، وتحل الرذائل مكان الفضائل، وتزداد المشاكل.

(يقول ويل ديورانت: لقد زال التعاون والسلام اللذين تطورا مع الصناعة والتجارة في الحرب العالمية الأولى، ودفعت الحرب بالرجال نحو العنف والفحشاء، وقد جاء آلاف الرجال بعد الحرب إلى منازلهم ووطنهم بأمثال هذه الأمراض الإجتماعية، ونتيجة لعمليات القتل العمياء، انخفضت قيمة الحياة، وظهرت الأمراض النفسية، والجرائم، واللصوصية الجماعية، وفقد الملايين إيمانهم بالعناية الإلهية، وتركوا الإعتماد على العقائد الدينية.

بعد انتهاء الحرب ومرحلة المثالية، ظهر جيل مخدوع ألقى بنفسه في أحضان الاستهتار والفردية والانحلال الخلقي. وأصبحت الحكومات في وادٍ والشعب في وادٍ آخر، واستأنفت الطبقات الصراع فيما بينها، واستهدفت الصناعات الربح بصرف النظر عن الصالح العام، وتجنب الرجال الزواج خشية مسؤوليته، وانتهى الأمر بالنساء إلى عبودية خاملة، أو إلى طفيليات فاسدة، ورأى الشباب نفسه وقد منح حريات جديدة، تحميه الاختراعات من نتائج المغامرات النسائية في الماضي، وتحوطه من كل جانب ملايين المؤثرات في الفن والحياة، فمشاكل هذا الجيل وحياته جديدة ومختلفة عن الجيل السابق وهو واقع بين براثن الثورة الصناعية التي تعدل عاداته وأزياءه وعمله ودينه وسلوكه... فصاحب الخلق وعديم الخلق كلاهما في تغير مستمر، بين التقاليد الثابتة المولية والعادات الجديدة التي تشق طريقها إلى الظهور، ولا يعرف أحد بالضبط مدلول الأخلاقية أو اللاأخلاقية وكيف يمكن تعريفهما من جديد لنستعين بهما في فهم سلوك الإنسان في العصر الصناعي والمدني) (2).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ مبادئ علم الاجتماع، ص 317.

2ـ مباهج الفلسفة، ص 98. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.