المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

جزيرة غولانغيو
25-3-2018
Adverbs of Quantity
10-5-2021
كيفية صلاة بطن النخل.
15-1-2016
آفاق التوسع الفلاحي وآثاره البيئية في الوطن العربي
2024-07-16
الجبن
26-3-2022
تنبّؤات علوية
29-01-2015


الحريص لا يشبع حتى بجميع نعم الحياة  
  
1779   01:23 صباحاً   التاريخ: 2-8-2022
المؤلف : مجتبى اللّاري
الكتاب أو المصدر : المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة : ص151 ـ 154
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

إن الحرص حالة نفسية تدفع بصاحبها إلى التجسس عن الثروة والمنافع المادية، بحيث تصبح الأمور المالية لديه كقطب يدور عليه رحى أفكاره ومساعيه.

إن هذا الميل المادي المشؤوم ينشأ من قوة الشهود، وهو يعد من عوامل شقاء الإنسان وبؤسه، فهو يبعثه على أن يتوهم لنفسه سعادة خيالية تجذب انتباهه فهو يتقيد لذلك بحب المال حتى ينسى كل شيء في سبيله بل حتى يضحي في سبيله بالفضائل الأخلاقية والقواعد الإنسانية. وهو في كل ذلك يتعمق في روحه إحساس الحاجة أكثر فأكثر.

يقول الدكتور شوبنهاور: (أنه لمن العسير أن نحدد الميول التي يرتبط الحصول عليها بصرف الأموال الطائلة، فإن قناعة الأفراد ليس على حد سواء، وليس لهوى الناس ميزان ثابت، فإنهم مختلفون في حرصهم في الحياة عليها، فبعضهم يرضى ويفرح بمال قليل يؤمن له وسائل الحياة الضرورية، في حين نرى أن هناك أناساً لهم الأموال الكثيرة الطائلة الزائدة عن حوائجهم وهم مع ذلك يشكون الشقاء والتعاسة، إذ لم تقض حوائجهم وميولهم -على الأصح - كما يشتهون. إذن فلكل شخص حدود خاصة في ميوله ومناه، وإذا اطمأن إلى قضاء آماله إلى حدودها المحدودة له فسوف يشعر بالرضى والفرح، ولكنه إذا شاهد في سبيل وصوله إلى آماله عقبات يئس وتألم. إن الثروة الطائلة للأغنياء لا تخدع الفقراء في حين لا يرضى ولا يقنع الغني بما له من مال وثروة ابداً فهو يحاول الوصول إلى مال آخر دائماً. إن مثل الأموال كمثل ماء مالح كلما شرب الإنسان منه أكثر أحس بالعطش في نفسه أكثر فأكثر).

نعم إن الحريص لا يشبع حتى بنعم جميع العالم، كما ان النار لا تشبع من الوقود مهما أوتيت منه: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}[ق: 30].

إن الحرص إذا استولى على أمة بدل حياتها الاجتماعية إلى معترك نزاع وصراع وتنازع عوضاً عن العدل والأمان والثبات والاستقرار، وحدث اصطدام شديد بين مصالح أفرادها، ومن البديهي أنه لا يمكن حينئذ إشاعة الأخلاق والمعنويات بينهم.

ويجب الانتباه إلى حقيقة هنا وهي أن هناك بين عبادة المال وحب التقدم - حتى المادي - في الحياة فرقا اساسياً، ولهذا فإنه يجب أن يفصل بين هذين الأمرين بخط يفصل بين حساب كل واحد منهما عن الآخر، إذ أنه لا مانع في مسير المجتمعات البشرية يمنع الإنسان عن التقدم والاطراد بل ينبغي له أن يتقدم في ظل مدركاته الفطرية واستعداداته الذاتية كالبرق لا يمنعه مانع.

إن مساعي الطامعين الحريصين تولد للمجتمع سلسلة من التعاسة والخيبة فإنهم من دون أن يتبعوا أصول العدل يريدون أن يؤمنوا لأنفسهم ما يحتاجون إليه ولو كان ذلك بإيجاد الفقر المهلك للآخرين، ولهذا فهم يقبضون على جميع منابع الثروة كي يحصلوا على نفع أكثر فأكثر، وهم بذلك يشكلون أقوى العوامل في إيجاد الأزمات الاقتصادية الشديدة والفقر العام العالمي.

إن الناس يزعمون أن الثروة منبع لكثير من الأعمال فهم يولونها الاهتمام الأكبر، في حين أن الفقراء هم الذين عملوا أكبر الأعمال وأعظمها في تاريخ العالم، فإن أكثر الرجال الكبار من المصنفين واصحاب الاختراع قد قاموا من بين الفقراء.

إن توسع الثروة مضر بالنسبة إلى كثير من الناس. فإنها ستلوثهم بالرذائل التي تلازم الثروة، إن بعض الشباب إذا حصل على الثروة من طريق الإرث تضعف فيه الهمة ويعدم السعي ويفقد الفعالية اللازمة، فإنه لا يجد دافعاً له إلى السعي والعمل، وبإمكان هذه الثروة أن تجره إلى سبل المعاصي فيصرف عمره في اللهو واللعب معرضاً عن العلم والأدب.

زار أحد المعارف يوماً ابيكتتوس الفيلسوف اليوناني الشهير، وحيث لم يكن الثاني يثق بصدق نية تلك الشخصية الثرية استقبله استقبالا عادياً بارداً، ثم قال له أنك لم تأتني لتتعرف على القواعد والأصول العلمية عندي بل اتيتني لتنتقصني على حالتي المالية، أليس هكذا؟ فقال الرجل أنا إن أردت أن أسلك ما سلكت من طلب العلوم كما تقول أصبحت مثلك فقيراً لا أملك ذهباً ولا فضة ولا داراً ولا عقاراً ولا خدماً ولا احشاماً فأجابه الفيلسوف: وأنا لا أريد أن أملك ما أنت تملك من هذه الأمور، فإنك أنت - مع ما بي من الفقر الظاهر- أفقر مني والفرق بيني وبينك أني لا احتاج إلى نعم وخدم يحمونني ويدافعون عني وأنت على عكس ذلك تحتاج إليها، إذن فأنا أغنى منك أنا لا أبالي أن يكون (قيصر) يفكر في خيراً أو شراً، ولذلك فلست بصدد مداهنته أو التملق والالتماس منه. أنا عندي عوض الذهب والفضة غنى النفس واستقلال العقل وحرية الفكر، وأنت تفكر في أواني الذهب والفضة والخزف إن افكاري عندي دولة واسعة الأرجاء أصرف فيها عمري بكل فرح وسرور، وأنت تصرف عمرك بالبطالة والقلق والاضطراب. إن جميع ما تملكه عندي قليل، وما أملكه أنا هو الكثير، إذ أنك لا تقضي جميع حوائجك وآمالك ومناك وشهواتك، وأما أنا فتقضى لي جميع حوائجي وأبلغ بعقلي جميع آمالي وأدرك مناي)، اجل اعتمد العلم ولا تعتمد على الذهب والفضة، فإنما يعتمد عليها الجاهل.

ولا شك أن الفرح والترح قد اقتسم كل واحد منهما الحياة فأخذ كل منهما لنفسه قسماً منها، فكل من يأتي إلى هذا الوجود يكون له بحسب حاله نصيب منهما سواء كان غنياً او فقيراً. ولكن نستطيع ان نقول ان الثروة التي تتجاوز حدود حاجات الإنسان لا تؤثر في سعادته. فقد قال سقراط الحكيم: (هناك بعض الناس لا مال لهم ولا جواهر ولا ملابس فاخرة ولا قصور، ومع ذلك يعيشون الحياة أسعد وأهنأ من الأثرياء بألف مرة.

إن الحريص عبد ذليل خاضع فقير مسكين مستكين للدنيا وأموالها، قد قيد رقبته بسلسلة من ثرائها واستسلم لأفكاره غير الناضجة فيها فهو يتصور أن هذه الثروة الطائلة التي تشبع ذريته من بعده ليست إلا ذخيرة احتياطية ليومه الاسود ولكنه لا يقف على خطئه في فكرته هذه إلا حينما تدنو ساعة الأجل فتدق له أجراس الخطر وتعلن له نهاية دقائق عمره وثوانيها: (دقات قلب المرء قائلة له       إن الحياة دقائق وثواني).

وحينذاك ينظر إلى ذخائره التي صرف في سبيل الحصول عليها عمراً بالمشقة والألم، ينظر إليها باليأس والخيبة، ثم يحمل حسراته هذه وآماله وآلامه وأحلامه معه إلى قبره نادماً على ما فرط وأفرط، ولات حين مندم ولا ينفعه الندم. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.