{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 86]

يُقَالُ: تَنَغَّصَّ العَيشُ؛ إِذَ اختَلَطَ بِالحُزنِ.

البَثُّ: الهَمُّ الَّذِي لَا يَقدِرُ صَاحِبَهُ علَى کِتمَانِه فَيَبُثُّهُ [1] وَمِنهُ قَولُه تعَالَى: {إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْني‏ إِلَى اللَّـهِ} أَي: قَالَ يَعقُوبُ في جَوَابِهم: لَا أَشکُو إِلى أَحَدٍ مِنَ الخَلقِ يَا بَنِيِّ، وَإِنَّما أَشکُو هَمِّي إِلى اللَّـهِ تعَالَى في ظُلَمِ اللَّيَالِي وَأَوقَات الخَلَوَاتِ [2].

رُوِي عَن النَّبِيِّ: (إِنَّ جَبرَئيلَ أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا يَعقُوب، إِنَّ اللهَ يَقرَأ عَلَيكَ السَّلَامَ، وَيَقولُ: أَبشِر، وَليَفرَحَ قَلبُكَ، فَوَعِزَّتي، لَو كَانَا مَيِّتَينِ لَنَشَرتَهُمَا لَكَ، فَاصنَع طَعَامَاً لِلمَسَاكِين؛ فَإِنَّ‏ أَحَبَّ‏ عِبَادِي‏ إِلَى‏ الأَنبِيَاءِ المَسَاكِينَ،‏ أَوَ تَدرِي لِـمَ أَذهَبتُ بَصَرَكَ، وَقَوَّستُ ظَهرَكَ؟ لأَنَّكُم ذَبَحتُم شَاةً، وَأَتَاكُم فُلَانٌ المِسكِينَ، وَهوَ صَائمٌ، فَلَم تُطعِمُوهُ شَيئاً، فَكَانَ يَعقُوبَ بَعدَ ذَلِكَ، إِذَا أَرَادَ الغَدَاءَ، أَمرَ مُنَادِيَا فَنَادَى: أَلَا مَن أَرَادَ الغَدَاءَ مِن المَسَاكِينِ فَليَتَغَدَّ مَعَ يَعقُوبَ، وَإِذَا كَانَ صَائمَاً أَمرَ مُنَادِيَاً يُنَادِي: مَن كَانَ صَائمَاً فَليُفطِر مَعَ يَعقُوبَ) [3].

وَرُوِي: أَنَّهُ (عليه السلام) رَأَى مَلَكَ المَوتِ (عليه السلام) فَسَأَلَهُ: هَل قَبَضتَ رُوحَ يُوسُف النَّبِيّ؟ فَقَالَ: لَا، فَعَلِمَ أَنَّهُ حَيٌّ، فَلِذَلِكَ قَالَ: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ} بِالحَاءِ المُهمَلَةِ، مِنَ الإِحسَاسِ؛ وَهوَ المَعرِفَةُ بِالحَاسَّةِ {مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [4].