أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-4-2022
1629
التاريخ: 29-9-2016
1572
التاريخ: 29-9-2016
1299
التاريخ: 25-4-2022
2093
|
عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من كان في قلبه حبّة من خردل[1] من عصبية، بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية"[2].
ما هي العصبية؟
العصبي: هو الّذي يُعِين قومه على الظلم ويغضب لعصبته ويحامي عنهم، والعصبية هي واحدة من سجايا النفس وصفاتها وميولاتها، ويكون أثرها الدفاع عن الأقرباء وحمايتهم، بل وجميع المرتبطين به بشكل من الأشكال، بما في ذلك الارتباط الديني أو المذهبي أو المسلكي، والارتباط بالوطن وترابه، والارتباط بالأستاذ والمعلّم أو بالتلاميذ، وما إلى ذلك.
والعصبية من الأخلاق الفاسدة والسجايا غير الحميدة، وهي مذمومة وقبيحة، حتّى لو كانت في طريق الحقّ، أو من أجل أمر ديني، ما دامت لا تستهدف إلّا تفوّقه وتفوّق مسلكه ومسلك عصبته، وما دام هدفه ليس الدفاع عن الحقّ وإظهار الحقيقة.
وأمّا إظهار الحقّ والحقيقة وإثبات الأمور الصحيحة والترويج لها وحمايتها والدفاع عنها، فإمّا أنّه لا يمكن تسميته بالتعصُّب أصلاً أو إذا سمّيناه تعصُّباً فهو ليس من التعصُّب القبيح. فالمرء إذا تعصّب لأقربائه أو أحبّته ودافع عنهم، فما كان بقصد إظهار الحقّ ودحض الباطل فهو تعصُّب محمود ودفاع عن الحقّ والحقيقة، ويعدّ من أفضل الكمالات الإنسانية، ومن خُلُق الأنبياء والأولياء.
وأمّا إذا تحرّك بدافع قوميّته وعصبيّته بحيث أخذ يدافع عن قومه وأحبّته في باطلهم وسايرهم فيه ودافع عنهم، فهذا شخص تجلّت فيه سجيّة العصبيّة الخبيثة، وصار في زمرة أعراب الجاهلية الذين كانوا يعيشون في البوادي قبل الإسلام. بل إنّ هذه الصفة توجد في معظم أهل البوادي
كما ورد في الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "إنّ الله سبحانه يُعذّب طوائف ستّة بأمور ستّة: أهل البوادي بالعصبيّة وأهل القرى بالكبر والأمراء بالظلم، والفقهاء بالحسد، والتجّار بالخيانة، وأهل الرساتيق بالجهل"[3].
المتعصّب يخرج من ربقة الإيمان: يستفاد من الأحاديث الشريفة أنّ العصبيّة من المهلكات، تتسبّب بسوء العاقبة والخروج من عصمة الإيمان.
جاء في الرواية عن أبي عبد الله (عليه السلام): "من تعصّب أو تُعُصّب له فقد خُلِع رِبْقُ الإيمان من عنقه"[4].
أي أنّ المتعصِّب بتعصّبه يكون قد خرج من إيمانه، وأمّا المتعصَّب له، فبما أنّه قد رضي بعمل المتعصِّب، يصبح شريكاً له في العقاب. كما جاء في الحديث الشريف: "الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كلّ داخل في باطل إثمان: إثم العمل به وإثم الرضا به"[5].
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "من تعصّب عصّبه الله بعصابة من النار"[6].
وعنه (عليه السلام): "لم يدخل الجنّة حمية غير حمية حمزة بن عبد المطلب وذلك حين أسلم غضباً للنبي"[7].
وقصّة إسلام حمزة بن عبد المطلب وردت بعبارات مختلفة، وليس هدفنا بحثها الآن.
إنّ الإيمان هو من الخِلع الغيبية الإلهية، الّتي يمنّ بها الله تعالى على المخلصين من عباده، والعصبيّة تتنافى مع الإخلاص فهي تدوس الحقائق وتخالف الصدق والاستقامة.
إنّ القلب إذا غطّاه صدأ حبّ الذّات والأرحام والتعصُّب القومي الجاهلي، فلن يبقى فيه مكان لنور الإيمان، ولا موضع للاختلاء مع الله ذي الجلال تعالى. فالمؤمن هو الملتزم بقواعد الدِّين والعقل، ولا يتحرّك إلّا بأمر من العقل والشرع، فلا يهتزّ موقفه بأيّ عادة من العادات السقيمة أو خلق من السيّئة إن الّذي يدّعي الإسلام والإيمان هو الّذي يستسلم للحقائق ويخضع لها، ويرى أهدافه فانية في أهداف وليّ نعمته ويضحّي بنفسه وإرادته في سبيل إرادة مولاه الحقيقي. فإذا تعارضت العصبيّة الإسلامية عنده مع العصبية الجاهلية، قدّم الإسلام وحبّ الحقيقة.
العصبيّة الحقيقية:
إنّ جميع الارتباطات والعلاقات والعصبيّات زائلة، إلّا العلاقة بين الخالق والمخلوق، وتلك هي العصبيّة الحقيقية الّتي هي أمر غير قابل للزوال، وهو أوثق من كلّ ارتباط وأقوى من كلّ حسب وأسمى من كلّ نسب.
وفي الحديث الشريف أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "كلّ حسب ونسب منقطع يوم القيامة إلّا حسبي ونسبي"[8].
فإنّ حسب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) روحاني وباق، وبعيد عن جميع العصبيّات الجاهلية، إنّ نسبه علاقة إلهية لا تظهر على كمال حقيقتها إلّا في ذلك العالَم، حيث يكون ظهوره أكثر وكماله أوضح.
إنّ العلائق الجسمانية الملكية القائمة على العادات البشرية تتقطّع بأتفه الأسباب، وليس لأيّ منها في ذلك العالَم نفع ولا قيمة، إلّا تلك العلائق الّتي تتوثّق في نظام ملكوتي إلهي تحت ظلّ ميزان القواعد الشرعية والعقلية الّتي لا انفصام لها.
الصورة الملكوتية للعصبيّة:
إنّ المعيار في صورة الإنسان الملكوتية الّتي ستظهر في البرزخ والقيامة هو الملكات وقوّتها. فذلك العالَم هو محلّ ظهور سلطان النفس الّذي يعصي له الجسم أمراً. فقد يحشر الإنسان في ذلك العالَم على صورة حيوان أو شيطان.
وقد ذكرنا الحديث: "من كان في قلبه حبّة من خردل من عصبيّة بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية".
إنّ الإنسان الّذي فيه هذه الرذيلة، لعلّه عندما ينتقل إلى العالَم الآخر يرى نفسه من أعراب الجاهلية من غير إيمان بالله تعالى ولا بالنبوّة والرسالة. ويرى أنّه في الصورة الّتي يحشر بها أولئك الأعراب، حتّى أنّه ينسى ما كان يعتنقه في الدنيا من عقائد حقّة، كما جاء في الحديث عن أهل جهنّم ينسون اسم رسول الله، ولا يستطيعون أن يعرفوا أنفسهم إلّا عندما يشاء الحقّ سبحانه أن ينجيهم.
وبما أنّ العصبيّة من سجايا الشيطان، كما ورد في بعض الأحاديث، فلعلّ أعراب الجاهلية وأصحاب العصبيّة يحشرون يوم القيامة على هيئة الشياطين. في الصحيح عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): "إنّ الملائكة كانوا يحسبون أنّ إبليس منهم وكان في علم الله أنّه ليس منهم فاستخرج ما في نفسه بالحميّة والغضب. فقال خلقتني من نار وخلقته من طين"[9].
فاعلم أنّ هذه الخصلة الخبيثة من الشيطان وإنّها من مغالطات ذلك الملعون ومعاييره الباطلة إنّه يغالط عن طريق هذا الحجاب السميك الّذي يخفي عن النظر كلّ الحقائق، بل يُظهر رذائل النفس كلّها محاسن، وجميع محاسن الآخرين رذائل، والّذي يرى الحقائق مقلوبة بهذا الشكل فلن تكون عاقبة أمره إلى خير.
عصبيّات المتعلِّمين:
من جملة العصبيّات الجاهلية هو العناد في القضايا العلمية، والدفاع عن كلمة سبق أن صدرت منه أو من معلِّمه، دون النظر إلى إحقاق الحقّ وإبطال الباطل. وهذا النوع من التعصُّب أقبح من كثير من التعصُّبات الأخرى من جوانب عدّة:
-فمن جانب المتعصِّب نفسه، فمن المفترض بأهل العلم أن يكونوا هم المربّين لأبناء البشر، فإذا اتّصف العالِم لا قدّر الله بالعصبيّة الجاهلية، كانت الحجّة عليه أتمّ وعقابه أشدّ، لأنّه يعرف وخامة الأمور وعواقب فساد الأخلاق. ثمّ إذا كان يتظاهر بالصلاح وباطنه يحمل العصبيّة، يكون في زمرة أهل الرياء والنفاق،
وقد أشار تعالى إلى أمثال هؤلاء في القران الكريم: ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[10].
-ومن جانب العلم، إنّ هذه العصبيّة خيانة للعلم وتجاهل لحقّه، إذ إنّ من يتحمّل هذا العلم فعليه أن يراعي حقّه عليه وحرمته.
-ومن جانب المتعصَّب له، أيّ الأستاذ والشيخ، فإنّ هذا التعصُّب يوجب العقوق له، وذلك لأنّ المشايخ العظام والأساطين الكرام نضّر الله وجوههم يميلون إلى جانب الحقّ، ويهربون من الباطل، ويسخطون على من يتذرّع بالتعصُّب لقتل الحقّ وترويج الباطل. ولا شكّ في أنّ العقوق الروحي أشدّ من العقوق الجسمي، وحقّ الأبوّة الروحية أسمى من حقّ الأبوّة الجسمية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|