أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-5-2020
5353
التاريخ: 2023-06-06
1647
التاريخ: 2023-03-14
1283
التاريخ: 2/10/2022
1864
|
بعد أن تطورت الحياة، وقوي دور السلطة وسياستها في الحياة الإجتماعية والفردية، ازداد إرتباط الفرد والمجتمع بالدولة والسلطة إرتباطاً مصيرياً.
وقد تسألون إعزاءنا الشباب عن سبب ذلك فنقول:
إن الدولة في هذا العصر هي التي تتولى مسؤولية التربية والتعليم، وهي التي توجه الإعلام في أغلب الأحيان، وهي المسؤولة عن توفير الأمن العام وبسط النظام، وهي التي تتولى دفع عجلة الاقتصاد وحركة المال، وهي المعنية بالدرجة الأولى عن توفير الخدمات، وهي التي تقرر علاقة الأمة والشعب بالأمم والشعوب الأخرى حرباً أو سلماً، تعاوناً أو مقاطعة، صداقة أو عداءً.
هذا هو الواقع ولا مفر منه. وإن سياسة اليوم لا تحكمها المبادىء الحقة وإنما تتحكم بها المصالح. فالسياسي لاعب في الساحة السياسية يقدر مدى الخسارة أو المنفعة من كل علاقة يقيمها مع الآخرين.
وهكذا فإن مصير الفرد والجماعة، أضحى مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بالدولة وسياستها. وبهذا صارت السياسة جزء مهماً وخطيراً من حياة الفرد. وبالتالي صار المجتمع مهتماً بمسألة السياسة ونظام الحكم الذي يحكمه. لأنه يقرر مصير كل فرد في الدولة، ويتدخل بكل صغيرة وكبيرة من شؤون حياته، بل وحتى في آخرته. ومن هنا صار التركيز على الشباب في هذا الموضوع لأنهم الشريحة التي تتأثر أولاً بسياسة الدولة. فإذا اتخذت الحكومة قرار الحرب ترى الشباب أول المدعوين إلى مطحنتها، والذي يزيدنا ألماً وأسفاً، أن يكون قرار الحرب ظالماً وجائراً، كما كان في عهد النظام البائد.
وإذا فشلت الحكومة في وضع خطة اقتصادية ناجحة ترى آثارها تنعكس على الشباب حيث تتأثر المصانع وجميع آلات الإنتاج سلباً. فتنتشر البطالة فيما بينهم. وإذا فشلت الدولة في توفير الأمن وحماية المواطن، ترى أول المتضررين الشباب لأنهم طاقة الحياة وسر حركتها، وفي ظل إنعدام الأمن تتعطل حركة الحياة أو تصاب بالشلل. وهكذا في كل ميادين الحياة. لذلك إعتبر الإسلام السياسة والعمل السياسي مسؤولية جماعية.
قال رسول (صلى الله عليه وآله): (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) (1).
وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم) (2).
ومعناه أن الإسلام أقحم الفرد في أمر يهمه ويهم مجتمعه، ألا وهو العملية السياسية. لما لها من أثر فاعل ومؤثر في حياتنا جميعاً، لأن السياسة في المفهوم الإسلامي تعني: رعاية شؤون الأمة وتأمين مصالحها. ولذلك نجد الصراع قائماً بين الشعوب وحكامها عندما يتخلفون في أداء مسؤولياتهم، أو عندما يظلمون ويستبدون. وفي طليعة المهتمين بالعمل السياسي هم الشباب، وذلك لأسباب منها:
1ـ إن الشاب يحمل طاقة جسدية وعنفواناً يؤهله للصراع والتحدي أكثر من غيره. وهذا ما رأيناه في إنتفاضة آذار 1991م.
2ـ إن العمل السياسي يستلزم العمل ضمن الجماعات السياسية. والشباب في هذه المرحلة يبحثون عن التعبير عن النزعة الجماعية فيهم، وهي الانتظام مع الجماعة. فيدفعهم نحو العمل السياسي دافع غريزي. وهذا ما شاهدناه في تجربة الانتخابات البرلمانية في العراق مؤخراً.
3ـ في مرحلة الشباب والمراهقة يتجه الإنسان إلى التجديد والتغيير، لا سيما وأن العالم يتطور بسرعة هائلة من حوله، وبخاصة في مجال التقنية والعلوم، فينخرط الشباب في العمل السياسي رغبة في التغيير والإصلاح، والالتحاق بمظاهر التقدم الحضاري.
4ـ في مرحلة الشباب يكون الطموح في احتلال دور إجتماعي بارزاً جداً، وكذلك التعبير عن الإرادة، مما يدفع الشباب إلى الدخول ضمن حركات وتيارات سياسية لاحتلال موقع إجتماعي مرموق.
وقد أكدت بعض الدراسات في ألمانيا، أن هناك فروقاً بين الشباب الطلبة وغير الطلبة وبخاصة فيما يتعلق بالاهتمامات السياسية والآراء السياسية، كما أثبتت الدراسات أن 95 % من المشاركين في تظاهرات باريس عام 1968م كانوا من الشباب الطلبة. و5 % من غيرهم وهذا يؤكد أن الطلبة أكثر إهتماماً وتأثراً بالقضايا السياسية من غيرهم من الشباب.
إلا أن هذه الدوافع والنوازع الذاتية هذبها الإسلام ووجهها الوجهة الصحيحة. لتصب في إتجاه المصلحة العامة، ولتتحرك جميعها وفق المنهج الإسلامي الإنساني، أي تتحرك في دائرة العبادة، وحفظ المصالح العامة، وخدمة الناس خدمة مشروعة، وعدم الركون إلى الظالم. قال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113].
وفي الوقت الذي يدعو فيه الإسلام عامة الناس إلى الإهتمام بالشأن السياسي وعدم إهماله، يحذرهم من مغبة الإنتماء إلى التيارات الفكرية المنحرفة، والأحزاب الضالة المضلة، تحت عناوين براقة كالحرية والتجديد والحداثة والتطور وإلى ما هنالك من إعلانات ضوئية صارخة تستهوي الشباب وغيرهم. وقد جعل الإسلام ردع الظالم في عهدة المجتمع وضمن مسؤوليته فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه) (3).
وكم خسرت الأمة من شبابها عندما جرتهم إليها التيارات المنحرفة. واستحوذت عليهم الأحزاب الضالة. وخدعتهم الدعوات الباطلة. وفي يومنا هذا كم من الشباب المغرر بهم ينهون حياتهم بعملية انتحارية يذهب ضحيتها العشرات من الأبرياء فيدخلون جهنم بقتلهم إخوانهم.
أعزاءنا الشباب:
إن الحديث عن الآخرة والجنة والقرب من الرسول (صلى الله عليه وآله) وتناول الغداء معه والوصول إلى المقامات العالية والدخول في سجل الشهداء هو حديث ديني يتداوله عادة علماء الدين وأهله، وليس حديث الاقتصاديين ولا الجغرافيين أو الباعة المتجولين. إلا أنه فكر منحرف جداً، لكون أدواته شيطانية بحتة. ولأنه من إملاءات اللعبة السياسية القذرة التي تدار من وراء الكواليس. والهدف من هذا الفكر إيقاع الشباب في خداع النفس وحبائل الشيطان. وهو إنما ينسب إلى الدين زوراً وبهتاناً.
وبالتالي ما هو إلا عملية إصطياد المغفلين والفاشلين في الحياة للخروج منها باخس الوسائل وأرذل الطرق. إنه انتحار بأسم الدين وعلى حساب الدين والأبرياء المؤمنين.
إن الأمة بحاجة إلى الشباب كل الشباب، لأنهم الطاقة التي تحرك كل مفاصل الحياة. ونحن اليوم نعيش نهضة سريعة على مختلف الأصعدة، فما أحوجنا إلى دم الشباب الساخن، وإلى روحهم الفياضة بالعنفوان، ليدفعوا بالعملية السياسية إلى أمام، ويساهموا في تشخيص نوع النظام الذي يحكم الشعب، وينهض بمسؤولية الارتقاء به إلى مصاف الشعوب المتقدمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الانوار، 72 / 38.
2ـ الفتاوى الميسرة (السيد علي السيستاني)، 380.
3ـ ميزان الحكمة، 3 / 1945.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|