المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



مفردات النص التشريعي في الاستنباط القضائي  
  
779   01:21 صباحاً   التاريخ: 2024-05-01
المؤلف : طارق عبد الرزاق شهيد الحمامي
الكتاب أو المصدر : الاستنباط القضائي في الدعوى المدنية
الجزء والصفحة : ص 97-105
القسم : القانون / القانون الخاص / قانون المرافعات و الاثبات / قانون المرافعات /

أول ما يلفت نظر القاضي من مفردات ألفاظ النص التشريعي تلك التي تحمل المضمون الالزامي وتلك التي تحمل المضمون غير الالزامي ، فلابد من النظر في ألفاظ النص ذات الدلالة على الإلزام ، سواء أكان إيجابيا أم سلبيا أي إنه أمر أو نهي ، وقد استعمل المشرع للتعبير عن ذلك جملة من الافعال ، تتصدر - غالبا - النص التشريعي نحو (يجب ) و (لا يجوز) ، وهذه الأفعال واردة بصيغة المضارع ، فالمشرع استعاض بها عن استعمال صيغة ( أفعل ) أو ( لنفعل ( للدلالة على الأمر وعن صيغة ( لا تفعل) للدلالة على النهي ، ويجد القاضي من الصيغ والألفاظ الآمرة التي استخدمها المشرع ، صيغة المضارع المبني للمعلوم نحو (يلزم) و(يكون) (يصبح) (يتولى) . . .، وصيغة المضارع المبني للمجهول نحو ( يُعتبر) و (يُعد) و (يُراعى) ... ، وقد يستخدم صيغة الماضي نحو (انفسخ ) و (انتقلت). . ويُلاحظ أن هذه الصيغة الأخيرة لا تحمل مضمون الأمر التشريعي ألا بوقوعها جزاء الشرط ، وهي دالة بحسب سياق النص على المستقبل ، و قد يستخدم المشرّع حرف ( على ) كأن يقول ( على المستأجر) أو (على المشتري) ، وقد يُعبر عن المضمون الإلزامي بالجملة الاسمية ، ويجد القاضي من الصيغ والألفاظ الناهية التي استخدمها المشرّع ، صيغة لا النافية للجنس مع المضارع نحو ( لا يكون ) و ( لا يجوز ) ( لا يتعين ) ( لا يصح ) ( لا يحل) ( لا يسري ) . . وقد يستخدم صيغة المضارع (يمتنع ) التي تفيد منع التصرف ، أو صيغة (ليس) التي تفيد نفي التصرف والنهي عن إتيانه، أو لا النافية للجنس نحو (لا) تضامن ، وأما الصيغ الجوازية ، فأن القاضي يتوصل بان مضمون النص التشريعي قد تركه المشرع للمكلف ، فله العمل أو عدم العمل به من خلال الصيغ والألفاظ التي استخدمها ، كما لو استخدم فعل المضارع نحو (يجوز ) و(يصح) و(يحق) ... وقد يستخدم أيضاً للام الجارة نحو (للمستأجر) و(للمشتري) (1) .
ونستشهد لما تقدم ببعض النصوص لدى المشرعين العراقي والمصري ، فكلاهما مثلا استخدما لفظ (يلزم) ، فنص الأول على أنه يلزم أن يكون محل الالتزام معيناً تعييناً نافياً للجهالة الفاحشة . .) (2) ، ونص الثاني على أن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض. . .)(3) .
واستخدما لفظ (يُعتبر) فنص كلاهما على أنه يعتبر المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة موطنا بالنسبة إلى إدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة) (4) .
واستعملا لفظ (يُعدّ) ، فنص المشرع العراقي على أنه (1- يُعدُّ حَسن النية من يحوز الشيء وهو يجهل أنه يتعدى على حق الغير، وحسن النية يفترض دائماً ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك 2 - ولا تزال صفة حسن النية لدى الحائز ، إلا من الوقت الذي يصبح فيه عالماً أن حيازته اعتداء على الغير، ويُعدُّ كذلك سيء النية من اغتصب الحيازة من غيره بالإكراه ، ولو اعتقد ان له حقاً في الحيازة) (5)، ونص المشرع المصري على أن الحائط الذي يكون في وقت إنشائه فاصلا بين بنائين يُعدُّ مشتركا حتى مفرقهما ، ما لم يقم دليل على العكس) (6) .
وأوردا صيغة لا النافية مع المضارع ، فنص المشرع العراقي على أنه (1- إذا اقر أحد المدينين المتضامنين بالدين فلا يسري هذا الإقرار في حق الباقين..... ) (7) ، ونص المشرع المصري على انه (1- لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا . وكذلك لا يسري التقادم فيما بين الأصيل والنائب 2 - ولا يسري التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو في حق الغائب أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جنائية إذا لم يكن له نائب يمثله قانونا) (8) .
ومثال لصيغة الماضي فقد نص المشرع العراقي على انه إذا هلك المعقود عليه في المعاوضات وهو في يد صاحبه ، انفسخ العقد سواء كان هلاكه بفعله أو بقوة قاهرة ووجب عليه رد العوض الذي قبضه لصاحبه) (9) .
أما للدلالة على المنع والنهي فنص المشرع المصري على انه ( ليس لأحد النزول عن أهليته ولا التعديل في أحكامها) (10) فيدل لفظ ( ليس) في هذه المادة على النهي عن هذا التصرف .
واستعمل كلا المشرعيّن لفظ (يجوز) للتعبير عن عدم الزام المكلف بالعمل الذي تناوله النص التشريعي ، فنصا على انه يجوز الاتفاق على ان العقد يعتبر مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه ... ) (11) واستخدم المشرع المصري لفظ (يحق) للتعبير عن المضمون المذكور ، ولم أجد ذلك لدى المشرع العراقي ، فنص على أنه ( يحق للحائز ان يدخل في المزاد على شرط ألا يعرض فيه ثمنا أقل من الباقي في ذمته من ثمن العقار الجاري بيعه )(12).
ويتبين للقاضي من خلال الألفاظ المتقدمة طبيعة النص فيما إذا كان أمرا أم مفسرا، أو يُفيد ذلك فيما لو قرر النص عدم جواز الاتفاق على خلاف مضمونه أو أن الخروج عنه باطل ، أو بالعكس قرر النص بأنه يعمل بمضمونه مالم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك .
ومن المفردات التي ينبغي للقاضي الاعتناء بها في النص ألفاظ العموم والخصوص الواردة فيه ، فلفظ (كل) ولفظ (جميع) و (كافة ) . فما يدل بحسب وضعه اللغوي على استغراق جميع الأفراد دفعة واحدة فهو عام ، لذا يندرج تحته أيضاً اسم الشرط ، والاسم الموصول ، ويستعمل المشرع (كل) مع الاسم الموصول لتأكيد عموم النص التشريعي ، وكذلك يستعمل الجمع والمفرد المعرفان بأل الاستغراقية ، والجمع المعرف بالإضافة ، والنكرة في سياق النفي . ويُلاحظ أن من الألفاظ التي استعملها المشرع للدلالة على عموم النص لفظ (الغير) ، وهي نكرة لا تتعرف بأداة التعريف فإذا دخلت عليها دلت على شمولها لكثيرين ، بينما إذا وجد القاضي أن اللفظ المستعمل في النص بحسب الوضع يدل على معنى واحد على سبيل الأنفراد ولعدد محصور، فيكون أمام لفظ خاص حينئذ ، ومن هذا القبيل اسم العلم ، وما يطلق على الجنس والنوع (13).
ومن النصوص التشريعية التي ورد فيها لفظ عام كما تقدم، ما نص عليه المشرع العراقي أن كل من يقيم في مسكن مسؤولا عما يحدث من ضرر بسبب ما يلقى أو يسقط من هذا المسكن ما لم يثبت أنه اتخذ الحيطة الكافية لمنع وقوع الضرر ) (14)، وما نص عليه المشرع المصري أن كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد ، وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلة يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون) (15) فكلاهما استخدما (كل) مع (من) الموصولة للدلالة على العموم .
و استعمل كل من المشرعين المذكورين لفظ (الغير) ليدل على العموم ، فقد نص العراقي على أن لكل من نازعه الغير في استعمال لقبه بلا مبرر ولكل من انتحل لقبه ، أن يطلب وقف هذا التعرض وأن يطلب التعويض إذا لحقه ضرر من ذلك) (16) ونص المصري على أن لكل من نازعه الغير في استعمال اسمه بلا مبرر، ومن انتحل الغير اسمه دون حق ، أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر) (17).
وقد يجد القاضي في النص لفظ (الشخص) أو لفظ (العقود) مثلا فيحمل الأول بأنه يشمل الشخص الطبيعي والمعنوي ، ويحمل الثاني على شموله العقد الرضائي والشكلي والعيني مستندا في ذلك إلى اطلاق اللفظ ، ومع ذلك فهذا لفظ خاص ألا انه شائع وليس بعام ؛ لأن شموله لتلك الأفراد محصور، نعم ، يمكن أن يُقلل المشرع هذا الشيوع عندما يُلحق هذا اللفظ الخاص بوصفٍ يكون مقيدا له ، كما لو وصف الشخص بأنه معنوي ، أو وصف العقد بأنه عيني ، فمفهوم اللفظ كلما أُضيف له صفة (قيد زائد) يضيق مصادقه حينئذ (18) .
فنص المشرع العراقي أنه إذا ظهر بالمبيع عيب قديم كان المشتري مخيرا ان شاء رده وان شاء قبله بثمن المسمى . . (19) فهذا النص في حالة إذا غفل القاضي عن النص اللاحق له ، يكون مطلقا بالنسبة لوجود العيب القديم، أي سواء أكان يعرفه المشتري أم لم يعرفه ، غير أن المشرع قد قيد هذا الإطلاق بقوله : (لا يضمن البائع عيباً قديماً كان للمشتري يعرفه أو كان يستطيع ان يتبينه لو انه فحص المبيع بما ينبغي من العناية ، إلا إذا اثبت ان البائع قد اكد له خلو المبيع من هذا العيب أو أخفى العيب غشاً منه) (20) فالمُقيد للإطلاق ليس بالضرورة أن يكون بالنص نفسه فقد يكون في نص آخر .
وقد يرد في النص التشريعي لفظ واحد له معان متعددة يختلف الحكم مع كل معنى على حدة ، وفي هذه الحال يكتنف النص التشريعي بالغموض والأشكال، ولابد للقاضي من تعين المعنى المراد من هذا اللفظ في هذا النص، وسبيله إلى ذلك الاستعانة بالقرينة والسياق التي تميز المعنى المراد عن غيره . ومن الألفاظ التي لها أكثر من معنى وقد وردت في النصوص التشريعية لفظ (مادة) ولفظ (شهر)، و(أجنبي) ، وقد يرد في النص أكثر من لفظ ولكن معناها واحد ، نحو (موت ، وفاة) ونحو (مدة ، فترة )، ففي الاشتراك لفظ واحد له معان متعددة بينما في الترادف معنى واحد له ألفاظ متعددة (21).
فقد نص المشرع العراقي بأنه تسقط دعوى الضمان المنصوص عليه في هذه المادة بانقضاء سنة واحدة من وقت حصول التهدم وانكشاف العيب ونص المشرع المصري وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل ولا تسرى هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن) وفي نص آخر لكلا المشرعين انه إذا كان رب العمل هو الذي قدم المادة، فعلى المقاول ان يحرص عليها ويراعي أصول الفن في استعمالها . .)(22) فالمادة يُراد بها في النصين المتقدمين المادة القانونية بينما يُراد بها في النص الأخير المواد الخام المستخدمة في البناء، ومن خلال السياق يحدد القاضي مدلول لفظة (المادة) ، وكذلك الحال بالنسبة إلى لفظ ( اجنبي ) فقد يُراد به غير العراقي أو غير المصري أو قد يُراد به غير الدائن والمدين ومنها لفظ (شهر) فقد يُراد به المدة الزمنية وقد يُراد به الإعلان والتسجيل كما لو قيل (شهر الإعسار) (23) . علما بإنه إذا ورد لفظ مشترك في نص تشريعي وتردد وتردد معناه بين اللغوي والقانوني فإن القاضي يحمله على المعنى القانوني ؛ لأن وروده بهذا النص قرينة على أنه هو مراد المشرع لأن المشرع بحسب الأصل يرتب أحكامه على المعاني القانونية اللهم إلا إذا وجدت قرائن أقوى يتبين معها أنه يريد المعنى اللغوي ، وإذا وجد للفظ معنى عُرفي غير المعنى اللغوي يُحمل على المعنى العُرفي حينئذ (24)
وأما الترادف فنمثل له بما نص عليه المشرع العراقي بأن كل تصرف ناقل للملكية يصدر من شخص في مرض الموت ، مقصود به التبرع أو المحاباة ، يعتبر كله أو بقدر ما فيه عن محاباة تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت ، وتسري عليه أحكام الوصية أيا كانت التسمية التي تعطى له). ونص في موضع آخر بأنه (تثبت الولادة والوفاة بالسجلات الرسمية المعدة ذلك، ...)(25) فالموت والوفاة وان اختلفا لفظا فمعناهما واحد.
ويعلم القاضي أن مقتضى الصياغة التشريعية ومتطلبات القانون تنأى عن الاستعمالات المجازية والكنائية ، فما عرضناه من ألفاظ في كل النصوص المذكورة آنفا هي ألفاظ حقيقة صريحة بحسب الوضع اللغوي لها ، فاستعمال الألفاظ في غير ما وضعت له أو على أن المراد منها مستتر لم نجد لهذه الاستعمالات نصيبا في لغة التشريع ، فأصالة الحقيقة وأصالة الصراحة هما نُصب عين القاضي عند تعامله مع النصوص التشريعية حال استنباطه الأحكام القضائية منها ، ولكن قد يظن أن هناك استعمالات تبدو في ظاهرها مجازية كتعبير ( الشخص المعنوي)، إلا أنها في الحقيقة ليست مجازية وإنما هي تعبيرات اصطلاحية في لغة القانون ، فهذا التعبير في الواقع فقد مجازيته واكتسب صفة الحقيقة من الألفة وكثرة التداول وصار استعمال القانونين له استعمالاً حقيقاً (26).
فما نص عليه المشرع العراقي من أن (الأشخاص المعنوية هي : الدولة . الإدارة والمنشآت العامة. . الألوية .. الشركات التجارية والمدنية . الجمعيات والمؤسسات. )(27) فإنه خلع الشخصية على غير الإنسان ، وكما تقدم، فإن هذا ليس بمجاز وإنما تعبير اصطلاحي في اللغة القانونية ، وقد استعمل المشرع المصري تعبير (الأشخاص الاعتبارية ) بدلا من الأشخاص المعنوية ولم يستعمل هذا التعبير الأخير إلا مرة واحدة عندما نص على أنه . . إذا كان الحائز شخصا معنويا فالعبرة بنية من يمثله) (28) ولم يستعمل المشرع العراقي تعبير الشخص الاعتباري في القانون المدني مطلقا .
وقد يواجه القاضي وهو يقوم بعملية الاستنباط من النصوص بعض الألفاظ التي لا يعرف المراد منها، ولا توجد لديه ما يُعينه على تشخيص المعنى، مما يعني أن هذا اللفظ فيه غموض وأجمال، ومن ثم يفتقر إلى تدخل المشرع لبيانه ، فهذا أحد الموارد التي تقتضي التفسير التشريعي، أو قد يواجه القاضي لفظا يثير لديه التحير هل أنه ينطبق على واقعة الدعوى أم لا ؟ كما لو كان النزاع حول معلومات الكترونية ، فهل هذه تندرج تحت عنوان لفظ المنقول أم لا، وهذا ما يُعبر عنه الأصوليون بانه لفظ خفي ، وفي وسع القاضي أن يزيل خفاء هذا اللفظ بمراجعة النصوص التشريعية الأخرى المتعلقة بالمسألة التي يريد أن يحكم فيها والتأمل في علة النص ومقاصد التشريع (29).
ومن الألفاظ المهمة التي تختل عملية الاستنباط للأحكام القضائية من النصوص التشريعية دون إلمام القاضي بها وبمعانيها ألا وهي أدوات الربط ، ذلك بأن فهم النص وتحديد معناه يتوقف على معرفة ما تدل عليه من معنى ، ولكونها تربط ألفاظ وعبارات وأجزاء النص ، ولذلك أهمية في استيفاء جوانب المعنى القانوني واستقصاء الفروض والأحكام التي تتضمنها تلك النصوص، وقد استخدم المشرع روابط لغوية كثيرة مثل (بل) ، ولكن ، وإنما ، رغم ، مع ان ، حيث أن ، إذ ان ، أما ، كذلك ، مع ذلك ... ) ، ومن أدوات الربط حروف المعاني التي منها حروف العطف نظير ( الواو وهي موضوعة لمطلق الجمع بين المعطوفين في الحكم) ، و ( أو : وهي للتخيير والإباحة في الجملة الأنشائية) و( الفاء: وهي موضوعة للترتيب والتعقيب) و ( ثم : وهي أيضاً للترتيب والتعقيب ولكن مع التراخي) ومنهـا حـروف الجر نظیر ( على وهي للاستعلاء وتفيد معنى الإلزام ) و (عن) وهي للمجاوزة) و (اللام الجارة : وهي للاستحقاق) و ( الباء : وهي للإلصاق) و (من وهي لابتداء الغاية) و ( إلى : وهي لأنتهاء الغاية ) و ( في : وهي (للظرفية) ، وهذه الحروف بالإضافة إلى استعمالاتها الحقيقية المتقدمة قد تستعمل لأغراض أخرى غير المعنى الحقيقي ، ومن هنا قلنا إن فهم النص يتوقف على معرفة دلالاتها ، فاستعمال هذه الأدوات والحروف له التأثير البالغ على معنى النص وتغيّر الحكم الذي يتضمنه تبعا لتفسير معنى الحرف الذي هو جزء من النص (30) .
وعلى القاضي الالتفات إلى أدوات الاستثناء التي قد ترد في النص مصدر الاستنباط ، ولا شك أن وجودها أو عدمها يُغيّر الحكم القضائي، فقد يمنع المشرع أمراً ما في صدر النص ثم يقطع هذا المنع عن حالة معينة باستثنائها بأحد الأدوات نظير سوى) ، عدا ، ماعدا ، غير ) ، ولكن أهم أدوات الاستثناء وأكثرها استعمالاً في النصوص هي (إلا)، علما إنه قد تستعمل لغير هذا الغرض كاستعمالها بمعنى (لكن) عندما تدخل على (أن) الثقيلة (31).
وقد استخدم كل من المشرع العراقي والمصري ( إلا في كلا الغرضين أعلاه الاستثنائي والاستدراكي ، فنص الأول على انه (لا يجوز النزول للغير عن حق الاستعمال أو عن حق السكني، إلا بناء على شرط صريح ومبرر وقوي) (32) ونص على ان لصاحب العقار المرتفق، ان يجري من الأعمال ما هو ضروري لاستعمال حقه في الارتفاق وما يلزم للمحافظة عليه، إلا انه يلزمه ان يستعمل حقه على الوجه الذي لا ينشأ عنه إلا اقل ضرر ممكن) (33) ونص المشرع المصري على انه (لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، ... ) (34) ونص بانه (ينتهي حق الانتفاع بهلاك الشيء، إلا أنه ينتقل من هذا الشيء إلى ما قد يقوم مقامه من عوض ) (35)
وينبغي للقاضي أن يلتفت إلى مسألة تكرار اللفظ الواحد في النص التشريعي لأن ذلك سيوحي إليه بالفكرة الأساسية للنص التي يبتني الحكم عليها ، فالملاحظ أن المشرع عندما يكرر لفظ واحد مرتين أو أكثر إنما يهدف من خلال ذلك إلى استيفاء جوانب الحكم القانوني، وتحاشيا لما قد يؤدي إليه الإضمار من لبس وغموض ، فالتكرار يحافظ على بنية النص وتماسكه ويغذي الجانب الدلالي فيه (36)
ونمثل لهذا التكرار بما نص عليه المشرّع العراقي من أنه يعتبر تصرف الصغير المميز إذا كان في حقه نفعاً محضاً وان لم يإذن به الولي ولم يجزه ، ولا يعتبر تصرفه الذي هو في حقه ضرر محض وان إذن بذلك وليه أو أجازه أما التصرفات الدائرة في ذاتها بين النفع والضرر فتنعقد موقوفة على إجازة الولي في الحدود التي يجوز فيها لهذا التصرف ابتداء) (37) ، فالتكرار في هذا النص غرضه تحديد الفعل القانوني للصغير وهو(التصرف) فمتى يُعتبر أو لا يُعتبر ومتى يكون موقوفا.
وبما نص عليه المشرع المصري من أنه إذا مات من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبير أثره فان ذلك لا يمنع من ترتب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه إليه ، هذا ما لم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة التعامل (38) ، فتكرار لفظ (التعبير) قد أبرز الفكرة الأساسية للنص ، وهي أثر التعبير عن الإرادة في الحالة المنصوص عليها .
اذن ومما تقدم يتطلب استنباط الحكم من النص التشريعي ان يكون القاضي على دارية تامة بدلالة الالفاظ المستعملة في النص التشريعي وما تفيده من مضمون هل هو الزامي ،امرا أو نهيا ، أو غير الزامي ، وهل ان النص عام أو خاص بحسب دلالة المفردات والصيغ المستعملة فيه ، ام انه مطلق أو مقيد ، وتشخيص دلالة الالفاظ المشتركة والمترادفة ، وفيما اذا كان هناك غموض أو اجمال لابد من تدخل المشرع لبيانه ، وملاحظة ادوات الربط المستعملة في النصوص التشريعية والالتفات إلى ادوات الاستثناء ، وملاحظة المفردات المتكررة في النص التشريعي وماهي الفكرة التي يريد المشرع ان يحققها من خلال ذلك التكرار.
______________
1- د. سعيد أحمد بيومي ، ، لغة القانون ، دار الكتب القانونية ، مصر ، دار الشتات للنشر والبرمجيات، مصر ، 2010، ص98 و ص 114 ، وص118 ، و ص 121. ابي الطيب مولود السريري، القانون في تفسير النصوص، دار الكتب العلمية، بيروت ، 2006 ، ص 31-33. وهبة الزحيلي ، الوجيز في أصول الفقه ، دار الفكر ، دمشق ، 1999، ص215 .
2- انظر المادة ( 1/128 ) القانون المدني العراقي .
3- أنظر المادة ( 2/1/163 ) القانون المدني المصري .
4- أنظر المادة (44 ) القانون المدني العراقي. وأنظر المادة (41) القانون المدني المصري .
5- أنظر المادة (2/1/1148) القانون المدني العراقي .
6- أنظر المادة (817) القانون المدني المصري.
7- أنظر المادة (332) القانون المدني العراقي .
8- أنظر المادة (382) القانون المدني المصري .
9- انظر المادة ( 1/179 ) القانون المدني العراقي .
10- أنظر المادة (48) القانون المدني المصري .
11- أنظر المادة (187) القانون المدني العراقي والمادة ( 158) القانون المدني المصري .
12- أنظر المادة ( 1074 ) القانون المدني المصري .
13- جمال الدين الحسن بن يوسف العلامة الحلي ، مبادئ الوصول إلى علم الأصول، الطبعة المحققة الأولى ، مطبعة الآداب، النجف الأشرف ، 1970 ، ص 120-122. تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي، أحكام كل وما عليه تدل ، دار الشؤون الثقافية العامة ، العراق ، 2000 ، ص 52 . القاسم بن علي بن محمد الحريري، درة الغواص ، دار الجيل ، بيروت ، 1996 ، ص 199. د. سعيد أحمد بيومي ، ، لغة القانون ، دار الكتب القانونية ، مصر ، دار الشتات للنشر والبرمجيات، مصر ، 2010 ، ص139 و ص 151.
14- انظر المادة (230) القانون المدني العراقي .
15- أنظر المادة ( 46 ) القانون المدني المصري .
16- أنظر المادة ( 41 ) القانون المدني العراقي.
17- أنظر المادة ( 51 ) القانون المدني المصري.
18- السيد محمد باقر الصدر ، دروس في علم الأصول ، الحلقة الأولى ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، بلا سنة نشر ص 118-119. عواد حسين ياسين ، تفسير النصوص القانونية بأتباع الحكمة التشريعية من النصوص، المركز العربي للنشر والتوزيع، مصر، 2019، ص122 و ص130.
19- أنظر المادة ( 1/558) القانون المدني العراقي .
20- أنظر المادة (559 ) القانون المدني العراقي .
21- الصاحب محي الدين يوسف بن عبد الرحمن بن الجوزي ، الايضاح لقوانين الاصلاح ، مكتبة مدبولي ، بلا مكان نشر، 1995، ص 105-106. محمد أديب صالح ، تفسير النصوص في الفقه الإسلامي ، مج 1 ، طه ، المكتب الإسلامي ، بیروت ، 2008 ، ص 212. جمال الدين الحسن بن يوسف العلامة الحلي ، مبادئ الوصول إلى علم الأصول، الطبعة المحققة الأولى ، مطبعة الآداب، النجف الأشرف ، 1970 ، ص 62. الشيخ محمد الخضري ، أصول الفقه ، ط6 ، المكتبة التجارية الكبرى ، مصر ، 1969 ، ص 143.
22- أنظر المادة ( 4/870 ) والمادة ( 1/867) من القانون المدني العراقي . و أنظر المادة ( 3/651) والمادة ( 1/649) من القانون المدني المصري . يُلاحظ في هذه المادة الأخيرة نص المشرع المصري ( ... في استخدامه لها) ، بينما عبر المشرع العراقي عن ذلك كما هو واضح أعلاه ) ... في استعمالها ) .
23- أنظر المادة ( 455 ) والمادة ( 250 ) من القانون المدني المصري .
24- د. مصطفى ابراهيم الزلمي، اصول الفقه في نسيجه الجديد ، ج 1، شركة الخنساء ، بغداد ، بلا سنة نشر ، ص388. د. سعيد أحمد بيومي ، ، لغة القانون ، دار الكتب القانونية ، مصر ، دار الشتات للنشر والبرمجيات، مصر ، 2010 ص 174 و ص 383.
25- أنظر المادة ( 1109 ) والمادة ( 35 ) من القانون المدني العراقي .
26- د. سعيد أحمد بيومي ، ، لغة القانون ، دار الكتب القانونية ، مصر ، دار الشتات للنشر والبرمجيات، مصر ، 2010 ، ص 153 - 156.
27- أنظر المادة ( 47 ) القانون المدني العراقي .
28- أنظر المادة ( 52 ) و المادة ( 2/965) من القانون المدني المصري.
29- د. محمد أديب صالح ، تفسير النصوص في الفقه الإسلامي ، مج 1 ، طه ، المكتب الإسلامي ، بیروت ، 2008 ، ص 210 و ص 254 د. وهبة الزحيلي ، الوجيز في أصول الفقه ، دار الفكر ، دمشق ، 1999، ص182- 185. عواد حسين ياسين ، تفسير النصوص القانونية بأتباع الحكمة التشريعية من النصوص، المركز العربي للنشر والتوزيع، مصر، 2019 ، ص 98 و ص 102.
30- الشيخ محمد بن ياسين، علم أصول الفقه ، منشورات مكتبة بسام ، العراق ، 1987، ص 47-50 . د. سعيد أحمد بيومي ، مصدر سابق، ص 237 و ص 243. د. مصطفى إبراهيم الزلمي ، دلالات النصوص وطرق استنباط الأحكام ، طا، إحسان للنشر والتوزيع ، ص 210-220.
31- ابي محمد عبد الله جمال الدين بن هشام الانصاري ، شرح قطر الندى وبل الصدى ، ط ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 2004 ، ص 229 و ص 232 د. سعيد أحمد بيومي ، مصدر سابق، ص278-279
32- انظر المادة ( 1263 ) القانون المدني العراقي .
33- أنظر المادة ( 1/1276) القانون المدني العراقي .
34- أنظر المادة ( 2 ) قانون المدني المصري .
35- أنظر المادة ( 1/994) القانون المدني المصري .
36- علي بوعلام ، جماليات التكرار وآلياته في التماسك النصي، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الآداب والفنون ، جامعة وهران احمد بن بلة الجزائر ، 2016-2017، ص 52 . د. سعيد أحمد بيومي ، مصدر سابق ، ص208-210.
37- أنظر المادة ( 97) القانون المدني العراقي .
38- أنظر المادة ( 92) القانون المدني المصري.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .