أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-18
752
التاريخ: 2024-03-18
698
التاريخ: 2023-03-26
1650
التاريخ: 2024-03-18
721
|
أقسام الحب:
أحدها: حبّ الانسان وجوده وبقاءه وكماله، وهو أقواها؛ لأنّ الحبّ بقدر الإدراك والملاءمة، والانسان أبصر بنفسه وأعرف ولا ملائم له أقوى من نفسه، وكيف لا وثمرة الحبّ حصول الاتّحاد بين المحبّ والمحبوب، وهو حاصل هنا حقيقة، فالوجود ودوامه محبوب له كما أنّ العدم مبغوض له، ولذا يكره الموت لظنّه عدمه أو عدم بعضه.
وكذا كمال الوجود محبوب له؛ لأنّ النقص عدم بالإضافة إلى المفقود، فالنقائص أعدام في الحقيقة، كما أنّ الكمالات وجودات.
فحاصله حبّ الوجود وبغض العدم أيضاً فكلّما كان الوجود أقوى ونحوه أتمّ كان أجمع لمراتب الوجودات والوجود الواجبيّ لكونه تامّاً وفوق التمام وقيّوماً محيط بكلّ الموجودات وجامع لها بأسرها، وحبّ المرء لأقاربه وأولاده وعشائره راجع إلى هذا القسم، أي حبّه لكمال نفسه إذ يرى الولد جزءاً منه قائماً مقامه، فبقاؤه بمنزلة بقائه ويرى نفسه قويّاً كثيراً بأقاربه؛ لأنّهم كالأجنحة المكمّلة له.
الثاني: حبّ من يحصل له نفع بسببه أي ما يكون وسيلة إلى لذّاته كحبّه للمرأة التي بها تحصل لذّة الوقاع، والطعام الذي يحصل به لذّة الأكل، والطبيب الذي به يحصل الصحّة، والمعلّم الذي به يحصل العلم، وهذا أيضاً يؤول إلى الأوّل؛ لأنّه باعث لحصول الحظوظ التي بها يتمّ كمال الوجود، فإذا أحبّ الانسان غيره بحظّ واصل منه إليه فما أحبّه لذاته بل لأجل الحظّ المزبور، ولو ارتفع طمعه فيه زال حبّه مع بقائه بذاته، وإذا كان الحظّ واصلاً إليه (1)، فما أحبّ في الحقيقة الا نفسه.
والثالث: المحبّة الحاصلة بسبب الأنس والإلف والاجتماع كما في الأسفار البعيدة، فإنّ المؤانسة لا تنفكّ عن الحبّ، والإنسان مجبول عليها.
وهذا أحد أسرار التعبّد بالجماعات والجماعات.
والرابع: الحبّ الحاصل بالمجانسة والمشاركة في الصفة كالصبي لمثله والشيخ لمثله والتاجر لصنفه.
والخامس: محبّة المتشاركين في سبب واحد كالقرابة، وكلّما قرب كانت أشدّ.
والسادس: الحبّ لمجانسة خفيّة ومناسبة معنويّة من دون سبب ظاهر، فإنّ الأرواح لها تناسب كما ورد في الأخبار.
والسابع: حبّ العلل لمعلولاتها وبالعكس؛ لأنّ المعلول مثال للعلة مترشّح منها منبجس عنها لكونه من سنخها، فالعلّة تحبّه؛ لأنّه فرعها المنطوي فيها، والمعلول يحبّها؛ لأنّها أصله الذي يحتوي عليه، فحبّ كلّ منهما للآخر حبّ لنفسه في الحقيقة، والعلّة الحقيقيّة في ذلك أقوى من المعدّة.
فأقوى أقسام الحبّ ما كان الحبّ للواجب تعالى بالنسبة إلى معلولاته.
ثمّ محبّة عباده العارفين به له، فإنّ هذه متوقّفة على المعرفة بكون العلّة تامّة فوق التمام، وكونها سبباً لإخراجهم من العدم الصرف إلى الوجود المحض وإعطائهم ما يحتاجون إليه في النشأتين، وحينئذٍ تشتاق النفس إلى العلّة بالضرورة.
قال سيّد الرسل صلى الله عليه وآله: «ما اتّخذ الله وليّاً جاهلاً قطّ» (2).
قيل: ويشبه حبّ الأب لابنه وبالعكس هذا القسم لكون الأب علّة معدّة له فيحبّه؛ لأنّه يراه مثالاً لذاته وجزءًا له، ولذا يريد له ما يريد لنفسه، ويفرح بتفضيله عليه ويرجو منه إنجاح مقاصده ومطالبه في حياته ومماته، وكذا محبّة المعلم للمتعلّم وبالعكس؛ لأنّ المعلّم سبب لحياته الروحانيّة وإفاضة الصورة الانسانيّة عليه وبقدر شرف الروح على الجسم يكون المعلّم أشرف من الأب.
ومنه يظهر أنّ حبّ النبي صلى الله عليه وآله وخلفاءه (أي أوصياؤه) الراشدين (3) أوكد من سائر أقسام الحبّ بعد الله تعالى؛ لأنّه المعلّم الحقيقيّ والمكمّل الأوّل. قال صلى الله عليه وآله: «لا يكون أحدكم مؤمناً حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه وأهله وولده» (4).
والثامن: حبّ الشيء لذاته، فيكون حظّه منه عين ذاته، وهو الحبّ الحقيقيّ كحبّ الجمال والحسن، فإنّ إدراك الجمال عين اللذّة الروحانيّة المحبوبة لذاتها، وأمّا حبّه لقضاء الشهوة فهي من اللذّات الحيوانيّة، ولذا يذمّ العشق الحاصل منه دون ما كان حاصله الابتهاج بإدراك الجمال ولالتباسهما وقع الخلاف فيه، والخضرة والماء الجاري محبوبان من نفس الرؤية دون إدراك حظّ آخر من الأكل والشرب ونحوهما، كما كان يعجب بهما النبي صلى الله عليه وآله.
وكذا النظر إلى الأزهار والأنوار والأطيار المليحة بل يزول به الغمّ والهمّ عن الانسان، والجمال ليس مقصوراً على ما يدرك بالنظر، بل يقال : صوت حسن وريح طيّب، ويقال أيضاً : خلق حسن وعلم شريف وسيرة حسنة ممّا لا يدرك الا بالبصيرة الباطنة، فهذه الخصال وأمثالها محبوبة للعقل بالطبع وصاحبها محبوب كذلك، ولذا إنّ الطباع السليمة مجبولة بحبّ الأنبياء والأئمّة عليهم السلام مع عدم مشاهدتهم بحسّ البصر ولا استماع كلامهم بل ربّما يصل حبّهم إلى حد العشق فينفق ماله بل يبذل نفسه في نصرة مذهبه ونبيّه ويقاتل من يطعن فيه، فالحامل على حبّهم صفاتهم الباطنة الراجعة إلى علمهم بوجوه الخيرات والشرور وقدرتهم على نشرها بين الناس وصرفهم إليها وعنها.
ولذا إنّه إذا وصف أحد بالشجاعة أو العلم أو الملك أو ملك بالعدل أحبّه المستمع حبّاً ضروريّاً مع عدم رؤيته له ويأسه عن وصول نفع منه إليه، وكذا لو وصف أحد حواسّه الظاهرة كان حبّه للمعاني الباطنة والموصوفين بها أكثر وأشدّ.
__________________
(1) كذا، وفي العبارة سقط.
(2) جامع السعادات: 33 / 140.
(3) قال في جامع السعادات (3 / 141): «ينبغي أن يكون حبّ النبي وأوصيائه الراشدين (عليهم السلام) أوكد من جميع أقسام الحبّ».
(4) راجع المحجة البيضاء: 8 / 4 ـ 5.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|