أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2016
2316
التاريخ: 24-5-2021
6897
التاريخ: 30/10/2022
3646
التاريخ: 20-3-2016
8480
|
إنعقد إجماع التشريعات الجزائية (1) والفقه الجنائي على ضرورة توافر الركن المادي في كافة الجرائم فهو مادياتها أو ما يدخل في كيانها الخارجي وتكون له طبيعة مادية تشعر به الحواس فتدركه فلا يعرف القانون جرائم دون ركن مادي (2) ألا أن هذا الركن يختلف في جرائم التحريض غير المتبوع بأثر من حيث إنه يقوم بمجرد صدور النشاط التحريضي من المحرض بصرف النظر عن تحقق النتيجة الجرمية المادية وبمعنى آخر أن التحريض هنا يقوم بنشاط من صدر عنه لا من وجه إليه (3) وبهذا يكون التحريض غير المتبوع بأثر جريمة مستقلة لها أركانها إذا ما تحققت عوقب الجاني بالعقوبة المقررة للجريمة، ولما ينطوي عليه النشاط التحريضي من أهمية بالغة سندرس الركن المادي للتحريض غير المتبوع بأثر بالتركيز على النشاط التحريضي في حين سنتطرق لعنصر النتيجة الإجرامية ( بشيء من الإيجاز غير المخل كون هذا الركن يقوم إذا ما قام النشاط التحريضي والذي عوّل عليه المشرع في تجريم الفعل دون النظر في تحقق النتيجة بمدلولها المادي ، عليه سنقسم هذا الموضوع على ثلاثة فروع يخصص الفرع الأول منه لبيـان شـروط النشاط التحريضي أما الفرع الثاني فسنتناول فيه مدى اشتراط قيام هذا النشاط التحريضي بوسائل معينة من عدمه وسيكون الفرع الثالث موضوعاً عن النتيجة الجرمية.
الفرع الأول
شروط النشاط التحريضي
لكي يكون النشاط الذي يصدر من الشخص مجرم بوصفه فعلاً تحريضياً معاقباً عليه في القانون وإن لم يترتب عليه أثر وجب توافر بعض الشروط وهي:
لولا خلق فكرة الجريمة لدى الآخر أو محاولة خلقها : إن جوهر التحريض يكمن في خلق فكرة الجريمة لدى الآخر أو محاولة ذلك فتحريض شخص على ارتكاب جريمة معناه زرع نية ارتكاب جريمة لديه بعد أن لم تكن موجودة في نفسة أصلاً (4) وخلق فكرة الجريمة لابد أن يكون جديا (5) ويتحقق هذا الأمر بكل ما من شأنه دفع الفاعل لارتكاب الجريمة ، فلا يتصور نشاط المحرض إلا إذا اتجه الى شخص لم يصمم على ارتكاب الجريمة من قبل (6) وذلك أنه إذا كان سبق أن صمم على ارتكاب الجريمة لا يقوم التحريض هنا ومع ذلك يرى غالبيه الفقه الجنائي أن النشاط التحريضي ممكن أن يتجه الى شخص تبادرت الى ذهنه فكرة الجريمة لكنه لم يقدم عليها وتردد بإتيانها حتى جاء المحرض وشجع فكرة ارتكاب الجريمة وخلق لديه التصميم على اتيانها (7) ، ونحن نتفق مع الرأي الأخير فالنشاط التحريضي غالباً ما يكون له الأثر الواضح في تغيير إرادة الآخر بخلق فكره الجريمة أو التشجيع على ارتكابها ، ومن الجدير بالذكر في هذا المقام هو انقسام رأي الفقه الجنائي بين مؤيد ومعارض بشأن النصيحة ومدى قيام النشاط التحريضي بها من عدمه فيرى القسم الأول أن مجرد النصيحة أو التحسين لا يقوم بها النشاط التحريضي كونها لا تعد دفعاً ولا إقناعاً للشخص على ارتكاب الجريمة إذ يرى هذا الجانب من الفقه إنّ كلمة النصيحة من وجهة نظر أصحاب اللغة العربية تعني الوعظ والإخلاص في المودة والإ علي كاظم د للخير والنهي عن الفساد ولا تعني الحث على إتيان الجريمة وأغلب الظن أن القائلين بأن النصيحة تصح أن تكون وسيلة للتعبير عن النشاط التحريضي قد أخطأ في تفسير كلمة ( advise ) التي تعني النصيحة كما تعني المشورة بصدد أمر ما فالمشورة ممكن أن تكون مخطئة إذا ثبت أنها أدت الى حمل الفاعل لارتكاب الجريمة وكانت صادرة من شخص سيئ النية (8) ، أما القسم الثاني فيرى أنه لا ما يوجد يمنع من قيام التحريض بالنصيحة وخاصة إذا ما اقترنت بإلحاح أو أفرغت في أسلوب مقنع ذي تأثير على الآخر (9) ونحن نتفق مع الرأي الذي يذهب بقيام النشاط التحريضي إذا ما أفرغ على صورة النصيحة والتي لا تقل خطورة من غيرها من وسائل التحريض لاسيما إذا صدرت من شخص له قوة النفوذ والتأثير على الآخر أو كان الآخر من محدودي الذكاء أو استعداده الفكري سریع التأثر فلا يستطيع التمييز بين الخير والشر المقدم عليه ، لاسيما اذا ما انطوت عن سوء نية عليه نؤيد تحمل الشخص المسؤولية الجزائية إذا ما أبرز نشاطه التحريضي للعالم الخارجي سواء كان بنصيحة أم مشورة أم بزرع فكرة الجريمة أم التشجيع عليه وفي هذا الاتجاه أخذ القانون العراقي بالحكم المقرر في المادة (213) عقوبات التي تعاقب من حسّن أمراً أعده القانون جناية أو جنحة للغير.
ويذهب رأي الى القول بإن التحريض يتميز بأنه خطاب موجه الى العواطف والشهوات والغرائز وليس احتكاماً الى ما يمليه عليه العقل من القبول أو الرفض (10) في حين يذهب رأي آخر الى أن التحريض يتضمن حثاً على دفع الآخر لارتكاب الجريمة وأنه يختلف عن مسألة إثارة المشاعر التي تقوم على استغلال العواطف (11) ونرى أن التحريض هو حث الآخر لارتكاب الجريمة سواء وجه النشاط التحريضي للعقول ام للمشاعر على حد سواء لاختلاف تقدير تأثير النشاط التحريضي من شخص لآخر أي أن النشاط التحريضي ممكن أن يكون موجهاً الى العقل البشري أو الى العواطف على حد سواء.
ثانيا - أن ينصب النشاط التحريضي على جريمة: أي أن يكون موضوع التحريض إتيان سلوك مجرم وقت حصول التحريض (12) فالتحريض على العمل المباح لا يعد نشاطاً تحريضياً على جريمة ومن ثم لا تجوز المعاقبة عليه، والسؤال الذي يطرح هنا ما هو معيار التفرقة بين النشاط التحريضي المعاقب عليه والنشاط المتضمن كلمات تعبر عن حرية الرأي سيما اننا نعيش تجربة الديمقراطية والانفتاح الالكتروني وحرية التعبير عن الرأي ؟ فالمجتمع العراقي عانى بعد عام 2003 من ظاهرة حرية التعبير عن الرأي بشكل واسع فبات الجميع يعبرون عن آرائهم إلا أن أغلب هذه الآراء تمثل تعدياً على حقوق الآخرين وتحريضاً على الكره والحقد والضغينة والشحذ الطائفي بشكل علني أو غير علني (13) ، لا سيما ان سعة اتساع استعمال الانترنت بات يشكل جزءاً يدفع الآخرين لارتكاب هذه الجريمة وجرائم أخرى كالسب والقذف (14).
ولما للتحريض وحرية التعبير عن الرأي من تشابه إذ إنّ كليهما عبارة عن نشاط تعبيري ذي مضمون نفسي فالنشاط التحريضي يصدر من المحرض للتأثير على المحرض ودفعه أو حمله لارتكاب جريمة وهنا يختلط التحريض مع حرية التعبير عن الراي بوصفه نشاطاً تعبيرياً مشروعاً ففعل التحريض يصعب اثباته كونه يتعلق بنية قائل التعبير ومن ثم لا يمكن الحكم على محتوى التعبير من ظاهره بل لا بد من تحليل هذا المحتوى التعبيري في ضوء الظروف التي قيل بها او المكان الذي جاء به التحريض إذ من الضرورة التمييز بين النشاط التعبيري الذي يكون ضمن إطار حرية التعبير المشروعة وبين النشاط التعبيري الذي يتضمن مفهوم التحريض ويصعب وضع معیار محدد بين النشاط التعبيري لحرية الرأي والنشاط التعبيري لفعل المحرض والذي يروم من ورائه توجيه الآخر الى الوجهة التي يريدها وكذلك النشاط التعبيري المشروع فهو الآخر يرغب بضم غيره الى صفه وتوجيهية الى الوجهة التي يراها ، ومع ذلك التقارب إلا أن الفارق بينهما يكمن من حيث أن صاحب الرأي المشروع والذي يرغب بالتعبير عن رأيه لا يعتمد على التبعية الفكرية أو النفسية ولا يفترض وجودها فهو يعرض أفكاره ولا يفرضها على الآخر فاذا انتهى الآخر للعمل بهذه الافكار يكون قد عمل بوحي عقله اي عدم تحقق علاقة اكيدة بين العمل وصاحب الرأي تسمح بمساءلته قانونياً ويرى الفقه الجنائي أن هذا الفارق لا يكون على درجة كبيرة من الوضوح من الناحية العملية ولا سيما إذا لم يتضمن التحريض بصورة صريحة ما يفيد ارتكاب جريمة ما فقد يتضمن التحريض شعارات وخطابات تثير النفوس وتهييج الخواطر وهنا يختلط التحريض مع حرية التعبير عن الرأي (15) وتبقى مسألة التمييز بين النشاطين مسألة تقديرية خاضعة لسلطة المحكمة (16)
فلها بذلك سلطة تقديرية في تحديد اذا ما كانت الألفاظ والعبارات تكون بذاتها الدافع لارتكاب جريمة أم أنها مجرد تعبير عن رأي يخلو من خلق فكرة الجريمة أو تحبيذها لدى الآخر (17) ، ويعول القضاء على القصد الجرمي في هذه التفرقة بين حرية التعبير والتحريض إذ يتوفر القصد الجنائي في التحريض متى اتجهت ارادة المحرض الى ارتكاب الفعل المادي لأجل حمل الآخر لارتكاب الجريمة موضوع التحريض، فلا يمكن الاحتجاج بحرية التعبير عن الرأي حينما يصب مضمون النشاط التحريضي على ارتكاب الجرائم (18) ، وبذلك يكون التحريض معاقبا عليه إذا ما انصب على إتيان سلوك جرمة القانون (جريمة) وإذ إن الجريمة قد قسمت من حيث جسامتها على ثلاثة أنواع جنايات وجنح ومخالفات (19) وفي هذا المجال يثور التساؤل عن مدى تحقق التحريض غير المتبوع بأثر بجميع تقسيمات الجريمة من حيث جسامتها وبتتبع النصوص القانونية في القوانين العقابية العامة منها والمكملة محل الدراسة يتبين أن المشرع الجنائي قد عاقب على التحريض غير المتبوع بأثر إذا ما وقع في جرائم الجنايات والجنح فقط أو في الجنايات فقط في بعض الحالات (20) وقد أحسن المشرع العراقي باستبعاد المخالفات من اطار التجريم للتحريض غير المتبوع بأثر لما في الأمر من المبالغة بأن يشمل حتى الجرائم قليلة الجسامة ، ومن الجدير بالذكر أن الفقه الجنائي قد اختلف في موضع العقاب بالتحريض على المخالفات في التحريض كوسيلة اشتراك وليس بالتحريض غير المتبوع بأثر (21)
ثالثا - عدم وقوع الجريمة المحرض عليها أو الشروع بها : لا يكفي لقيام جرائم التحريض غير المتبوع بأثر خلق فكرة الجريمة أو تشجيعها ودفع الجاني لارتكابها بل اشترط القانون أن لا تقع الجريمة محل التحريض أو ان يشرع في ارتكابها أي أن لا ينتج النشاط التحريضي اثراً في إرادة الآخر مما يدفعه لارتكاب جريمة وإلا كنا امام صورة التحريض كطريق من طرق الاشتراك ، وينبغي أن نشير الى عدم إفضاء النشاط التحريضي الى النتيجة الجرمية لا يخرج من أحد الفروض الآتية وهي إذا لم يلقى التحريض استجابة من الشخص الذي اتجه اليه التحريض أي رفضه أو قبول التحريض ثم عدوله عن إتيان فعل يجرمه القانون أو حال إتيان من اتجه اليه التحريض نشاط مادي لا يعاقب عليه القانون أو عدم وصول هذا النشاط للمتلقي وبهذا يكون المحرض يستحق العقاب وإن لم يترتب أثر على تحريضه ونعلل ذلك باستقلال تبعة المحرض فبمجرد قيام المحرض بالنشاط التحريضي استحق العقاب كونه أعرب عن خطورته الإجرامية بتعريض المصالح محل الحماية للخطر، وبهذا يذهب رأي الى ان للنشاط التحريضي خطورة قد تبلغ حد خطورة الفاعل او اشد وبالتالي من الضروري أن يتحمل تبعات نشاطه (22)
الفرع الثاني
وسائل التعبير عن النشاط التحريضي
انقسمت هذه التشريعات بالنسبة لموقفها من تحقق التحريض بوسائل معينة من عدمه على ثلاثة اقسام فجاء القسم الأول ليشترط أن يقع التحريض بوسائل معينة حددها على سبيل الحصر والقسم الثاني لا يشترط ذلك بل يجوز أن تقع بأي وسيلة كانت وهناك فريق ثالث اختط نهجاً بين هذين الرأيين فهو الى جانب تحديده لوسائل التحريض فإنه في نفس الوقت لا يكتفي بذلك بل يضيف عبارة ( أو بأي وسيلة أخرى ) وسيتم الوقوف على هذه التشريعات التي لا تشترط وسائل معينه لوقوع النشاط التحريضي والتشريعات التي تحدد نوعاً معيناً من الوسائل التي يقوم بها هذا النشاط .
أولا التشريعات التي لا تشترط وقوع التحريض بوسيلة معينة: لم يشترط التشريع العراقي والمصري تحقق السلوك المجرم للمحرض بوسائل معينة (23) إذ عدت هذه التشريعات أنه لا عبرة بالوسيلة التي يكون فيها النشاط التحريضي بل يتصور التحريض أياً كانت الوسيلة التي يقدم بها المحرض (24) ، وعدم تحديد وسائل التحريض له مميزاته وعيوبه ، أما مميزاته فإن مذهب عدم تحديد الوسائل قد رفع حملاً ثقيلاً عن المشرع في تحديد وحصر وسائل التحريض فإنه لا يستطيع أن يلم بها إلماماً كافياً وذلك لتطور الحياة وكثرة وسائل التحريض المؤثرة من شخص لآخر باختلاف الثقافات والحالة المعيشية ، فهناك عوامل تجعل وسيلة التحريض تؤثر في شخص ولا تؤثر في غيره والعكس صحيح ، وفيه تقييد لأعمال النصوص الجزائية الأمر الذي يترتب عليه إفلات بعض المجرمين من العقاب وترك الحرية للقاضي في تقدير النشاط التحريضي مما لا يتيح الفرصة للمحرض في التهرب من العقاب فكم من مجرم أفلت من العقاب لعدم وجود نص أو تنظيم قانوني يحاسبه (25) ، أما عيوب هذا الاتجاه فيرى البعض أن في عدم تحديد وسائل التحريض مساس للحرية الفردية أو اخلال بمبدأ المشروعية ، ويعلل جانب الفقه الجنائي رداً على هذا القول أن بتوسيع صلاحيات القاضي في تكييف الفعل على أنه تحريض من عدمه له ما يسوغه في ظل قضاء معتكف لا خوف على حريات الأشخاص ولا داع للقلق على مسألة المساس بمبدأ المشروعية طالما كان هناك قضاء واع خاضع لرقابة محاكم أعلى منه درجة (26).
ویرى جانب من الفقه الجنائي أن القانون العراقي ترك مسألة تحديد وسائل وقوع التحريض كقاعدة عامة في جميع جرائم التحريض ثم حدد وسائل معينة في جرائم أخرى تستدعي لأهميتها تحديد هذه الوسائل ومن ذلك مثلاً ما نصت عليه المواد (212 و 221 و 213 ) عقوبات عراقي التي اشترطت العلانية كوسيلة (27) لقيام هذه الجرائم، إذ يرون إن العلانية تعد ركنا في جريمة التحريض غير المتبوع بأثر التي نصت عليها المواد آنفة الذكر ذلك أنه إذا وقع التحريض دون أن يقترن بوسيلة من وسائل العلانية ولم يترتب عليه أثر فإن المحرض لن يعاقب طالما انه لا يوجد نص يقضي بذلك مما يجعل العلانية ركنا من أركان الجريمة (28) .
ثانيا - التشريعات التي تشترط وقوع التحريض بوسيلة معينة: لجأت بعض التشريعات الى تحديد الوسائل التي يجب أن يقع بها التحريض كي يعاقب عليه ومن هذه التشريعات التشريع الأردني إلا أن هناك خلاف فقهي حول إذا ما وردت وسائل التحريض المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة (80/1) من قانون العقوبات الأردني على سبيل الحصر أم المثال؟ فقد انقسم الفقه الجنائي في تقدير هذه المسألة على اتجاهين يرى الاتجاه الأول أن وسائل التحريض قد وردت على سبيل الحصر وان المشرع الأردني قد اقتصر على هذه الوسائل ذات التأثير الكبير على إرادة الفاعل وحريته أما الحالات التي لا يكون فيها للوسائل مثل هذا الأثر فقد بقيت مستبعدة من نطاق التحريض قانوناً فلا يجوز القياس عليها أو التوسع بها ويرى أنصار هذا الإتجاه أنه اذا قام شخص بحمل الفاعل على ارتكاب الجريمة بغير طرائق التحريض المنصوص عليها قانونا فانه قد يعد
متدخلاً في الجريمة ولكنه لا يعد محرضاً (29)،أما الاتجاه الثاني فيرى أن المشرع الأردني أورد وسائل التحريض على سبيل المثال وليس الحصر ويسوغون رأيهم هذا بأن المشرع الأردني قد استوحى واستمد هذا النص الخاص بوسائل التحريض من قانون العقوبات السوري واللبناني والذين لم يحددا وسائل التحريض ولم يذكرها بالتعداد والحصر وانما استعمل المشرع في كلا القانونين تعبيرا عاما غير محدد (30) ، ومن باب آخر يرى أصحاب هذا الاتجاه أنه ليس من الصواب حصر وسائل التحريض لما فيه فرصه لارتكاب الجريمة بغير وسيلة وإفلات المجرم (31).
ويرى أنصار مذهب تحديد الوسائل أن بتحديد وسائل وقوع التحريض فائدتين أساسيتين إحداهما تتعلق بحريات الأشخاص والأخرى تتعلق بتسهيل تكييف الواقعة الإجرامية ، أما بالنسبة لحريات الأشخاص فالقانون يحدد ما هو مشروع وما هو غير مشروع مسبقاً فيضع القاضي أمام واقع قانوني محدد ليس له أن يحيد عنه فهو لا يستطيع القياس والتوسع بمفهوم هذه الوسائل وبالتالي لا يستطيع توسيع دائرة الاتهام كما لا يستطيع تضييقها بهذا يقطع على القاضي طرق الاجتهاد ويقيد بوجوب إدانة المحرض اذا ما اتبع في تحريضه احدى تلك الوسائل المحددة ، أما الأهمية الثانية والتي تخص عمل القاضي فإن مذهب تحديد وسائل التحريض يعفيه من مشقة البحث وراء كيفية وقوع التحريض وهو بصدد صياغة قرار الإدانة أو قرار التجريم وبهذا يجنبه ذكر الوقائع وملابسات القضية وما توصل اليه ما استخلصه من قناعته أن ذلك النشاط قد حقق وقوع التحريض بل يكفيه أن يذكر وقوع التحريض بالوسيلة الفلانية المحددة قانونا (32)
يذهب رأي من الفقه الجنائي أن عيوب هذا الاتجاه تكمن بأن القيود التي يفرضها المشرع على القاضي في تحديد وسائل التحريض بوقوع النشاط التحريضي بها من عدمه جعلت من سلطة القاضي ضعيفة إذ يمكن لبعض الجناة أن يرتكبون الجريمة ولا ينالوا العقاب أو ينالوا عقاباً اقل إذا ما عدهم القاضي متدخلين في الجريمة رغم نشاطهم التحريضي (33) ، وقد حدد المشرع الأردني الوسائل التي يجب أن يقع بها التحريض ليصبح معاقبا عليه وهذه الوسائل يمكن إجمالها بنوعين ، الأولى وسائل ترغيبية ( إعطاء النقود أو الهدية ) والنوع الثاني وسائل ترهيبية ( التأثير على الفاعل بالتهديد) ، أما النوع الأول من هذه الوسائل فيرى جانب من الفقه الجنائي أنه لا يثور معه أي صعوبة أو إشكال سواء تم إعطاء النقود ام الهدية قبل ارتكاب الجريمة أو بعده اتمامها على شكل وعد (34) ، ويرى آخرون أنه بالرغم من عدم تحديد وقت معين لإعطاء النقود أو الهدية . المشرع إلا أنهم يرون بضرورة أن يكون وقت إعطاء النقود للفاعل سابقاً أو متزامناً مع الاقناع الموجه له فالمال غالباً ما يغري الانسان ويؤدي به لارتكاب ما يطلب منه وغالباً ما يستغل المحرض حاجة شخص ما للمال لارتكابه الجريمة (35) وبهذا يكون مجرد الوعد بإعطاء المال أو الهدية لا يكفي لتحقق التحريض إذ قضي بانه لا يعد من قبيل التحريض على القتل اذا ما قام المتهم بإخراج كمية من النقود وقال لشقيق المشتكية اقتلها يا علي واذا بدك من الألف الى الثلاثين ألف أنا حاضر (36) ، أو أن تكون وسائل ترهيب ( التأثير على الفاعل بالتهديد ) وتعني هذه الوسيلة استعمال التهديد للتأثير على المحرض بغية ارتكاب الجريمة ، إذ يرى جانب من الفقه الجنائي إن التهديد قد يكون مجرداً أو مصحوباً بطلب القيام بجريمة ما ويكون بهذه الصورة الأخيرة أشد وطأة وخطورة (37) والتهديد الوارد في هذه الفقرة لا يرقى الى التهديد الوارد في الإكراه المعنوي ، فبالتالي لا ينقص من إرادة الشخص وحرية اختياره ذلك القدر المميز في الإكراه المعنوي فالتهديد كوسيلة من وسائل وقوع التحريض هو بمثابة إكراه غير ملجئ فهو يخلق حالة عدم الرضا لدى الشخص ولكنه لا يفسد اختياره (38) ويستند الفقه الجنائي في هذه التفرقة بين التهديد كجريمة مستقلة وبين إذا ما كان وسيلة لوقوع التحريض انطلاقا من كون المشرع الأردني قد بين معنى التهديد وهو إن ارتكب الشخص جريمة تحت تأثيره أعفى من المسؤولية الجزائية (39) وقد اشترط المشرع أن يكون التهديد على درجة من الجسامة إذ يتوقع الفاعل أن ينجم عنه موتا أو ضرراً بليغاً في أعضائه بشكل مستديم أما التهديد الوارد كوسيلة لا يرتقي لهذه الجسامة التي تعفي مرتكب الجريمة من المسؤولية الجزائية(40) ، اما الوسائل الأخرى فهي ( صرف النفوذ التأثير عليه بالحيلة والخداع ، إساءة الاستعمال في حكم الوظيفة ) ولاعتبار صرف النفوذ من وسائل التحريض لابد أن يملك الشخص نفوذا على الشخص المحرض كالوالد اتجاه ولده والسيد اتجاه خادمه وان يصدر الأمر صريحا فان بهذه الشروط لا يعد تحريضاً (41) أما وسيلة التأثير بالحيلة والخداع فيشترط أن تبلغ درجة يكون القائم بها مقتدراً على خداع غيره وسوقه حتى وقوع الجريمة، ويذهب رأي الى أن الطريقة الأخيرة من وسائل التحريض طريقة إساءة الاستعمال في حكم الوظيفة هي أقرب من طريقة صرف النفوذ إلا أنها تنصرف الى حالات تقع ضمن الوظيفة العامة بين المرؤوس والرئيس (42) ومن الجدير بالذكر أن المشرع الأردني قد خرج على الوسائل آنفة الذكر واعتد بوسائل غيرها وهي الأعمال والكتابات والخطب في نص خاص في قانون العقوبات(43).
وبعد هذا الايجاز عن التشريعات التي اخذت بتحديد وسائل وقوع النشاط التحريضي والأخرى التي لم تشترط هذه الوسائل ، نرى أن المشرع العراقي قد أحسن باختياره بترك تحديد وسائل وقوع النشاط التحريضي لما في ذلك من مميزات أشرنا اليها انفاً واضافة لتلك المميزات نرى أن عدم تحديد وسائل وقوع التحريض يعطي للسلطة القضائية المساحة الواسعة في استيعاب الوسائل المعلوماتية المتطورة لا سيما أن بعض الجرائم التقليدية ظهرت بأساليب حديثة في طرق
ارتكابها ومنها جريمة التحريض وأننا نرجو من المشرع العراقي أن ينص على عد العلانية في جرائم التحريض من الجنايات والجنح كظرف مشدد للعقوبة اذا ما وقعت بطريق العلانية مواكبا بذلك التطور الحاصل في وسائل العلانية (( وسائل الإعلام التقليدية وغير التقليدية)) ولما لها من أثر كبير في عصب الحياة في كافة جوانبها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية.
الفرع الثالث النتيجة الجرمية
لا يحفل المشرع بكل الآثار المترتبة على السلوك الإجرامي وهو بصدد وضع النموذج القانوني الذي يصف به السلوك ، إنّما ينتخب منها اثراً معيناً يستلزم تحقيقه وهذا الأثر هو النتيجة الإجرامية للسلوك فإذا لم يستلزم المشرع نتيجة ما للسلوك المجرم كما هو الشأن بجرائم التحريض غير المتبوع بأثر تخرج بذلك آثار السلوك جميعاً من نطاق نموذجه (44) ويراد بالنتيجة الجرمية الإعتداء الموجه الى المصالح محل الحماية القانونية ، ويرى البعض بأن النتيجة في الجريمة هي الأثر المترتب على الفعل الجرمي الذي يعاقب عليه القانون بمعنى آخر إنها ظاهرة مادية عبارة عن التغيير الذي يحدث في العالم الخارجي والذي يمكن إدراكه بالحواس (45) وما ينبغي ملاحظته هو أن آثار السلوك كثيرة ومتنوعة فليس كل تغيير بالعالم الخارجي يكون نتيجة إنما فقط ذلك التغيير الذي يجعله المشرع محل اعتبار (46) كأثر جريمة القتل وهو ازهاق روح انسان على قيد الحياه فالوفاة إعتداء على الحق في الحياة كذلك نزع حيازة المال في جريمة السرقة فالواقع كان على نحو معين وأصبح بعد الواقعة الإجرامية بصورة انتقال الحيازة وهو اعتداء على حق الملكية وهذا التغيير بالعالم الخارجي يعرف بالنتيجة المادية (47) ، لكن النتيجة الجرمية لا تدور وجوداً أو عدماً مع مدلولها المادي إنما يكون لها أيضاً مدلولاً آخر هو المدلول القانوني والمتمثل بمجرد نية الإضرار أو تعريض المصلحة المحمية للخطر (48) والتي عرفت (49) بأنها العدوان على المصلحة التي يحميها القانون وذلك بإهدارها أو تهديدها بالخطر، كما عرفت (50) بأنها العدوان على الحق أو المصلحة التي حرص المشرع على حمايتها عندما جرم السلوك سواء تمثل هذا العدوان في اصابتها بالضرر أم مجرد تعريضها للخطر، ويتضح هذا الأثر بأن عول المشرع على إتيان النشاط التحريضي وفرض العقاب على الفاعل المحرض لمجرد صدور هذا النشاط دون التعويل على تحقق النتيجة المادية والاعتماد على مدلول تحقق النتيجة القانونية ، إذ يرى جانب من الفقه الجنائي ان النتيجة القانونية تتحقق بمجرد إتيان السلوك الاجرامي الذي له صفه الإعتداء على المصلحة محل الحماية وبذلك لا تكون النتيجة أمراً مستقلا عن السلوك الإجرامي وإنما هي . صفة (51) ولما كانت صفة الاعتداء متسقة مع كل نص تجريمي فيكون لكل جريمة نتيجة بمعناها القانوني كونها عله التجريم سواء تمثلت بالضرر أم بالخطر ، وهذا ما دعا إليه أنصار المدلول القانوني الى القول بأن الجرائم جميعها لها نتيجة قانونية سواء ترتب الأثر على السلوك أم لم يترتب وبهذا يقسمون الجرائم الى جرائم مادية ذات نتيجة وجرائم سلوك محض وبمعنى آخر جرائم ضرر وجرائم خطر (52) ، ولما بيناه سابقا بأن جرائم التحريض غير المتبوع بأثر هي من جرائم الخطر والتي يعول المشرع على فرض العقاب عند إتيان النشاط التحريضي دون النظر لتحقق النتيجة بمدلولها المادي كون الخطر المكنون في هذه الجرائم يهدد مصالح راعاها المشرع بحمايتها ففرض العقاب مبكرا (53) لتحقق النتيجة بمدلولها القانوني .
ومع ذلك إننا لا نتفق مع الرأي القائل بأن النتيجة بمدلولها القانوني هي صفة لازمة لكل سلوك إجرامي سواء في جرائم الضرر أم جرائم السلوك المجرد لما يترتب على هذا القول من إهمال عنصر السببية وعدم الحاجة لبحثه وهي علاقة بين عنصرين منفصلين هما السلوك والنتيجة الجرمية ولما لهذه العلاقة من أهمية في تحديد المسؤول جزائيا عن السلوك من عدمه وبالأخص في جرائم الضرر التي لابد من قيام عنصر السببية كي تقوم الجريمة بحق فاعلها ، ونرى أن النتيجة القانونية هي الموضوع القانوني للجريمة أو بمعنى آخر هي الاعتداء على مصلحة او حق يحمية القانون فهي واجبه لكل نص تجريمي لكي يجرم المشرع سلوك معين سواء بتحقق الضرر أم الخطر حسب سياسة المشرع بحماية المصالح الجديرة بالحماية .
____________
1- عرف قانون العقوبات العراقي الركن المادي في نص المادة (28) منه بأنه ( الركن المادي للجريمة سلوك اجرامي بارتكاب فعل جرمه القانون أو الامتناع عن فعل أمر به القانون ).
2- ينظر: د. احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات القسم العام، مرجع سابق، ص527.د.حميد السعدي، شرح قانون العقوبات الجديد، ج 1، مطبعة المعارف بغداد، ص 142. د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات - القسم العام ، طه ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2016 ، ص303
3- ينظر: د. كامل السعيد ، الاحكام العامة للاشتراك الجرمي في قانون العقوبات الأردني، ط1، دار امجد ، عمان، 1983 ، ص123.
4- ينظر: د. كامل السعيد شرح الاحكام العامة في قانون العقوبات، ط4 ، دار الثقافة ، عمان ، 2019، ص420.
5- جاء بقرار محكمة التمييز الأردنية (إذا) حمل المتهم شخصا اخر على تزوير الشهادة بإعطائه نقوداً ليرتكب هذه الجريمة فان فعله هذا يعتبر تحريضا على ارتكاب الجريمة بالمعنى المنصوص عليه في الفقرة (1) من المادة (80) عقوبات أردني للمزيد ينظر: القرار التمييزي المرقم 79/169 جزاء، أشار اليه د. عبد الرحمن توفیق، شرح قانون العقوبات القسم العام ، ط 2 ، دار الثقافة ، عمان ، 2015، ص348.
6- ينظر: د. سليمان عبد المنعم و د. عوض محمد عوض ، النظرية العامة للقانون الجنائي اللبناني ، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت ، 1996، ص 306-307 . جمال عبد المجيد تركي ، المساهمة التبعية في قانون العقوبات ، دراسة تأصيلية تحليليه مقارنه ، ط1، المكتب الجامعي الحديث ، الاسكندرية ، 2006، ص 107
7- ينظر: د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات القسم العام، مرجع سابق، ص 486.د.ذنون احمد، شرح قانون العقوبات العراقي الاحكام العامة، ط1، ج 1، 1977 ، ص 164. د. جمال إبراهيم الحيدري، الوافي في القسم العام، مرجع سابق ص.405 عبد الستار البزركان، قانون العقوبات القسم العام بين التشريع والفقه والقضاء، ط1، ساعدت وزارة الإعلام في طبعة ، بغداد ، 2004، ص 344.
8- ينظر: د. محمد عبد الجليل الحديثي، جرائم التحريض وصورها في الجوانب الماسة بأمن الدولة الخارجي، ط1، دار الحرية للطباعة، بغداد ، 1984 ، ص 158 . د. علي حسين الخلف و د. سلطان الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، مطبعة السنهوري، بغداد، بلا سنة طبع ، ص 21
9- ينظر: د. محمود نجيب حسني، المساهمة الجنائية في التشريعات العربية، 1960 ، ص 266.
10- ينظر: محمد عبد الله، في جرائم النشر حرية الفكر الأصول العامة في جرائم النشر جرائم التحريض، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة ،1951، ص 413 .
11- ينظر د مأمون محمد سلامة ، قانون العقوبات القسم الخاص ، ج1، سلامة للنشر والتوزيع، القاهرة 2018 ، ص554
12- حكمت محكمة قوى الامن الداخلي للمنطقة الثانية بموجب قرارها (2020/800) في 2020/4/29 على المجرم ( ع أ م ) بالسجن المؤقت لمدة خمس عشر سنة استنادا المادة الرابعة / 1 وبدلالة المادة الثانية /1 من قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 والذي تتلخص وقائعه عن كيفية ظهور المحكوم في احدى الاصدارات لعصابات داعش الارهابية والتي تدعى قناة ( اعماق ) بتاريخ 2015/3/15 وهو يتوعد الحكومة والقوات الامنية ( ويحرض على مقاتلتهم ( قرار غير منشور) والذي تم المصادقة علية بموجب قرار محكمة تمييز قوى الامن الداخلي المرقم ( 2020/326 في 2020/6/29) ( قرار غير منشور ).
13- نظم الدستور العراقي حرية التعبير عن الراي بنص المادة (38) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 على نحو ما تكشف عنه عباراته بما لا يخل بالنظام العام والآداب بما يتضمن ان لا يساء استخدام هذه الحرية بالمساس بحقوق الاخرين أو التحريض على الجرائم من خلال التعبير عن اراء هم وجاء بقرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم 46 / اتحادية / 2011 الصادر بتاريخ 2011/8/22 بضرورة وجود القيد المثبت في المادة (38) من الدستور والمتعلق بوجوب احترام النظام العام والآداب العامة عند ممارسة الحريات المنصوص عليها في المادة المذكورة حيث جاء فيه ((ان الدولة تكفل حرية التعبير وممارسة حرية الصحافة والطباعة والاعلان والإعلام والنشر والمنصوص عليها في المادة 38 من الدستور اذا لم تأتي مخله بالنظام العام والآداب فان الدولة لا تكفل تلك الحريات حماية للغير والمجتمع من الاعتداء عن طريق جرائم النشر المشار اليها انقالذا فأن ممارسة تلك الحريات المنصوص عليها في المادة 38 من الدستور منوطة بشرط هو دون الاخلال بالنظام العام والآداب). وجاء في قرار لاحق لها المرقم (63 / اتحادية /2012) الصادر بتاریخ 2012/10/11 تولت فيه شرح جانب من مفهوم النظام العام وجاء فيه ان) مفهوم النظام العام ومفهوم الآداب العامة الوارد ذكرها في الدستور وفي القوانين فكرة عامة تحددها في كثير من المواضيع النصوص القانونية ....... وإذا ما اريد معرفة ما إذا كان التصرف مخالف للنظام العام او للآداب العامة فيلزم الرجوع الى التشريعات كافة لمعرفة ما إذا كان ذلك التصرف محظوراً بنص من عدمه فإذا لم يوجد نص فيقتضي الامر الرجوع الى القضاء فهو الذي يقرر ما إذا كان التصرف مخالف للنظام العام أو للآداب العامة وذلك في ضوء القواعد المجتمعية التي توافق عليها افراد المجتمع في زمان وكان معينين لان مفاهيم النظام العام والآداب العامة تختلف زمانا ومكان). للمزيد ينظر: كاظم عبد جاسم الزبيدي، المسؤولية الجزائية عن جرائم النشر والإعلام في القانون العراقي، طا، مكتبة الصباح، بغداد، 2016 ص 16. كذلك ينظر: احكام وقرارات المحكمة الاتحادية العليا لعام ،2011 ، المجلد الرابع، بغداد اذار 2012، ص39-41. كذلك احكام وقرارات المحكمة الاتحادية العليا لعام 2012 ، المجلد الخامس بغداد اذار 2013، ص 24-25.
14- يرى استاذنا الدكتور عمار عباس الحسيني ان مع غياب النصوص القانونية المنظمة لاعتبار ما ينشر على المواقع الالكترونية المختلفة صورة من صور العلانية امراً لا يمثل عائق إذا ما تم التمعن في تلك النصوص القانونية فنجد انها قد أوردت صور العلانية تارة على سبيل المثال وتارة أخرى بشكل عام ومن هذه العبارات اذيع بطريقة من الطرق الآلية وغيرها) وعبارة (الصحافة والمطبوعات الأخرى ...) فهي عبارات عامة من الممكن ان تشمل اليوم الجانب الالكتروني. للمزيد: ينظر مؤلفة جرائم الحاسوب والانترنت، طا، مكتبة زين الحقوقية والأدبية، بيروت - لبنان، 2017، ص 394-395.
15- ينظر: د. يسري حسن القصاص، الضوابط الجنائية لحرية الرأي والتعبير، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، 2014، ص 240-241.
16- أنشئ مجلس القضاء الأعلى محكمة قضايا النشر والإعلام بموجب بيانه المرقم (81/ق/أ) في (2010/7/11 وجعل هذه المحكمة قسمان الأول هو محكمة بداءة متخصصة بتطبيق كل القوانين الوضعية ذات الصلة بالنشر والإعلام والصحافة كذلك كافة القوانين الإجرائية التي تحيط عمل البداءة في حقل العمل القضائي اما القسم الثاني فهو القسم الجزائي وهذا القسم يضم فرعين الأول فرع التحقيق وهو محكمة تحقيق في قضايا النشر والإعلام اما الفرع الثاني فهو فرع الجنح وهو الآخر محكمة جنح بذات الموضوع وفي وقت لاحق الغي العمل بهذه المحاكم المتخصصة بقضايا النشر والإعلام واناط قرار الإلغاء اختصاص النظر في الدعاوى المقامة مسبقا امام محاكم النشر والاعلام الى محاكم التحقيق حسب الاختصاص الوظيفي والمكاني . للمزيد ينظر: خليل إبراهيم المشاهدي احكام محكمة قضايا النشر والإعلام، مكتبة الصباح، بغداد ،2012، ص 5-87/6/http://non14.net تاريخ الزيارة 2019/7/3 الساعة الثامنة مساءً، ولا نتفق مع توجه مجلس القضاء الأعلى بهذا الصدد القاضي بإلغاء محاكم النشر والإعلام لما تحمله تلك القضايا من خصوصية تتطلب قضاه مختصين يحملون المهارة العالية والدقة في تمحيص الخطاب الإعلامي وتمييزه بين حرية التعبير عن الراي وبين جرائم النشر لا سيما التحريض منها مع العرض بضرورة إعادة العمل بها وتشكيلها وفق الضوابط القانونية وليس ببيان يصدر من مجلس القضاء الأعلى بأنشائها .
17- ينظر ابراهيم سيد احمد المسؤولية المدنية والجنائية للصحفي فقها وقضاة، دار الكتب القانونية، مصر 20140، ص 74.
18- فقد قضت محكمة النقض المصرية ان كفالة الدستور لحرية التعبير عن الراي لا يعني ان يكون عن الفكر بالقول أو الكتابة خارج حدود القانون ذلك أن حرية التعبير عن الراي شانها شان ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها لدى جميع الأفراد الا في حدود احترام كل منهم لحريات غيره كما لا يجوز استعمال حرية التعبير عن الراي بما يشكل اعتداء على حقوق حريات الاخرين قرار محكمة النقض المصرية رقم 208 في 1952/3/11، مجموعه احكام النقض، السنة الثالثة، ص 554
19- تنظر المواد: (14، 15 ، 16، 55) من قانون العقوبات الاردني، والمواد (9 ، 10، 11، 12) من قانون العقوبات المصري، (23)، 24 ، 25، 26) من قانون العقوبات العراقي.
20- على سبيل المثال تنظر المواد(170 ، 198، 212)من قانون العقوبات العراقي.
21 يتنفق الفقه الجنائي على إمكانية تحقق التحريض في جرائم الجنايات والجنح الا ان الخلاف الفقهي بين فقهاء القانون الجنائي يظهر في جرائم المخالفات وبذلك انقسمت آرائهم الى قسمين القسم الأول : يرون بوجوب معاقبة الشريك بجميع أنواع الجرائم بما فيها جرائم المخالفات وحججهم في ذلك ان الجرائم بمجملها تشكل خطر يهدد المجتمع وتتدرج خطورتها في الشده حسب نوع الجريمة لذا يكون لمرتكب المخالفة نوع من هذه الخطورة ولو كانت بسيطة فالتحريض على ارتكاب جريمة المخالفة أمر واقع يستلزم تدخل المشرع لمعاقبة من يحرض عليها بالعقوبة المناسبة ويرون أن هذا يتفق مع مبدأ المشروعية الجزائية ، اما القسم الثاني : يرون ان جرائم المخالفات جرائم لا اهميه لها وان كانت تشكل افعالا غير مشروعة بنظر المشرع لكنه استبعدها من إمكانية وقوع التحريض عليها لقلة أهميتها للمزيد ينظر احمد علي المجدوب، التحريض على الجريمة أطروحة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة، 1970 ، ص253. د. محمد عبد الجليل الحديثي، جرائم التحريض وصورها في الجوانب الماسة بأمن الدولة الخارجي، ط1، دار الحرية للطباعة، بغداد ، 1984 ، ص 35. د. عبد الرحمن توفیق، شرح قانون العقوبات القسم العام ، ط 2 ، دار الثقافة ، عمان ، 2015 ، ص 344.
22- للمزيد ينظر : حنان أبو العينين التحريض على الجريمة بين مذهبي التبعية والاستقلال اطروحة دكتوراه كلية الحقوق ، جامعة القاهرة 1990 ، ص37.
23- للمزيد ينظر محمود نجيب حسني، المساهمة الجنائية في التشريعات العربية، 1960 ، ص 266. د. محمد عبد الجليل الحديثي، جرائم التحريض وصورها في الجوانب الماسة بأمن الدولة الخارجي، ط1، دار الحرية للطباعة، بغداد ، 1984 ، ص 110.
24- ينظر: محمد هاني فرحات، نظرية المحرض على الجريمة، طا، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2013، ص 57.
25- ينظر: احمد علي المجدوب، التحريض على الجريمة أطروحة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة، 1970، ص302
26- ينظر: د. محمد عبد الجليل الحديثي، مرجع سابق، ص 109-112
27- تنظر الفقرة (3) من المادة (19) من قانون العقوبات العراقي.
28- ينظر: د. سعد إبراهيم الاعظمي، موسوعة الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي، طا ، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 2000، ص 199.
29- ينظر: د. كامل السعيد شرح الاحكام العامة في قانون العقوبات، ط4 ، دار الثقافة ، عمان ، 2019، ص 427.
30- تنظر المادة (217) من قانون العقوبات اللبناني والمادة (216) من قانون العقوبات السوري.
31- ينظر: د. عبد الرحمن توفیق، شرح قانون العقوبات القسم العام ، ط 2 ، دار الثقافة ، عمان ، 2015 ص 343-344.
32- ينظر: د. محمد عبد الجليل الحديثي، مرجع سابق، ص 106-107.
33- ينظر: احمد علي المجدوب، التحريض على الجريمة أطروحة دكتوراه كلية الحقوق جامعة القاهرة، 1970، ص 303.
34- ينظر: د. كامل السعيد شرح الاحكام العامة في قانون العقوبات، ط4 ، دار الثقافة ، عمان ، 2019 ، ص428.
35- ينظر احمد محمد امين، التحريض الصوري، أطروحة دكتوراه، كلية القانون - العربية ، 2010 ص 15
36- القرار رقم 95/400 جنايات كبرى الاردن الصادر بتاريخ 1996/5/23 نقلا عن د. عبد الرحمن توفیق، شرح قانون العقوبات القسم العام ، ط 2 ، دار الثقافة ، عمان ، 2015، ص348.
37- ينظر: استاذنا الدكتور عمار عباس الحسيني، جريمة الاتلاف المعلوماتي، ط ا ، منشورات زين الحقوقية بیروت لبنان، 2019، ص 243.
38- ينظر: د. محمد عبد الجليل الحديثي، جرائم التحريض وصورها في الجوانب الماسة بأمن الدولة الخارجي، ط1، دار الحرية للطباعة، بغداد ، 1984 ، ص 128
39- تنظر المادة (88) من قانون العقوبات الأردني.
40- ينظر د كامل السعيد ، الاحكام العامة للاشتراك الجرمي في قانون العقوبات الأردني، ط1، دار امجد ، عمان، 1983، ص130.
41- عدل نص المادة (80) من قانون العقوبات الأردني لتحل عبارة (صرف) النفوذ) بدل عبارة (صرف النقود) بموجب القانون رقم (8) لسنة 2011 المنشور في الجريدة الرسمية رقم 5090 في 2011/5/2
42- ينظر: د. عبد الرحمن توفیق، شرح قانون العقوبات القسم العام ، ط 2 ، دار الثقافة ، عمان ، 2015، ص 350-351.
43- على سبيل المثال تنظر المواد (159) (161) من قانون العقوبات الأردني.
44- ينظر: د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي الاحكام العامة للنظام الجنائي في الشريعة الإسلامية والقانون، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، دون سنة طبع، ص 168.
45- ينظر: د. سامي النصراوي ، المبادئ العامة في قانون العقوبات ، ط1 ، ج 1، مطبعة دار السلام ، بغداد، 1977 ، ص 218
46- ينظر: د. محمد محمد مصباح القاضي ، قانون العقوبات القسم العام - النظرية العامة في الجريمة ، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ، 2014، ص 332.
47- ويرى بعض الفقه الجنائي ان التغيير الذي يحدث في المحيط الخارجي الناتج عن السلوك الاجرامي لا يشترط أن يكون ماديا كما في جرائم القتل بل من الممكن ان يكون معنوي كما في جرائم القذف والسب للمزيد ينظر د. معن احمد محمد الحياوي، مرجع سابق، ص 189
48- ينظر: د. احمد فتحي سرور أصول السياسة الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1972، ص 168.
49- ينظر د جلال ،ثروت النظرية العامة لقانون العقوبات مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، 1998، ص 165.
50- ينظر د. عوض محمد، قانون العقوبات القسم العام، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية ،1998، ص 24
51- نظر د معن احمد محمد الحياوي الركن المادي للجريمة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بیروت، 2010، ص 206
52- ينظر محروس نصار الهيتي، النتيجة الجرمية في قانون العقوبات منشورات زين الحقوقية، ط1، بيروت ،2011، ص 52
53- ينظر: د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي ، الاشتراك بالتحريض ، دار الهدى للمطبوعات الإسكندرية ، بلا سنة طبع، ، ص 565.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|