أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-12-2021
3032
التاريخ: 18-9-2021
2094
التاريخ: 5-4-2019
2121
التاريخ: 23-8-2016
5284
|
في بيان معظم الفضائل المختصّة بالقوّة الشهويّة وفيه فصول:
فصل:
جنس الفضائل المزبورة هو العفّة، وهي انقياد القوّة الشهوية للعاقلة فيما تأمرها به وتنهاها عنه وهي الوسط المحمود فيما بين الشره والخمود، لما عرفت من أنّ هذه الفضائل الأربع عبارة عن اعتدال كلّ من القوى الثلاث أو جميعها، ولا ينافيه ما ورد في فضل الجوع، بل يؤكّده ويحقّقه، فإنّ الحكيم إذا علم كون الطبيعة حريصة وباعثة على الإفراط حثّ على التفريط حتّى يحصل من تدافعهما ملكة الاعتدال.
ولذا ورد في مدح العفاف أخبار لا تحصى.
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: «أفضل العبادة العفاف» (1)
وقال الباقر عليه السلام: «ما من عبادة أفضل من عفّة بطن وفرج» (2)
وقال الصادق عليه السلام: «أيّ الاجتهاد أفضل من عفّة بطن وفرج» (3)
إذ قد علمت أنّ المقصود من الأكل والشرب والجماع حفظ قوام البدن وبقاء النوع، وأنّها ليست مقصوده لذّاتها، فالاعتدال في كلّ منها هو حصول غايته مع قصد تلك الغاية دون التلذّذ والشهوة، وقد مرّ في النبوي تعيين الكمّ الضروري من الأكل.
وورد في الأخبار أيضاً بيان وجوهه وآدابه كمّا وكيفاً، وذكرها علماء الأخلاق وغيرهم مع زيادات مذكورة في الكتب المطّولة المشهورة، فلا حاجة إلى ذكرها.
ثم إنّ للعرفاء ترغيبات على الجوع بكثرة فوائده وتوقّف كشف الأسرار الالهية والوصول إلى المراتب العليّة عليه، ولهم حكايات غريبة من إمكان الصبر عليه شهراً أو شهرين أو سنة، ووقوعه من بعضهم.
قيل: وهذا خلاف ما ورد في ظاهر الشريعة، وكلف به عموم الامّة، فإن كان ممدوحاً فإنّما هو لقوم مخصوص.
أقول: الأخبار الواردة في فضل الجوع وأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله ومولانا أميرالمؤمنين عليهالسلام وكثيراً من خلّص الصحابة كانوا يمسكون عن الأكل يومين أو ثلاثة وكانوا يربطون الصخر على بطونهم من الجوع كثيرة، وكذا ما نقل عن سائر الأنبياء والأولياء، كما أشرنا إلى بعضهم، ونشير إلى بعض آخر.
وغاية ما يدلّ عليه سائر الأخبار هي ما نبّهنا عليه من كون الراجح من الأكل مثلاً ما يحفظ به قوام البدن، كما دلّ عليه قول النبي صلى الله عليه وآله: «حسبه لقيمات يقمن صلبه» (4).
وهو ممّا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فربّما أطاق أحد الصبر عليه أيّاماً كثيرة، ولم يتضرّر بالإمساك عنه شهراً أو شهرين مثلاً، ولم يطق آخر وتضرّر من أمساك يوم.
وربّما شبع أحد بثلث ما لا يشبع به آخر أو أقل، فيكون في حقّه شبعاً مذموماً، وفي حقّ الآخر جوعاً ممدوحاً.
والحاصل غاية ما يستفاد من الأخبار كون الممدوح منه ما يتقوّم به البدن (5)، وهذا مما لا أظن انّ أحداً ينكره ويدّعي حسن الموت جوعاً، وأمّا الزائد عليه فهو وإن جاءت به الرخصة من الشريعة حتّى إنّ الشبع المذموم ليس حراماً شرعاً، لكن لاريب في رجحان تركه بالمرّة، وكونه بحيث يترتّب عليه فوائد جليلة ومنافع عظيمة، والتحديد الوارد في بعض الأخبار ليس الا بياناً لأقلّ مراتب الرجحان وأدناها الذي يلحق تاليه بالمرتبة البهيمية كما قال النبي صلى الله عليه وآله في ذلك الحديث: «فإن كان أو لا بدّ ـ فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث للنفس » (6)
وهذا صريح في أنّه ليس راجحاً وممدوحاً في حدّ ذاته، بل الممدوح كذلك ما أشار إليه أوّلاً وإنما هو أدون مراتبه الذي يلحق تاليه بمرتبة البهائم، فإنّ التكاليف تختلف بالنسبة إلى الأشخاص والأحوال، وكذا الحال في النكاح، وهو واضح.
__________________
(1) الكافي: 2 / 79، كتاب الايمان والكفر، باب العفّة، ح 3.
(2) الكافي: 2 / 80، كتاب الإيمان والكفر، باب العفّة، ح 7.
(3) الكافي: 2 / 79، كتاب الإيمان والكفر، باب العفّة، ح 4، وفيه: «عن الباقر عليه السلام.
(4) المحجة البيضاء: 5 / 147.
(5) في هامش «ألف»: ما يبقى معه قوام البدن.
(6) المحجة البيضاء: 5 / 147 مع اختلاف.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|