أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2016
2411
التاريخ: 12/11/2022
1808
التاريخ: 17-8-2016
1694
التاريخ: 21-4-2016
1515
|
وقد ادّعي أنّ كلّ من ذكر من أصحاب الصادق عليه السلام في كلام النجاشي والشيخ فهو ثقة إلّا من نصّ على تضعيفه، ومعناه: انّ من لم يذكر بمدح ولا ذمّ فهو محكوم بالوثاقة. وذهب إلى هذا المحدّث النوري (1) ولم يستبعده صاحب الوسائل (2).
واستدل على تماميّة ذلك بمقدّمتين:
الأولى: ما ذكره كلّ من الشيخ المفيد قدس سره وابن شهراشوب والطبرسي وغيرهم، وخلاصة ما أفادوه أنّ أصحاب الامام الصادق عليه السلام بلغ عددهم أربعة آلاف شخص، كلّهم ثقاة.
قال الشيخ المفيد في الارشاد: إنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه عليه السلام من الثقاة ـ على اختلافهم في الآراء والمقالات ـ فكانوا أربعة آلاف رجل (3).
وقال ابن شهراشوب في المناقب: نقل عن الصادق عليه السلام من العلوم ما لم ينقل عن أحد، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقاة ـ على اختلافهم في الآراء والمقالات ـ وكانوا أربعة آلاف رجل.
وقال: انّ ابن عقدة مصنّف كتاب الرجال لأبي عبد الله عليه السلام عدّدهم فيه (4).
وقال الشيخ الطبرسي في إعلام الورى: إنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه عليه السلام من الثقاة (5).
وقال الشيخ الفتّال في روضة الواعظين: قد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه عليه السلام من الثقاة ـ على اختلافهم في الآراء والمقالات ـ فكانوا أربعة آلاف (6) وعبارته عين عبارة الشيخ المفيد.
وذكر هذا في المعتبر إلّا أنّه عبّر بالفقهاء الافاضل بدلا من الثقاة (7).
فهذه كلمات الأعلام من القدماء، وفيها التصريح بأنّ أصحاب الصادق عليه السلام كانوا أربعة آلاف رجل من الثقاة.
الثانية: أنّهم ذكروا أنّ أبا العبّاس المعروف بابن عقدة وضع كتابا جمع فيه أسماء أربعة آلاف شخص من أصحاب الصادق (8) عليه السلام، وفي عبارة الشيخ المفيد وابن شهراشوب إشارة إلى ذلك.
وأمّا الشيخ فقد صرّح به، حيث قال في الرجال: ولم أجد لأصحابنا كتابا جامعا في هذا المعنى إلّا مختصرات، قد ذكر كلّ إنسان منهم طرفا، إلّا ما ذكره ابن عقدة من رجال الصادق عليه السلام فإنّه بلغ الغاية في ذلك، ولم يذكر باقي رجال الأئمّة عليهم السلام، وأنا أذكر ما ذكره، وأورد من بعد ذلك ما لم يذكره (9).
وهكذا النجاشي، فإنّه يشير بعد ذكر الراوي إلى ذلك بقوله: ذكره أبو العبّاس، أو ذكره في رجاله، أو في كتابه.. (10).
وبانضمام هاتين المقدّمتين يستنتج أنّ كلّ من ذكره الشيخ من أصحاب الامام الصادق عليهم السلام، فهو مذكور في كتاب ابن عقدة، وانّهم ثقاة.
وقد يستشكل بأنّ مجموع ما ذكره الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام لم يبلغ أربعة آلاف شخص، بل هو أقلّ من هذا العدد.
والجواب: أنّ ابن عقدة أورد أسماء كلّ من أدرك الامام الصادق عليه السلام، وإن كان معدودا في أصحاب الباقر عليه السلام، أو أصحاب الكاظم عليه السلام، بينما الشيخ ميّز أصحاب كلّ إمام، ولا بدّ حينئذٍ أن يقلّ العدد عند الشيخ، وبهذا يمكن الجمع ويرتفع الاشكال.
والحاصل: انّ كلّ من ذكره الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام، فهو مذكور في كتاب ابن عقدة، وعليه فالتوثيق الوارد في كلام الشيخ المفيد، وابن شهراشوب، والطبرسي، شامل لهولاء.
وأمّا النجاشي فهو وإن تعرّض لكلام ابن عقدة إلّا أنّه جعله على ثلاثة أقسام، فوثّق قسما، وسكت عن قسم، وضعّف القسم الثالث.
أمّا من وثّقه فلا كلام فيه، وأمّا من سكت عنه ولم يذكر في حقّه شيئا فهو محلّ الكلام، وأمّا القسم الثالث فهو بحاجة إلى بحث ـ وسيأتي ـ.
وبناء على كلام النجاشي، فإن قلنا بأنّ الدعوى تامّة، فهي إنّما تنفع في القسم الثاني فقط، فإذا ذكر شخصا وعبّر عنه بقوله: «ذكره ابن عقدة» فهو مشمول للتوثيق.
ثم إنّ هذه الأقسام الثلاثة مذكورة في كلام الشيخ، ويكفي للحكم بوثاقة الشخص عنده عدّه من أصحاب الصادق عليه السلام؛ لأنّه قرّر أن يذكر جميع ما ذكره ابن عقدة من أصحاب الصادق عليه السلام. هذه هي خلاصة الدعوى، وما يترتّب عليها.
وقد ناقش السيّد الاستاذ قدس سره في ثبوت أصل الدعوى، وخلاصة ما أفاده قدس سره: انّ المراد من هذه الدعوى لا يخلو إمّا أن يكون معناها انّ جميع أصحاب الصادق عليه السلام أربعة آلاف شخص فقط، وكلّهم ثقاة، وهذا نظير دعوى العامّة بأنّ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله كلّهم عدول.
وإمّا أن يكون معناها أنّ أصحاب الصادق عليه السلام أكثر من هذا العدد إلّا أنّ الثقاة منهم هو هذا المقدار، وعلى كلا التقديرين فالإشكال وارد.
أمّا على التقدير الأوّل فواضح، فإنّ الدعوى حينئذ باطلة؛ لأنّ زمان الصادق عليه السلام اشتمل على من لا يمكن الحكم بوثاقته، ومن بينهم المنصور الدوانيقي، فقد عدّه الشيخ من أصحابه عليه السلام، مضافا إلى أنّ الشيخ قد ضعّف جماعة منهم إبراهيم بن أبي حبّة، والحارث بن عمر البصري، وعبد الرحمن بن الهلقام، وعمرو بن جميع، وغيرهم، فيستحيل عادة أن يكون جميعهم ثقاة.
وأمّا على التقدير الثاني، فالدعوى حينئذٍ وإن كانت في نفسها قابلة للتصديق إلّا أنّ الاشكال من جهة الاثبات وذلك:
أوّلا: وجود الاستدراك على ابن عقدة وإضافة عدد كثير ممّن روى عن الصادق عليه السلام، كما ذكر ذلك النجاشي، والشيخ في ترجمة أحمد بن نوح (11).
وثانيا: سلّمنا أنّ عدد الثقاة أربعة آلاف إلّا انّ من ذكرهم الشيخ لا يزيدون عن ثلاثة آلاف إلّا قليلا.
وثالثا: من أين لنا العلم بأنّ من ذكرهم الشيخ هم المعنيّون بالتوثيق (12).
ونحن وإن وافقنا السيّد الاستاذ فيما أورده على الدعوى، إلّا أنّ لنا ملاحظات نسجّلها على مناقشاته:
ففي التقدير الأوّل وإن أورده السيّد الاستاذ قدس سره بعنوان الاحتمال إلّا أنّه لا مجال لاحتماله أصلا، وبسقوطه يسقط الاشكال عليه أيضا؛ وذلك لأنّ كلام الشيخ المفيد وغيره من الأعلام، ظاهر في أنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة من الثقاة، لا أنّ جميع الأصحاب كانوا ثقاة، ولفظة "من" الواردة في العبارة تبعيضيّة لا بيانيّة، وبعبارة اخرى: انّ الثقاة عددهم إمّا أربعة آلاف وإمّا أنّ العدد المجموع من الثقاة أربعة آلاف، وعلى الثاني يكون عدد الثقاة أكثر من أربعة آلاف، وإنّما الذي جمع هو هذا العدد، وعلى كلا الأمرين فهؤلاء هم بعض الأصحاب لا كلّهم.
وفي التقدير الثاني نقول: امّا إشكاله بالزيادة فغير وارد؛ لأنّ المقصودين بالتوثيق هم من ذكرهم ابن عقدة لا مطلقا، وقد ذكرنا أنّ النجاشي ينصّ على من يذكرهم ابن عقدة، وبهذا يمكن تمييزهم عمّن سواهم.
وأمّا ما ذكره ثانيا، فقد ذكرنا إمكان الجمع بأنّ الشيخ ميّز رجال الائمّة، فجعل بعضهم في أصحاب الباقر عليه السلام، وجعل آخرين في أصحاب الكاظم عليه السلام نظرا إلى مدّة الصحبة للإمام عليه السلام، فمن كانت له صحبة يعتدّ بها عدّه في أصحاب الصادق عليه السلام، وإلّا عدّه في أصحاب غيره. وقد جمع بهذا المحدّث النوري (13) وحينئذٍ يرتفع الاشكال.
وأمّا ما ذكره ثالثا، فقد أجبنا عنه فيما سبق وذكرنا كلمات الشيخ المفيد، وابن شهراشوب وغيرهما من الأعلام، مضافا إلى أنّ كلام الشيخ الطوسي نصّ على أن جميع ما ذكره ابن عقدة فهو يذكره في الرجال، فما أورده السيّد الاستاذ قدس سره على الدعوى محلّ تأمّل.
وقد تؤيّد هذه الدعوى بما ذكره العلّامة في الخلاصة، فإنّه نقل كلام الشيخ، وأشار إلى أنّ ابن عقدة جمع من أصحاب الصادق عليه السلام أربعة آلاف شخص، وإنّما جعلنا هذا تأييدا للدعوى؛ لأنّ العلّامة معدود من المتأخّرين (14).
والحاصل انّ المقدّمتين السابقتين بضمّ إحداهما إلى الأخرى، وتطبيق كلام الشيخ على ما ذكره ابن عقدة ـ وهو قابل للتصديق ـ تكون النتيجة انّ من ذكرهم الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، ـ وهم الذين ذكرهم ابن عقدة في كتابه ـ هم المعنيّون في كلام الشيخ المفيد، وغيره، من الأعلام، وانّهم ثقاة.
هذا على فرض القبول والتسليم وإلّا فالمقام لا يخلو عن مناقشة، وهي في نظرنا تعود إلى أنّ أصل الدلالة غير تامة يعني أنّ كلام الشيخ المفيد في أصله لا يدلّ على وثاقة هؤلاء الذين ذكرهم ابن عقدة، والسرّ في ذلك انّه لم يعلم أنّ مراد الشيخ المفيد من كلامه هو ما ذكره ابن عقدة في كتابه.
وكلام الشيخ المفيد وإن كان ينطبق على ما ذكره ابن عقدة، وفيه إشعار به، إلّا أنّ المقام لمّا كان مقام شهادة فنحن بحاجة إلى النصّ الصريح، ولا نصّ في كلام الشيخ المفيد، فالدلالة قاصرة عن إفادة المدّعى.
وهكذا بالنسبة إلى كلمات غير الشيخ المفيد من الأعلام، وإن كان يظهر أنّ مستندهم هو عبارة الشيخ المفيد، وسواء قلنا إنّ كلامهم هو نفس كلام الشيخ المفيد أو قلنا بأنّه شهادة مستقلّة فلا نصّ في كلماتهم على الدعوى.
وعبارة ابن شهراشوب وإن كان فيها إشارة، إلّا أنّ الاشارة لا تنفع في المقام، نعم ورد النصّ في كلام العلّامة كما أشرنا، إلّا أنّه في عداد المتأخرّين كما ذكرنا.
والحاصل انّ الدلالة قاصرة عن إفادة المدّعى، فإن حصل الاطمئنان بها فهو، وإلّا فيقتصر على القدر المتيقن.
وقد تتبّعنا موارد عديدة في كلام الشيخ فعثرنا على بعض الأشخاص نصّ عليهم بالضعف، مثل: إبراهيم بن أبي حبة (15)، والحارث بن عمر البصري (16)، وعبد الرحمن بن هلقام (17)، وعمرو بن جميع (18)، ومحمد بن حجّاج المدني (19)، ومحمد بن عبد الملك (20)، ومحمد بن المقلاص (21).
والنتيجة أنّنا لم نفهم من كلام الشيخ المفيد توثيق من ذكرهم ابن عقدة لعدم تمامية الدلالة فلا تصل النوبة إلى المناقشة بعد عدم تسليمها.
بقي شيء:
وهو انّ السيّد الاستاذ قدس سره نسب المحدّث النوريّ إلى الاشتباه حيث فهم انّ الموثّق لهؤلاء الأشخاص هو ابن عقدة، وردّه السيّد الاستاذ قدس سره بأنّ ابن عقدة هو الذاكر لأسماء الرواة، والتوثيق إنّما ورد في كلام الشيخ المفيد (22): ولكن هذه المناقشة غير واردة على المحدّث النوريّ قدس سره؛ لأنّه أورد الكلام بعنوان ان قلت: قلت، ونصّ عبارة المحدّث النوريّ هي:
إن قلت: إنّ كلامه ناظر إلى عمل ابن عقدة وما صنعه في كتبه، فيكون المراد أنّ جميع الأربعة آلاف من الثقاة عنده، فيؤوّل الكلام إلى الاعتماد على المزكّي العادل غير الإمامي ـ فإنّ ابن عقدة زيديّ المذهب ـ وفيه من المناقشات ما لا يخفى.
قلت: أولّا إنّه خلاف ظاهر كلام الجماعة، فإنّ مقتضاه حمل الوثاقة على المعنى الواقعي، أو على ما فى اعتقادهم لا على معتقده.
الى ان قال: وثالثا على فرض التسليم والغض عمّا ذكرنا، فنقول: لا شبهة في كون توثيق ابن عقدة الذي وصفوه بالعلم، والوثاقة، والأمانة، والجلالة، والمعرفة بحال الرواة، من أسباب الوثوق بصدور الخبر.. إلخ (23) وعليه فلا إشكال فيه، فإنّه وإن كان زيديّا إلّا أنّه مورد الاطمئنان، فإنّ النجاشي يعتمد على توثيقه مثل: الحسن بن فضّال، وغيرهما.
فالمحدّث النوري قدس سره يفرض المسألة فرضا، ولا يعني ذلك انّه ينسب التوثيق إلى ابن عقدة، فالإشكال عليه غير وارد.
هذا تمام الكلام عن أصحاب الصادق عليه السلام، وقد ذكرنا في أوائل المباحث أمرا آخر يتعلّق بروايات الصادق عليه السلام، والطرق إليها، والمتحصّل منهما عدم الموافقة على كلا الدعويين.
__________________
(1) مستدرك الوسائل ج 3 ص 770 الطبع القديمة.
(2) أمل الآمل ج 1 ص 83 الطبعة الاولى المحققة.
(3) الارشاد ص 271 الطبعة الثالثة.
(4) مناقب آل ابي طالب ج 4 ص 247 المطبعة العلمية ـ قم.
(5) اعلام الورى ص 284 الطبعة الثالثة.
(6) روضة الواعظين ص 207 طبع النجف الاشرف.
(7) المعتبر في شرح المختصر ص 5 الطبع القديمة.
(8) رجال العلامة ص 203 الطبعة الثانية.
(9) رجال الشيخ ص 2 الطبعة الاولى.
(10) مستدرك الوسائل ج 3 ص 771 الطبع القديمة.
(11) رجال النجاشي ج 1 ص 226 الطبعة الاولى المحققة والفهرست ص 61 الطبعة الثانية.
(12) معجم رجال الحديث ج 1 ص 55 الطبعة الخامسة.
(13) مستدرك الوسائل ج 3 ص 772 الطبع القديمة.
(14) رجال العلامة ص 304 الطبعة الثانية.
(15) رجال الشيخ ص 146 الطبعة الاولى.
(16) ن. ص 178.
(17) ن. ص 232.
(18) ن. ص 249.
(19) ن. ص 285.
(20) ن. ص 294.
(21) ن. ص 302.
(22) معجم رجال الحديث ج 1 ص 56 الطبعة الخامسة.
(23) مستدرك الوسائل ج 3 ص 772 الطبع القديمة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|