أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
1839
التاريخ: 4-5-2022
1856
التاريخ: 7-12-2015
1725
التاريخ: 29-01-2015
1467
|
على الرغم من أنّ الرّوايات التي تذكر هذه الحادثة كثيرة وهي تصف واقعة
بعينها ، فإِنّ الرّوايات التي عبّرت عنها متنوعة ، فبعض هذه الرّوايات مسهب مطوّل ، وبعضها الآخر موجز مكثف ، وبعضها يتناول جانباً معيناً من الحادثة ، ومن مجموع تلك الرّوايات ومن التّأريخ الإِسلامي ومن ملاحظة القرائن والظروف المحيطة بوقوعها وبمكانها يتبيّن مايلي :
أنّه في السنة الأخيرة من حياة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أدّى المسلمون مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حجّة الوداع في عظمة وجلال ، وكان لهذه الحجة أثر كبير في النفوس ، وبعد إِنتهائها أحاطت بالقلوب هالة من السموّ الروحي ، وتشرّبت في الأعماق لذّة هذه العبادة الكبرى.
وكانت الجموع الغفيرة (1) من المسلمين المشاركين في تلك الحجّة يكادون يطيرون فرحاً لهذه السعادة الكبرى التي شرفهم الله بها.
لم يكن أهل المدينة وحدهم قد رافقوا النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الحجة ، بل التحق بركبه مسلمون توافدوا من سائر أنحاء الجزيرة العربية لينالوا شرف الصحبة في هذه الحجّة.
كانت الشمس ترسل أشعتها اللافحة المحرقة على الوديان والسهول لكن لذّة هذا السفر الروحي يسّرت كل شيء. اقترب وقت الظهيرة ، واقترب الركب الكبير من أرض الجحفة ، وظهرت من بعيد أرض «غدير خم» القاحلة الجافة المحرقة.
كانت المنطقة ، في الحقيقة ، تقع على مفترق طرق أربع حيث كان على الحجيج أن يتفرقوا إِلى الوجهة التي يقصدونها فطريق يتجه إِلى المدينة نحو الشمال ، وآخر يوصل إِلى العراق شرقاً ، وطريق الغرب يتجه إِلى مصر ، وطريق الجنوب يصل إِلى اليمن. ها هنا كان لابدّ أن يتحقق أهم فصل من فصول هذه الرحلة وآخر ذكرياتها. وكان على المسلمين أن يتلقوا آخر تكليف لهم ، أو المرحلة النهائية من المهمات الناجحة التي اضطلع بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قبل أن يتفرقوا إِلى حال سبيلهم.
كان يوم الخميس من السنة العاشرة للهجرة ، وقد مضت ثمانية أيّام على عيد الأضحى ، وإِذا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصدّر أمره للحجيج بالتوقف ، فراح المسلمون يتنادون الذين في مقدمة الركب أن يعودوا ، وانتظروا حتى يلتحق بهم من كان في المؤخرة أيضاً. كان الشمس قد تخطت نقطة الزوال ، وصعد مؤذن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ينادي في الناس لصلاة الظهر ، وأخذ الناس يستعدون ـ مسرعين ـ لأداء الصّلاة. كانت الرياح لافحة محرقة ، حتى اضطر بعضهم إِلى أن يضع قسماً من عباءته تحت قدميه وقسماً منها فوق رأسه كي يتقي حرارة الحصى وأشعة الشمس.
ما كان في تلك الصحراء ما يستظل به ، ولا ما تستريح إِليه العين من خضرة الأعشاب ، اللّهم إِلاّ بضع شجيرات عجاف عارية تصارع حرارة الجو صراعاً مريراً.
كان جمع قد لجأ إِلى هذه الشجيرات ونشر رداءه عليها ليستظل به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، إِلاّ أنّ الرياح الساخنة كانت تعصف بتلك المظلة فتنشر تحتها حرارة الشمس الحارقة.
إنتهت صلاة الظهر. وهرع الحجيج يريدون نصب خيامهم الصغيرة التي كانوا يحملونها معهم يلوذون بها من حر الهاجرة. إِلاّ أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرهم أنّ عليهم أن يستعدوا لسماع رسالة إِلهية ، جديدة في خطبته ، وكان الذين يقفون على مسافة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يستطيعون رؤيته ، لذلك صنعوا له منبراً من أحداج الإِبل ارتقاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال :
«الحمد لله ونستعينه ونؤمن به ، ونتول عليه ، ونعوذ به من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا الذي لا هادي لمن ضلّ ، ولا مضلّ لمن هدى ، وأشهد أن لا إِله إلاّ الله ، و أنّ محمّداً عبده ورسوله.
أمّا بعد : أيّها الناس قد نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمر نبيّ إِلاّ مثل نصف عمر الذي قبله ، وإِنّي أوشك أن أُدعى فأجيب ، وإِني مسؤول وأنتم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون؟
قالوا : نشهد أنك بلّغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً.
قال : ألستم تشهدون أن لا إِله إِلاّ الله ، وأن محمّداً عبده ورسوله ، وأن جنّته حقّ ، وناره حقّ ، وأن الموت حقّ ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور؟
قالوا : بلى نشهد بذلك.
قال : اللّهم اشهد ، ثمّ قال :
أيّها الناس ألا تسمعون؟ قالوا : نعم.
ثمّ ساد الجوّ صمت عميق ، ولم يُسمع فيه سوى أزيز الرياح ... قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «... فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين».
فنادى مناد : وما الثقلان ، يا رسول الله؟
قال : الثقل الأكبر كتاب الله طرفّ بيد الله عزّ وجلّ ، وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلّوا ، والآخر الأصغر عترتي ، وإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يتفرّقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فسألت ذلك لهما ربّي ، فلا تقدّموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا.
ثمّ أخذ بيد علي فرفعها حتى رؤي بياض إباطهما ، وعرفه القوم أجمعون ، فقال :
أيّها الناس : من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا : الله ورسوله أعلم.
قال : إِنّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه» «يقولها ثلاث مرات» ، وفي لفظ الإِمام أحمد إِمام الحنابلة : «أربع مرات». ثمّ قال : «اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحبَّ من أحبّه ،
وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحقّ معه حيث دار ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب».
ثمّ لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة : 3] الآية. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :
«الله أكبر على إِكمال الدين ، وإِتمام النعمة ، ورضى الرّب برسالتي والولاية لعلي من بعدي».
ثمّ طفق القوم يهنئون أمير المؤمنين (عليه السلام) وممن هنّأه أبوبكر وعمر كلّ يقول : بخّ. بخّ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
وقال ابن عباس : وجبت والله في أعناق القوم.
وانبرى حسان بن ثابت ، شاعر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يستأذنه في تخليد ذكرى هذه الحادثة في شعره ، فقال :
يناديهم يوم الغدير نبيــــــــــــــّهم ***** بخم وأسمع بالرّسول مناديا
فقال : فمن مولاكم ونبيّكـم ؟ ***** فقالوا ، ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت نبيّنــــــــــــــــــا ***** ولم تلق منا في الولاية عاصيا
فقال له : قم يا عـــــــــليّ فإنّني ***** رضيتك من بعدي إِماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهــــــــذا وليه ***** فكونوا له أتباع صدق وواليا
هناك دعا : اللّهــــــــم وال وليه ***** وكن للذي عادى علياً معاديا (2)
_______________________
1.قيل ان عددهم الفا . وقيل 120 الفا . وقيل 124الفا .
2. نقل هذه الأبيات جمع من كبار علماء أهل السنة ، منهم : الحافظ أبو نعيم الأصفهاني ، والحافظ أبو سعيد السجستاني ، والخوارزمي المالكي ، والحافظ أبو عبدالله المرزباني ، والكنجي الشافعي ، وجلال الدين السيوطي ، وسبط بن الجوزي ، وصدر الدين الحموي ، وغيرهم. (بحار الانوار ، ج37 ، ص112) .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|