أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-5-2017
3534
التاريخ: 26-7-2016
41043
التاريخ: 11-2-2018
2446
التاريخ: 28-6-2017
15107
|
قبل عشرين عاماً عرف الأستاذ سميح أبو مغني وآخرون الجامعة بأنها المؤسسة التي تقوم بصورة رئيسية بتوفر تعليم متقدم لأشخاص على درجة من النضج، ويتصفون بالقدرة العقلية والإستعداد النفسي على متابعة دراسات متخصصة في مجال أو أكثر من مجالات المعرفة (1).
وأصبح واضحاً بأن الجامعات تلعب دوراً هاماً وأساسياً في تنمية المجتمعات البشرية وتطورها، فهي التي تصنع حاضرها وتخطط معالم مستقبلها، بإعتبارها تشكل القاعدة الفكرية والفنية للمجتمعات البشرية. اما دور الجامعات في التنمية فيتم من خلال القيام بأدوار متعددة ومتشعبة، والقيام بوظائف رئيسية ثلاث إتفق خبراء التعليم العالي على إسنادها للجامعات الحديثة، وهي:
التعليم، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع (الخدمة العامة).
وهذه الوظائف الثلاث مترابطة ومتشابكة، ويصعب فصل أحدها عن الآخر.
وظائف رئيسية للجامعة
يمكن للجامعة ان تسهم في حماية البيئة ودرء الأخطار عنها (كجانب وقائي) والتصدي لما أصاب البيئة من أخطار، ومعالجة ما إعتراها من أذى (كجانب علاجي) عبر وظائفها الرئيسية الثلاث المذكورة، وذلك على النحو التالي:
1ـ التعليم
تهدف وظيفة الجامعة التعليمية الى تنمية شخصية الطالب من جميع جوانبها وإعداده للعمل المستقبلي، من خلال تحصيل المعارف وحفظها وتكوين الإتجاهات الجيدة عن طريق الحوار والتفاعل وتوليد المعارف والعمل على تقدمها. وتعد عملية التعليم إحدى الوظائف التي تقوم بها الجامعة للإسهام في تنمية الأفراد تنمية كاملة وشاملة، أي تمكن الجامعة من أداء وظيفتها في تنمية الموارد البشرية.
ويتجلى دور الجامعة في حماية البيئة من خلال هذه الوظيفة، وظيفة التعليم في تركيزها على التربية البيئية او ما يجترئ بالمنحى البيئي للتعليم الجامعي، على ان هناك 3 مداخل لتضمن التربية البيئية (الجامعية) في المناهج الدراسية الجامعية، وهي:
مدخل الوحدات الدراسية، والمدخل الاندماجي، والمدخل المستقل..
2- البحث العلمي
وتهدف هذه الوظيفة الى توليد المعرفة وتحقيق التقدم التكنولوجي. فالأبحاث هي التي قادت الى التكنولوجيا المتطورة والتقدم الذي نشهده اليوم في البلدان المتقدمة. وأصبح معروفاً ان لمعدل النشاطات في الأبحاث وكثافتها علاقة إيجابية بمعدل التنمية.
كان للأبحاث التي قامت بها الجامعات عبر التاًريخ بالغ الأثر في مجدالات الصناعة والزراعة ومختلف جوانب الحياة. وعلى الرغم من ان عدداً كبيراً من مراكز الأبحاث قد أنشئ بصفة مستقلة عن الجامعات، إلا أن أبحاث الجامعات ما زالت الى حد كبير أكثر أهمية وأكثر دقة من غيرها من الأبحاث.
والبحث العلمي الذي نقصده هنا هو تلك العملية النظامية للبحث عن المعلومات ذات العلاقة بالموضوع قيد الدراسة، ومن خلال تعريف المشكلة وتحديدها، وصياغة الفرضيات، وإقتراح الحلول، وجمع وتنظيم وتقسيم البيانات، والخروج بإستنتاجات ومضامين، وبالتالي فحص هذه التضمينات لمعرفة مدى إتساقها مع الفرضيات. وبهذا يكون البحث العلمي وسيلة الإنسان لدراسة الظواهر ذات الإهتمام. إنه محاولة دقيقة ومنظمة وناقدة للوصول الى حلول لمختلف المشكلات التي تواجهها الإنسانية وتثير قلق الإنسان وحريته (2).
في فصل (دور العلم في حماية البيئة) من مؤلفه (الإنسان والبيئة)، يبين السعود كيف يسهم العلم في تسهيل سيطرة الإنسان على الوسط المحيط به، وتسخير هذا الوسط لما فيه مصلحته وإستمرار حياته من خلال تطوير الآلات والمعدات والأجهزة والأدوات، وكيف قام الإنسان باستخدام العلم لمعالجة بعض الأضرار التي نشأت بسبب العلم أو بغيره، أو محاولة التقليل من تفاقمها وتزايدها.
ويوضح السعود بان الحديث عن العلم يعني بشكل رئيس الحديث عن الجامعات. فالجامعة من خلال كلياتها ومراكزها البحثية المختلفة تقوم بالبحث العلمي، بواسطة أساتذتها الذين يشكل البحث العلمي جانبا أساسياً من جوانب مسؤوليتهم الوظيفية. وينبه في هذا المقام بان طلبة الجامعات، وعلى الأخص طلبة الدراسات العليا، يقومون، بتوجيه وإشراف من أساتذتهم، بالبحث العلمي في مجالات شتى. ويورد بعض الأمثلة التي توضح وظيفة الجامعة البحثية في مجال حماية البيئة والتصدي لما يعتريها من مشكلات كما يلي:
ـ مجال مواجهة مشكلة الانفجار السكاني: من خلال البحوث العلمية التي استهدفت تطوير تكنولوجيا موانع الحمل، وتحديد جنس الجنين، وغيرها.
ـ مجال مواجهة مشكلة التلوث: من خلال البحوث العلمية العديدة، التي إستهدفت حماية الهواء والماء والتربة والغذاء، ومكافحة التلوث الذي لحق بها، وتطوير وسائل النقل والطاقة البديلة، وما الى ذلك. كما إنبرت بحوث كثيرة للتصدي لظاهرتي التلوث الكهرومغناطيسي والضوضاء.
ـ مجال مواجهة مشكلة إستنزاف موارد البيئة: من خلال البحوث التي إستهدفت حماية موارد البيئة الدائمة، والمتجددة، وغير المتجددة (3).
وظيفة للطالب:
أكتب تقريراً علمياً لا يقل عن صفحتين مطبوعة حول وظيفة الجامعة البحثية في مجال حماية البيئة والتصدي لمشكلة التلوث، بما يغني ما ورد ذكره، وخاصة بشأن البحوث العلمية التي تعرفها في مجالات التصدي للمشكلة المذكورة..
3ـ الخدمة العامة (خدمة المجتمع)
تهدف هذه الوظيفة الى جعل الجامعة وسيلة تغيير فاعلة في المجتمع، حيث تساعد على تكوين النظرة العلمية الغني تهيئ الناس لتقبل التغيرات، ومعاينتها، واستمرارها، ضمن فلسفة المجتمع وقيمه وثقافته. كما إنها تساهم في الملائمة بن الأصالة والمعاصرة، وتعد الأفراد لتقبل التغيرات الجديدة.
وتنطلق هذه الوظيفة الثالثة، من وظائف الجامعة، من أن الجامعة يجب أن تكون بؤرة علمية وثقافية في المجتمع، من خلال الإنفتاح على المجتمع المحلي، وتقوية الروابط معه وتقديم المشورة له، والمساهمة في حدل مشاكله، ومساعدته على إستغلال موارده الطبيعية، بتوفير القوى البشرية اللازمة المدربة. إذ لا يمكن للجامعة ان تعزل نفسها عن المشكلات الإجتماعية الراهنة، بل على العكس من ذلك تماماً، فان عليها ان تنوع من خدماتها التي تقدمها للجمهور خارج نطاق الحرم الجامعي، فهي بمثابة نماذج بين الإنجازات التي تقدمها الى جميع القطاعات، وبخاصة في مجال الاستثمارات والدورات التدريبية ونشر المعارف (4).
مفهوم الخدمة العامة كوظيفة للجامعة ومهماتها
لقد ظهر مفهوم الخدمة العامة كوظيفة للجامعة في النصف ألأخير من القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما أدركت الدولة الحاجة الى إنشاء جامعات رسمية في كل ولاية تعنى بتطوير الزراعة ومكانتها، باستخدام البحث العلمي، وإنشاء المحطات التجريبية، وتدريب المرشدين الزراعيين في الميادين، وأنشأت نظاماً لتقديم الخدمات للمزارعين الصناعيين، وأصحاب المهن المختلفة. واستمر هذا الدور بالنمو والاتساع ليشمل برامج التعليم المستمر في كافة المجلات ولكافة الفئات العمرية.
إن النظرة الشاملة للجامعات في العالم، تكشف عن تباين واضح في مدى إستجابة هذه الجامعات لهذه الوظيفة الحديثة، ومن الإستجابة المطلقة الى الرفض المطلق لهذه الوظيفة ما بين الدرجتين. ففي حين ان الجامعات الأمريكية على سبيل المثال إستوعبت هذا الدور وبلورته وطورته ووسعت آفاقه ليشمل الخدمة العامة، ليس - على صعيد الولاية او الدولة فحسب، بل وعلى صعيد العالم، نجد أن مثل هذا الدور ما زال محدوداً في كثير من الجامعات الأوربية. أما الصورة في كثير من جامعات العالم النامي فهي أقل إشراقا، إذ أنها قد تراوحت ما بين الرفض المطلق لهذا الدور وتضييق هامشه وتقييد مساحته بصورة كبيرة جدأ (5). وإذا كانت كل المجتمعات بحاجة الى ان تقوم جامعاتها بوظيفتها الثالثة، وهي الخدمة العامة، فان مجتمعات الدول النامية تبدو أكبر حاجة لمثل هذه الوظيفة. على ان أي عمل تقوم به الجامعة في هذا المجال مثل حماية للبيئة في جانب من الجوانب.
ونورد فيما يلي بعضاً من الأمثلة التي يمكن ان تقوم بها الجامعة في مجال الخدمة العامة، والتي تنعكس إيجابياً على البيئة:
أـ مجال القيادة الفكرية للمجتمع:
على الجامعة ان تسهم في بناء الحس الوطني والقومي عند المواطن، وترسيخ قيم النظافة، والمحافظة على مكنوزات المجتمع وثروته، والتصدي لكل محاولات العبث والتدمير والإيذاء الذي قد تتعرض له بعض موارد البيئة، بطريقة عمدية أو تلقائية.
ويمكن للجامعة ان تقوم بهذا الدور من خلال مجموعة من النشاطات، كإستخدام وسائل الأعلام، وتقديم البرامج الخاصة، وعقد الندوات والمحاضرات والمؤتمرات، وتقديم البرامج التدريبية للطلبة والمواطنين، وغير ذلك ما من شأنه ان يسهم في حماية البيئة.
ب- مجال التعليم المستمر:
وهذا المجال هو حقل واسع يشتمل على كل فرصة تعليمية او تدريبية تقدم للمواطنين الذين فاتتهم مثل هذه الفرص من خلال التعليم النظامي.
ويمكن للجامعة ان تقدم هذه الخدمة للمواطنين من خلال برامج الدراسات المسائية النظامية، والجامعة المفتوحة، والتعليم عن بعد، والدورات والبرامج المهنية المتخصصة، والدورات الغنية والمهنية للعمال والفنيين، والدورات العامة للراغبين والمهتمين، كدورات الإرشاد الأسري، والأرشاد الزراعي، والإرشاد الإستهلاكي، والأرشاد الصحي، والأرشاد البيئي، والبستنة، وتربية النحل، وتربية نباتات الزينة، وغيرها.
وغني عن القول ان مثل هذه النشاطات تسهم في زيادة حصيلة المواطنين المعرفية وتوسيع مداركهم ونفض أقنعة الجهل والتخلف عنهم، مما يسهم بلا شك في زيادة وعيهم البيئي.
ج- مجال الإستشارات والدراسات:
يمكن للجامعة ان تسهم في تطوير عمل كل مؤسسات الدولة، من خلال الدراسة، والتحليل، والتشخيص، وتقديم الاستشارة للإصلاح والتحديث. ولعل المجال لا يتسع لذكر كل أنواع الدراسات والاستشارات التي يمكن للجامعة ان تقوم بها والتي من شأنها التصدي لمشكلات البيئة كافة والإبقاء على البيئة في منأى عن كل أشكال الأذى.
د- مجال الخدمات النموذجية:
يتضمن هذا المجال قيام الجامعة بتقديم خدمات نموذجية لمجتمعها في كافة المجالات، من خلال بعض وحداتها ومراكزها. فمستشفى الجامعة، وما يتبعه من مراكز وعيادات طبية، يمكنها ان تزيد من وعي المواطنين حيال قضايا تنظيم النسل، والتلوث الغذائي، وكافة أشكال التلوث الأخرى. أما مدرسة الجامعة وروضتها، فيمكنها تقديم العديد من النشاطات التي تساعد في زيادة الوعي البيئي لدى الدارسين فيها والمواطنين على حد سواء. وتشاركها في هذه المهمة مكتبة الجامعة ووسائلها الأعلامية، ومراكزها المتخصصة، ومتاحفها، ومختبراتها، ومراكز الخدمات الاجتماعية فيها.
هـ- مجال المحاضرات والمؤتمرات والندوات:
يمكن للجامعة ان تنظم المحاضرات (العامة والخاصة)، والندوات، والمؤتمرات، واللقاءات العلمية، التي تستهدف نشر المعرفة، وتبادل الرأي والخبرة، وعرض الدراسات والبحوث في مجالات كثيرة، ومنها تحليل مشكلات البيئة، وعرض وجهات النظر المختلفة للتصدي لها، وما الى ذلك.
و- مجال الاحتفالات بالمناسبات العامة:
في هذا المجال تنظم الجامعة الإحتفال بالمناسبات العامة، ومنها المناسبات البيئية، إذ على الجامعة ان لا تدع أي مناسبة ذات طابع بيئي ان تمر دون الإحتفال بها من خلال المحاضرات، والندوات، وتوزيع النشرات، وعرض الملصقات والأفلام، وغير ذلك. ولعل من أبرز هذه المناسبات: يوم الشجرة (15 كانون الثاني / يناير) ويوم الماء العالمي (22 آذار / مارس) واليوم العالمي للامتناع عن التدخين (31 آيار/ مايو) ويوم البيئة العالمي (5 حزيران / يونيو) واليوم العالمي لمكافحة المخدرات (23 حزيران / يونيو) ويوم الأوزون العالمي (16 أيلول/ سبتمبر) ويوم البيئة العربي (14 تشرين أول/ أكتوبر) ويوم الغذاء العالمي (16 تشرين أول / أكتوبر) ويوم الفقر العالمي (17 تشرين أول / أكتوبر).
على ان ما ينبغي التنويه له في هذا المجال إن كثيراً من الجامعات قد إستحدثت دوائر مستقلة لتكون نافذتها التي تطل منها على المجتمع المحلي، وذراعها التنفيذي لخدمة هذا المجتمع. وقد جاءت مثل هذه الدوائر- الوحدات تحت مسميات عديدة: دائرة التعليم المستمر، وخدمة المجتمع، ووحدة خدمة المجتمع، ووحدة الإستشارات والدراسات، ووحدة العلاقات الخارجية، وما الى ذلك. وقد توجت بعض الجامعات إهتمامها بهذه الوظيفة (وظيفة الخدمة العامة للمجتمع) باستحداث مركز قيادي عالي للإشراف على نشاطات الجامعة في هذا المجال، وهو مركز نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، كما هو الحال في جامعة حلوان بجمهورية مصر العربية (6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ سميح أبو مغلي وآخرون، قواعد التدريس في الجامعة، عمان، دار الفكر، 1977.
2ـ د. راتب السعود، الإنسان والبيئة.
3ـ المصدر السابق.
4ـ المصدر السابق.
5- سميح أبو مغلي وآخرون، قواعد التدريس في الجامعة، عمان، دار الفكر، 1977، ص 557 - 588.
6ـ د. راتب السعود، الإنسان والبيئة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|