المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



المواطنة في الخطاب القرآني  
  
2728   11:25 صباحاً   التاريخ: 5-1-2022
المؤلف : الاستاذ فاضل الكعبي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين التربية والثقافة
الجزء والصفحة : ص298 ـ 300
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /

لقد جاء الإسلام وفي جوهر خطابه الانساني والثقافي والديني والتربوي اعلى القيم التي تتجسد فيها معاني المواطنة الحقة حيث يتضح ذلك في الخطاب القرآني الذي دعا إلى العدل والمساواة والتسامح وعدم التميز بين المواطنين أو التفرقة والعنصرية على أساس العرق أو اللون أو الدين كما جاء في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم: 22].

ففي هذه الآية الكريمة نجد ان الإسلام يساوي بين الجميع ولا يقر العنصرية أو التفرقة لسبب من الأسباب وهدفه من ذلك بناء المجتمع الصحيح والمتعايش في إطار الوطن الذي يسمو به المواطن بروح المواطنة الحقة التي تمثل القيم الروحية والاخلاقية النبيلة وتمتثل لها في بناء المجتمع الانساني القويم الذي لا يتأسس وتقوم قواعده الصحيحة إلا بالإخوة والوحدة والتعاون والمساواة في إطار المجتمع الواحد المتضامن وفي إطار التعايش السلمي والتعاون البناء بين المجتمعات الإنسانية كافة بعيدا عن التعصب والعنصرية لذلك جاء الخطاب القرآني، خطاباً موحداً موجها لكافة الناس من ابناء البشر في مشارق الأرض ومغاربها كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات: 13].

وبذلك فقد (أقر الإسلام المساواة والعدالة بين البشر وجعلها ميزاناً للعلاقات الاجتماعية بين افراد المجتمع الواحد وبين المجتمعات كافة، وحث الخطاب القرآني على احترام العقود والعهود والمواثيق إذ ان احترام المواثيق والعهود أساس المواطنة الصالحة)(٢). كقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91].

لقد جاء الإسلام في عصر كانت فيه المجتمعات العربية، وخاصة مجتمعات القبائل في الجزيرة العربية قبائل متفرقة متناحرة تسودها العداوة والبغضاء والعصبية الجاهلية، حيث يعيش القوي ويسحق الضعيف حتى في الجماعة الواحدة وفي هذه الجماعة أو الجماعات المجاورة كل يبحث عن مصلحته الخاصة على أرض لا وجود فيها لمفهوم وقـيـم الـوطـن والمواطنة مع فقدان شكل الدولة في ذلك الوقت فعمد الإسلام بشريعته السمحاء وبسيرة رسوله المصطفى النبي محمد صلى الله عليه وآله وخلقه العظيم كما يصفه القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. عمد إلى بناء المجتمع بناءً صحيحاً بالاعتماد على قيمه الروحية والاخلاقية العظيمة وانطلاقا من البناء الروحي والنفسي والاخلاقي للإنسان ومتطلبات تعليمه لقيم المواطنة الصحيحة ومن ثم سعى إلى بناء الدولة بناء وطنياً صحيحاً في شكل الوطن الواحد الذي تسوده روح الاخوة والتعاون والمساواة والتعايش السلمي بين افراده ومن نتائج ذلك تكونت من القبائل المتفرقة ومن الجماعات المتناحرة امة متماسكة مفلحة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر مثلما عبر عنها الخطاب القرآني في قوله تعالى : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 103، 104].

وهكذا أخذت المواطنة نسقها الإنساني وقيمتها الاخلاقية وعمقها الوطني، ودلالتها الاجتماعية والتاريخية والجغرافية الشاخصة في بناء المجتمع الإسلامي وشكله المنظم في إطار الوطن والدولة بشكل خاص وفي بناء المجتمعات الإنسانية المختلفة على امتداد الكرة الارضية بشكل عام فبرز إلى الوجود شكل الوطن وقيمته المكانية والمعنوية والتاريخية والتي تدعو العربي والمسلم إلى الفخر وهو يشير إلى حقيقة وطنه ومواطنته بوجود وطنه الحقيقي، كما جاء في الخطاب القرآني بقوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 3]

ولكي يبقى هذا البلد أمينا يتطلب منا دائماً الحرص على تنمية روح المواطنة الحقة لدى أبناء هذا البلد وان لا نغفل عنه أبداً وذلك من خلال التواصل في تربية الأطفال وتعليمهم على المواطنة على ان يسبق ذلك إدراك الجميع لضرورات التربية والتعليم على المواطنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع: التربية الوطنية والاجتماعية للصف السادس الابتدائي، شذى العجيلي، عبد المنعم الحسيني، عادلة القيار - وزارة التربية العراق. الطبعة السادسة 2010، ص 16.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.