المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنـواع اتـجاهـات المـستهـلك
2024-11-28
المحرر العلمي
2024-11-28
المحرر في الصحافة المتخصصة
2024-11-28
مـراحل تكويـن اتجاهات المـستهـلك
2024-11-28
عوامـل تكويـن اتـجاهات المـستهـلك
2024-11-28
وسـائـل قـيـاس اتـجاهـات المستهلـك
2024-11-28

نقطة جاوس = نقطة أصلية Gauss point = cardinal point
14-7-2019
المشركون اِحتالوا لنبي ليفتنوه.
13-4-2022
التـراكم ، الادخـار ، والاستثمـار في الدول الناميـة
3-1-2020
Balancing charges: Magnesium and bromine
3-1-2017
Amperes other law
2-1-2017
العلاقات العامة الرقمية
13-8-2022


التفصيل في رسالة الحقوق للإمام السجاد  
  
4154   04:25 مساءً   التاريخ: 20-10-2015
المؤلف : السيد محسن الامين
الكتاب أو المصدر : أعيان الشيعة
الجزء والصفحة : ج2,ص476-483
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / التراث السجّاديّ الشريف /

هذه الرسالة أوردها الصدوق في الخصال بسند معتبر وأوردها الحسن بن علي بن شعبة الحلبي في تحف العقول وبينهما تفاوت بالزيادة والنقصان وغيرهما .

ورواية التحف أطول وقد تزيد عنها رواية الخصال ونحن نوردها برواية تحف العقول فإذا وجدنا ما يخالفها في رواية الخصال ذكرناه بعدها .

روى الصدوق في الخصال عن علي بن أحمد بن موسى عن محمد الأسدي عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري عن خيران بن داهر عن أحمد بن سليمان الجبلي عن أبيه عن محمد بن علي عن محمد بن فضيل عن أبي حمزة الثمالي قال : هذه رسالة علي بن الحسين (عليه السلام) إلى بعض أصحابه : اعلم أن لله عز وجل عليك حقوقا الخ . . . وفي تحف العقول : رسالة علي بن الحسين (عليه السلام) المعروفة برسالة الحقوق : اعلم رحمك الله أن الله عليك حقوقا محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنة سكنتها أو حال حلتها خ ل أو منزلة نزلتها أو جارحة قلبتها أو آلة تصرفت بها بعضها أكبر من بعض وأكبر حقوق الله عليك ما أوجبه عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك فجعل لبصرك عليك حقا ولسمعك عليك حقا وللسانك عليك حقا وليدك عليك حقا ولرجلك عليك حقا ولبطنك عليك حقا ولفرجك عليك حقا فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الافعال ثم جعل لأفعالك عليك حقوقا : لصلاتك عليك حقا ولصومك عليك حقا ولصدقتك ولهديك عليك حقا ولأفعالك عليك حقا ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك وأوجبها عليك حق أئمتك ثم حقوق رعيتك ثم حقوق رحمك فهذه حقوق يتشعب منها حقوق فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك حق رعيتك بالسلطان ثم حق رعيتك بالعلم فان الجاهل رعية العالم وحق رعيتك بالملك من الأزواج وما ملكت الايمان وحقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة فأوجبها عليك حق أمك ثم حق أبيك ثم حق ولدك ثم حق أخيك ثم الأقرب فالأقرب والأولى فالأولى ثم حق مولاك المنعم عليك ثم حق مولاك الجارية نعمته عليك ثم حق ذي المعروف لديك ثم حق مؤذنك بالصلاة ثم حق إمامك في صلاتك ثم حق جليسك ثم حق جارك ثم حق صاحبك ثم حق شريكك ثم حق مالك ثم حق غريمك الذي تطالبه ثم غريمك الذي يطالبك ثم خليطك ثم حق خصمك المدعي عليك ثم حق خصمك الذي تدعي عليه ثم حق مستشيرك ثم المشير عليك ثم مستنصحك ثم الناصح لك ثم حق من هو أكبر منك ثم من هو أصغر منك ثم حق سائلك ثم حق من سألته ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل أو مسرة بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد ثم حق أهل ملتك عامة ثم حق أهل الذمة ثم الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال وتصرف الأسباب فطوبى لمن اعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ووفقه وسدده .

1 : فأما حق الله الأكبر عليك

فان تعبده لا تشرك به شيئا فإذا فعلت ذلك باخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة ويحفظ لك ما تحب منهما ومثله في الخصال إلى قوله والآخرة .

2 : وأما حق نفسك عليك

فان تستوفيها في طاعة الله وفي الخصال أن تستعملها بطاعة الله عز وجل فتؤدي إلى لسانك حقه وإلى سمعك حقه وإلى بصرك حقه وإلى يدك حقها وإلى رجلك حقها وإلى بطنك حقه وإلى فرجك حقه وتستعين بالله على ذلك .

3 : وأما حق اللسان

فإكرامه عن الخنا وتعويده على الخير وحمله على الأدب وإجمامه إلا لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا وإعفاؤه من الفضول الشنعة القليلة الفائدة التي لا يؤمن شرره مع قلة عائدتها وبعد شاهد العقل والدليل عليه وتزين العاقل بعقله حسن سيرته في لسانه ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

وفي الخصال : وحق اللسان إكرامه عن الخنا وتعويده الخير وترك الفضول التي لا فائدة فيها والبر بالناس وحسن القول فيهم .

4 : وأما حق السمع

فتنزيهه عن أن تجعله طريقا إلى قلبك إلا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيرا أو تكسب خلقا كريما فإنه باب الكلام إلى القلب يؤدي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شر ولا قوة إلا بالله وفي الخصال وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه .

5 : وأما حق بصرك

فغضه عما لا يحل لك وترك ابتذاله إلا لموضع عبرة تستقبل بها بصرا أو تستفيد بها علما فان البصر باب الاعتبار وفي الخصال وحق البصر أن تغمضه عما لا يحل لك وتعتبر بالنظر به .

6 : وأما حق رجليك

فان لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك ولا تجعلهما مطيتك في الطريق المستخف بأهلها فيها فإنها حاملتك وسالكة بك مسلك الدين والسبق لك ولا قوة إلا بالله وفي الخصال وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك فيهما ولا بد لك أن تقف على الصراط فانظر ان لا تزلا بك فتتردى في النار .

7 : وأما حق يدك

فان لا تبسطها إلى ما لا يحل لك فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة في الآجل ومن الناس اللائمة في العاجل ولا تقبضها عما افترض الله عليها ولكن توقرها بقبضها عن كثير مما لا يحل لها وبسطها إلى كثير مما ليس عليها فإذا هي قد عقلت وشرفت في العاجل ووجب لها حسن الثواب من الله في الآجل وفي الخصال وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك .

8 : وأما حق بطنك

فان لا تجعله وعاء لقليل من الحرام ولا لكثير وأن تقتصد له في الحلال ولا تخرجه من حد التقوية إلى حد التهوين وذهاب المروءة فان الشبع المنتهي بصاحبه مكسلة ومثبطة ومقطعة عن كل بر وكرم وإن الري المنتهي بصاحبه إلى السكر مسخفة ومجهلة ومذهبة للمروءة وفي الخصال وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام ولا تزيد على الشبع .

9 : وأما حق فرجك

فحفظه مما لا يحل لك والاستعانة عليه بغض البصر فإنه من أعون الأعوان وضبطه إذا هم بالجوع والظمأ وكثرة ذكر الموت والتهدد لنفسك بالله والتخويف لها به وبالله العصمة والتأييد ولا حول ولا قوة إلا به وفي الخصال : وحق فرجك أن تحصنه عن الزنا وتحفظه من أن ينظر إليه .

ثم حقوق الافعال

10 : فأما حق الصلاة

فان تعلم أنها وفادة إلى الله وانك قائم بين يدي الله فإذا علمت ذلك كنت خليقا أن تقوم فيها مقام الذليل الراغب الراهب والخائف الراجي المسكين المتضرع المعظم من قام بين يديه بالسكون أو الاطراق وخشوع الأطراف ولين الجناح وحسن المناجاة له في نفسه والرغبة إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت بها خطيئتك واستهلكتها ذنوبك ولا قوة الا بالله .

وفي الخصال : وحق الصلاة ان تعلم أنها وفادة إلى الله عز وجل وانك فيها قائم بين يدي الله عز وجل فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها ؛ ولم يذكر في التحف حق الحج وذكره في الخصال فقال .

وحق الحج

ان تعلم أنه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك وبه قبول توبتك وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك .

11 : وأما حق الصوم

فان تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وفرجك وبطنك ليسترك به من النار وهكذا جاء في الحديث : الصوم جنة من النار فان سكنت أطرافك في حجبتها رجوت أن تكون محجوبا وإن أنت تركتها تضطرب في حجابها وترف جنبات الحجاب فتطلع إلى ما ليس لها بالنظرة الداعية للشهوة والقوة الخارجة عن حد التقية بالله لم تأمن أن تخرق الحجاب وتخرج منه ولا قوة إلا بالله ؛ وفي الخصال : بعد قوله من النار : فان تركت الصوم خرقت ستر الله عليك .

12 : وأما حق الصدقة

فان تعلم أنها ذخرك عند ربك ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد فإذا علمت ذلك كنت بما استودعته سرا أوثق منك بما استودعته علانية وكنت جديرا أن لا تكون أسررت إليه أمرا أعلنته وكان الامر بينك وبينه فيها سرا على كل حال ولم تستظهر عليه فيما استودعته منها باشهاد الاسماع والابصار عليه بها كأنها أوثق في نفسك وكأنك لا تثق به في تأدية وديعتك إليك ثم لم تمتن بها على أحد لأنها لك فإذا امتننت بها لم تأمن أن يكون بها مثل تهجين حالك منها إلى من مننت بها عليه كذا لأن في ذلك دليلا على أنك لم ترد نفسك بها ولو أردت نفسك بها لم تمتن بها على أحد ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عز وجل ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد عليها وكنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية وتعلم أنها تدفع البلايا والأسقام عنك في الدنيا وتدفع عنك النار في الآخرة .

13 : وأما حق الهدي

فان تخلص به الإرادة إلى ربك والتعرض لرحمته وقبوله ولا تريد عيون الناظرين دونه فإذا كنت كذلك لم تكن متكلفا ولا متصنعا وكنت إنما تقصد إلى الله واعلم أن الله يراد باليسير ولا يراد بالعسير كما أراد بخلقه التيسير ولم يرد بهم التعسير وكذلك التذلل أولي بك من التدهقن لان الكلفة والمؤنة في المتدهقنين فاما التذلل والتمسكن فلا كلفة فيهما ولا مؤنة عليهما لأنهما الخلقة وهما موجودان في الطبيعة ولا قوة إلا بالله . وفي الخصال : وحق الهدي أن تريد به الله عز وجل ولا تريد به خلقه ولا تريد به إلا التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه .

ثم حقوق الأئمة

 

14 : فأما حق سائسك بالسلطان

فان تعلم أنك جعلت له فتنة وإنه مبتلي فيك بما جعله الله له عليك من السلطان وأن تخلص له في النصيحة وأن لا تماحكه وقد بسطت يده عليك فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه وتلطف لاعطائه من الرضا ما يكفه عنك ولا يضر بدينك وتستعين عليه في ذلك بالله ولا تعازه ولا تعانده فإنك إن فعلت ذلك عققته وعققت نفسك فعرضتها لمكروهه وعرضته للهلكة فيك وكنت خليقا أن تكون معينا له على نفسك وشريكا له فيما أتى إليك ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : وحق السلطان أن تعلم إلى قوله من السلطان وبعده : وإن عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقى بيديك إلى التهلكة وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء .

15 : فأما حق سائسك بالعلم

فالتعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع إليه والاقبال عليه والمعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم بان تفرع له عقلك وتحضره فهمك وتذكي له قلبك وتجلي له بصرك بترك اللذات ونقص الشهوات وان تعلم أنك فيما القى إليك رسوله من لقيك من أهل الجهل فلزمك حسن التأدية عنه إليهم ولا تخنه في رسالته والقيام بها عنه إذا تقلدتها ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : وحق سائسك بالعلم التعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع إليه والاقبال عليه وأن لا ترفع عليه صوتك ولا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب ولا تحدث في مجلسه أحدا ولا تغتاب عنده أحدا وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له وليا فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس .

16 : وأما حق سائسك بالملك

فنحو من سائسك بالسلطان إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك تلزمك طاعته فيما دق وحل منك إلا أن يخرجك من وجوب حق الله ويحول بينك وبين حقه وحقوق الخلق فإذا قضيته رجعت إلى حقه فتشاغلت به ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : فاما حق سائسك بالملك فان تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عز وجل فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله .

ثم حقوق الرعية

 

17 : فأما حق رعيتك بالسلطان

فان تعلم أنك استرعيتهم بفضل قوتك عليهم فإنه إنما أحلهم محل الرعية لك ضعفهم فما أولى من كفافه ضعفه وذله حتى صيره لك رعية وصير حكمك عليه نافذا لا يمتنع منك بعزة ولا قوة ولا يستنصر فيما تعاظمه منك إلا بالرحمة والحياطة والأناة وما أولاك إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزة والقوة التي قهرت بها أن تكون لله شاكرا ومن شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : وأما حق رعيتك بالسلطان فان تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم وتغفر لهم جهلهم ولا تعاجلهم بالعقوبة وتشكر الله عز

وجل على ما أولاك وعلى ما آتاك من القوة عليهم .

18 : وأما حق رعيتك بالعلم

فان تعلم أن الله قد جعلك لهم خازنا فيما آتاك من العلم وولاك من خزانة الحكمة فان أحسنت فيما ولاك الله من ذلك وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه كنت راشدا وكنت لذلك آملا

معتقدا كذا وإلا كنت له خائنا ولخلقه ظالما ولسلبه وغيره معترضا .

19 : وأما حق رعيتك بملك النكاح

فان تعلم أن الله جعلها سكنا ومستراحا وأنسا وواقية وكذلك كل واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحببت وكرهت ما لم تكن معصية فان لها حق

الرحمة والمؤانسة ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : وأما حق الزوجة فان تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكنا وأنسا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها وأن كان حقك عليها أوجب فان لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتكسوها وإذا جهلت عفوت عنها .

20 : وأما حق رعيتك بملك اليمين

فان تعلم أنه خلق ربك ولحمك ودمك وأنك لم تملكه لأنك صنعته دون الله ولا خلقت له سمعا ولا بصرا ولا أجريت له رزقا ولكن الله كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك إياه لتحفظه فيه وتسير فيه بسيرته فتطعمه مما تأكل وتلبسه مما نلبس ولا تكلفه ما لا يطيق فان كرهته خرجت إلى الله منه واستبدلت به ولم تعذب خلق الله ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : وأما حق مملوكك فان تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وأمك ولحمك ودمك ولم تملكه لأنك صنعته من دون الله ولا خلقت شيئا من جوارحه ولا أخرجت له رزقا ولكن الله عز وجل كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فاحسن إليه كما أحسن الله إليك وإن كرهته استبدلت به ولم تعذب خلق الله عز وجل ولا قوة إلا

بالله .

21 : وأما حق الرحم

فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة فرحة محتملة لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمها حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض فرضيت أن تشبع وتجوع هي وتكسوك وتعرى وترويك وتظمى وتظلك وتضحي وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بارقها وكان بطنها لك وعاء وحجرها لك حواء وثديها لك سقاء ونفسها لك وقاء تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك فتشكرها على قدر ذلك ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه .

وفي الخصال : وأما حق أمك فان تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك وتعرى وتكسوك وتضحي وتظلك وتهجر النوم لأجلك ووقتك الحر والبرد لتكون لها فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه.

22 : وأما حق أبيك

فان تعلم أنه أصلك وانك فرعه وانك لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه وأحمد الله وأشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله .

23 : وأما حق ولدك

فان تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه فمثاب على ذلك ومعاقب فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه والاخذ له منه ولا قوة إلا بالله . وفي الخصال : فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه .

24 : وأما حق أخيك

فان تعلم أنه يدك التي تبسطها وظهرك الذي تلتجي إليه وعزك الذي تعتمد عليه وقوتك التي تصول بها فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ولا عدة للظلم لخلق الله ولا تدع نصرته على نفسه ومعونته على عدوه والحول بينه وبين شياطينه وتأدية النصيحة إليه والاقبال عليه في الله فان انقاد لربه وأحسن الإجابة له وإلا فليكن الله آثر عندك وأكرم عليك منه .

وفي الخصال : ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له فان أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه ولا قوة إلا بالله .

25 : وأما حق المنعم عليك بالولاء

فان تعلم أنه أنفق ماله وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وأنسها وأطلقك من أسر الملكة وفك عنك حلق العبودية وأوجدك رائحة العز وأخرجك من سجن القهر ودفع عنك العسر وبسط لك لسان الإنصاف وأباحك الدنيا كلها فملكك نفسك وحل أسرك وفرغك لعبادة ربك واحتمل بذلك التقصير في ماله فتعلم أنه أولى الخلق بك بعد أولي رحمك في حياتك وموتك وأحق الخلق بنصرك ومعونتك ومكانفتك في ذات الله فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج إليك .

وفي الخصال : وإن نصرته عليك واجبة بنفسك وما احتاج إليه منك ولا قوة إلا بالله .

26 : وأما حق مولاك الجارية عليك نعمته

فان تعلم أن الله جعلك حامية عليه وواقية وناصرا ومعقلا وجعله لك وسيلة وسببا بينك وبينه فبالحري أن يحجبك عن النار فيكون في ذلك ثواب منه في الآجل ويحكم لك بميراثه في العاجل إذا لم يكن له رحم مكافاة لما أنفقته من مالك عليه وقمت به من حقه بعد انفاق مالك فإن لم تقم بحقه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه فان تعلم أن الله عز وجل جعل عتقك له وسيلة إليه وحجابا لك من النار وإن ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافاة بما أنفقت من مالك وفي الآجل الجنة .

27 : وأما حق ذي المعروف عليك

فان تشكره وتذكره معروفة وتنشر له المقالة الحسنة وتكسبه القالة الحسنة خصال وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله سبحانه فإنك إذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية ثم إن أمكن مكافاته بالفعل كافأته وإلا كنت مرصدا له موطنا نفسك عليها . وفي الخصال : ثم أن قدرت على مكافاته يوما كافأته .

28 : وأما حق المؤذن

فان تعلم أنه مذكرك بربك وداعيك إلى حظك وأفضل أعوانك على قضاء الفريضة التي افترضها الله عليك فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك وإن كنت في بيتك متهما كذا وعلمت أنه نعمة من الله عليك لا شك فيها فاحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها على كل حال ولا قوة إلا بالله .

29 : وأما حق إمامك في صلواتك

فان تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك وبين الله والوفادة إلى ربك وتكلم عنك ولم تتكلم عنه دعا لك ولم تدع له وطلب فيك ولم تطلب فيه وكفاك هم المقام بين يدي الله والمسألة له فيك ولم تكفه ذلك فإن كان في شئ من ذلك تقصير كان به دونك وإن كان إثما لم تكن شريكه فيه ولم يكن لك عليه فضل فوقى نفسك بنفسه ووقى صلاتك بصلاته فتشكر له على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : فإن كان نقص كان به دونك وإن كان تماما كنت شريكه ولم يكن له عليك فضل فتشكر له على قدر ذلك .

30 : وأما حق الجليس

فان تلين له كنفك وتطيب له جانبك وتنصفه في مجاراة اللفظ ولا تغرق في نزع اللحظ إذا لحظت وتقصد في اللفظ إلى افهامه إذا لفظت وإن كنت الجليس إليه كنت في القيام عنه بالخيار وإن كان الجالس إليك كان بالخيار ولا تقوم إلا باذنه ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : ولا تقوم من مجلسك إلا باذنه ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك وتنسى زلاته وتحفظ خيراته ولا تسمعه خيرا .

31 : وأما حق الجار

فحفظه غائبا وكرامته شاهدا ونصرته ومعونته في الحالتين جميعا لا تتبع له عورة ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها فان عرفتها منه عن غير إرادة منك ولا تكلف كنت ما علمت حصنا حصينا وسترا ستيرا لو بحثت الأسنة عنه ضميرا لم تتصل إليه لانطوائه عليه ؛ لا تستمع عليه من حيث لا يعلم ؛ لا تسلمه عند شديدة ولا تحسده عند نعمة ؛ تقيل عثرته وتغفر زلته ولا تدخر حلمك عنه إذا جهل عليك ولا تخرج أن تكون سلما له ترد عنه لسان الشتيمة وتبطل فيه كيد حامل النصيحة وتعاشره معاشرة كريمة ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : ونصرته إذا كان مظلوما فان علمت عليه سوء سترته عليه وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه .

32 : وأما حق الصاحب

فان تصحبه بالفضل وما وجدت إليه سبيلا وإلا فلا أقل من الإنصاف وان تكرمه كما يكرمك وتحفظه كما يحفظك ولا يسبقك فيما بينك وبينه إلى مكرمة فان سبقك كافأته ولا تقصر به عما يستحق من المودة تلزم نفسك نصيحته وحياطته ومعاضدته على طاعة ربه ومعونته على نفسه فيما يهم به من معصية ربه ثم تكون عليه رحمة ولا تكن عليه عذابا ولا قوة إلا بالله . وفي الخصال : فان تصحبه بالتفضل والإنصاف ولا تدعه يسبق إلى مكرمة ، وتوده كما يودك وتزجره عما يهم به من معصية .

33 : وأما حق الشريك

فان غاب كفيته وإن حضر ساويته ولا تعزم على حكمك دون حكمه ولا تعمل برأيك دون مناظرته وتحفظ عليه ماله وتتقي خيانته فيما عز أو هان فإنه بلغنا أن يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا ولا قوة إلا بالله .

34 : وأما حق المال

فان لا تأخذه إلا من حله ولا تنفقه إلا في حله ولا تحرفه عن مواضعه ولا تصرفه عن حقائقه ولا تجعله إذا كان من الله إلا إليه وسببا إلى الله ولا تؤثر به على نفسك من لعله لا يحمدك وبالحري أن لا يحسن خلافته في تركتك ولا يعمل فيه بطاعة ربه فيذهب بالغنيمة وتبوء بالاثم والحسرة والندامة مع التبعة ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : فاعمل فيه بطاعة ربك ولا تبخل به .

35 : وأما حق الغريم المطالب لك

فان كنت موسرا أوفيته وكفيته وأغنيته ولم تردده وتمطله فان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال مطل الغني ظلم وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول وطلبت إليه طلبا جميلا ورددته عن نفسك ردا لطيفا ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته فان ذلك لؤم ولا قوة إلا بالله .

36 : وأما حق الخليط

فان لا تغره ولا تغشه ولا تكذبه ولا تغفله ولا تخدعه ولا تعمل في انتقاضه عمل العدو الذي لا يبقي على صاحبه وان أطمأن إليك استقصيت له على نفسك وعلمت ان غبن المسترسل رباً . وفي الخصال : ولا تخدعه وتتقي الله تبارك وتعالى في أمره .

37 : وأما حق الخصم المدعي عليك

فإن كان ما يدعي عليك حقا لم تنفسخ في حجته ولم تعمل في ابطال دعوته وكنت خصم نفسك له والحاكم عليها والشاهد له بحقه دون شهادة الشهود فان ذلك حق الله عليك وإن كان ما يدعيه باطلا رققت به وردعته وناشدته بدينه وكسرت حدته عنك بذكر الله وألقيت حشو الكلام ولغطه الذي لا يرد عنك عادية عدوك بل تبوء بإثمه وبه يشحذ عليك سيف عداوته لان لفظة السوء تبعث الشر ، والخير مقمعة للشر ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : فإن كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه وأوفيته حقه وإن كان ما يدعي به باطلا رفقت به ولم تأت في أمره غير الرفق ولم تسخط ربك في أمره .

38 : وأما حق الخصم المدعى عليه

فإن كان ما تدعيه حقا أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى فان للدعوى غلظة في سمع المدعى عليه وقصدت قصد حجتك بالرفق وأمهل المهلة وأبين البيان وألطف اللطف ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال فتذهب عنك حجتك ولا يكون لك في ذلك درك ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : إن كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته ولم تجحد حقه وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت الله عز وجل وتبت إليه وتركت الدعوى .

39 : وأما حق المستشير

فان حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة وأشرت عليه بما تعلم أنك لو كنت مكانه عملت به ، ليكن ذلك منك في رحمة ولين فان اللين يؤنس الوحشة وان الغلظ يوحش موضع الأنس وان لم يحضرك له رأي وعرفت له من تثق برأيه وترضى به لنفسك دللت عليه وأرشدته إليه فكنت لم تأله خيرا ولم تدخره نصحا ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : إن علمت له رأيا حسنا أشرت عليه وإن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم .

40 : وأما حق المشير عليك

فلا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه إذا أشار عليك فإنما هي الآراء وتصرف الناس فيها واختلافهم فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتهمت رأيه .

فاما تهمته فلا تجوز لك إذا كان عندك ممن يستحق المشاورة ولا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه وحسن وجه مشورته فإذا وافقك حمدت الله وقبلت ذلك من أخيك بالشكر والأرصاد بالمكافأة في مثلها ان فزع إليك ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه وان وافقك حمدت الله عز وجل .

41 : وأما حق المستنصح

فان حقه أن تؤدي إليه النصيحة وتكلمه من الكلام بما يطيقه عقله فان لكل عقل طبقة من الكلام يعرفه ويجتنبه وليكن مذهبك الرحمة ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به .

42 : وأما حق الناصح

فان تلين له جناحك ثم تشرئب له قلبك وتفتح له سمعك حتى يفهم عنه نصيحته ثم تنظر فيها فإن كان وفق لها وإلا رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه لم يألك نصحا إلا أنه أخطأ إلا أن يكون عندك مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشئ من أمره على كل حال ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : وتصغي إليه

بسمعك فان أتى بالصواب حمدت الله وان لم يوفق رحمته الخ .

43 : وأما حق الكبير

فان حقه توقير سنه واجلال اسلامه إذا كان من أهل الفضل في الاسلام بتقديمه فيه وترك مقابلته عند الخصام ولا تسبقه إلى طريق ولا تؤمه في طريق ولا تستجهله وإن جهل عليك تحملت وأكرمته بحق إسلامه مع سنه فإنما حق السن بقدر الاسلام ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : توقيره لسنه واجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك .

44 : وأما حق الصغير

فرحمته وتثقيفه وتعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له والستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة والمداراة له وترك مما حكته فان ذلك أدنى لرشده . وفي الخصال : رحمته في تعليمه .

45 : وأما حق السائل

فاعطاؤه إذا تهيأت صدقة وقدرت على سد حاجته والدعاء له فيما نزل به و المعاونة له على طلبته وان شككت في صدقه وسبقت إليه التهمة ولم تعزم على ذلك لم تأمن أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك تركته بستره ورددته ردا جميلا وان غلبت نفسك في أمره وأعطيته على ما عرض في نفسك منه فان ذلك من عزم الأمور .

وفي الخصال : اعطاؤه على قدر حاجته .

46 : وأما حق المسؤول

فحقه إن اعطى قبل منه ما أعطى بالشكر له والمعرفة لفضله وطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن واعلم أنه إن منع فماله منع وأن ليس التثريب في ماله وإن كان ظالما فان الإنسان لظلوم كفار .

وفي الخصال : إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله وإن منع فاقبل عذره .

47 : وأما حق من سرك الله به وعلى يديه

فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولا ثم شكرته على ذلك بقدره في موضع الجزاء وكافأته على فضل الابتداء وأرصدت له المكافاة وإن لم يكن تعمدها حمدت الله أولا ثم شكرته وعلمت أنه منه توحدك بها وأحببت هذا كذا إذ كان سببا من أسباب نعم الله عليك وترجو له بعد ذلك خيرا فان أسباب النعم بركة حيث ما كانت وإن كان لم يعتمد ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : ان تحمد الله عز وجل أولا ثم تشكره .

48 : وأما حق من ساءك القضاء على يديه

بقول أو فعل فإن كان تعمدها كان العفو أولي بك لما فيه له من القمع وحسن الأدب مع كثير أمثاله من الخلق فان الله يقول { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } [الشورى: 41] إلى قوله {لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [الشورى: 43] وقال عز وجل { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ } [النحل: 126] هذا في العمد فإن لم يكن عمدا لم تظلمه بتعمد الانتصار منه فتكون قد كافأته بتعمد على خطأ ورفقت به ورددته بالطف ما تقدر عليه ولا قوة إلا بالله .

وفي الخصال : أن تعفو عنه وإن علمت أن العفو يضر انتصرت قال الله تبارك تعالى : { وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ } [الشورى: 41].

49 : وأما حق أهل ملتك عامة

فإضمار السلامة ونشر جناح الرحمة والرفق بمسيئهم وتالفهم واستصلاحهم وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك فان إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذ كف عنك أذاه وكفاك مؤونته وحبس عنك نفسه فعمهم جميعا بدعوتك وانصرهم جميعا بنصرتك وأنزلهم جميعا منك منازلهم كبيرهم بمنزلة الوالد وصغيرهم بمنزلة الولد وأوسطهم بمنزلة الأخ فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه . وفي الخصال : والرحمة لهم وكف الأذى عنهم وتحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك وشبابهم بمنزلة اخوتك وعجائزهم بمنزلة أمك والصغار بمنزلة أولادك .

50 : وأما حق أهل الذمة

فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله وكفى بما جعل الله لهم من ذمته وعهده وتكلهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله (صلى الله عليه وآله) حائل فإنه بلغنا أنه قال من ظلم معاهدا كنت خصمه فاتق الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .

فهذه خمسون حقا محيطا بك لا تخرج منها في حال من الأحوال يجب عليك رعايتها والعمل في تأديتها والاستعانة بالله جل ثناؤه على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله رب العالمين . وفي الخصال : ان تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم ولا تظلمهم ما وفوا الله عز وجل بعهده . وعلى رواية الخصال تكون أحد وخمسين .

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.