أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-19
1735
التاريخ: 1-4-2016
4858
التاريخ: 2023-08-15
1405
التاريخ: 2023-07-28
2172
|
تتمثل سلطة التعقيب فيما يخوله القانون للرئيس من حق في إجازة أعمال مرؤوسيه وتعديلها وإلغائها والتصديق عليها ، وإقرار العمل الإداري من طرف الرئيس إما أن يكون صريحا أو ضمنيا، وسنحاول في هذا الموضوع أن نركز على سلطة الرئيس الإداري في التصديق على قرارات مرؤوسيه، وذلك من خلال البحث حول ماهية سلطة التصديق على قرارات المرؤوسين وأشكاله ، والبحث حول تحديد السلطة الإدارية التي صدر عنها القرار، وماهي المعايير التي يمكن نحدد بها السلطة مصدرة القرار، وذلك على النحو الأتي.
أولاً: التعريف بسلطة التصديق على قرارات المرؤوسين :
إذا كان الرئيس الإداري يُعد مسئولاً عن إشراف وتوجيه من خلال إصداره لأوامر وتعليمات لمرؤوسيه بما يملكه من سلطة بمقتضي القوانين والانطمة والتعليمات بغرض حسن سير الجهاز الإداري وفعاليته، إلا أن سلطته ليست متوقفة على مجرد إعطاء الأوامر والتعليمات الرئاسية فحسب، بل تتعدى لتشمل الرقابة على أعمال مرؤوسيه قبل دخولها حيز التنفيذ وهو ما يعرف بسلطة التصديق أو الإجازة.
فقد تحتاج بعض القرارات الإدارية إلى الموافقة والتصديق عليها وهذا ما يقوم به المرؤوس من خلال الرئيس الأعلى في السلم الإداري، حيث يتم ذلك من خلال عملية التصديق على القرارات التي يقوم به الرئيس الإدارى الأعلى كنوع من الإشراف أو الرقابة أو التعقيب على المرؤوسين (1) ، والتصديق - في معظم الحالات – يطبق من خلال نصوص واردة في القوانين (2).
وتعني سلطة الرئيس الإداري في التصديق أي يكون للرئيس الإداري سلطة بمقتضى القوانين والانظمة والتعليمات في إقرار أعمال وتصرفات مرؤوسيه، ومن ثم تبقى الأعمال والتصرفات التي يأتيها المرؤوس غير نافذة أو غير منتجة لأثارها القانونية ما لم يتم التصديق عليها وإجازتها وموافقة الرئيس الإداري عليها (3).
وبمقتضى تلك السلطة المقررة للرئيس الإداري يبقى العمل أو التصرف الذي قد باشره المرؤوس غير نافذ ولا ساري مفعوله من الناحية القانونية إلا بعد التدخل من قبل الرئيس الإداري وإقراره وموافقته عليه، أي يجب أن تتم مصادقة التصرف أو العمل الإداري من طرف الرئيس الإداري المختص، ومن ذلك التاريخ فقط - أي تاريخ المصادقة على تلك الأعمال – ينتج تصرف المرؤوس أثره القانوني ما لم تقرر القوانين والتعليمات صراحة خلاف ذلك (4). وفي ذات السياق وبناءً عليه، فإذا كان تصديق جهة إدراية على عمل أو تصرف إداري صادر من جهة أخرى لازما لوجوده، فإنه لايجوز إلغاء هذا القرار إلا بموافقة الجهة التي صدقت على القرار الملغي .. وإذا كان التعيين في إحدى الوظائف يستوجب استطلاع رأي هيئة معينه قبل صدور قرار التعيين فإنه ينبغي بالمثل أن يستطلع رأي هذه الهيئة قبل إصدار قرار الإلغاء.. وإذا أصدر أحد الرؤساء قرارًا كتابيًا فإنه لا يجوز له أن يلغيه شفهيا لأن الأمر الإداري لا يلغيه إلا أمر إداري آخر بأداة الأمر الأول نفسها وهي الكتابة، وإذا عُين موظف بقرار من مجلس الوزراء مثلاً فإنه يتعين لإلغاء هذا القرار أن يصدر من ذات الإدارة وهي مجلس الوزراء. مع الأخذ بالحسبان بعدم الخلط بين مصادقة الرئيس الإداري على قرارات مرؤوسيه وبين مصادقته على التوصيات المتخذة من بعض المجالس، وهذا ما اشار اليه قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رقم (40) لسنة 1988 المعدل اذ نص على " ترفع الجامعة صورة من توصيات مجلسها التي تقع خارج صلاحياته إلى الوزير خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها ،وللوزير المصادقة على التوصيات حال دراستها أو اعادتها إلى مجلس الجامعة الذي اصدرها خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تسجيلها في سجل الوارد لاعادة النظر فيها، فأذا اصر المجلس المذكور على التوصيات فللوزير البت فيها ويكون قراره قطعياً" (5)
ثانياً: أشكال سلطة التصديق على قرارات المرؤوسين:
قد يكون تصديق الرئيس الإداري على أعمال مرؤوسيه صريحاً، ويكون ذلك حال ما إذا اشترط المشرع ذلك صراحة، بحيث إذا سكت الرئيس الإداري عن إقراره وتصديقه فإن عمل المرؤوس وتصرفه لا يصبح نهائيا مهما طال الزمن، وقد يكون ضمنيا أي يستفاد من نص القانون على اعتبار أن تصرف المرؤوس يصبح نهائيا بعد فوات مدة معينة (6). وبناء عليه؛ فإن هناك صورتين تتخذها سلطة تصديق الرئيس على أعمال مرؤوسيه، فإما أن يكون صريحا و إما أن يكون ضمنيا :
1- التصديق الصريح:
وتتوافر حالات التصديق الصريح عندما يشترط بمقتضى القوانين واللوائح الموافقة والقبول الصريح سواء كتابة أو شفاهة من قبل الرئيس الإداري على عمل من أعمال مرؤوسيه مبدياً رأيه وموقفه من عمل المرؤوس والتأييد له ،صراحة، وهذا ما يؤكد من خلاله موافقته وإقراره بكيفية واضحة وجلية (7).
وهنا يقرر القانون أن عمل المرؤوس أو تصرفه لا يكون نافذاً إلا بعد إجازته من قبل الرئيس الإداري المختص، ولا يسري مفعول تصرف المرؤوس ولا ينتج أثره القانوني إلا منذ تاريخ الإجازة والمصادقة عليه فقط، ومن ثم فيدور صحة العمل من عدمه بتلك المصادقة، فعدم موافقة الرئيس الإداري تعني أن تصرف أو عمل المرؤوس لاغيا لا يترتب أي أثر قانوني(8). وقد ينص القانون صراحة على أن يكون إقرار الرئيس الإداري لازما لكي يصبح عمل المرؤوس نهائياً وساري المفعول (9)، ومن ثم لا يمكن السكوت الرئيس عن الإقرار مهما طال الزمن أن يخلع على أعمال المرؤوس صيغة النفاذ والسريان النهائي الملزم (10) .
2-التصديق الضمني: وتتوافر حالات التصديق ضمنياً عندما تقرر القوانين والتعليمات مدة معينة يمكن خلالها الاعتراض عن عمل المرؤوس، أو عندما يكون تصرف المرؤوس نافذا بعد فوات مدة معينة بحيث يترتب على انقضاء تلك المدة الزمنية دون اعتراضه إنتاج ذلك العمل ونفاذه وسريان أثاره القانونية على اعتبار أن الرئيس الإداري قد صادق عليه وأجازه بصورة ضمنية (11). وتجدر الإشارة إلى أن سريان ونفاذ التصرفات الصادرة من المرؤوس ستنسحب أثار نفاذها إلى تاريخ صدورها من المرؤوس، وليس من تاريخ انقضاء المدة الزمنية على سكوت الرئيس وعدم اعتراضه على نفاذ تصرفات مرؤوسه (12).
ويكمن الغرض من إقرار المشرع لتلك السلطة للرئيس الإداري في مقتضيات حسن سير الوظيفة الإدارية وفعاليتها لتحقيق الصالح العام وفعالية النشاط الإداري.
ثالثاً: تحديد السلطة الإدارية التي صدر عنها القرار:
يثار تساؤل حول كيفة تحديد السلطة الإدارية التي صدر عنها القرار، وللإجابة على هذا السؤال يمكن أن نتردد بين إجابتين، الأول هو الحل الموسع ووفقاً لهذا الحل يُعد القرار صادراً من كل شخص يلزم تدخله في إعداد القرار مهما كان دوره، وسواء اقتصر على مجرد المشاركة المادية في صياغة القرار، أم كان له دور إيجابي في تحديد المضمون القانوني للقرار، طالما استلزم القانون تدخل ذلك الشخص لاتخاذ القرار، أما إذا كان النظام القانوني في الدولة يسمح لشخص واحد بإصدار قرارات معينة، فإن هذا الشخص يُعد وحده صاحب القرار أو مصدر القرار حتى لو استعان بأي عدد من الأشخاص في إتخاذ ذلك القرار (13).
وعلى العكس من ذلك الاجابة الثانية والتي تتمحور في الحل الضيق والذي يقوم على إسناد القرار إلى الشخص أو الأشخاص الذين يكون صدور القرار متوقفاً على موافقتهم وحدهم ومن ثم يكون الشخص أو الأشخاص الذين يستلزم القانون مشاركتهم، دون أن يتوقف صدور القرار على رضائهم خارج نطاق السلطة مصدرة القرار، فالجهات الاستشارية التي يستلزم القانون أخذ رأيها قبل إتخاذ قرار معين دون أن يجعل هذا الرأي ملزماً، لا تعد في حساب السلطة التي أصدرت القرار، ومن باب أولي يكون كل شخص شارك مادياً في صياغة القرار مستبعداً من تحديد السلطة مصدرة القرار، وكذلك يخرج من نطاق السلطة مصدر القرار الأشخاص الذين يكون لهم حق اقتراح القرارات ما دامت السلطة التي تتخذ القرار النهائي غير مقيدة بهذه الاقتراحات
رابعاً: المعايير المحددة للسلطة مصدرة القرار :
يثور التساؤل حيال سلطة الرئيس الإداري في التصديق على قرارات مرؤوسيه، هل يكفي في تحديد مصدر القرار أن نحدد الأشخاص أو الهيئات التي تكون موافقتها ضرورية لاتخاذ القرار ؟ أم أنه يلزم فوق ذلك أن تكون موافقة هذه الهيئات أو الأشخاص - فضلاً. عن كونها ضرورية - موافقة حرة؟ أي هل يلزم أن يكون لهذه الهيئات حرية الاختيار بين الموافقة وعدم الموافقة؟
لتوضيح ذلك نضرب المثال الأتي: يُخضع القانون السلطات الإدارية اللامركزية لرقابة السلطة المركزية ومن صور الرقابة التي يكفلها القانون في هذا الشأن خضوع قرارات السلطة اللامركزية لتصديق السلطة المركزية، فلو أن القانون استلزم تصديق السلطة المركزية على قرارات السلطة اللامركزية الصادرة في مسائل معينة وقرر حق السلطة المركزية في رفض التصديق على القرارات المخالفة للقانون (غير المشروعة) دون أن يقرر لها رقابة الملاءمة، فهل تعد هذه القرارات صادرة عن السلطة المركزية (سلطة الوصاية )والسلطة اللامركزية معاً؟ أم أنها تعد صادرة عن السلطة اللامركزية فقط؟
حيث يجب أن تتمتع به القرارات التي تخضع لتصديق جهة أعلى لمبدأ سمو بالنسبة للقرارات التي لا تخضع لمثل هذا الشرط، فليس من المنطق أن نجعل قرار مجلس إدارة المؤسسة الذي لا يخضع لتصديق الوزير في نفس مرتبة القرار الذي لا ينفذ إلا بعد اعتماده من الوزير المختص (14).
وقد قرر مجلس الدولة الفرنسي من ناحية أخرى، أن المصادقة اللاحقة من الجهة المختصة على قرار صادر من جهة غير مختصة لا يصحح أو يغطي عيب الاختصاص، فإذا ما شاب قرار من القرارات الإدارية عيب الاختصاص، فلا يمكن أن يصحح هذا القرار أو يغطى إلا بتصديق لاحق عليه يصدر من الجهة العليا المختصة، أو بتعليمات تجيز إصداره من الجهة الرئاسية المختصة بالعمل (15).
ولذلك فقد ذهب الفقه والقضاء الإداري بقاعدة عامة أنه لا يجوز تصحيح القرارات الإدارية المعيبة بأثر رجعي، بل يقتصر في ذلك تصحيحها بالنسبة إلى المستقبل بقرارات مبتدأة تسري من تاريخ صدورها مستكملة بعناصرها وشروط صحتها، ولقد أوضح الفقيه (جيز) من جانبه أن إقرار التصرفات المعيبة أو إجازتها في نطاق القانون الخاص إنما يملكه من شرع البطلان لمصلحته، والقاعدة في القانون العام أن البطلان من النظام العام، ومن ثم فإن القرار الباطل لا يملك أحد إجازته أو إقراره هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن إقرار التصرفات المعيبة التي تصدر من هيئة غير مختصة، هو بمثابة إنابة لاحقة، وهذه الإنابة غير جائزة في القانون العام أضف إلى ذلك أن التصحيح في هذه الحالة يتضمن اعتداء على قواعد الاختصاص والتي بمقتضاها لا تستطيع سلطة إدارية أن تحقق إثاره في الماضي إلا بمقتضى نص تشريعي يخولها هذه السلطة (16).
_____________
1- د. محمد حميد العبادي قضاء الإلغاء الإداري، دار جليس الزمان للنشر، الاردن ، 2013، ص 251.
2- وهذا ما نصت عليه المادة (44) من قانون البلديات الأردني رقم (14) لسنة 2007 على أنه يجوز لمجلس البلدية أن يفرض أموالاً بعد موافقة وزير البلديات).
3- د. محمد الصغير بعلي القانون الإداري، دار العلوم للنشر والتوزيع، بيروت، 2002 ، ص 52.
4- د. عمار عوابدي، القانون الإداري، النظام الاداري ، دار المطبوعات الجامعية الجزائر ج1 2000، ص 475.
5- يُنظر نص المادة (1/15) من قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقي رقم (40) لسنة 1988 المعدل. وللمزيد عن نصوص قانونية مشابهة يُنظر بيدار جبار أحمد ، المصدر السابق، ص103.
6- د. مليكة الصروخ ، القانون الإداري (دراسة مقارنة دار السلام للنشر والتوزيع، الرباط، 2006 ، ص 83.
7- علاء الدين عشي، مدخل القانون الإداري، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر، 2012، ص 97.
8 - بيداء جبار أحمد، رقابة الرئيس الإداري على أعمال مرؤوسيه دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير، كلية القانون، الجامعة المستنصرية، 2014 ، ص103.
9- حكم المحكمة الإدارية العليا المصرية في الدعوى رقم 9820 لسنة 47 قضائية عليا، بجلسة 20033/7/6م ، وكذلك حكمها في الدعوى رقم 222 لسنة 28 ،قضائية بجلسة 1985/5/4م. قد اشير اليهما على شبكة قوانين الشرق الالكترونية المصدر الالكتروني السابق.
10- طعيمة الجرف القانون الإداري، مكتبة القاهرة ، القاهرة، 1973 ، ص 186.
11- د.حسين عثمان محمد عثمان أصول القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية، 2004، مصر، ص296. و د طعيمة الجرف القانون الإداري، مصدر سابق، ص 186. و د. عمار عوابدي، مبدأ تدرج فكرة السلطة الرئاسية، دار هومه للطباعة والنشر، الجزائر، 1419 هـ ، ص 476 . وكذلك د. محمد الصغير بعلي القانون الإداري، دار العلوم للنشر والتوزيع، بيروت، 2002 ، ص51.
وبيداء جبار أحمد، المصدر السابق، ص 103 وما بعدها.
12- د. ثروت بدوي، مبادئ القانون الإداري، المجلد الأول، أصول القانون الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1980 ، ص357.
13- د. عمار عوابدي مبدأ تدرج فكرة السلطة الرئاسية ، مصدر سابق،ص483.
14- د طعيمة الجرف القانون الإداري، مصدر سابق، ص193.
15- د. حسين عثمان محمد عثمان أصول القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية، 2004، مصر ، ص307.
16- د. سليمان محمد الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية طه، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984 ، ص 593-594.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|