أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
1938
التاريخ: 11-10-2014
1834
التاريخ: 2023-08-04
1095
التاريخ: 27-11-2014
1867
|
يظهر من غير واحد من المعاجم ، كلسان العرب والقاموس المحيط ، أنّ للفظ "المثل" معانى مختلفة ، كالنظير والصفة والعبرة وما يجعل مثالاً لغيره يُحذا عليه إلى غير ذلك من المعاني . (1)
قال الفيروز آبادي : المِثْل ـ بالكسر والتحريك ـ الشبه ، والجمع أمثال؛ والمَثَلُ ـ محرّكة ـ الحجة ، والصفة؛ والمثال : المقدار والقصاص ، إلى غير ذلك من المعاني .(2)
ولكن الظاهر أنّ الجميع من قبيل المصاديق ، وما ذكروه من باب خلط المفهوم بها وليس للّفظ إلا معنى أو معنيين ، والباقي صور ومصاديق لذلك المفهوم ، وممن نبَّه على ذلك صاحب معجم المقاييس ، حيث قال :
المِثْل والمثَل يدلاّن على معنى واحد وهو كون شيء نظيراً للشيء ، قال ابن فارس : "مثل" يدل على مناظرة الشيء للشيء ، وهذا مثل هذا ، أي نظيره ، والمثل والمثال بمعنى واحد. وربما قالوا : "مثيل كشبيه" ، تقول العرب : أمثل السلطان فلاناً ، قتله قوداً ، والمعنى أنّه فعل به مثلما كان فعله.
والمِثْل : المثَل أيضاً ، كشِبْه وشبَه ، والمثل المضروب مأخوذ من هذا ، لانّه يذكر مورّى به عن مثله في المعنى.
وقوله : مَثَّلَ به إذا نُكِّل ، هو من هذا أيضاً ، لاَنّ المعنى فيه إذا نُكل به : جعل ذلك مثالاً لكل من صنع ذلك الصنيع أو أراد صنعه. والمثُلات أيضاً من هذا القبيل ، قال الله تعالى : {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ} [الرعد : 6] أي العقوبات التي تزجر عن مثل ما وقعت لأجله ، وواحدها : مُثُل. (3)
وعلى الرغم من ذلك فمن المحتمل أن يكون من معانيه الوصف والصفة ، فقد استعمل فيه إمّا حقيقة أو مجازاً ، وقد نسب ابن منظور استعماله فيه إلى يونس ابن حبيب النحوي (المتوفّى182هـ) ، ومحمد بن سلام الجمحي(المتوفّى 232هـ) ، وأبي منصور الثعالبي (المتوفّى 429 هـ). (4)
ويقول الزركشي (المتوفّى 794هـ) : إنّ ظاهر كلام أهل اللغة أن المثل هو الصفة ، ولكن المنقول عن أبى على الفارسي (المتوفّى 377هـ) أنّ المثل بمعنى الصفة غير معروف في كلام العرب ، إنّما معناه التمثيل. (5)
ويدل على مختار الاَكثر ما أورده صاحب لسان العرب ، حيث قال : قال عمر بن أبى خليفة : سمعت مُقاتِلاً صاحب التفسير ، يسأل أبا عمرو بن العلاء ، عن قول الله عزّ وجلّ : (مَثَلُ الجَنّة ) ، ما مَثَلُها؟ فقال : (فيهَا أنهارٌ مِنْ ماءٍ غيرِ آسن) ، قال : ما مَثَلُها؟ فسكت أبو عمرو.
قال : فسألت يونس عنها ، فقال : مَثَلها صفتها ، قال محمد بن سلام : ومثل ذلك قوله : { ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ } [الفتح : 29] أي صفتهم.
قال أبو منصور : ونحو ذلك روي عن ابن عباس ، وأمّا جواب أبى عمرو لمقاتل حين سأله ما مثَلُها ، فقال : فيها أنهار من ماءٍ غير آسنٍ ، ثمّ تكريره السؤال ما مَثَلُها وسكوت أبى عمرو عنه ، فانّ أبا عمرو أجابه جواباً مقنعاً ، ولما رأى نبوة فَهْمِ مقاتل ، سكت عنه لما وقف من غلظ فهمه. وذلك انّ قوله تعالى : (مثل الجنّة) تفسير لقوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الحج : 14] وصف تلك الجنات ، فقال : مَثَلُ الجنة التي وصفتها ، وذلك مثل قوله : { ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ } أي ذلك صفة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه في التوراة ، ثم أعلمهم أنّ صفتهم في (6) الاِنجيل كزرعٍ.
ثمّ إنّ الفرق بين المماثلة والمساواة ، أن المساواة تكون بين المختلفين في الجنس والمتفقين ، لاَنّ التساوي هو التكافؤ في المقدار لا يزيد ولا ينقص ، وأمّا المماثلة فلا تكون إلاّ في المتفقين. (7)
وأمّا الفرق بين المماثلة والمشابهة هو أنّ الاَُولى تستعمل في المتفقين في الماهية والواقعية ، بخلاف الثانية فإنّما تستعمل غالباً في مختلفي الحقيقة ، المتفقين في خصوصية من الخصوصيات.
وبهذا يعلم أنّ التجربة تجري في المتماثلين والمتفقين في الحقيقة ، كانبساط الفلز حينما تمسُّه النار ، وهذا بخلاف الاستقراء ، فإنّ مجراه الاَُمور المختلفة كاستقراء أنّ كل حيوان يتحرك فكه الاَسفل عند المضغ ، فيتعلّق الاستقراء بمختلفي الحقيقة كالشاة والبقرة والاِبل.
وقد تكرر في كلام غير واحد من أصحاب المعاجم أن المَثَل والمثْل سيان ، كالشَبَه والشبْه ، ومع ذلك كلّه نرى أنّ القرآن ينفي المثْل لله ، ويقول : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى : 11] وفي الوقت نفسه يُثبت له المثَل ، ويقول : {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [النحل : 60]. والجواب : أنّه لا منافاة بين نفي المِثْل لله واثبات المَثَل له؛ أمّا الاَوّل ، فهو عبارة عن وجود فرد لواجب الوجود يشاركه في الماهية ، ويخالفه في الخصوصيات ، فهذا أمر محال ثبت امتناعه في محلّه ، وأمّا المَثَلُ فهو نُعوت محمودة يُعرف بها الله سبحانه كأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، وعلى هذا ، المَثَلُ في هذه الآية وما يشابهها بمعنى ما يوصف به الشيء ويعبَّر به عنه ، من صفات وحالات وخصوصيات.
فهذه الآية تصرّح بأنّ عدم الاِيمان بالآخرة مبدأ لكثير من الصفات القبيحة ، ومصدر كل شر ، وفي المقابل أنّ الاِيمان بالآخرة هو منشأ كل حسنة ومنبع كلّ خير وبركة ، فكلّ وصف سوء وقبيح يلزم الاِنسان ويلحقه ، فإنّما يأتيه من قبل عدم الاِيمان بالآخرة ، كما أنّ كلّ وصف حسن يلزم الاِنسان ينشأ من الاِيمان بها ، وبذلك ظهر معنى قوله : {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ } الذي يدلّ بالملازمة للذين يوَمنون بالآخرة لهم مثل الحسن.
وأمّا قوله سبحانه : {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} فمعناه أنّه منزّه من أن يوصف بصفات مذمومة وقبيحة كالظلم ، قال سبحانه : { وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف : 49]. وفي الوقت نفسه فهو موصوف بصفات محمودة.
فكلّ وصف يستكرهه الطبع أو يردعه العقل فلا سبيل له إليه ، فهو قدرة لا عجز فيها ، وحياة لا موت معها إلى غير ذلك من الصفات الحميدة ، بخلاف ما يقبله الطبع فهو موصوف به.
وقد أشار إلى ذلك في غير واحد من الآيات أيضاً ، قال : {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الروم : 27] وقال : {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه : 8] ، فالأمثال منها دانية ومنها عالية فإنّما يثبت له العالي بل الاَعلى. (8)
ومنه يعلم أنّ الاَمثال إذا كان جمع مثْل ـ بالسكون ـ فالله سبحانه منزّه من المثْل والاَمثال ، وأمّا إذا كان جمع مثَل ـ بالفتح ـ بمعنى الوصف الذي يحمد به سبحانه ، فله الاَمثال العليا ، والاَسماء الحسنى كما مرّ.
_______________________
1 ـ لسان العرب : 13/22 ، مادة مثل.
2 ـ القاموس المحيط : 4/49 ، مادة مثل.
3 ـ معجم مقاييس اللغة : 5/296.
4 ـلسان العرب : 13/22 ، مادة مثل.
5 ـ البرهان في علوم القرآن : 1/490.
6 ـ لسان العرب : مادة مثل.
7 ـ لسان العرب : مادة مثل.
8 ـ لاحظ : الميزان : 12/249.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
مجمع العلقمي للزائرين يقدم خدمات متنوعة لزائري المراقد المقدسة في كربلاء
|
|
|