المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4876 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



التفويض  
  
887   08:49 صباحاً   التاريخ: 20-11-2014
المؤلف : الدكتور عبد الهادي الفضلي
الكتاب أو المصدر : خلاصة علم الكلام
الجزء والصفحة : ص 139 ــ 148
القسم : العقائد الاسلامية / العدل / الجبر و التفويض /

  التفويض : هو الاعتقاد بأن جميع أفعال الانسان واقعة بقدرة الانسان نفسه، وحدها.

وسمي تفويضاً لأن القائلين به لم يعتقدوا أن لقدرة اللّه تعالى مدخلاً ولو غير مباشر في خلق فعل الانسان، فكأن الفعل فُوض أمر وجوده الى الانسان، وبقدرته وحدها.

ويسمى ايضاً ب(القدر) ويعرف القائلون به ب(القدرية) و(المفوضة).

وفي الدليل على ذلك :

قال القاضي المعتزلي : «فان قال : أتقولون في أفعال العباد : إن اللّه - جل وعز - لم يخلقها ؟ ؟

قيل له : نعم، بل هي من جهتهم واقعة حادثة.

والدليل على ذلك : ما سلف من أنها تقع بحسب قصدهم وعلومهم وقُدَرهم، فلو أراد أحدنا البناء لم تقع الكتابة، ولو جهل الكتابة لم يصح أن تقع، ولو أراد حمل الجبال لم يقع. ولو كان من فعل غيره فيه لكان جهله وعلمه وقلة قدرته وكثرتها بمنزلة واحدة.

وهذا يدل على أن أفعالهم حادثة من قبلهم.

وأيضاً فلأنهم يمدحون على الحسن من فعلهم، وعلى القبيح يذمون، فيلزمنا أن نمدح من يفعل الواجب ونذم من يفعل الظلم والسرقة، ولا يحسن منا مدح على كونه وهيئته، ولا ذمه على طوله وصورته ..

وذلك من أول الدلالة على أن هذه الأفعال من جهته.

وأيضاً نحتاج في هذه الافعال الى آلات وقُدر وارتفاع الحواجز، لأنه إذا أراد الرمي والاصابة فلا بد له من قوس وآلة، وأن لا يكون بينه وبين المرمى حاجز، وأن يكون عالماً، وأن يكون قوياً ليبلغ الرمي بشدة اعتماده.

ولو كان من فعل اللّه تعالى لما احتاج الى ذلك لأنه تعالى فيما يفعله لا يحتاج الى هذه الأمور، تعالى اللّه عن ذلك.

وأيضاً فلأن فاعل ذلك مذموم ناقص سخيف في العقول ظالم، فان كان تعالى هو الفاعل لكل ظلم لوجب ذمه وأن يوصف بأنه ظالم، وهذا كفر من قائله، لأن الأمة بأسرها تقول ان من وصف اللّه بأنه ظالم فقد كفر، لا بالقول لكن بالمعنى، ومعناه أنه فعل الظلم، فمن قال ذلك فهو كافر اذاً.

وأيضاً فلو كانت هذه الأفاعيل اللّه خلقها، لبطل الأمر والنهي وبعثة الانبياء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقبحت المساءلة والمحاسبة والمعاقبة، لانه تعالى لا يجوز أن يأمر بما لا يفعله وينهى عما خلقه.

والنبي كيف يدعو الكفار الى العدول عن الكفر الى الايمان واللّه تعالى هو الخالق للكفر فيهم والمانع لهم عن الايمان ؟ !

ومن يأمر بالمعروف كيف يأمر به والمعروف ليس من فعله ؟ !

وكيف ينكر المنكر وانما خلقه فيه ؟ !

ولماذا نجاهد الاعداء واللّه خلقهم لذلك ؟ ! وكيف يحسن من اللّه تعالى المساءلة والمحاسبة وجميع ما وقع من الأفعال هو الذي خلقه ؟ !

وهذا سخف من قائله.

وقال الفخر الرازي في معرض بيانه حجج القائلين بالتفويض :« وأما المنقول فقد احتجوا بكتاب اللّه تعالى في هذه المسألة من عشرة أوجه :

الوجه الأول : ما في القرآن من اضافة الفعل الى العباد، كقوله تعالى : { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ } [البقرة: 79] ، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [الأنعام: 116] ، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الأنفال: 53] ، {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا } [يوسف: 18] ، {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} [المائدة: 30] ، {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] ، {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21] ، {مَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم: 22].

 

الوجه الثاني : ما في القرآن من مدح المؤمنين على الايمان وذم الكافرين على الكفر ووعد الثواب على الطاعة، ووعيد العقاب على المعصية كقوله تعالى :

{لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ} [إبراهيم: 51] .

{الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 28].

{وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37].

{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18].

{هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [النمل: 90].

{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160].

{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124].

{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ } [البقرة: 86].

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ} [آل عمران: 90].

الوجه الثالث : الآيات الدالة على أن أفعال اللّه تعالى منزهة عن أن تكون مثل أفعال المخلوقين من التفاوت والاختلاف والظلم.

أما التفاوت فكقوله تعالى :

{مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ } [الملك: 3].

{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7]. والكفر والظلم ليس بحسن.

وقوله : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ } [الحجر: 85] ، والكفر ليس بحق.

وقوله : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [النساء: 40].

{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } [فصلت: 46].

{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ} [هود: 101] .

{لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر: 17] .

{وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49] .

 

الوجه الرابع : الآيات الدالة على ذم العباد على الكفر والمعاصي، كقوله تعالى : {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة: 28] ، والانكار والتوبيخ مع العجز عنه محال، وعندكم أن اللّه تعالى خلق الكفر في الكافر وأراده منه، وهو لا يقدر على غيره، فكيف يوبخه عليه.

واحتجوا في هذا الباب بقوله تعالى : {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى} [الإسراء: 94] ، وهو انكار بلفظ الاستفهام.

ومعلوم ان رجلاً لو حبس آخر في بيت بحيث لا يمكنه الخروج منه، ثم يقول له : (ما يمنعك من التصرف في حوائجي) كان ذلك منه مستقبحاً.

وكذا قوله : {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ} [النساء: 39] .

وقوله لإِبليس : {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ } [ص: 75].

وقول موسى لأخيه : {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا } [طه: 92].

وقوله : {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: 20].

{فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} [المدثر: 49].

{ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43].

{لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1].

وكيف يجوز ان يقول : (لِمَ تفعل) مع أنه ما فعله.

وقوله : {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [آل عمران: 71].

{لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [آل عمران: 99] (1).

وقال الصاحب(2) في فصل له في هذا المعنى : «كيف يأمر بالإيمان ولم يُرده، ونهى عن الكفر وأراده، ويعاقب على الباطل وقدّره ؟ ! وكيف يصرفه عن الايمان ثم يقول : أنّى تصرفون، ويخلق فيهم الافك ثم يقول : أنّى يؤفكون، وأنشأ فيهم الكفر ثم يقول : لم تكفرون، وخلق فيهم لبس الحق بالباطل ثم يقول : لم تلبسون الحق بالباطل، وصدهم عن السبيل ثم يقول : لم تصدون عن سبيل اللّه، وحال بينهم وبين الايمان ثم قال : ماذا عليهم لو آمنوا باليوم الآخر، وذهب بهم عن الرشد، ثم قال : فأنّى تذهبون، وأضلهم عن الدين حتى أعرضوا، ثم قال : فما لهم عن التذكرة معرضين».

 

الوجه الخامس : الآيات التي ذكرها اللّه تعالى في معرض التهديد والتوبيخ، فمنها تخيير العباد في أفعالهم وتعليقها بمشيئتهم، كقوله تعالى :

(فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).

{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40].

{قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة: 105].

{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } [المدثر: 37] .

{ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ } [المدثر: 55].

{فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل: 19].

وقد انكر اللّه تعالى على من نفى المشيئة عن نفسه، وأضافها الى اللّه تعالى، فقال :{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148].

{وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ } [الزخرف: 20].

 

الوجه السادس : الآيات التي فيها أمر العباد بالطاعة والمسارعة اليها قبل فواتها، كقوله :

{سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } [آل عمران: 133].

{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [الحديد: 21]

{أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ} [الأحقاف: 31].

{اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 24].

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ } [الحج: 77].

{فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ } [النساء: 170].

{اتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر: 55].

{أَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ} [الزمر: 54].

قالوا : وكيف يصح الأمر بالطاعة والمسارعة اليها مع كون المأمور ممنوعاً عاجزاً عن الاتيان بها.

وكما يستحيل أن يقال للمقعد الزَّمِن : قم، ولمن يرمى من شاهق : احفظ نفسك، فكذا ها هنا.

 

الوجه السابع : الآيات التي حث اللّه تعالى فيها على الاستعانة به، كقوله تعالى :

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة: 5].

{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } [النحل: 98].

{اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ} [الأعراف: 128].

فاذا كان اللّه تعالى خالق الكفر والايمان والمعاصي فكيف يستعان به.

وأيضاً يلزم بطلان الألطاف والدواعي، لأنه تعالى اذا كان هو الخالق لأفعال العباد فأي شيء يحصل للعبد من اللطف الذي يفعله اللّه تعالى.

لكن الألطاف حاصلة كقوله تعالى :

{أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} [التوبة: 126].

{وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } [الزخرف: 33].

{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 27].

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159].

{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45].

 

الوجه الثامن : الآيات الدالة على اعتراف الأنبياء بذنوبهم واضافتها الى أنفسهم، كقوله تعالى حكاية :

عن آدم : {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف: 23].

وعن يونس : {سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87].

وعن موسى : {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [النمل: 44].

وقال يعقوب لأولاده : {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ} [يوسف: 18].

وقال يوسف : { مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف: 100].

وقال نوح : {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} [هود: 47].

قالوا : فهذه الآيات دالة على اعتراف الأنبياء بكونهم فاعلين لأفعالهم.

 

الوجه التاسع : الآيات الدالة على اعتراف الكفار والعصاة بأن كفرهم ومعاصيهم كانت منهم، كقوله تعالى :

{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [سبأ: 31] - الى قوله - {أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ} [سبأ: 32].

وقوله تعالى : {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 42، 43].

{كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} [الملك: 8] - الى قوله - {فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا} [الملك: 9].

وقوله : { أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} [الأعراف: 37] - الى قوله - {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [الأعراف: 39].

 

الوجه العاشر : الآيات التي ذكر اللّه تعالى فيها ما يوجد منهم في الآخرة من التحسر على الكفر والمعصية، وطلب الرجعة، كقوله تعالى :

{ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 37] .

{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107].

وقوله تعالى : { قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا } [المؤمنون: 99، 100].

{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ } [السجدة: 12]..

{أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر: 58].

فهذه جملة استدلالاتهم بالكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه»(3)

______________________

(1) المختصر في اصول الدين 350 - 351

(2) الصاحب : كافي الكفاة ابو القاسم اسماعيل بن عباد الطالقاني المتوفى سنة 385 هجري، كان زيدي الاصول حنفي الفروع، انتصر للفكر المعتزلي في كتابه (احكام القرآن) وجوّد فيه.

(3) تلخيص المحصل 328 - 332.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.