أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-04
1170
التاريخ: 2023-09-22
948
التاريخ: 14-4-2022
2078
التاريخ: 24-8-2022
1056
|
مقارنة التجارة المعنوية بالمقايضة المادية
- قال الإمام العالم موسى بن جعفر: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: 16] ؛ باعوا دين الله، واعتاضوا منه الكفر بالله ({فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} ؛ أي ما ربحوا في تجارتهم في الآخرة، لأنهم اشتروا النار وأصناف عذابها بالجنة التي كانت معدة لهم لو آمنوا (وما كانوا مهتدين) إلى الحق والصواب.
فلما أنزل الله عز وجل هذه الآية حضر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)قوم، فقالوا: يا رسول الله سبحان الرازق، ألم تر فلاناً كان يسير البضاعة، خفيف ذات اليد، خرج مع قوم يخدمهم في البحر فرعوا له حق خدمته، وحملوه معهم إلى الصين وعينوا له يسيراً من مالهم، قسطوه على أنفسهم له، وجمعوه فاشتروا له [به] بضاعة من هناك، فسلمت فربح الواحد عشرة، فهو اليوم من مياسير أهل المدينة ؟
وقال قوم آخرون بحضرة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): يا رسول الله ألم تر فلاناً كانت حسنة حاله، كثيرة أمواله، جميله أسبابه، وافرة خيراته، مجتمعاً شمله، أبى إلا طلب الأموال الجمة، فحمله الحرص على أن تهور، فركب البحر في وقت هيجانه، والسفينة غير وثيقة، والملاحون غير فارهين، إلى أن توسط البحر حتى لعبت بسفينته ريح [عاصف] فأزعجتها إلى الشاطئ، وفتقتها في ليل مظلم، وذهبت أمواله، وسلم بحشاشة نفه فقيراً وقيراً ينظر إلى الدنيا حسرة؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): (ألا اخبركم بأحسن من الأول حالاً، وبأسوأ من الثاني حالاً؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): (أما أحسن من الأول حالاً فرجل اعتقد صدقاً بمحمد [رسول الله]، وصدقاً في إعظام علي أخي رسول الله ووليه، وثمرة قلبه، ومحض طاعته، فشكر له ربه ونبيه ووصي نبيه، فجمع الله تعالى له بذلك خير الدنيا والآخرة، ورزقه لسانا لآلاء الله تعالى ذاكراً، وقلباً لنعمائه شاكراً، وبأحكامه راضياً، وعلى احتمال مكاره أعداء محمد وآله نفسه موطناً. لا جرم أن الله عز وجل سماه عظيماً في ملكوت أرضه وسماواته، وحباه برضوانه وكراماته، فكانت تجارة هذا أربح، وغنيمته أكثر وأعظم.
وأما أسوأ من الثاني حالاً، فرجل أعطى أخا محمد رسول الله بيعته، واظهر له موافقته، وموالاة اوليائه ومعاداة اعدائه، ثم نكث بعد ذلك وخالف ووالى عليه أعداءه، فختم له بوء أعماله، فصار إلى عذاب لا يبيد ولا ينفد، قد {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11].
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): «معاشر عباد الله! عليكم بخدمة من أكرمه الله بالارتضاء، واجتباه بالاصطفاء، وجعله أفضل أهل الأرض والسماء بعد محمد سيد الأنبياء علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وبموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه وقضاء حقوق إخوانكم الذين هم في موالاته، ومعاداة أعدائه شركاؤكم، فإن رعاية علي أحن من رعاية هؤلاء التجار الخارجين بصاحبكم -الذي ذكرتموه - إلى الصين، الذين عرضوه للغناء وأعانوه بالشراء»» (1).
إشارة: لما كانت الدنيا متاعاً قليلا بالنسبة للآخرة، وأن الآخرة خير منها: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} [النساء: 77] ، فإن التجارة الأخروية وربحها خير من التجارة الدنيوية وغنيمتها؛ كما أن خسارة التجارة الأخروية أشد وأفدح من تلك الخسارة الدنيوية: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 15] . وبما أن الله عز وجل هو خير مطلق وليس خيراً نسبياً، فإن كانت التجارة من أجل لقائه فإن ربحها لا يعادله شيء، وما من مكسب يساوي لقاء الله: {وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 73] ؛ بمعنى، أنه وإن كانت الآخرة وجنتها خيراً، إلاً أن لقاء الله خير مطلق، وبقاء محض، ولما كانت التجارة مع الله هي عبارة عن قبول دينه التام الكامل، وأن كمال
دينه وتمام نعمته هما في ظل الرسالة والولاية، فقد طرحت إمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام) جنباً إلى جنب معها.
ــــــــــــــــــــــــــ
1. التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري، ص110 - 112؛ وبحار الأنوار، ج 65، ص106.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|