أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-6-2016
5830
التاريخ: 2-6-2016
4170
التاريخ: 2023-09-11
748
التاريخ: 2023-06-10
794
|
إذن ما الذي في استطاعة كوبرنيكوس أن يأمل في تحقيقه من وراء ذلك البنيان المتواضع المشيد من الطوب، الذي يتخذ مقطعه العرضي شكل المستطيل، ويرتفع لأعلى نحو رأس سهم مكسو بالبلاط وصار الآن معروفًا باسم «برج كوبرنيكوس»؟ ما الذي يمكنه رؤيته حقا من أعلى تلك الإبر المدببة في ضوء مساء مدينة فرومبورك؟ حسنًا، بالإضافة إلى النجوم، هناك نقاط ضوئية ذات أهمية معينة يخبرنا عنها بأنها «تتجول بأساليب متنوعة، فتهيم على وجهها في بعض الأحيان جهة الجنوب، وأحيانًا أخرى جهة الشمال، من أجل ذلك سُمِّيت «كواكب».» إن الراصد الهاوي للسماء والمنتمي لعصري ينصحنا بالبحث عنها عن طريق «مراقبة حركتها ليلة بعد أخرى على خلفية من النجوم التي تبدو ثابتة، مع ملاحظة كيف تعمل على تشويش أشكال البروج النجمية.» من ليلة إلى أخرى! لا يبدو هذا الأمر ميسورًا بالضرورة. سوف يكون من الممكن بهذه الطريقة تمييز كوكب الزهرة؛ لأنه أكثر لمعانًا من باقي الأجرام السماوية الأخرى؛ أما المشتري فهو يقترب منه في درجة اللمعان، لكن المريخ في بعض الأحيان، وهو يشبه نجمة برتقالية اللون، أكثر منه لمعانًا؛ ويبدو زحل مثل نجمة برتقالية اللون؛ وبالنسبة لعطارد فإن الأمر «في العادة يحتاج لنظارة ميدان التحديد موقعه.» ومن المؤكد أنه لهذا السبب لم يتمكن كوبرنيكوس مطلقًا من تسجيل أي مشاهدات لعطارد.
لقد كانت حدود المشاهدة تعرقله حتى جعلته شبه معاق. أنت أو أنا يمكننا النظر إلى صخور القمر، أما كوبرنيكوس فكان عليه الاعتماد على أبحاث مليئة بالأحابيل والعقد المتشابكة التي تعشش بداخلها هندسة فراغية كروية نصف نامية، البعض من حقائقها المقررة كان هو في حاجة لاستنباطها بنفسه، حتى يحسب بعد القمر عنا؛ وفي هذه الأثناء، لم يكن طول ذلك الضلع أو قيمة تلك الزاوية من المثلث الذي رسم عقله العبقري منظوره مرتفعًا لأعلى نحو الأفلاك الكروية الكوكبية قابلا للتحديد إلا من خلال عمليات رصد أجراها فلكيون ومنجمون غيَّبهم الموت لا يمكنه الوثوق في نظرياتهم (هل تتذكر الجداول الألفونسية؟ كانت مكتبة كوبرنيكوس موبوءة بذلك العبء). من المفارقة أن إيمانه الذي وضعه في غير موضعه بتلك المشاهدات التي كثيرًا ما كانت خاطئة أدخل العديد والعديد من التناقضات التي حضّته أكثر على رفض منظومة بطليموس، التي عجزت عن تفسير المواضع الخاطئة للكواكب على نحو أفضل مما فعلت مع المواضع الصحيحة.
«إننا نقترب من الحدود القصوى لقدرتنا على سبر غور السماوات.» تظهر تلك العبارة في مرجع فلكي نُشِر عام 1982، فيجيبه فلكي آخر في أسلوب لاذع بقوله: «إن السنوات الثلاث والعشرين التالية من الاكتشافات الفلكية برهنت على عدم دقة هذه المقولة إلى حدٍّ بشع؛ فالقدرات الرصدية اتسعت على نحو هائل منذ ذلك الحين.» غير أنه في عام 5382، لو قدر ساعتئذ أن يكون الجنس البشري على قيد الحياة، فسوف نظل بقدراتنا المحدودة نقاوم القيود التي تعوق مشاهداتنا. فماذا في وسعنا أن نفعل حينئذ أكثر من الاستنباط والاستنتاج؟
عام 1543، اقترب كوبرنيكوس على نحو مماثل من حدود المشاهدة: فالكواكب الخمسة ليست سوى نقاط من الضوء، وهو لم يَرَ سوى أربعة منها! لكنه في صبر ومثابرة يستنبط ويستدل ويضحك أوزياندر ضحكة مكتومة في تلك المقدمة التي تفضّل بها عليه: «وكلما مضت الافتراضات النظرية قدمًا، وجب على كل شخص ألا يتوقع أي شيء من علم الفلك على سبيل اليقين ... وإلا إذا اعتبر أي امرئ ما بني لهدف آخر أمرًا صحيحًا، فإنه يغادر هذا الميدان وقد صار أكثر حماقة عن ساعة دخوله إليه. وداعا.»
في هذه الأثناء، دونما يقين، بل ولا حتى مشاهدة (لم يَرَ في حياته قرص كوكب)، وبدون بندول فوكو، وباعتبار ما بني من أجل استخدام آخر صحيحًا، مع وجود بعض الحقائق دون برهان قاطع، يدحض كوبرنيكوس نظرية مركزية الأرض! ومن هنا ظهرت المنظومة التي تعد الشمس مركزا لها مبكرًا جدًّا، تقريبًا قبل موعدها بقرنين، بحيث يتعذَّر فهمها وتقديرها على النحو الصحيح؛ ومع ذلك، وبالرغم من حدود المشاهدة، ظهرت. ولهذا السبب أعتبر كوبرنيكوس، بحق، رجلًا عظيمًا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مستشفى العتبة العباسية الميداني في سوريا يقدّم خدماته لنحو 1500 نازح لبناني يوميًا
|
|
|