أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-26
1403
التاريخ: 30-3-2017
3005
التاريخ: 27-9-2018
30214
التاريخ: 2-6-2022
2150
|
ما من دولة في العالم إلا وقد يعجز الرئيس فيها عن ممارسة مهام عمله بصورة دائمة أو مؤقتة ، الأمر الذي يوجب بالضرورة وجود نصوص دستورية تنظم هذه الحال ، وإلا قد تدخل الدولة في حال من الفراغ الدستوري أو الفوضى السياسية بفعل الصراع الذي قد يثيره عجز الرئيس ، في الدول حديثة العهد بالتجربة الديمقراطية ، ستكون أحكام القضاء المختص ( المحكمة الاتحادية - الدستورية ) محل تشكيك من قبل الفرقاء السياسيين ، لأنها تصب في مصلحة طرف دون الآخر .
من هنا نرى أن التنظيم الدستوري لعجز الرئيس أمر في غاية الأهمية في الدول ذات
الأنظمة الملكية والجمهورية ، ذات الإرث الدستوري ، وتلك الدول حديثة العهد. وإذا كان قصور النص الدستوري أمر مبرر مع نشأة الدساتير المدونة في عهدها الأول ( الولايات المتحدة 1787 ) ، فإنه غير مبرر في الدساتير المعاصرة والنافذة بعد أن مر أكثر من قرنين على تاريخ ظهور الدساتير المدونة وأثبتت التجربة الحاجة الماسة لنصوص صريحة متكاملة تنظم حال عجز الرئيس .
لقد أثار عدم تحديد الجهة المختصة بإعلان حال عجز الرئيس عن ممارسة مهامه الرئاسية خلافاً واسعاً في الولايات المتحدة ، بفعل قصور النص ، وعجز ثلاثة رؤساء عن ممارسة مهامهم الرئاسية في ظل هذا القصور الدستوري . ففي عام 1881 أصيب الرئيس ( جارفيلد ) بالعجز أثر إطلاق الرصاص عليه وانتهى الأمر إلى وفاته ، وفي عام 1919 أصيب الرئيس ( ويلسون ) بجلطة دماغية ترتب عليها شلل نصفي ، وخلال الفترة الممتدة من (1955-1957) عجز الرئيس ( إيزنهاور) عن ممارسة مهامه الرئاسية (1) . وفي كل حال جرى معالجة الحال على نحو مختلف ، ففي الحال الأولى حل كل وزير محل الرئيس في حدود اختصاصه ، وفي الحال الثانية مارست زوجة الرئيس دور الوسيط بين الرئيس
ووزرائه ، إذ كانت تعرض على الرئيس شؤون الوزارات ، وتبلغ الوزراء قراراته (2) . وإذا كان قصور النص الدستوري في الولايات المتحدة انتهى إلى هذا الإرباك ، فان إرباك أكبر أو نزاع سياسي سيترتب على غياب النص الدستوري المنظم لحال عجز الرئيس . ولاسيما في النظم غير الديمقراطية أو حديثة العهد بها أو تلك التي ينتقل فيها العرش بالوراثة ، إذ سيسعى ولي العهد جاهداً إلى الحلول محل الرئيس العاجز ولو كان عجزه مؤقتاً.
والملاحظ أن الدساتير العربية النافذة التي غاب فيها النص المنظم لكل ما يتعلق بعجز الرئيس توزعت بين تلك التي تبنت النظام الوراثي والتي تبنت النظام الجمهوري . إذ لم ينظم كل من الدستور الكويتي لسنة 1962 والنظام الأساسي السعودي لسنة 1992 والنظام الأساسي العماني لسنة 1996 والدستور المغربي لسنة 1996 والبحريني لسنة 2002 والإماراتي لسنة 1971 والسوداني الانتقالي لسنة 2005 أحكام عجز الرئيس عن ممارسة مهامه الرئاسية .
ويبدو لنا أن عدم تضمين بعض الدساتير العربية نصوصاً تنظم أحكام عجز الرئيس كان له ما يبرره ، فقد أحال كل من الدستور الكويتي ( قانون توارث الإمارة ) (3) والنظام الأساسي السعودي ( قانون هيئة البيعة ) على قانون خاص تنظيم هذه الحال ، مراعاة لمبدأ تضمين الدستور المبادئ الأساسية دون الخوض في التفاصيل .
وربما وقف وراء عدم تضمين الدستور السوداني الانتقالي لسنة 2005 أحكاما خاصة بعجز الرئيس ، مراعاة الطبيعة المؤقتة لهذا الدستور ، إذ شرعت أحكامه لتنظيم أوضاع السودان الدستورية خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت اتفاق 9 يناير / كانون ثاني 2005 .
أما غياب النص الدستوري المنظم لعجز الرئيس في الدستور الإماراتي لسنة 1971 فيبدو مبرره هيمنة الطابع القبلي العشائري على نصوص الدستور ، فعلى الرغم من تبني الدستور الإماراتي النظام الجمهوري أسلوباً للحكم، إلا أن الواقع يشير إلى أن نظام الحكم فيه وراثي . ففي أعقاب وفاة أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة ( الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ) عام 2004 ، بادر المجلس الأعلى للاتحاد الذي يضم حكام جميع الولايات (4) ، إلى مبايعة نجله الأكبر ) الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ) رئيساً للدولة ، في الوقت الذي ينص فيه الدستور على ممارسة نائب الرئيس جميع اختصاصات الرئيس عند غيابه لأي سبب من الأسباب (5).
ولم ينظم كل من الدستور المغربي لسنة 1996 والبحريني لسنة 2002 أحكام عجز الملك عن ممارسة مهام عمله ، كما لم يحل أي منهما على قانون خاص تنظيم هذه الحال الأمر الذي قد يثير في المستقبل الخلاف الدستوري ما لم ينظم بنصوص دستورية أو تشريعية ، إذ يبقى الملك وعلى خلاف الرئيس في النظام الجمهوري في سدة الحكم حتى ،وفاته أو عجزه النهائي ، وفي الحالة الأخيرة يثار التساؤل بشأن الجهة التي لها أن تطلب إعلان حال العجز ، وتلك التي تقرر وتصوت وتتخذ قرار العزل .
وأياً كان المبرر الذي يقف وراء عدم إقرار الدساتير العربية سالفة الذكر أحكاما خاصة بتنظيم حال عجز الرئيس ، فإن الأمر يبقى بحاجة للمعالجة الدستورية ( تحديداً ) حسماً لأي خلاف متوقع قد يثار بشأنها ، ولاسيما وأن الجهة المكلفة بحسم هذا النوع من النزاعات ( المحكمة الدستورية - الاتحادية - المجلس الدستوري ) لا تكون غالبا مستقلة بقرارها في البلاد العربية ، وإن كانت مستقلة فإنها تبقى بحاجة لسند دستوري أو تشريعي فيما تذهب إليه ، وما يزيد الأمر خطورة أن عجز الرئيس قد يكون غطاء للانقلاب عليه في البلاد العربية ، ومثل ذلك ما حدث سنة 1979 حينما قاد صدام حسين انقلابـا علـى احمد حسن البكر تحت غطاء عجزه عن ممارسة مهامه الدستورية ، وكذا الأمر في تونس عام 1987 حينما أطاح الوزير الأول زين العابدين بن علي بالرئيس الحبيب بورقيبه بحجة العجز وقد يسود هذا الاعتقاد (الانقلاب) لدى الشعب وإن كان الرئيس واقعاً عاجز عن الاستمرار في أداء مهامه الرئاسية بفعل اتخاذ هذه الحجة مبرراً لعزل أكثر من رئيس عربي .
__________
1-Christopher N.may and Allan - op.cit-p,327
2-James Q.wilson and john J.DiLulio, Jr-
- American Government - Houghton Mifflin Company
- Boston - Newyork-ninth Edition - 2007-p.329
3- للمزيد من التفاصيل أنظر د. احمد الموافي - مبادئ القانون الدستوري الكويتي - مصر للخدمات العلمية - القاهرة - دون سنة نشر ص182-183 .
4- م (46) من الدستور الإماراتي .
5- م (51) من الدستور الإماراتي .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|