أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
1598
التاريخ: 11-10-2014
1218
التاريخ: 11-10-2014
1332
التاريخ: 11-10-2014
1285
|
قال تعالى : {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يوسف : 54 - 57] .
بالنسبة للآيات المتقدّمة فإنّ أوّل ما يجلب إليها النظر هو أنّه كيف لبّى يوسف ـ هذا النّبي العظيم ـ طلب طاغوت زمانه وتعاون معه وتحمّل منصب الوزارة أو الإشراف على خزينة الدولة ؟
جواب هذا السؤال ـ في الحقيقة ـ يكمن في نفس الآيات السابقة ، فإنّه قد تحمّل هذه المسؤولية بعنوان أنّه (حفيظ عليم) كي يحفظ بيت المال المتضمّن لأموال الشعب ويستثمره في سبيل منافعهم ، وبخاصّة حقوق الطبقة المحرومة والتي غالباً ما يستولي عليها المستكبرون.
إضافةً إلى هذا فإنّه عن طريق معرفته بتعبير الرؤيا ـ كما ذكرنا ـ كان على علم بالأزمة الإقتصادية الشديدة التي سوف تعصف بالشعب المصري ، بحيث لولا التخطيط الدقيق والإشراف المباشر عليها لماتت جماعات كثيرة من الشعب .. فبناءً على هذا فإنّ إنقاذ حياة الأُمّة والإحتفاظ بأرواح شعب بريء يقتضي أن يستفيد يوسف من هذه الفرصة التي اُتيحت له ويستغلّها لأجل خدمة جميع أفراد الشعب ، وبخاصّة المحرومين منهم حيث إنّهم عادةً ما يكونون أوّل ضحايا الأزمة الإقتصادية وأكثر المتضرّرين من الغلاء.
وقد ورد كلام مفصّل حول هذا الموضوع في بحث إستجابة طلب الظالم وقبول الولاية في علم الفقه ، وإنّ إستجابة طلب الظالم والتصدّي لمناصب الحكم لا يكون حراماً دائماً ، بل تارةً يكون مستحبّاً ، وقد يكون في بعض الأحيان واجباً شرعاً ، وذلك إذا كانت منفعة التصدّي ومرجّحاته الدينيّة أكثر من الأضرار الناتجة عن التصدّي من دعم حكم الظالم وغيره.
ونلاحظ في روايات عديدة أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) كانوا يجوّزون لبعض خلّص شيعتهم وأصحابهم أمثال علي بن يقطين ـ الذي كان من أصحاب الكاظم(عليه السلام) ـ حيث تصدّى لمنصب الوزارة لفرعون زمانه ـ هارون الرشيد ـ وذلك بأمر من الإمام (عليه السلام) ، غاية ما في الأمر أنّ الإستجابة والتصدّي لمناصب الحكم أو ردّها تابعان لقانون «الأهم والمهم».
فلابدّ من ملاحظة المنافع الدينيّة والإجتماعية ومقارنتها مع الأضرار الناتجة ، إذ لعلّ الذي يتصدّى للمنصب قد يستطيع في نهاية المطاف أن يزيح الظالم عن الحكم (كما حدث ليوسف بناءً على مضمون بعض الرّوايات الواردة) أو يكون المعين الذي تنبثق منه الحركات والثورات ، لأنّه يقوم بتهيئة مقدّمات الثورة من داخل أجهزة الحكم القائم (ويمكن أن يكون مؤمن آل فرعون من هذا القبيل) أو يكون على الأقل ملجأً وملاذاً للمظلومين والمحرومين ومخفّفاً عن آلامهم والضغوط الواردة عليهم من قبل أجهزة النظام.
وكلّ واحد من هذه الأُمور يمكن أن يكون مبرّراً للتصدّي للمناصب وقبولها من الحاكم الظالم ، وللإمام الصادق (عليه السلام) رواية معروفة في حقّ هؤلاء الأشخاص يقول (عليه السلام) (كفّارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان) (1). لكن هذا الموضوع ـ التعاون مع الظالم ـ من الاُمور التي يقترب فيها حدود الحلال من الحرام ، وكثيراً ما يؤدّي تهاون صغير من الشخص المتصدّي إلى وقوعه في أشراك النظام وإرتكاب جريمة تعدّ من أكبر الجرائم وأفظعها ـ وهي التعاون مع الظالم ـ في حين يتصوّر أنّه يقوم بعبادة وخدمة إنسانية مشكورة.
وقد يستفيد بعض الإنتهازيين من حياة (يوسف) أو (علي بن يقطين) ويتّخذه ذريعة للتعاون مع الظالم وتغطية لأعمالهم الشريرة ، في حين أنّه يوجد بون شاسع بين تصرّفاتهم وتصرّفات يوسف أو علي بن يقطين (2).
هنا سؤال آخر يطرح نفسه وهو أنّه كيف رضخ سلطان مصر الظالم لهذا الأمر ـ وإستجاب لطلب يوسف ـ مع علمه بأنّ يوسف لا يسير بسيرة الظالمين والمستثمرين والمستعمرين ، بل يكون على العكس من ذلك معادياً لهم؟
الإجابة على هذا السؤال لا تكون صعبة مع ملاحظة أمر واحد وهو أنّه تارةً تحيط الأزمات الإقتصادية والإجتماعية بالظالم بحيث تزلزل أركان حكومته الظالمة ، فيرى الخطر محدقاً بحكومته وبكلّ شيء يتعلّق بها ... في هذه الحالة وتجنّباً من السقوط التامّ لا يمانع ، بل يدعم قيام حكومة شعبية عادلة لكي يحافظ على حياته وبجزء من سلطته.
__________________________
1.وسائل الشيعة ، ج12 ، 139. : وبهذا المعنى جاء عن الامام الكاظم (عليه السلام) حول علي بن يقطين في سفينة البحار ، ج2 ، ص252.
2. نطالع في روايات عديدة عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) إنّ بعض الجاهلين بالمعايير الإسلامية كانوا يعترضون على الإمام أحياناً ، بأنّه لماذا قبلت ولاية عهد المأمون مع كلّ زهدك في الدنيا وإعراضك عنها؟ فكان الإمام (عليه السلام) يجيبهم : «ياهذا أيّما أفضل النّبي أم الوصي»؟ فقالوا : لا بل النّبي ، فقال : أيّهما أفضل مسلم أم مشرك»؟ فقالوا : لا بل مسلم فقال : «فإنّ العزيز عزيز مصر كان مشركاً ، وكان يوسف (عليه السلام) نبيّاً ، وإنّ المأمون مسلم» وأنا وصي ، ويوسف سأل العزيز أن يولّيه حين قال : (اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظ عليم) ، وأنا اُجبرت على ذلك» وسائل الشيعة ، ج12 ، ص146.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|