أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-21
967
التاريخ: 2023-05-16
979
التاريخ: 2023-07-16
1191
التاريخ: 2023-06-04
1071
|
ظهرت في الدولة العثمانية منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر، محاولات اصلاحية عديدة تناولت اجهزة الحكم والمؤسسات المختلفة وفي مقدمتها الجيش لذلك فان اقدم المدارس الحديثة التي تأسست كانت المدارس العسكرية ثم ظهرت بعد ذلك المدارس الملكية أي المدنية، مما يدل على أن انشاء المدارس الحديثة لم يتم وفق ترتيب منطقي بل تم وفق ترتيب عملي ينبثق عن تطورات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. تؤرخ بدايات التعليم الرسمي الحديث في الدولة العثمانية بالفترة الواقعة بين سنتي 1793-1795م حيث أنشأ السلطان سليم الثالث (1789-1807م) عددا من المدارس العسكرية تدرس فيها العلوم الحديثة، وفي عهد السلطان محمود الثاني (1839-1808م) انشئت مدرستان عسكريتان عاليتان أحدهما للطب والاخرى للهندسة، وفي حقل التعليم المدني اسس السلطان عددا من المدارس الابتدائية والاعدادية. كما حدثت عدة تغيرات في بنيان التعليم العثماني استهدفت تحديثه وانتزاعه من ايدي رجال الدين ووضعه تحت اشراف الدولة، كما صدرت سلسلة من الاجراءات المؤدية إلى نشر التعليم، إلا أن المشاكل السياسية والعسكرية والمالية التي واجهت الدولة آنذاك لم تسمح إلا بأنشاء عدد قليل من المدارس، لهذا افسحت السلطات العثمانية المجال للإرساليات التبشيرية الاجنبية المختلفة في الولايات العثمانية ومنها الولايات العراقية لأنشاء مدارس خاصة لها. إن حركة الاصلاحات العثمانية لم تترك اثارا واضحة في العراق إلا في عهد الوالي مدحت باشا (1869-1873م)، ويعد من أبرز رواد الاصلاح المتنورين في الدولة العثمانية آنذاك. لم تكن خطوات مدحت باشا التعليمية سوى البدايات الأولى لوضع اسس نظام التعليم الرسمي الحديث في العراق وقت التطرق اليه سابقا، ففي عام 1873م اسس خلفه الوالي رديف باشا (1873-1874م) أول مدرسة اعدادية زودت بالمدرسين ومعظمهم من ضباط الجيش، أما المدارس الابتدائية فإنها لم تنل من السلطة العثمانية الاهتمام الكافي، وقد يرجع ذلك إلى قلة الامكانات الفنية والمالية لنشر هذا النوع من التعليم على نطاق واسع كما أن نقص المعلمين كان سببا ،اخر، وقد واجهت سياسة اهمال المدارس الابتدائية انتقادات عنيفة على صفحات الجرائد المحلية، إذ شعر العراقيون بأن ما فتح في بلادهم من مدارس ليس كافيا لذلك ظلت الكتاتيب تقوم آنذاك بمهمة التعليم الابتدائي، أما مدارس البنات فلم تنل من الحكومة في هذه الفترة أي اهتمام يذكر فقد كانت العادة أن تقبل البنات الراغبات في التعليم في مدارس البنين الابتدائية. لقد حظي التعليم منذ عام 1880م باهتمام ملحوظ، إذ تأسست بضعة مدارس رسمية خارج بغداد، وتأسست مجالس للمعارف تضم مديرا للمعارف وبضعة موظفين بينهم المحاسب والكاتب وامين الصندوق كما تألفت لجان للمعارف في بعض الالوية والاقضية. لم يكن معظم الموظفين الذين ارسلتهم وزارة المعارف العثمانية لإدارة شؤون المعارف في الولايات العراقية من ذوي الكفاية والقدرة، بل كانوا على حظ قليل من المعلومات والثقافة، وقد إثر ذلك بدون شك على حسن سير العملية التعليمية، إذ لم تكن دوائر المعارف جديرة بتحمل ما يتطلبه التعليم من الواجب والمسؤولية. لقد شهدت الفترة التي تبدأ بسنة 1889م اهتماما بإنشاء المدارس الابتدائية خاصة بعدما أدرك المسؤولون بان هذه المدارس هي لذلك الاساس في نظام التعليم الرسمي أربع مدارس ابتدائية في بغداد. مدارس الحميدية جديد حسن باشا، العثمانية الكرخ، وتأسس وتأسست بضعة مدارس ابتدائية في الموصل والبصرة. كما تأسست في هذه الفترة مدارس خاصة (اهلية واجنبية) منها المدارس التي انشأتها المؤسسات التبشيرية، وازداد الاقبال على هذه المدارس بعد أن ادخلت اللغة العربية والعلوم الحديثة ضمن برامجها الدراسية المقررة، وكانت هذه المدارس تتلقى مساعدات مالية من بعض الحكومات الاوربية وخاصة بريطانيا وفرنسا، وعلى الرغم من بعض الجوانب السلبية في تلك المدارس والمتمثلة بالارتباطات السياسية الاوربية، إلا انها اسهمت في دفع الحركة التعليمية في العراق، كما كانت حلقة وصل بإنجازات الحضارة الغربية الحديثة. لقد شهدت الحركة التعليمية في العراق قبيل الانقلاب الدستوري العثماني 28 تموز 1908م احداثا مهمة لعل في مقدمتها تأسيس أول مدرسة رشدية حديثة للبنات سنة 1899م في بغداد، وقد سجلت فيها عند افتتاحها (95) طالبة، ثم فتحت بعد مدارس مماثلة في الموصل والبصرة. أما منهج هذه المدارس فكان يتألف من تعليم اصول الدين، والقرآن الكريم الحساب الجغرافية التاريخ اللغات التركية والعربية والفرنسية، هذا فضلا عن تدريبهن على النقش والتطريز وحسن الخط، وقد وجدت السلطات التعليمية صعوبة كبيرة في تهيئة المعلمات لهذه المدارس فاستفادت من زوجات الضباط والموظفين الاتراك وزوجات بعض الاجانب وخاصة في تدريس اللغات والموضوعات العلمية. أما الحدث الثاني، فهو فتح دور للمعلمين في بغداد والموصل والبصرة وذلك إثر التوسع الذي حدث في التعليم الابتدائي، وظهور الحاجة إلى ملاكات تعليمية، وكانت مدة الدراسة في هذه الدور ثلاث سنوات بعد المرحلة الرشدية ثم زيدت إلى أربع سنوات، وابرز الدروس في دور المعلمين اصول التدريس والرياضيات والتاريخ والعلوم الطبيعية، وثمة حدث ثالث يتعلق بفتح مدرسة (كلية) للحقوق في ايلول عام 1908 بعد أن شعرت السلطات بحاجتها إلى حقوقيين واداريين مؤهلين علميا. وبعد الانقلاب الدستوري 28 تموز 1908م، شهد العراق حركة محدودة النطاق على الصعيدين الرسمي والشعبي لإنشاء المدارس الحديثة، فعلى الصعيد الرسمي أظهر الاتحاديون اهتماما بشؤون التعليم واتخذوا من المدارس وسيلة لنشر افكارهم ومبادئ جمعية الاتحاد والترقي (الحزب الحاكم آنذاك)، وقد صدرت الأوامر من وزارة المعارف بتعيين حسين رفيق مديرا لمعارف ولاية بغداد بعد أن بقي هذا المنصب شاغرا منذ عام 1898م وكان يشغل بالوكالة، كما تم فتح العديد من المدارس الابتدائية والرشدية، وقد شهد تعليم البنات توسعا إذ فتحت مدارس ابتدائية للبنات في مناطق عديدة منها بغداد وعنه والسماوة والكاظمية وخانقين وكربلاء والنجف والحلة والديوانية وفي عهدهم حظيت قضايا الاشراف التربوي بالاهتمام كما دخل النشاط اللاصفي إلى المدارس الرسمية في العراق لأول مرة، وبعد عام 1908م دخلت مادة الرياضة البدنية إلى المدارس الرسمية، وقد عرف العراقيون الكشافة عام 1909م. اما على الصعيد الشعبي ادرك العراقيون حاجة بلدهم الملحة إلى المدراس، لذلك ارتبطت حركة الدعوة إلى نشر التعليم بحركة اثارة الوعي القومي العربي ذلك أن هذه الحركة تهدف إلى تحقيق امرين اولهما احياء تراث العرب الثقافي وخاصة اللغة العربي، وثانيها: بعث كيانهم السياسي. ولقد لعبت طبقة المثقفين العراقيين التي نمت في العقدين الاخيرين من الحكم العثماني وتألفت من الضباط والموظفين والمحامين والاطباء والمعلمين وطلبة المدارس العالية ورجال الادب والثقافة دورا كبيرا في هذا الاتجاه الذي يبرز بشكل واضح في تأسيس مدرستي (تذكار الحرية) في البصرة، و(الترقي الجعفري العثماني) في بغداد. اتسعت حركة المطالبة الشعبية بتأسيس المدارس وجعل لغة التدريس فيها العربية وقد اتخذت هذه الحركة من الصحافة والمجالس العمومية للولايات ومجلس المبعوثان (النواب) ميادين لإثارة هذه المطالب الحيوية، وقد اضطرت السلطات التعليمية إلى اتخاذ بعض الخطوات لرفع مستوى كفاءة الجهاز التعليمي في العراق وتحقيق بعض الانجازات في مجال تنظيم التعليم، لكنها اطلقت العنان امام المؤسسات الاجنبية لتأسيس المدارس واشترطت فقط عليها الحصول على الرخصة الرسمية وقد تأسست في هذه الفترة بضع مدارس أجنبية (فرنسية وايرانية والمانية وامريكية) في مناطق مختلفة من العراق. كما التفتت إلى الكتاتيب فأمرت بأغلاق معظمها على اساس أن اماكنها مغايرة لقواعد حفظ الصحة والتعليم فيها ليس على اصول مرعية، ودعت إلى نقل تلاميذ تلك الكتاتيب إلى المدارس الابتدائية، وشكلت لجنة تتولي اجراء امتحان للراغبين في فتح كتاتيب لتعليم الصبيان القرآن الكريم والخط والحساب. وفي هذه الفترة عين ناظم باشا واليا على بغداد في نيسان 1910م ومنح صلاحيات واسعة شملت ولايتي الموصل البصرة، وفي عهده تنامت الدعوة إلى نشر التعليم وجعله في المدارس الابتدائية باللغة العربية وتحملت الصحف عبء المطالبة بذلك هذه الصحف جريدتي الرقيب وصدى بابل في بغداد وجريدتي نينوى والنجاح في الموصل، ولم يبق ناظم باشا في منصبه طويلا إذ استدعى إلى اسطنبول في شباط 1911م وعين جمال بك واليا على بغداد في 30 اب عام 1911م. ومنح صلاحيات واسعة شملت ولايتي الموصل البصرة، وفي عهده تنامت الدعوة إلى نشر التعليم وجعله في المدارس الابتدائية باللغة العربية وتحملت الصحف عبء المطالبة بذلك هذه الصحف جريدتي الرقيب وصدى بابل في بغداد وجريدتي نينوى والنجاح في الموصل، ولم يبق ناظم باشا في منصبه طويلا إذ استدعى إلى اسطنبول في شباط 1911م وعين جمال بك واليا على بغداد في 30 اب عام 1911م. نشر جمال بك بيانا حول الوضع في العراق واشار إلى التعليم مؤكدا عزم حكومته على اصلاح المدارس الرسمية وتطويرها، وفي 1912م اصدرت وزارة المعارف قرارها بالموافقة على أن يكون التدريس في المدارس الابتدائية باللغة العربية، إلا انها سرعان ما تراجعت عن قرارها وعندئذ ازدادت حدة المعارضة لجمعية الاتحاد والترقي ولفلسفتها القائمة على المركزية وتتريك العناصر التي تتألف منها شعوب الدولة العثمانية، وقد اكتشفت السلطات المحلية عام 1912م نشاطا سياسيا سريا بين طلاب كلية الحقوق، لذلك قرر الوالي جمال بك غلق الكلية لكن محاولته هذه واجهت معارضة شديدة، فقد احتج عدد من مثقفي بغداد وطلاب الكلية الذين الفوا جمعية باسم (جمعية حقوق بغداد) للدفاع عن مستقبل كليتهم كما ارسلوا برقيات احتجاج إلى المسؤولين في اسطنبول. كشف الاتحاديون عام 1913م وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى عن سياستهم التركية المتعصبة الرامية إلى محو الشعور القومي غير التركي، وقد اثارت هذه السياسة ردود فعل معاكسة عند العرب، إذ نبهتهم إلى كيانهم الثقافي والسياسي واتخذت ردود الفعل تلك اشكالا عديدة، ومنها تأسيس تنظيمات سرية. وعلى الصعيد التعليمي ظهرت في احدى الصحف سلسلة المقالات من التي تنتقد السياسة التعليمية العثمانية، فقد كتب سليمان فيضي مقالات عديدة في جريدة الدستور البصرية عام 1913م، اشار فيها إلى بعض الجوانب السلبية في التعليم، ومنها عدم العناية بتدريس اللغة العربية وارهاق الطلاب بكثرة الدروس المعطاة باللغة التركية، وزيادة عدد المعلمين الاتراك، وترجيح المحسوبية في اختيارهم على الكفاءة وكثرة الكتب في المرحلة الابتدائية، إذ تبلغ احد عشر كتابا مدرسيا هذا بالإضافة إلى عدم كفاية تلك المدارس من ناحية العدد لمواجهة الحاجات المحلية، كما استفادت المعارضة من اصدار الاتحاديين قانون الولايات الجديد عام 1913م لتوضيح عدم موافقتها عليه، ومطالبتها بإعطاء المجلس العمومي صلاحيات واسعة لتطوير الولاية اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا وعندما وزعت حركة المعارضة منشورات عدائية ضد الاتحاديين، حذرت الحكومة المعلمين من الطعن بأعمال الحكومة واجراءاتها. استجاب الاتحاديون لبعض مطالب المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس 23 حزيران 1918 إذ اصدر الباب العالي في اب 1913م قرارا يقضي بان يكون التدريس في دور المعلمين وكلية الحقوق والمدارس الاعدادية باللغة العربية، أما دروس التاريخ والجغرافية فتدرس باللغة التركية، ولكن السلطات المحلية لم تكن جادة في تطبيق القرار وعندما دعت الصحف الوالي حسين جلال إلى الاهتمام بالأمر تعلل بقلة المعلمين الذين يستطيعون التدريس باللغة العربية، وبقلة الكتب المدرسية المؤلفة بالعربية، لذلك تألفت لجان لانتقاء الكتب المدرسية منها كتاب (مختصر التاريخ الإسلامي) الذي الفه الدين الناصري وكتاب مفتاح (الهندسة لحمدي الاعظمي. كما قررت وزارة المعارف في كانون الأول 1913م تحويل المدرسة الاعدادية في بغداد إلى مدرسة سلطانية، والمدرسة السلطانية تشبه المدارس الثانوية الفرنسية المعروفة بـ (الليسيه) لكن التدريس فيها باللغة التركية، وقد ضمت المدرسة (14) صفا، وهكذا اصبح في العراق مدرستان سلطانيتان الأولى في بغداد والثانية في كركوك، كما فتحت مدرسة اعدادية للبنات في كانون الثاني 1914م. وفي مطلع السنة الدراسية 1914-1915م صدر قانون ينظم عملية التدريس في المدارس الابتدائية، وفي 1915م عين حكمت سليمان مديرا لمعارف بغداد، وهو أول عراقي يعين بهذا المنصب، وكان في الوقت ذاته عميدا لكلية الحقوق، وقد نجح حكمت سليمان بجهوده الشخصية في تأمين الموارد المالية لتمشيه امور المعارف، إذ أن الحكومة العثمانية لم ترصد للمعارف خلال هذه الفترة اية مبالغ بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى ودخولها فيها في 29 تشرين الأول 1914م ومع هذا فقط حرص حكمت سليمان علي استمرار النشاط التعليمي حتى 11 آذار 1917 حين احتل الانكليز بغداد. أما مدارس البصرة فقد اصبحت بعد الاحتلال البريطاني لها في تشرين الثاني 1914م تحت سيطرة السلطات المحتلة والتي استعانت بـ (جون) فان (ايس) مدير مدرسة الرجاء العالي الامريكية للبنين والتي فتحتها البعثة العربية التبشيرية الامريكية 1912م لإدارة شؤونها. واصلت مدارس الموصل نشاطها التعليمي في وسط ظروف الحرب القاسية بعد احتلال البصرة وبغداد وكانت الظاهرة المميزة في تلك المدارس خلال هذه الفترة هي تنامي النشاط القومي! العربي وخاصة في دار المعلمين ومدرسة دار العرفان الابتدائية، فلقد اتخذ المعلمون القوميون من هاتين المؤسستين مكانا لنشر الفكرة وبث الشعور المعادي للاتحادين، وقد استمرت هذه النشاطات السياسية حتى احتلال الانكليز للموصل في صفر تشرين الثاني 1918م. كان النظام التعليمي في العراق مركزيا حيث كانت وزارة المعارف هي المسؤولة عن مفردات المنهج لكل مدرسة، وعن جداول الدروس ) الاسبوعية والكتب المدرسية، وتعيين مدراء المدارس ومعلميها وتهيئة ميزانية المعارف، ولم يكن لمجالس المعارف الا الاسم، ومما يلاحظ عليها ان معظم اعضائها كانوا من رجال الدين أو من الشخصيات المحافظة، باستثناء بعض الفترات التي كان فيها من اعضاء المجالس رجال متنورون امثال جميل صدقي الزهاوي، وفهمي المدرس و حكمت سليمان، لذلك لم تتح لتلك المجالس ممارسة وظيفتها في ترقية المعارف في العراق وفقا لما تقتضيه تطورات العصر، وقبل تأسيس دور المعلمين في العراق كان معظم المعلمين من الاتراك ومنهم من ذوي القابليات العلمية المحدودة، فضلا عن كونهم لا يحسنون غير اللغة التركية، لذلك حدثت النفرة بينهم وبين تلاميذهم فقل اقبال الاهالي على المدارس الرسمية التي كانت تدرس باللغة التركية، وازداد الاقبال على المدارس الاهلية لعنايتها آنذاك باللغة العربية وارتفاع المستوى التعليمي فيها، هذا من جهة ومن جهة اخرى لم يطرأ على الواقع التعليمي في العراق الا تغييرات بسيطة ومحدودة ذلك ان المؤسسات التعليمية الحديثة على قلتها حيث لم تزد في السنة الدراسية 1918-1914م عن (168) مؤسسة فيها 7988 طالب و (402) مدرسا، وظلت متركزة في المدن الكبيرة والمراكز الحضرية التي لم يشكل سكانها عام 1905م الا 24 من سكان العراق البالغ عددهم آنذاك 2.250.000 نسمة في حين يشكل سكان القرى والارياف من سكان العراق وهكذا حرم هؤلاء من التعليم حرمانا كبيرا، فضلا عن ذلك ان المناهج والكتب المدرسية السائدة لم تكن تمت بصلة إلى واقع المجتمع العراقي، كما ان الصفة النظرية الادبية غلبت عليها ، إذ ظل الهدف من التعليم خلال العهد العثماني هو اعداد الموظفين للدولة. كما لم يكن للتعليم في هذه المرحلة فلسفة تربوية، وان مساهمة الدولة في مجال نشر التعليم بين السكان كانت ضعيفة، ليس من حيث انتظام الدراسة والمستوى التعليمي، إذ كانت المدارس الرسمية اقل انتظاما ومستوى عما كانت عليه المدارس الخاصة، وانما من حيث تفوق عدد تلاميذ المدارس الخاصة على مجموع تلاميذ المدارس الرسمية، فقد ضمت المدارس الابتدائية الخاصة مثلا 1914م (8020) تلميذا و(2163) تلميذة، ولم يكن عدد تلاميذ المدارس الرسمية بمختلف مراحلها يزيد عن (7378) تلميذا و 600 تلميذة، وهذا يكشف مدى تقصير واهمال السلطات العثمانية في مجال التعليم ويمكن ان نشير كذلك إلى ان اغلب المدارس الرسمية على قلتها تتركز في مراكز المدن وهي في الغالب كذلك مخصصة للبنين دون البنات. فعلى سبيل المثال كان قبيل الحرب من بين الـ 160 مدرسة ابتدائية 13 مدرسة للبنات، منها 7 في بغداد و4 في الموصل و2 في البصرة. لم يكن للعراقيين خلال هذه الفترة نصيب ملحوظ من البعثات العلمية فبين سنتي 1900 - 1917م لم يتخرج من الجامعات الاجنبية سوى 11 طالبا فقط تخصصوا في حقول الطب والصيدلة والقانون لذلك اتجه الاثرياء من السكان إلى ارسال اولادهم إلى الخارج لإكمال تحصيلهم العالي. وقد بلغ عدد العراقيين المتخرجين من الكليات العثمانية غير العسكرية، في اسطنبول بين 1900-1917م (60) متخرجا تخصص 27 منهم في الطب و25 في القانون و5 في الادارة و3 في الهندسة. وبالرغم من تعدد قنوات التعليم في العراق فان عدد المتعلمين في العراق لم يزد على 1% من مجموع السكان عند انتهاء الحرب العالمية الاولى، وهذه النسبة الضئيلة جدا استطاعت نتيجة عوامل داخلية وخارجية ان تكون مع بعض الضباط في مجتمع متخلف، النواة التي تجمعت حولها الحركة العربية القومية في العراق قبيل الحرب العالمية الاولى وفي السنوات اللاحقة كذلك ان مواطن الضعف والقصور والنقص التي كان عليها الجهاز التعليمي في العراق ابان عهود الاحتلال العثماني، واستمرت خلال الاحتلال البريطاني 1914-1918م وهذا خلف تركة ثقيلة، كان على المسؤولين الوطنيين العراقيين بعد تشكيل الدولة الحديثة اواخر 1920م ان يواجهوها وان يبذلوا جهودا عظيمة من اجل بناء مؤسسة تعليمية وطنية متطورة تلبي احتياجات السكان وترتفع بمستواهم التعليمي والثقافي.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|