أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-10
171
التاريخ: 2024-11-11
158
التاريخ: 2023-06-18
934
التاريخ: 2023-06-19
1558
|
ويتمثل الإرث الإمبراطورية العثمانية، التي حكمت العـــراق لأربعة قرون. فمؤسساتها، وثقافتها السياسية، بل وحتى الشعب الذي خضع لثقافتها هي ما وجده البريطانيون عند احتلالهم للبلد خلال الحرب العالمية الأولى. ففي انموذج الحكم، والقانون، ورؤية وقيم الطبقات الحضرية، لعب العثمانيون دوراً في صياغة عراق حديث يلي دور العشيرة العربية والأسرة. بدأ الفتح العثماني للعراق في 1514 نتيجة حرب دينية بين السلطان العثماني السني والشاه الشيعي الصفوي (الفارسي). ومع استمرار الحروب، خضع الإقليم الذي يشكل معظم العراق المعاصر لحكم عثماني دائم. وكانت الامبراطورية العثمانية، عنــــد فتحها العراق للمرة الأولى، في أوج قوتها وكانت قادرة على إعطاء العراق حكماً مستقراً وإدارة نظامية، وكون المؤسسة العثمانية سنية، فقد تسامحت مع الشيعة في البدء. ولسوء الحظ، لم يستمر هذا الأمر لسببين جوهريين: تمثل السبب الأول في الصراع العثماني الفارسي، الذي استمر على نحو متقطع حتى عام 1818. فقد أو جدت هذه الحروب في أذهان العثمانيين شكاً وخيفة من شيعة العراق كونهم ميالين إلى مناصرة الفرس. وسرعان ما أخذ العثمانيون بالاعتماد على العنصر الوحيـد في المنطقة الذي يعتقدون أنه يؤيدهم الحضريين السنة. وخلال هذه الحروب الطويلة زرعت بذور الهيمنة السنية على الحكم. ومع تشديد السنة لقبضتهم على مقاليد السلطة بات الشيعة مترعجين فقاموا طبيعياً بتطوير اتجاه معاكس خاص هم. فقد عززوا علاقاتهم ببلاد فارس، لا سيما في المدينتين المقدستين النجف وكربلاء اللتين لعبتا دوراً مهماً في تحول العشائر العربية المهاجرة إلى وادي دجلة والفرات جنوب بغداد إلى التشيع. وبحلول نهاية القرن التاسع عشر، كان النفوذ الفارسي في المدن المقدسة وفي معظم جنوب العراق قوياً (1). ويكمن السبب الثاني والأهم في أن الإخفاق العثماني في العراق كان ثمرة ضعف الحكومة المركزية للإمبراطورية وتدهور سيطرتها على ولايتها، فمع بدء القرن السابع عشر، توقفت الإدارة المباشرة للأنهار، وواجه العراق فترة طويلة من الركود والإهمال. وفي الشمال تكونت سلالات كردية جديدة في الجبال والأودية. وفي الوسط والجنوب، كانت ثمة هجرات عشائرية كبيرة من شبه الجزيرة العربية، الأمــــر الذي عزز العشائرية. لم ينته هذا الانحطاط حتى وقت مبكر من القرن التاسع عشر، حين تم إعادة فرض حكم عثماني مباشر بالتدريج على الولايات العراقية. ففي الجنــوب خضعت مدينتنا كربلاء والنجف الشيعيتان إلى سلطة حكومة بغداد. وفي الريف الكردي تفرقت السلالات المحلية الواحدة تلو الأخرى الأمر الذي أدى إلى قبولها بالحكم التركي. وكانت الإصلاحات التي أدخلها الولاة العثمانيون إلى العراق الأمر الأهم. فقد بدأت هذه الإصلاحات حين عين مدحت باشا حاكماً على العراق في 1869، ومدة حكمه القصيرة (1869-1872) تسم الجهد المتماسك الأول لبناء البلد مستقبلاً. انصبت إصلاحات مدحت باشا على ثلاثة جوانب عامة: التنظيم الإداري، وتوطين العشائر، وإقامة تعليم علماني. أقام مدحت باشا نظاماً إدارياً مركزياً جديداً للولايات العراقية ووسعه ليشمل الريف، وبالتالي أقام إطاراً إدارياً لعراق معاصر. وثانياً، حاول مدحت باشا سن نظام قانوني لملكية الأرض يكفل حقوقاً مضمونة للملكية. مع أن المضاربين والتجار الحضريين كانوا يشترون الأرض على حساب الفلاحين، فإن هذه السياسة حققت بالفعل بعض النجاح فحوالي خمس الأرض المزروعة في العراق منحت لمالكي صكوك الملكية الجديدة. وكان التعليم الجانب الثالث والأهم للإصلاح، فمدحت باشا أرسى دعائم نظام تعليمي علماني في العراق بتأسيسه مدرسة مهنية، ومدرسة للمستوى المتوسط (الرشدية)، ومدرستين ثانويتين (الإعدادي)، واحدة للجيش والأخرى للخدمة المدنية والمدارس الجديدة التي أقامها مدحت باشا أو جدت إنجازات لافتة للنظر في محالين: الأول، أنها كانت عامة ومجانية وبالتالي أو جدت قناة للحراك للصبية من كل الطبقات والخلفيات الدينية. وثانياً، أنها أدخلت عدداً من المواضيع الجديدة، كاللغات الغربية، والرياضيات، والعلوم، وهي مواضيع غير موجودة حتى الآن في مناهج المدارس الدينية. إن حر ركة التعليم التي بدأها مدحت باشا استمرت أبعد بكثير من. فبحلول 1915 كانت هناك (160) مدرسة (2). وجرى تأسيس كلية الحقوق أمنـد الدراسة فيها ثلاث سنوات في 1908، فكانت المؤسسة التعليمية العليا الوحيدة في البلاد. وقد مثلت هذه المدارس الطليعة الأولى والأهم للتحديث في البلاد. إن هذه الإصلاحات، مع نمو الأمن الإقليمي، ساعدت على إيجاد الظروف المناسبة للانتعاش الاقتصادي. فقد أدخل البرق في ستينيات القرن التاسع عشر، ورست سفينة بخارية في دجلة عام 1841. وأدخل للمرة الأولى نظام الغلة المدفوعة الأجر وبحلول 1905 ارتفع عدد السكان من (2,1) مليون نسمة في 1867 إلى (2,2) مليون نسمة، وكان ثمة تغيير ملحوظ في الموازنة بين العامة البدويين والمتوطنين، وفي منتصف القرن التاسع عشر كان (35%) من السكان بدواً و (40%) فقط ريفيين. وبحلول 1905 أنخفضت نسبة البدو إلى (17) في حين ارتفعت نسبة الريفيين إلى (60%). لقد أحدثت الاتصالات مع العالم الخارجي أيضاً نهضة في التعليم المحلي والآداب، زيادة على انبثاق أفكار جديدة فتطور الصحافة ساعد في نشر هذه الأفكار بين الشريحة المثقفة من الشعب. وهذه التطورات الفكرية والتعليمية أو جدت طبقة مثقفة حضرية جديدة، ونخبة عراقية. من أهل البلد. وكان معظم أفراد هذه النخبة نتاج المدارس العلمانية المتكونة في الربع الأخير من القرن التاسع عشر والتعليم العالي في اسطنبول، التي باتت الآن متاحة أمام العراقيين. وقد المخرط العديد في الأكاديميات العسكرية، التي كانت الواسطة الرئيسة لحراك أسر الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى وأسر الطبقة الوسطى. وبحلول 1914 شغل خريجو هذه المدارس فعلياً الوظائف في الإدارة، والجيش، والمحاكم العلمانية الجديدة، والمدارس الحكومية. ورغم كونها صغيرة العدد، فقد كـــان تأثير هذه المجموعة كبيراً، وقد أنحدر من صفوفها كل الزعماء العراقيين في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، واستمر عدد منهم بالهيمنة على السياسة العراقية حتى ثورة 1958. ورغم ذلك، فإن نجاحات المصلحين العثمانيين ينبغي ألا تحجب ضعف الإرث العثماني. فالعثمانيون أجانب، وإصلاحاتهم كانت تهدف إلى إعادة صياغة السكان بقالب عثماني. وكان يجري إعداد نخبة من أهل البلد، ولكنه إعداد عثماني الأنموذج. زيادة على ذلك، لم تنحدر النخبة الوطنية إلا من طيف واحد من السكان، الحضريين السنة، فالسنة بصورة رئيسة عرباً كانوا أم أكراداً، هـــم الــذين التحقوا بالمدارس العامة ونيطت بهم وظائف في الجيش والبيروقراطية. ولا عجب أخذ السنة يعدون أنفسهم نخبة البلد وقادته الوحيدين الموثوق بهم، وجرى بالتالي إقصاء جزئيين مهمين من السكان عن المشاركة في الحكم المجموعات العشائرية الريفية خارج مدى المزايا الحضرية، والشيعة، ولا غرو أنهم شكلوا نواة المعارضة للحكم في العقود الأولى من القرن العشرين. جرى تمرير أفكار الحكم العثماني بصورة وافية إلى المسؤولين العراقيين المدربين طبقاً للعرف العثماني، المؤسس وفق الطريقة الأبوية الاستبدادية. شجع هـذا الأمــــر النخبوية، وجهة النظر القائلة إن الحاكمين يعرفون أفضل وهم ليسوا بحاجة إلى استشارة المحكومين. ورغم أن هذه الأفكار تعرضت للتحوير، فإنها تواصلت بتماسك ملحوظ بين المجموعة العراقية الحاكمة حتى النصف الأول من القرن العشرين.
.........................................................
1-إسحاق نقاش شيعة العراق. برينستون: مطبعة جامعة برنستون، 1966)، ص 15-16 جان بيير لويزار تكوين العراق المعاصر (باريس: إصدار المركز الوطني للبحوث العلمية (1991)، ص 136،138، 145،183،189،185.
2- ساطع الحصري، مذكراتي في العراق (بيروت: دار الطليعة، 1967)، .116:1.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|