أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-12-2015
1052
التاريخ: 14-12-2015
1038
التاريخ: 15-12-2015
1174
التاريخ: 15-12-2015
1100
|
حياة الإنسان البرزخية وحياته في القيامة
قال تعالى : {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 28].
حياة الإنسان البرزخية وحياته في القيامة
بعد قيام القرآن الكريم -من خلال بيان أصل الإحياء والإماتة الإلهيتين -بإثبات مبدئية الله الفاعلية وتوحيده، فهو يعرج على إثبات المعاد وحياة الإنسان في القيامة الكبرى: ذلك لان الله الحكيم لا يفعل ما هو عبث ولابد لإماتته من هدف، وإن المقصود من الإماتة هو الإحياء من جديد، ومن هذا المنطلق، فإن المعاد والمسائل المتعلقة به يأتي ذكرها بعد طرح قضية الإماتة الإلهية.
هناك ثلاثة احتمالات مطروحة في توضيح عبارة «ثم يحييكم:
1. الآية تخبر عن الحياة بعد الموت، ومن ناحية أنه ليس لإخبار الكافر، غير المعتقد بأصل الوحى، أثر يذكر فالظاهر أن الآية الكريمة
ليست في مقام الإخبار المحض.
2. الآية هي في مقام الاحتجاج، وقد بين هذا الاحتجاج في كلام المفسرين على نحوين:
أ: إن الله يميتكم ثم يحيي أفراداً من جنسكم، وإن جملة (ثم يحييكم) هي ناظرة إلى بقاء النوع الإنساني في الدنيا. على هذا الأساس، فإن الإحياء الأول: يرجع إلى شخص الإنسان؛ أي أن كل فرد منكم كان ميتاً ثم أحياه الله تعالى، والإحياء الثاني: يرجع إلى نوع الإنسان؛ بمعنى أن الله يحيي من بعدكم آخرين ويحلهم محلكم في نشأة الدنيا كي يبقى النوع الإنساني محفوظا، وبما أن الإحياء الثاني ناظر إلى نوع الإنسان، فإن الوحدة النوعية هنا تصحح صيغة الخطاب.
وعلى الرغم من أن قصد المفسرين من هذا النحو من التفسير هو تقديم احتجاج آخر على وجود المبدأ الفاعلي، بيد أن استدلالهم هذا غير تام؛ والسبب هو أنه من الممكن إقامة حجة جديدة في كل استدلال من خلال طرح حد وسط جديد، والتفسير المذكور لم يضع في الحسبان حداً وسطاً جديداً؛ ذلك أن جميع البشر محكومون بحكم واحد وهو أن البشر من الماضين والحاليين والآتين كلهم مسبوقون بالموت وقد أحياهم الله سبحانه وتعالى. فليس بالكلام الجديد القول: بأن الله بعد إماتة جماعة من الناس يقوم بإحياء جماعة اخرى؛ لأن إحياء الآتين يشبه إحياءنا نحن وإحياء الماضين والأسلاف، وهذا لا يعدو كونه تكثيراً في مجال الأمثلة، وليس دليلا جديداً.
ب: إن الآية هي في مقام الاحتجاج على المعاد؛ إذ أن الكافرين كانوا يكفرون بالمبدأ والمعاد معاً. فهم لم يكونوا يقبلون بالمبدأ؛ لأنهم كانوا يقولون: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] ، وكانوا ينكرون المعاد بقولهم: {نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} [الجاثية: 24] ؛ {وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } [الأنعام: 29]. فالله عز وجل يقول لهم في مقام الاحتجاج: إن الإحياء هو بيد الله. فلو أن الله أحيا تراباً ثم بدله تراباً مرة اخرى لينتهي الأمر ولا تحدث بعد الموت حياة، فهذا عمل عبثي، والحال ان الله الحكيم لا يفعل العبث؛ إذن فالمعاد حق.
كما ويقول عز من قائل في موضع آخر: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] ؛ فالله لا يصدر منه العبث حيث يخلقكم ثم يعدمكم. فإن وهبكم الله - وهو الذات الجامعة لجميع الكمالات -الحياة ثم نقلكم بعد ذلك إلى عالم آخر فمن المؤكد أن له جل وعلا هدفاً من ذلك كله. إذن فإن إماتتكم متبوعة بإحياء آخر، وإلا لكان الخاق لغواً. ومن الممكن لهذا التفسير أن يشكل حجة جديدة ودعوة لقبول المعاد عن طريق الحكمة الإلهية.
3. عد بعض المفسرين الكبار، أن الآية محط البحث هي تفسير للآية التي في سورة غافر: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ } [غافر: 10، 11]. فبعد انكشاف الحقائق في القيامة يقول الكفار: ربنا لقد أمتنا مرتين وأحييتنا مرتين والآن نحن نعترف بذنوبنا، فاجعل لنا سبيلاً للخروج من القيامة كي نسمى لتحصيل الإيمان بعد ورودنا إلى الدنيا من جديد. والحال أن القيامة هي يوم ظهور الحق، وميدان العلم وليست موضعاً للفعل الاختياري من قبيل الإيمان. فالإيمان فعل اختياري بحيث تفصل الإرادة بينه وبين نفس الإنسان، وبمقدور المرء أن يؤمن أو لا يؤمن. أما العلم فليس هو فعلاً إرادياً للنفس، وإن كان تحصيل مقدمات الفهم هي باختيار الإنسان، لكنه إذا اتضحت المقدمات، فلا مفر أمام النفس من فهم النتيجة لأن هناك عمليتي إماتة وعمليتي إحياء مطروحة في آية سورة غافر لكن من دون توضيح لماهية كل منها، بينما في الآية مورد البحث بينت جميع المقاطع الأربعة لذلك؛ فهي تقول: إن الإنسان، وقبل أن يتم إحياؤه حياة دنيوية، كان ميتاً (نطفة أو تراباً) ثم قدم إلى الحياة الدنيا: (كنتم أمواتاً فأحياكم)، ومن ثم يخرج الإنسان من الدنيا بالإماتة الإلهية: (ثم يميتكم) وأن الإحياء الثاني يتعلق بالقيامة الكبرى: (ثم يحييكم)، إذن فآية سورة غافر تفسر بالاستعانة ب الآية محط البحث.
لكن هذا الاحتمال مردود؛ لأن الحديث في سورة غافر يدور حول عمليتي «إماتة» وعمليتي «إحياء"، بينما الكلام في الآية محل البحث يجري عن عملية «موت» واحدة، و«إماتة» واحدة، وعمليتي «إحياء". والفرق بين الموت والإماتة هو أن تعبير الموت غير ناظر إلى الارتباط بالفاعل، ولا يوحي إلى سبق الحياة عليه، بينما توحي كلمة الإماتة إلى الارتباط بالفاعل من جهة وسبق الحياة عليها من جهة ثانية. إذن فليس بإمكان هذه الآية أن تكون مبينة للآية من سورة غافر، بل هي مكملة لها، وإن مجموع الآيتين مع بعضهما تثبتان وجود عمليتي إماتة؛ واحدة في الدنيا وواحدة في البرزخ، وثلاث عمليات إحياء؛ في الدنيا، وفي البرزخ، وفي القيامة الكبرى.
1. يقول بعض المفسرين: إن اية سورة غافر لا تدل على الحياة البرزخية للإنسان؛ والحال انه يستفاد هذا المعنى (الحياة البرزخية) من كل من آية سورة غافر و الآية مورد البحث؛ لكن بما آنه في آية سورة غافر قد طرحت عمليتا إماتة وعمليتا إحياء؛ فالإماتة الأولى هي العامل في انتقال الإنسان من عالم الدنيا إلى العالم الآخر، وإن الإماتة الثانية غير ممكنة من دون إحياء سابق، إذن فالإماتة الثانية تقتضي أن يكون للإنسان في البرزخ حياة أخرى وحينها ينقل من الحياة البرزخية إلى ساحة القيامة الكبرى، وإن أحد وجوه هذا الانتقال الجديد هو الإماتة الثانية.
وفي الآية محل البحث كذلك، فبما أن لله يقول: (ثم يحيكم ثم إليه ترجعون) ويذكر -علاوة على الإحياء -الرجوع إلى الله مصحوباً بحرف العطف «ثم»، يصبح جلياً أن هناك فارقاً بين الإحياء والرجوع. ولما كان «الرجوع» يشير إلى الحياة في القيامة، فإن الإحياء ناظر إلى الحياة البرزخية، وإنه في كل واحدة من الجملتين هناك إشارة إلى مرحلة خاصة من مراحل سير الإنسان، وإلاً لقال: «ثم يحييكم وإليه ترجعون»، أو لاكتفى بالقول: «ثم إليه ترجعون» .
تنويه: 1. يقول البعض في الاستدلال ب الآية (ربنا أمتنا...): إن الكفار في المعاد هم الذين يقولون هذا الكلام؛ أي إنه ليس بكلام الله. لكنه، كما اتضح في أثناء التفسير، فإن القيامة هي موطن ظهور الحق، وليس للكلام الباطل من سبيل إليها، ولو كان مثل هذا الموضوع باطلاً إذن لأبطله الله تعالى ولرده حتماً.
2. على فرض عدم شمول الآية محل البحث للحياة البرزخية، فإنها لا تدل إطلاقاً على نفي البرزخ كي تكون منافية لآيات أخرى من قبيل {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [المؤمنون: 100] ؛ إذ أن عدم ذكر البرزخ هو غير الدلالة على عدم وجوده، وهو لا يتعارض أبداً مع دليل وجوده.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|